سليمان شفيق

البابا تواضروس بين القداسة والسياسة

الأربعاء، 01 مايو 2013 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن ابتلى البابا تواضروس الثانى بصليب الجلوس على كرسى مارى مرقص.. اتبع منهج محاولة الفصل بين الكنيسة والسياسة.. وربما كانت رؤية البابا صحيحة نظريا ولكنها تحتاج إلى مراجعة فى ضوء المتغيرات المصرية والعولمية، لأن إعادة إنتاج الماضى فى سياق القطيعة المعرفية أقرب إلى دخول سباق سيارات بحصان عربى أصيل ولذلك لابد من حل بضعة إشكاليات وفى مقدمتها الثابت والمتغير فى جدل العلاقة بين الكنيسة والوطن.
وليحاللنى صاحب القداسة فإن أولى خطوات الفهم هى الإجابة على سؤال: ما الفرق بين الخطاب الوطنى للكنيسة والخطاب السياسى لها؟ وطنية الكنيسة جزء من التقليد الايمانى وهى من الثوابت.. أما الخطاب السياسى فهو إما أن يكون منبثقا من الرؤية الوطنية للكنيسة التى تنطلق من التقليد والخبرة التاريخية للكنيسة بغض النظر عن المتغيرات، أو أن ينفصل عنها فينفصل رويدا رويدا عن الوطنية الإيمانية الكنسية مما يؤدى إلى تحول الكنيسة من عمود من الأعمدة التى ترتكز عليها الدولة إلى جزء من النظام، هذا ما حدث للكنيسة فى العشرين سنة الأخيرة، وهكذا لابد من إعادة الهرم المقلوب إلى وضعه الصحيح أى أن يكون السياسى منبثقا من التقليد الوطنى الكنسى بغير اختلاط أو اندماج أو تغيير.

أما الإشكالية الثانية التى تطل برأسها وتعانى منها الكنيسة فهى أن مصر بعد 25 يناير تشهد انهيارا لـ«الأبوية» وكنيستنا العتيدة تأسست على الأبوية، ومن ثم كيف يمكن إدراك كيفية إعادة صياغة التعليم الكنسى ليجمع بين الحرية الداخلية (التى تتسق مع الأبوية) والحرية الخارجية (التى تتسق مع العقلية الثورية) تلك الإشكالية لن تحل إلا بتكوين آباء من الثوار الجدد وهذا لابد أن يمر بمرحلة انتقالية لابد أن تتوفر فيها سعة الصدر والحوار، الانتقال من «ابن الطاعة تحل عليه النعمة» إلى «ابن نعمة الحوار تحل عليه الطاعة».
أما الإشكالية الثالثة هى أن الكنيسة عمرها ألفا عام والدولة الحديثة لا يتجاوز عمرها مائتى عام، وللكنيسة تقليد عريق فى العلاقة مع الدولة الحديثة حيث شاركت مع أسرة محمد على فى بناء الدولة، كما أنها ساهمت فى ثورة 1919 فى صياغة وبناء الأمة ومفهوم «الجماعة الوطنية» لذلك فإن دفاعها عن الدولة المدنية والنسيج الوطنى للأمة جزء لا يتجزأ من التقليد الإيمانى.

وفى نفس الوقت فإن رؤية الحاكم الجديد عكس ذلك سواء فى «دسترة» ما هو دينى (المواد 4 و219) على سبيل المثال ولذلك فإن التوافق فى ظل التناقض فى الرؤية بين الكنيسة و«مشروع دولة الإخوان» تناقض وضع المواطنين المصريين الأقباط فى المعارضة الجذرية لذلك المشروع الإخوانى وهكذا لا تستطيع الكنيسة أن تلعب دور المعارضة الجذرية (مثل الكنيسة الروسية إبان الحكم الشيوعى) ولا تستطيع أن تنفصل عن «شعبها» وإن لم تدرك ذلك سريعاً فإن عوامل التفكك الهيكلى سوف تحولها - لا سمح الله - إلى منسق لتجمعات مهاجرين.

يبقى أن نلفت النظر إلى نقطة لم يلتفت إليها أحد من قبل وهى أن تحرر الأقباط من الجزية 1856 فى عهد الخديوى سعيد وارتباط ذلك بدخولهم الجيش أى أن تأسيس المواطنة للأقباط ارتبطت بالخدمة فى الجيش وبدون ذلك المنطلق لن يفهم أحد العلاقة المصيرية بين الأقباط والجيش، (وقف الأقباط والكنيسة مع عرابى وناصر رغم إيمانهم بالمدنية). كل تلك الإشكاليات تحتاج إلى دراسات معمقة وجماعة تفكير «thank tank وآفاق أرحب للرؤية ما بين دعاة التغيير والمحافظين، ما بين الإكليروس والعلمانيين، من له أذنان للسمع فليسمع ومن له عينان للنظر فلينظر.








مشاركة

التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

حمزه

قولة رجل يجمع فى قلبه حبين حب الوطن وحب الكنيسه

عدد الردود 0

بواسطة:

david

لم تقم بايصال اى رساله واضحه .كالمعتاد.مجرد رص لكلمات

فى سياق القطيعه المعرفيه !!!

عدد الردود 0

بواسطة:

لطيف شاكر

مقال متزن وكاشف

عدد الردود 0

بواسطة:

ميمو

4- هل بهذا المقال نعلن " وفاة العلمانية "

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة