مثقفون: المد الأصولى سيعمق الفتنة الطائفية ويحولها لحرب مذهبية

الثلاثاء، 09 أبريل 2013 06:29 م
مثقفون: المد الأصولى سيعمق الفتنة الطائفية ويحولها لحرب مذهبية الشاعر الكبير عبد المنعم رمضان
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كلما أوقدوا نارًا للفتنة، أطفأها المخلصون لمصر.. تلك هى الفتنة الطائفة، وجبة الأنظمة الفاسدة الفاشية الجاهزة دائمًا، تدفع بها للجائعين أكلى لحوم الوطن، وشاربى دماء الأخوة.. خسرت مصر بسببها الكثير والغالى من دماء أبناءها، ومازلت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ينزف جرحها وهى ترى أبناءها يتناحرون باسم من لعنها الله ورسوله تلك هى "الفتنة"، تقف على أبواب مصر، وتتربص بالسائرين فى شوارعها ليل نهار، تدفع بدعاتها المتشددين لنشر البغض والكراهية باسم "الدين" والدفاع عنه، لتقتل روح الإسلام السمحة ومحبة المسلم للمسيحى.

"اليوم السابع" استطلعت آراء عدد من الأدباء والمثقفين حول أزمة الفتنة الطائفية، والبحث عن المرض الأساسى لمحاولة استئصاله من مصر، فقال الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، إن الفتنة الطائفية مرتبطة بمشكلة جوهرية يعانى منها المجتمع المصرى فى العقود الحالية وهى مشكلة التعصب الدينى، ولعل الحركات الأصولية التى انتشرت فى الفترة الماضية وصعود أوهام إعادة الخلافة الإسلامية إلى الحياة ضد حركة التاريخ وتضخم الظن بأنه لا صلاح للعصر الراهن إلا بما صلحت به أوائل الدعوة الإسلامية، كل هذه الأوهام التى تغفل طبيعة التقدم الحضاري، ونمو الوعى الإنسانى واختلاف الظروف التاريخية بشكلٍ جذرى بحيث لا يمكن إعادة إنتاج الماضى، هى الردة الثقافية التى تؤدى إلى تفاقم الشعور بالخصوصية الدينية، وضعف الانتماء الوطنى وعدم قبول الآخر.

وقال "فضل" إن كثرة الذين احترفوا العمل الدينى فى المساجد ممن لا يملكون وعيًا إسلاميًا حضاريًا ولا رؤية مستقبلية، وينفخون بالتالى فى نار الفتنة ويؤججونها من حين لآخر هم المسئولون عن تمزق النسيج الوطنى لدى القاعدة العامة من البسطاء، وارتفاع مستوى التعليم والكف عن الانتهازية الدينية وعدم النفخ فى نار التعصب عبر المساجد والكنائس هو الوسيلة الوحيدة لإطفاء هذه الحرائق، ولا أرى هذا قريبًا الآن، فنحن نمر بفترة المد الأصولى بكل ما يترتب عليها من كوارث، وأحسب أنها سوف تستغرق عدة عقود حتى تستقر تقاليد الثقافة الديمقراطية، ونعرف كيف ندير اختلافاتنا، وكيف نتعايش فى ظل وطن واحد يجمعنا كلنا، ونوجه أحلامنا ورؤانا نحو بناء المستقبل، منذ عدة عقود وأهل الفكر والرأى يرون الفارق الشاسع بين هاتين الثقافتين، الثقافة المحصورة فى الماضى، والمتعلقة بحلم إعادة الدولة الإسلامية، والمعاندة لحركة التاريخ، ومقتضيات التقدم البشرى، والثقافة المغايرة التى ترى أن النضج الحضارى، والوعى العلمى والمعرفى، واستهداف التنمية والرخاء والتقدم للمستقبل لا يتناقض على الإطلاق مع الفهم المستنير لروح الدين، بل يحقق هدفه فى عمران الأرض وسيطرة الإنسان على الكون، وقد وصلنا إلى ذروة احتدام هذا الصراع بين الثقافتين بوصول أنصار الإسلام السياسى إلى السلطة فى مصر، ولم يبق إلا أن يكتشف الناس إفلاسهم وإخفاق مسعاهم وانقشاع سحب الأوهام المسيطرة على عقولهم، وإن غدًا لناظره قريب.

الشاعر الكبير عبد المنعم رمضان، برأيى أن ما حدث فى الخصوص يختلف عما حدث الكاتدرائية، ففى الكاتدرائية لا علاقة له بالفتنة الطائفية، أما ما حدث فى الخصوص فى استنساخ حرفى لمل كان يفعله نظام "مبارك" كلما واجهته مشاكل يحاول أن يغطيها باستدعاء تلك الأزمة الجاهزة دائمة وهى الفتنة الطائفية لكى يوهمنا بأن بقاءه ضروريًا لحمايتنا من تلك الفتن، وما حدث فى الكاتدرائية رسالة مؤكدة تقول ليست هناك خطوط حمراء، سنقتحم أى مكان، يتعارض مع أهداف، وهذه هى رسالة الإخوان، فالأزهر ليس خطًا أحمر، والكنيسة ليست خطًا أحمر، وكلها أدوات يمكن أن نستخدمها لكى يتم منع أى تظاهر، أقبلونا أو طائعين أو سنطلق عليكم البلطجية، وهذه هى الرسالة.

وأوضح "رمضان" أن المد الأصولى لا يتناقض فقط مع المسيحيين كديانة، هو يحاول فقط أن يجذب بعض الأغلبية من البسطاء المسلمين وكأنه يدافع عن الدين أمام خصومه من الكفار أو المسيحيين، باعتبارهم فى نظر الإخوان المسلمين كفار، هى لعبة شعبوية الهدف منها كسب البسطاء فى صفوفهم، وكما اعتادنا، وعرفنا أنه لا يمكن أن يكون هناك دولة ديمقراطية تحت حكم إسلامى، فالديمقراطية لا تسمح للدولة أن تتسمى بدين أو مذهب، مجرد الرغبة فى أن تكون الدولة إسلامية تعنى قتل الديمقراطية فى المهد، وهذا يعنى إمكانية الافتئات الكامل على الطوائف الأخرى التى نحن نسميها أقلية وهى تسمية خاطئة وهم يسمونها الذميون، ويعتبرون مواطنون من الدرجة الثانية، وهكذا هى الدولة الثانية ليست لهم حقوق مواطن الدرجة الأولى، وهذا يرشح لاحتمالات كثيرة منها تقسيم مصر أو تدخل غربى، كما حدث فى السودان بسبب محاولات تطبيق الشريعة الإسلامية على أهل جنوب السودان وهو ليسوا مسلمون، فكان لا بد للجنوب أن يستقل، وهذا محتمل الآن فى مصر فى ظل حكم الإخوان، ودولتهم دولة تفرقة وليست دولة توحيد، فالناس فى دولة الإخوان مراتب، الرجل أعلى من المرأة، والمسلم أعلى من غير المسلم، والغنى أعلى من الفقير، وهذه هى الدولة التى يبشرنا بها الإخوان، واعتقد أنهم يحرضوننا بشدة على ضرورة إسقاطهم وبكل الطرق وإن لم نفعل ذلك سنستحق ما سيجرى لنا.

الكاتب الصحفى حلمى النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الهلال سابقًا، أوضح أن الفتنة الطائفية فى مصر لها جوانب كثيرة، وأسباب سياسية واجتماعية، فمن الجوانب السياسية أن هناك حالة من التهميش المتعمد للأقباط من جانب الدولة فى المناصب العليا، فمثلاً لأول مرة فى تاريخ مصر يحدث أنه لا يوجد رئيس تحرير قبطى بين رؤساء تحرير الصحف والمجلات القومية، بالرغم من أنه كان من المعروف أيام الرئيس الراحل أنور السادات، والمخلوع محمد حسنى مبارك، أن يكون بينهم ثلاثة أقباط كشبه اتفاق ضمنى.

وقال "النمنم" الواقع أيضًا إننا نعيش منذ عقود ونشهد تراجع الإسلام الوسطى المعتدل لصالح الإسلام المتشدد، وأن ذلك المتشدد يتم رصد المسلم العلمانى الليبرالى فما بالك بالمسيحى، والواضح أن الرئيس مرسى يحتضن هذه الاتجاهات المتشددة لتكون سندًا له فى الحكم، فى مواجهة من يطالبونه بالديمقراطية والشفافية، ولاحظ أن أزمة الكاتدرائية نشبت فى خلال 24 ساعة بعد السماح بالدعاية الدينية فى الانتخابات، وهذا ما يعنى أن هناك مزيد من السباب والشتائم للأقباط، وهذا ما يعنى أيضًا أن الإسلام الأصولى المتشدد سيحول أزمة الفتنة الطائفية لحرب أهلية ومذهبية لن تحمد نتائجها.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة