نظمت مكتبة الاسكندرية فعالية "معا ضد التحرش"، بالتعاون مع قصر التذوق الثقافى، وذلك ضمن الفعاليات الثقافية بمعرض الإسكندرية الدولى للكتاب، بحضور كل من الدكتورة نهلة إبراهيم، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وهالة فهمى، رئيس تحرير جريدة المساء بالقسم الأدبى، وأيمن حامد عبد الشافى، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان، وربيع الغفير، أستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وأدارت اللقاء أميرة مجاهد مسئول القسم الثقافى بقصر التذوق.
بدأت نهلة إبراهيم حديثها مؤكدة على أن للمرأة الدور الفعال فى المجتمع، وأشارت إلى أن حوالى 40% من الأسر المصرية تعولها امرأة ومجتمعنا يُشعر المرأة المعُيلة بأنها عار عليه وعلى المستوى الاقتصادى، فالمرأة فى المنزل بمثابة وزير للمالية، وعلى المستوى السياسى، فالمرأة محرومة من ممارسة دورها السياسى فهى تدلى بصوتها فى الانتخابات فقط.
وأكملت أن المرأة المصرية شاركت فى الثورة وفى الإضرابات والاعتصامات، ولكن بعد يوم 11 فبراير ومنذ أن ظهرت جماعات الثورة المضادة، ارتفعت معدلات التحرش بالمرأة، وبدأ يوم 3-8-2011 يوم المرأة العالمى، وظهر ذلك فى ميدان التحرير وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء أثناء تظاهرها أو قيامها بإسعاف المصابين من قبل البلطجية والأحداث فهذه ممارسات ممنهجة لإقصاء المرأة وإبعادها عن التظاهر، وبالتالى يقل عدد المتظاهرين فى الميادين.
وتوقعت أن يكون دور المرأة كبيرا ومحوريا فى الفترة القادمة فى مواجهة التحرش الذى تتعرض له، ولن يستطيع أحد أن يتعرض لها بعد ذلك.
وأكد ربيع الغفير أنه يجب أن نوضح فى البداية مفهوم التحرش الجنسى الذى لا يعنى الاغتصاب فقط، كما هو المفهوم السائد لدى الناس، فكلمة التحرش المقصود بها التحريش أى إثارة عداوة وبغضاء بين طرفين، والتحرش الجنسى هو التعرض للأنثى بما يخدش حياءها بأى شكل من الأشكال، سواء كان بالكلمة أو بالإشارة أو بتصرف معين أو حتى بالتهكم والسخرية منها.
وأضاف أن التحرش بهذا المعنى لا يصل إلى مستوى الظاهرة، فالشعب المصرى أكثر الشعوب غيرة على دينه وعرضه، ولهذا نرى أن الأفراد والجماعات يتصدون لتلك الظاهرة بعنف وقوة. وقال إنه يرى أن علاج تلك الظاهرة من المنظور الدينى يكمن فى تفعيل دور الأسرة التربوى والقيمى فى المجتمع، وأن تقوم المساجد بدورها الصحيح بتعليم المواطنين الدين الوسطى المعتدل وليس لعرض المطاحنات السياسية والترويج لحزب معين علاوة على وجود إعلام واع لديه رغبة صادقة فى نهوض المجتمع، بالإضافة إلى تعميق دور الدين فى نفوس الشباب، فالدين يدعو للفضيلة والخُلق وإصلاح النفوس وليس ممارسة الطقوس فحسب.
أما هالة فهمى فقد أوضحت أن هناك تحرشا ثقافيا بالمرأة، وهو أخطر من التحرش الجنسى، حيث يتم تحريك المجتمع من خلال الثقافة، فهناك حالة من عدم التوازن فى النظر للمرأة غير التقليدية، سواء كانت طبيبة أو صحفية أو فنانة، حيث يصعب التحرش بهم جنسيا ولكن يتم التحرش بهم ثقافيا.
وأكملت أن هناك تحرشا سلبيا غير مباشر، فإذا خرجت المرأة للعمل كطبيبة أو مهندسة، فهى تأتى فى المركز الأخير لترشيحها للزواج، لأنها قوية الشخصية وتعتمد على ذاتها فيعتقد الرجل بأنها تمثل خطورة عليه، ولكن المرأة الضعيفة أكثر خطورة على الرجل من المرأة القوية.
وأشارت إلى أنه بمجرد سقوط الأنظمة السابقة بدأ الانتقام من المرأة بدليل نسبة تمثيلها فى مجلسى الشعب والشورى، وما يحدث على مستوى النقابات الآن، كما أن سيطرة الإسلاميين على الدولة سمحت للفئات الوهابية بمحاولتها لإعادة المرأة للعصور القديمه، فهناك مخطط للسيطرة على المجتمع المصرى، ويتم ذلك عن طريق السيطرة على المرأة أولا.
وأوضح أيمن عبد الشافى أن مرحلة الإحباط التى يمر بها الناس تؤدى بهم إلى سلوك التحرش، وهذا السلوك مرتبط بعنصرين، الأول هو انتشار المخدرات بشكل وبائى وهذا ما يفتح المجال لتلك السلوكيات الشاذة، والعنصر الثانى هو سلوكيات الجماعات داخل الزحام والتى تُشبه بسلوكيات القطيع علاوة على الفقر والجهل، وهو ما يؤثر على المرأة بشكل مباشر، وهو يرى أن التحرش نوعا من الانتقام من المرأة بعد نزولها للعمل وإحساسها بقوتها.
وأضاف أن المجتمع دائما يلوم على المرأة المُتحرش بها، ويأتى بمبررات واهية مثل أن ملابسها هى التى دفعت المتحرش لفعل ذلك، فالضحية دائما ما تصاب بنوبة هلع تجعلها غير قادرة على اتخاذ رد فعل تجاه المُتحرش، ثم تُصاب بالقلق والتوتر، لذلك يجب أن تجد المُساعدة دائما، كما ترتبط مشاعر الضحية بمكان الحدث، وهو ما يمكن أن يصيبها باضطراب ما بعد الصدمة.
وعن حقوق المرأة فى مجتمعها، أكد عبد الشافى أن المرأة المصرية محرومة من ممارسة الكثير من حقوقها، وهو نوع من الإقصاء الممنهج.