أكد السفير محمد العرابى وزير الخارجية السابق أنه لا يتخوف على الإطلاق من أخونة وزارة الخارجية، لأنه جهاز وطنى، كما يتطلب العمل فى الخارجية مهارات خاصة.
ووصف العرابى لـ«اليوم السابع» مصر بالمريضة، لكنه أوضح أن الجميع يعرف الداء والدواء، قائلاً: إننا فى مرحلة مقلقة جدا، إذا لم نسارع بإنهائها، سندخل فى دوامة لا يعلم مداها إلا الله.
وأضاف وزير الخارجية السابق: عندما نكون فى حالة وهن داخلية، تكون السياسة الخارجية ضعيفة، مشيرا إلى أن هناك تعطلا فى العلاقات المصرية - العربية.
وقال العرابى إنه لا يخشى من التقارب مع إيران سياسيا لكنى قلق من النفوذ الاقتصادى لطهران، خاصة أن مصر فى حالة ضعف اقتصادى.
ولفت وزير الخارجية السابق إلى أن دول الخليج تجاوزت قضية مبارك، لأننا فى مرحلة الرئيس مرسى لكن مشكلتنا أننا لم نمد أيدينا للدول العربية، وكانت هناك مبالغة فى التخوف من الجانبين.
فيما يلى نص الحوار..
ما تقييمك للوضع المصرى الراهن؟
- لن نخرج من هذا المأزق إلا بالشعب وتكاتفه والقضاء على الظواهر الدخيلة التى نراها لأول مرة فى تاريخنا، وهى أن يتقاتل الإنسان المصرى مع أخيه فى الشارع ويكون الاعتداء والضرب بهذا الشكل، وهذا شىء جديد لم نره من قبل، وأتمنى أن ننتهى من هذه الأزمة بسرعة ونتجه للعمل لأن هذا هو الخلاص لمصر.
كيف ترى علاقات مصر الخارجية خاصة مع دول الخليج؟
- هناك حالة وهن.. وعندما تكون الدولة عندها وهن وضعف داخلى، من المؤكد سياستك الخارجية سيكون عندها هذا الضعف، وهذا سيؤثر على علاقاتها الخارجية، ولا توجد سياسة خارجية بدون سياسة داخلية، فيجب أن ترتب بيتك من الداخل وبعدها سيكون لديك سياسة خارجية جيدة.
ولكى يكون لدينا سياسة خارجية نشطة أتمنى أن ننهض داخليا أولا، وهذا سيكون له تأثير إيجابى كبير فى سياستنا الخارجية بوجه عام وسياستنا العربية بوجه خاص، وأنا أضعها دائما فى المقام الأول، الدائرة العربية هى الدائرة الأولى فى مصر فى العمل الخارجى.
هل هناك مشاكل حالية مع دول الخليج؟
- هناك تعطل فى العلاقات المصرية العربية، ولا تستطيع أن تقول إن هناك علاقة مميزة مع دولة عربية الآن، إذا بحثت حاليا عن أى دولة عربية لها علاقة جيدة بمصر فلن تجد، وهذا خطر على مصر وعلى العرب أيضاً وكل الأصوات العربية تقول لنا: أرجوكم استعيدوا مكانتكم مرة أخرى، وهناك جمود فى العلاقات المصرية العربية منذ فترة.
هل هذا الجمود له علاقة بما حدث للرئيس السابق؟
- الموضوع تجاوز الرئيس السابق حسنى مبارك، فنحن حاليا فى مرحلة جديدة، مرحلة الرئيس الحالى محمد مرسى، أما الرئيس السابق فانتهت علاقته بالسياسة الخارجية على الإطلاق، والعالم العربى استبشر خيرا بعد انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة لانتخاب رئيس مدنى لأول مرة فى مصر.. ولكن ماذا فعلنا نحن.؟ نحن لم نمد أيدينا للدول العربية وكانت هناك مبالغة فى التخوف من الجانبين، وهذا التخوف لا يوجد له أى مبرر، كما أن هذا الجمود يمكن أن يكون مقصودا من أجل أن يحدث خلل فى الجسم العربى، لأن مصر عندما تبتعد يحدث خلل فى الجسم العربى.
كانت هناك تلميحات فى خطاب الرئيس بقمة الدوحة؟
- التهديدات المفروض أنها لا تقال فى خطب علنية، ومن المفروض أن تتم فى لقاء ثنائى ويتم فيه المصارحة والمكاشفة مع القائد الآخر.. يقول له: أنا عندى معلومات تقول كذا وكذا.. ردك إيه؟ يجب أن تكون هناك دبلوماسية، فى حل الأزمات.
لكن هناك دول علاقاتها جيدة مع مصر مثل سلطنة عمان؟
- عام 1980 كنت دبلوماسيا صغيرا فى سفارتنا بالكويت بعد قمة بغداد، وكلنا نتذكر قمة بغداد، وقتها سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان قابوس، أخذوا موقفا متميزا فى دعم مصر والوقوف معها وعملوا على عدم قطع العلاقات، وهذه مواقف كلنا نتذكرها ولا ننساها، أنا أرى أن سياسة جلالة السلطان تتميز بالاستقلالية وبعد النظر ورؤية للمستقبل، وهذا شىء مهم.
وبالمقارنة بالعلاقات المصرية الخليجية أرى أن العلاقات المصرية العمانية أفضلهم مستوى، وفى زيارتى الأخيرة لسلطنة عمان، فإننى وجدت كل ترحيب واستعداد من الجانب العمانى لتطوير العلاقة مع مصر وانتظارهم لعودة مصر لدورها الطبيعى، وقابلت شخصيات عمانية كثيرة منها السيد وكيل وزارة الخارجية ومجموعة من الدبلوماسيين والسفراء أيضاً مع الدكتور أحمد بن سالم مدير المعهد الدبلوماسى، وكل من التقيت بهم قالوا لى: متى ستعود مصر إلى دورها التاريخى فى قيادة السفينة العربية وهناك شغف كبير واهتمام بأن تعود مصر لتتبوأ دورها مرة أخرى.
وفى نفس الوقت هناك نبرة قلق وأنا أقدرها جيدا من جانب المسؤولين فى عمان على مستقبل الأوضاع فى مصر، وضرورة أن تخرج مصر من مشاكلها الداخلية وتنطلق فى دورها الخارجى مرة أخرى.. وأنا أشعر بالراحة تماما للعلاقات المصرية العمانية، وأود أن أشيد بالسفارة المصرية بمسقط والسفير عمرو الزيات، وهو رجل ذو خبرة فى العلاقة مع عمان.. ويقومون بدور مهم جداً ولامست أن لهم علاقة جيدة بكل المسؤولين وبالحكومة العمانية.
كيف ترى العلاقة مع إيران.. وتخوف البعض من هذه العلاقة؟
- ليس لدى أى تخوف، فعندما كنت وزير خارجية كنت ضد العودة للعلاقات السريعة مع إيران، وكنت أرى أننا يجب أن ندخل معهم فى حوار استراتيجى عميق يعرفون من خلاله الموقف المصرى وكل المشاكل فى المنطقة ونعرف منهم رؤيتهم بالنسبة للمنطقة.
مصر دولة كبيرة وأيضا إيران دولة كبيرة ولا أخشى من التأثير السياسى الإيرانى على مصر، لكن أخشى من النفوذ الاقتصادى، خاصة أن مصر فى حالة ضعف اقتصادى شديد.. وأخشى من أن يكون التواجد الإيرانى له سلبياته.
هناك عرض إيرانى لمصر بتقديم مساعدات اقتصادية تفوق 4 مليارات دولار، كيف ترى ذلك؟
- إيران دولة منهكة اقتصاديا وعليها حصار اقتصادى، ولا تتوقع أن يكون هذا الكلام عقلانيا على الإطلاق، فكل ما يستطيعون فعله شوية سياح هييجوا.. وأعتقد أن كل سائح سيدفع 100 دولار رسم دخول لمصر، وهذه هى المشكلة للأسف. إننا سنأخد قرارا، بناء على الوهن الاقتصادى الموجود لدينا، ولديك توقع أن الخير سيأتى معهم، هذا كلام غير عقلانى، لأن إيران دولة تحت حصار اقتصادى وأى شركة تتعامل مع إيران تدخل فى إطار العقوبات الاقتصادية.. وحتى لو أنك صدرت أى شىء لإيران لا تضمن أخذ نقودك.. لأن هناك قواعد معينة تحكم العلاقة الاقتصادية لإيران بدول العالم الخارجى.. ولا يجب أن ندخل فى هذا الوهن، لكن علاقتنا بإيران مهمة، لا يوجد مانع أو مشكلة من هذه العلاقات، ولا يوجد عندى تخوف من موضوع التشيع نهائياً، لأن مصر أقوى كثيرا من فكرة أنها تتشيع أو أن هناك خوفا من التشيع.. أنا أؤكد أن هذا الموضوع المفروض يأخذ أى نصيب من إدراكنا السياسى.
الشىء الوحيد الذى أخاف منه أن يكون هناك استفادة من التجارب الإيرانية التى لا تنفع فى المجتمع المصرى مثل «إنشاء دولة موازية» لو أخذنا هذا فسوف نأخذ الجانب السيئ وليس الجانب الجيد، وأى علاقة سياسية يجب أن يكون هناك مردود إيجابى على مجتمعك.. وإذا كان هناك جانب سلبى فلا داعى لها.. ومع ذلك فأنا أثق فى أجهزة الدولة المصرية.
هل هذه العلاقة ستؤثر على علاقتنا بدول الخليج؟
- سيكون خطأ جسيما إذا استعملت الكارت الإيرانى للتلويح به فى وجه دول الخليج، لكن لو كانت علاقاتنا مع إيران من منطلق مصلحتك الخاصة، ومن رؤيتك أن هذه الدولة دولة كبيرة فى المنطقة، ويجب أن نكون على علاقة جيدة بها، وأن يكون هناك حوار سياسى واقتصادى مستمر فلا مانع.. ولكن فكرة أن أرفع الكارت الإيرانى فى وجه دول الخليج هذه سياسة خاطئة ولن تجيب نتيجة مع دول دون أخرى.
هل هناك تخوف من أخونة وزارة الخارجية؟
- الخارجية المصرية جهاز وطنى على مر التاريخ ومنذ إنشائه أثبت هذا، كما أن الخارجية جهاز يتطلب مهارات فنية عالية جدا، لذلك أنا لا أخاف من فكرة أخونة الخارجية على الإطلاق، ولكن ما أخاف منه شىء آخر.. فما هى الرسالة التى تحملها وزارة الخارجية المصرية للعالم الخارجى حاليا.. يجب أن نتفق على رسالة.. أنا لا أرى رسالة حتى الآن، ويجب أن نصوغ رسالة تحملها الخارجية المصرية فى مواجهة الآخرين، وأتمنى أن نصل إلى هذا الموضوع بسرعة، لأن هذا يضعف الخارجية المصرية؟!
ما هو أفضل تشكيل وزارى منذ الثورة.. وهل نحتاج لتغيير وزارى حالياً؟
- هناك مميزات فى حكومات الدكتور عصام شرف مثل الدكتور سمير رضوان وزير المالية هذا الرجل ظلم، وكان من أفضل الناس الذين تعاملوا مع القضايا الاقتصادية فى مصر وهناك أيضاً وزراء كانوا جيدين فى حكومة الدكتور الجنزورى، وهناك أيضا جيدون فى حكومة الدكتور هشام قنديل مثل وزير التخطيط ووزير السياحة، فهؤلاء يعملون جهدا فائقا، والدكتور أشرف العربى وهشام زعزوع يعملا جهدا هائلا، ففى كل وزارة بها شخصيات بصراحة كانت ناجحة جدا ومتميزة وكل وزارة يوجد بها شخصيات متميزة «يمكن أن ننتخب من كل وزارة.. ونطلع منها أفضل الشخصيات التى أدت ونعمل تشكيل وزارياً جديد».
وبالتأكيد نحن فى حاجة لتغيير وزارى.. ففى علم السياسة فكرة أنك تعطى للشعب جرعة جديدة من الثقة بتغيير الوجوه دا شىء مفيد جداً.
كيف تقيم دور جبهة الإنقاذ فى الفترة الحالية وهل هناك خلافات داخلية؟
- لا يوجد خلافات.. هناك اختلاف فى الرأى ولكن الهدف واحد.. الثلاثة لديهم تاريخ وطنى معروف.. كل منهم له أسلوبه وطريقته ورأيه.. ولكن فى النهاية نجتمع جميعا على مصلحة الوطن.. أؤكد لك أن جبهة الإنقاذ بخير.. «يمكن محتاجين تطوير شوية فى العمل، أنا معك فى هذا.. يمكن محتاجين إننا نقدم رؤية كبديل ورؤية كمعارضة، وسيكون فى الفترة المقبلة فى هذا الإنتاج».
محمد العرابى وزير الخارجية السابق: ليس لدى تخوف من أخونة وزارة الخارجية لأنه جهاز وطنى..لا أخشى من التقارب مع إيران سياسيا.. لكنى أخاف أن نأخذ منها تجربة «الدولة الموازية»
الإثنين، 08 أبريل 2013 09:32 م
محمد العرابى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة