قال الأديب منير عتيبة، إن الكاتب محمد جبريل من الكتاب العرب القلائل ذوى المشروع، مضيفا أنه رغم تعدد أنواع كتاباته إلا أن كل عمل منها يعتبر مشروعا ثقافيا فلسفيا إبداعيا وطنيا، وأشار إلى أن قضية الحرية؛ حرية الدين والسياسة، كانت عنصرا مهما فى رواياته.
جاء ذلك خلال الندوة التى نظمتها مكتبة الإسكندرية أمس تحت عنوان "عالم محمد جبريل" فى إطار فعاليات البرنامج الثقافى لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب.. حضر الندوة كل من الكاتب محمد جبريل، ومحمد زكريا عناني، والأديب منير عتيبة.
من جانبه، أكد الكاتب محمد زكريا عنانى أن محمد جبريل دائماً ما يكتب فى دائرة معروفة هي: الإسكندرية، مصر، والعروبة، ويركز فى هذه الدائرة على عنصر الإنسانية والتى يمكن أن تأتى فى مشهد صغير للغاية يتجاوز الزمان والمكان.
وشدد على أن جبريل ركز على الارتقاء بحرية الإنسان والمعاداة لكل من يستبد على الأرض، وأن رواياته دائماً ما تخرج عن النطاق التقليدي؛ ويظهر ذلك فى رواية "رجال الظل".
وشدد على أن القيمة فى رواياته شديدة الوضوح والقوة مثل قيمة الوطن، مشيرا إلى أن ذلك لم يجعله يستخدم النص الخطابى للنصح، ولكنه التزم دائماً بالنص السردي.
وأوضح أن التاريخ فى رواياته يجسد بشكل مختلف، حيث إنه دائماً ما يريد أن يسجل موقفاً من الحاضر عن طريق تدعيمه بخلفية تاريخية.
وتحدث عن رحلة جبريل الطويلة التى بدأت مبكراً فى حياته وكتاباته مثل: "قلعة الجبل"، "الحاكم بأمر الله"، و"سقوط رجل الدولة"، وروايات أخرى كتبها فى بداية مشواره.
وقال إن رواياته ترتبط بقيمة راسخة هى قيمة الوطن. وناقش بعض رواياته مثل: "مصر.. من يريدها بسوء"، "نجيب محفوظ.. صداقة جيلين"، و"آباء الستينات"، و"قراءة فى شخصيات مصرية"، و"البطل فى وجدان الشعب المصري"، وأشار إلى أن "آباء الستينات" هى امتداد لرواية "نجيب محفوظ.. صداقة جيلين"، وأنه كتاب مفتوح يشير فيه إلى الثوابت الراسخة فى وجدانه نتيجة ترعرعه وسط جيل يتلقى منه ومن خبراته لكى ينقلها للجيل الذى بعده.
وأكد أن قراءاته الكثيرة أدت إلى صياغته لكتابات رائعة بعد ذلك، وأشار إلى "رباعية بحري" التى تكونت من أكثر من ألف صفحة وأنها تعتبر الابن البار لثلاثية نجيب محفوظ ولكنها ليست تقليداً لها. وأوضح أنها تعتبر لونا من تعدد ألوان الفن على غرار نجيب محفوظ. وأشار إلى أن جبريل كان يهتم بذكر التفاصيل الدقيقة والملاحظات التى يسجلها وكأنه باحث وأنها كانت كمعايشة للواقع، والمكان والشخصيات.
من جانبه، أكد الكاتب محمد جبريل فى بداية حديثه أنه يكتب بأسلوبه ويعكس أفكاره وما يجرى فى زمنه، ولكنه أكد أهمية تواصل الأجيال، وأشار إلى مدى استفادته من خبرات الكتاب الكبار مثل نجيب محفوظ ويحيى حقى اللذين كثيراً ما ساعداه بخبراتهما ومساندتهما. وأكد أنهما كانا يتعاملان معه كصديق، وأن ذلك انعكس فى الروايتين "آباء الستينات" و"نجيب محفوظ.. صداقة جيلين".
وأشار إلى مقولة (الزمن الجميل) فى إشارة إلى الستينات والسبعينات وأكد اقتناعه بها خاصة فى مجالى الفن والثقافة حتى وإن لم تكن المقولة صحيحة فى بقية المجالات، وقال إنه كتب عن مصر من خلال رؤيته الثقافية والاجتماعية التى اعتبرها البعض رؤية سوسيولوجية. وتحدث عن كتاب "الأسوار" الذى تحدث فيه عن أهمية الوحدة لأى عمل فنى فى الموسيقى والحوار وباقى عناصر العمل، وشدد على أن كل عنصر يجب أن يأتى فى مكانه ووقته المناسب. وقال إنه سبق أبناء جيله بكتابته فى هذا المجال.
وأكد أهمية اندماج الوطن العربى مع بعضه لأنه بانفصال أى دولة منه مثل فلسطين وتحولها لإسرائيل ستكون كارثة. وأكد فى الوقت نفسه أنه لو تخلى أى عمل فنى عن بعده الإنسانى سيفقد قيمته. وأشار إلى أنه يعتبر اللغة التى تؤدى إلى المعنى ولا تصرح به جزءا من العمل الإبداعى وأن ذلك أخذ منه وقتا طويلا لكى يخرج رواياته بهذا الشكل. مشددا على أهمية أن يكون الكاتب ناقد نفسه وأن يطور دائماً من أدائه، وأن كل عمل يحتاج إلى تجرد، وإخلاص، واهتمام.