أطلقت ثورتنا العظيمة فى 25 يناير أهدافا بغايات نبيلة جسَّدت حقوق الشعب المصرى العظيم فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
إلا أنه، وبعد عامين من انطلاقها، يُصوَّر كِبار كُـتابنا مخاوف شعبنا العظيم من تنامى سلوكيات غريبة عن طباعِنا كالعُنف وتبادُل الاتهامات، وتحويل الإضرابات والاعتصامات من السلمية المشروعة إلى الإتلاف والتخريب فى الممتلكات والمؤسسات العامة والخاصة، فضلا عن التعدِّى على الأشخاص الذى يؤدى إلى إصابات مختلفة الخطورة أو يتصاعد إلى إحداث وفيات، ما يؤدى إلى نتائج كارثية على حياتِنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومما يُثير العجب المصحوب بالألم، توالُـد ماراثون جديد، يتسابق فيه كل فريق للقضاء على الآخر، بدلا من التسابُق لتعويض ما فاتنا للحاق بقطار التقدُّم الحضارى، الذى لن ينتظِرنا، وكأن ثورة يناير التى بهرت العالم كنموذج للثورة الشعبية السِلمية، قد قامت فى مكان آخر، أو على الأقل قد أُصيبت أهدافها بِفتور، مما يُثير الحيرة والتساؤلات.
والغريب أن يحدُث ذلك رغم تناقُـضه الشديد مع الركائز والمضامين التى تُحدَّد هوية مصر وسِمات السماحة للشخصية المصرية، فى أبعادِها التاريخية والسياسية والثقافية والدينية والتربوية.
والغريب أيضا أن يكون هذا حالنا بعد أن توصلنا إلى الإجماع بوثيقتين صدرتا عن الأزهر الشريف، شارك كل المعنيين فى صياغتهما، الأولى عام 2011 (حول مستقبل مصر)، والثانية عام 2012 عن (الحريات)، تُحدَّدان أسلوب العلاج لما نُـعانى منه وترسمان خارطة طريق للتفاعُـل المُـجتمعى كشرط للانطلاق نحو المستقبل الذى نرجوه، ومضمونهما (احترام آداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، اجتِناب استغلال الدين لبَعث الفُرقة والعداء، تجريم الحث على الفتنة الطائفية والعُنصرية، التأكيد على حرية الرأى والتعبير كمظهر حقيقى للديمقراطية، تنشِئة الأجيال وتربيتها على ثقافة الحرية والاختلاف واحترام الآخرين، مُراعاة العاملين فى مجال الخطاب الدينى والثقافى والسياسى لهذا البُعد فى وسائل الإعلام، وتوخَّى الحكمة فى تكوين رأى عام يتَّسِم بالتسامُح وسِعة الأُفُق ويَحتكِم للحوار ونبذ التعصُّب).
ونظرا لأن الثورة قد كشفت عن جِراح غائرة فى جسد الدولة ومرافقها، وأفاد التشخيص المبدئى أن عِلاجِها لتحقيق أهداف الثورة وبِناء الدولة العصرية، يتطلب وقتا ليس بالقليل فضلا عن حتمية تضافُر الجميع وتعاوُنِهم والبُعد عن التنافُر، وأن الجرعات الأولى من دواء العلاج، تكون بالحد من الموجات المتتالية المُندفعة نحو الانزلاق من الثورة إلى الفوضى والانتهازية والغوغائية.
ولتحقيق ذلك، فقد آن أوان الإسراع بالإفاقة والإنتفاضة والتوافق على منح الأولوية العاجلة لتفعيل وتطبيق وثيقتى الأزهر الشريف السابق الإشارة إليهما، وإزالة الغُـبار عن معدن هوية مصر والسِـمات المُـتميزة لسماحة الشخصية المصرية الأصيلة، بالإضافة إلى الالتزام بتطبيق القانون واحترام أحكام القضاء، وأن يكون شعار الماراثون الجديد هو التسابق لإحياء قيمة العمل، وسرعة الإنجاز وفقا لأدبيات الجودة الشاملة، وأن يتم كل ذلك قبل أن يُصبِح العلاج مُستحيلا أو مُستعصيا، وحتى لا يُـذكر فى صفحات تاريخنا أن المصريين، قد أهالوا التُراب على ثوابتهم الحضارية وشخصيَُتِهِم السمحة المُتميُِزة، وأنهم قد تفرغوا للتشاحن والتباغض، ونسوا المطالب المُـلحة لإعداد العُـدة لتنمية الوطن للانطلاق نحو المستقبل الذى تصوروه، وحلِـموا بتحقيقه عند اندلاع ثورة يناير المُـباركة.
د. سيد رجب السيد يكتب:الطريق لإحياء إيجابيات الشخصية المصرية
السبت، 06 أبريل 2013 04:01 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة