تكون أو لا تكون.. مصر بين طريقين .. الحوار والتوافق الوطنى أو العنف والحرب الأهلية.. النهوض والمشروعات القومية أو الانهيار والغلاء والبطالة.. الحرية للإعلام أو السجون والملاحقات والتصفيات

السبت، 06 أبريل 2013 05:54 م
تكون أو لا تكون.. مصر بين طريقين .. الحوار والتوافق الوطنى أو العنف والحرب الأهلية.. النهوض والمشروعات القومية أو الانهيار والغلاء والبطالة.. الحرية للإعلام أو السجون والملاحقات والتصفيات جانب من العنف
كتب - محيى الدين سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طريقان لا ثالث لهما تواجههما مصر فى المرحلة المقبلة على مختلف المستويات، فإما فوضى وانهيار يضرب أركان الدولة المصرية التى تعد واحدة من أقدم وأكبر الدول والحضارات نشأة على الأرض، وإما نهوض يستعيد لهذه الدولة استقرارها ولسفينتها توازنها لتواصل سيرها نحو صفحة جديدة فى تاريخها، تتأسس على شعارات وأهداف ثورة يناير الشعبية التى أطاحت بنظام حكم ظل جاثما على صدور المصريين لثلاثة عقود متواصلة.

للطريقين مقدماتهما ومعطياتهما الموجودة بالفعل على الأرض، والأمر تتعادل درجات خطورته فى مختلف المجالات: سياسة واقتصاد، وأمن، ومؤسسات كان ينتظر تطهير بعضها من إرث النظام البائد، وولادة البعض الآخر على أسس جديدة تواكب دخول البلاد فى عهد جديد ونفضها عن نفسها كل غبار وبقايا العهد القديم، فإذا بالجميع يواجه شبح الانهيار، وفى المقابل فإن طريق النهوض له مقوماته فى مختلف المجالات أيضا، ليتبقى الاختيار متوقفا على الإرادة لدى مختلف أطراف المشهد ومن قبلهم الشعب المصرى باعتباره الطرف الأهم فى المعادلة.

المشهد السياسى ظاهره لا يوحى بأى تفاؤل، فأطرافه تجاوزت تمامًا فكرة تقديم التنازلات للدخول فى حوار موسع حول مستقبل البلاد، والداعون للحوار فى السلطة يكتفون بشرف الدعوة دون الإقدام على جرأة وضع جدول أعمال يلتزمون بنتائجه هم أولا قبل غيرهم، وهم يدركون أن الطرف الآخر يتعامل معهم من منطلق عدم الثقة استنادا إلى نقض لالتزامات سابقة، فيما يتمسك الأخير- من هم فى المعارضة- بصلف الرفض لدعوات الحوار أولا، ووضع شروط يطلب تنفيذها كاملة قبل التنازل والجلوس إلى مائدة الحوار.. فى الحكم يرفع أهله شعار «الشرعية»، وفى المعارضة يعتقد أهلها أن مزيدا من الضغوط سيكون كافيا لهز هذه الشرعية من تحت أقدام أصحابها، وفى كل يمضى منحنى الشعبية للطرفين نحو مزيد من الانهيار مع قيادتهما المشهد العام إلى النفق المظلم. لا ينتهى السيناريو السياسى إلى نفق مظلم لدى المتفائلين، فهناك طريق آخر مضىء ومفتوح على مصراعيه نحو النهوض بالبلاد من عثرتها، ومقوماته مبنية على تنازلات تقدمها الأطراف الفاعلة فى المشهد، وصولا إلى حوار وطنى شامل يطرح جميع القضايا بكل شفافية، ويلتزم حضوره بتنفيذ نتائجه، وذلك إنقاذا لمستقبل العمل السياسى فى مصر، ليجرى الاتفاق على حكومة توافق وطنى تتحمل مسؤولية بناء مؤسسات الدولة وتحقيق أهداف الثورة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، فضلا عن بناء المؤسسات التشريعية عبر انتخابات نزيهة، تتحقق لها ضمانات الإشراف القضائى الكامل وإدارة حكومة محايدة لها، فضلا عن خضوعها لرقابة مؤسسات المجتمع الدولى والمنظمات المحلية، إلى جانب إتاحة فرص دعاية متكافئة للمرشحين من مختلف التوجهات والانتماءات، ودون استغلال طرف لإمكانيات الدولة ونفوذ أجهزتها لصالحه على حساب الآخرين. الاقتصاد وهو الشاغل الأهم لدى ملايين المصريين المهمومين بلقمة العيش بعيدا عن اهتمامات وصراعات النخبة الحاكمة والمعارضة، هو ما يخشى هؤلاء المهمومون به من تداعيات السيناريو المظلم له والمتمثلة فى استمرار وتصاعد الأزمات اليومية المرتبطة بمعيشة المواطنين، سواء فيما يتعلق بالخبز أو السولار أو الكهرباء أو زيادة أعداد العاطلين فى ظل انهيار قطاعات مهمة ومؤثرة كالسياحة، فضلا عن الارتفاع الجنونى للأسعار والمخاوف من اختفاء عديد من السلع الضرورية وعجز الدولة عن توفيرها فى ظل معاناة العديد من قطاعات الإنتاج من أزمات تهدد بتوقفها، وفى المقابل فإنه لا يزال لدى كثير من المتفائلين آمال فى استعادة دوران عجلة الإنتاج وإطلاق مشروعات قومية وفتح الباب واسعا أمام الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية مع توفير الضمانات لحمايتها، بهدف إقالة الاقتصاد المصرى من عثرته ومنحه «قبلة الحياة».

فى الإعلام تنذر ممارسات أهل السلطة بسيناريو التضييق والخنق وجر الإعلاميين إلى أجهزة التحقيق وساحات القضاء، والحصار للمؤسسات الإعلامية، وصولا إلى ذروة السيناريو الأسود باستهداف حياة الإعلاميين لخنق أصواتهم باعتبارهم حتى الآن بؤرة المقاومة الحية، فيما السيناريو المقابل يقوم على إطلاق المزيد من الحريات ودعم صناعة الإعلام، وترك المجال للحريات لتعالج بنفسها ما يقع من تجاوزات هنا وهناك.

فى الأمن والانتخابات والأحوال الاجتماعية والتشريعات وغيرها من المجالات هناك سيناريوهات مضيئة وأخرى مظلمة، وكما فى السياسة تمتد توقعات السيناريوهات إلى أن تتدخل المؤسسة العسكرية فى لحظة ما لوقف وصول الحال إلى الانهيار أو أن تكتفى بالتدخل بالضغط على مختلف الأطراف للقبول بحلول للأزمة يتم العمل بها تحت رعاية الجيش وضمانه، فإن فى الاقتصاد هناك من يطرح له الإفلاس والانهيار فى مواجهة من يطرحون له النهوض من جديد والخروج من النفق المظلم، كما فى الأمن هناك سيناريو الانهيار الأمنى من جديد وانتشار اللجان الشعبية «الإسلامية» فى مختلف أنحاء البلاد ما يحكم من قبضة الإسلاميين على الأمور فى مواجهة سيناريو بث الحياة من جديد فى شرايين الشرطة المصرية على أسس جديدة تحترم حقوق الإنسان وتقوم على حماية المواطن والوطن لا خدمة النظام الحاكم والدفاع عنه، وفى التشريعات هناك احتمالات فرض المزيد من التشريعات الكارثية والتى تساهم بدورها فى انهيار السياسة والاقتصاد فى مقابل احتمالات الوصول إلى برلمان يحمل تمثيلا حقيقيا لجميع فئات الشعب المصرى، وتكون تشريعاته انعكاسا لذلك وفى خدمة المواطن وحده، لا الاستغراق فى خدمة تيار سياسى بعينه واستغلال قبة البرلمان للتمكين له.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة