لا تحب الأحكام القطعية، وتميل دومًا إلى الموضوعية والتوازن فى قراءة التاريخ، مما جعلها تتبنى نظرية أن الدولة العثمانية لم تكن دولة استعمارية، وهو ما تسبب فى اتهامها بأنها "إسلاميّة" رغم أنها مسيحيّة.
إنها المؤرخة المصرية نيللى حنا، أستاذ الدراسات العثمانية فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتى تناولت فى حوار مع مراسل "الأناضول"، حقبة الدولة العثمانية فى التاريخ المصرى.
وقالت إن وصف الدولة العثمانية بأنها دولة استعمارية غير دقيق، وحددت ثلاثة أسباب لذلك، هى عدم سعيها لفرض اللغة أو تغيير نمط النشاط الاقتصادى والزراعى، وأشارت إلى التعايش بين الأديان فى فترة الدولة العثمانية، وقالت إنها من أقل الفترات التى شهدت حوادث فتنة طائفية، إذ كانت كما هى الآن حوادث فردية.
وتطرقت فى حوارها إلى العلاقة بين مصر وتركيا فى فترة الدولة العثمانية، وقالت إن التجارة كانت جزءًا مهمًا من هذه العلاقة، حيث كان يوجد تجار أتراك فى مدينة رشيد بدلتا النيل شمالى مصر، وكان هناك تبادل بين الموانئ المصرية والتركية.
وفيما يلى نص الحوار:
بعد فوز محمد مرسى برئاسة مصر قال أحد الكُتاب إن مصر وقعت تحت أسر احتلال أشبه بالاحتلال العثمانى، فهل كان العثمانيون محتلين؟
إذا أردت أن تضع الدولة العثمانية فى مقارنة، فيجب مقارنتها بنظيراتها من الإمبراطوريات، مثل الإمبراطورية النمساوية التى سيطرت على شرق أوروبا، ومثل هذه الإمبراطوريات لم تكن احتلالا، فالاحتلال له خصائص لم تتوفر فى الإمبراطوريات، ومنها الإمبراطورية العثمانية.
وما هى خصائص الاحتلال؟
تاريخ الاحتلال الإنجليزى لمصر (1882-1923) والفرنسى للجزائر (1830-1962) يعطى فكرة عن أهم خصائص الاحتلال، والتى لم تتوفر فى الدولة العثمانية، فالاحتلال يسعى لتغيير النمط الزراعى للدولة التى يحتلها بما يخدم أهدافه، فمصر مثلا فى فترة الاحتلال الإنجليزى كانت تكثر من زراعة القطن، وذلك لخدمة المصانع الإنجليزية.
كذلك حاول الاستعمار الإنجليزى لمصر فرض لغته، وتغيير النمط الاقتصادى للدولة، وهو ما لم يحدث فى الحقبة العثمانية.. لذلك فإن استخدام كلمة "محتل" هو وصف غير دقيق.
هل نستطيع أن نأخذ من فترة الدولة العثمانية وما شهدته من تعايش بين الأديان دروسًا لعلاج قضايا الحاضر؟
نعم.. ومن هذه الدروس أنه إذا أردت أن تقيم التعايش بين الطوائف، فيجب أن يشمل ذلك مستوى الحوادث الفردية، والحوادث التى تتسبب فيها الدولة وقوانينها.
فعلى مستوى الدولة وقوانينها، تستطيع أن تقول إنه كان هناك تسامح، لكن على مستوى الأفراد كانت هناك حوادث فردية أشبه بما يحدث فى الوقت الحالى، ولكن هذه الحوادث عموما كانت أقل من فترة المماليك (1250 - 1517).
وكيف كانت قوانين الدولة تشجّع على التسامح؟
القوانين لم تكن بالمعنى المفهوم لكلمة قانون الآن.. يعنى مواد تعرض على برلمان يقرها ويصدر بها قانون، لكنها كانت عبارة عن "فرمان" يصدر من السلطان، مثل الفرمان الصادر لإدارة إقليم مصر، وهذا الفرمان لم يشر إلى غير المسلمين، ومن ثم فإن أية قضية تعرض على القاضى يحكم وفق الشرع بصرف النظر عن الديانة.
عند التطرق لتاريخ الدولة العثمانية توجه الكثير من الاتهامات ويقال إن مصر لم تشهد أى تطور؟
الأوروبيون حاولوا أن يظهروا الفترات التى احتلوا فيها الشعوب بأنها كانت فترات ازدهار، فقيل عن الهند إنها كانت متأخرة قبل الاحتلال الإنجليزى، وقيل نفس الشىء عن مصر وقت الدولة العثمانية، لإظهار أن الفترة اللاحقة، وهى الاحتلال الإنجليزى كانت أكثر ازدهارًا.
وما هى أبرز جوانب هذه الازدهار؟
الدولة العثمانية التى امتدت لأكثر من 600 عام (1299 حتى 1923) كانت إمبراطورية ممتدة من شمال إفريقيا حتى يوغسلافيا والمجر، وكانت تشهد تعايشًا بين أكثر من 20 ديانة، ولكن عامة يصعب أن تطلق وصفًا دقيقًا لتقول إنها كانت فترة ازدهار أو انحسار.
يعنى فى فترات عديدة شهد الاقتصاد تطورًا، وشهدت صناعة النسيج ازدهارًا، ولكن فى فترات أخرى كانت هناك أزمة مالية بسبب نقص المعادن أثرت على اقتصاديات البلد.. فالخلاصة أنه يصعب إطلاق وصف دقيق يلخص الحالة، سواء بالازدهار أو الانحسار.
وماذا عن العلاقة بين مصر وتركيا وقت الإمبراطورية العثمانية؟
كانت هناك علاقة تجارية مهمة وحركة تبادل تجارى بين الموانئ المصرية والعثمانية، وكان يوجد تجار أتراك فى (مدينة) رشيد (بمحافظة البحيرة بدلتا النيل).. وساعدت هذه الحركة التجارية مصر كثيرًا.
عدد الردود 0
بواسطة:
د. عماد هلال
هكذا المؤرخ كما يجب أن يكون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابومرعى
الله يرحم اساتذتى الدكتور عبد العزيز الشناوى والكتور جلال الدين يحى
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
أستاذة جليلة القدر فشكرا لليوم السابع ولها
عدد الردود 0
بواسطة:
باحث عربى
الدولة العثمانية استعمار