سبحان الله، رغم قرارى بعدم الكتابة لالتقاط الأنفس، لتكن فترة هدوء فى هذا الجو الممتلئ بالتوتر، لكن حدث مشهد دفعنى للكتابة مرة أخرى، مشهد متكرر للأسف فى بلدنا المحروسة، ولكن دوما كنت أسمعه أو أراه سريعا على الطريق، والاختلاف هو أننى شاركت فيه تلك المرة رغم قسوة المشهد، فهو مزيج من الألم والتفاؤل والسلبية والإيجابية، كنت فى طريقى إلى البيت بأتوبيس العمل على كوبرى أكتوبر، فجأة رأينا هذا المشهد على الجانب الآخر، عربية تقف فى المنتصف مهشمة من جانب السائق وتقودها سيدة وخلفها بقليل عربية مقلوبة! حتى رأينا العربية الثانية المقلوبة وقفنا على الفور وغيرنا من العربيات الأخرى التى اصطفت على الفور لإنقاذ من فى تلك العربية المقلوبة فهرول الرجال إليها وأنا وزميلتى ذهبنا للسيدة فى العربية الأخرى، التى كانت تهذى بكلمات قليلة المسموع منها ألحقونى! إنها فى حالة يرثى لها يدها بها دماء وعينها بها كدمة، أنا وزميلتى فقط، نحاول مساعدتها، الكل ذهب إلى العربية المقلوبة التى أصبحت بعد عدلها قطعة عجين ومحاولات عديدة تتم لإخراج من بها، أول من وصل إلى مكان الحادث بعد دقائق قليلة أكيد سيارة الإسعاف هذا بالطبع ما كنت أتمناه رغم اتصال أكثر من شخص بالإسعاف، لأن هناك مصابين وصعوبة فى خروجهم من العربية أصلا، ولكن أول من ظهر فى المشهد هو الونش حتى ينقل سيارات الحادث، رغم أن هذا جيد ولكن الأهم حياة الإنسان اعتقد، وعلى الرغم من ظهور سيارة إسعاف بالقرب من الحادث بس لم تتوقف وأشارت إنها سوف تأتى مرة أخرى! ربما معها حالة، كنت أتمنى أن أرى سيارة إسعاف فى مكان الحادث بعد دقائق من وقوعه بل كنت أتمنى أن أرى إسعاف طائر ينقل مصابى العربية المقلوبة والأخرى، أصبح من يراه محاولات فتح السيارة التى بها السيدة دون جدوى يدفعهم إلى الذهاب إليها لإخراجها من العربية وتم إخراجها وكانت فى حالة صدمة وكل ما تقوله أنا غلطانة.... أنا غلطانة..... وشباب حاولوا تهدئتها بأن العربية على الجانب الآخر انقلبت عليها وأن تحمد الله على نجاتها، رغم أنى كنت حريصة على أن المصاب يجب أن ينقله المتخصصون حتى لا تزيد الإصابة أو تصبح خطيرة لا قدر الله، ولله الحمد أخروجها تبدو سليمة وإن كان النزيف الداخلى لا يرى وربنا يسلمها، وأيضا العربية الأخرى أخرجوا واحد والثانى فشلت محاولات إخراجه لأنه محشور، المهم أنه على قيد الحياة، ما الجديد؟ إنه حادث ويحدث كثيرا فى بلدنا فنحن رقم واحد فى حوادث الطرق الخطيرة، الجديد أن تراه إيجابيات المشهد بنفسك مثلما ترى سلبياته، ايجابيات! نعم عندما ترى من توقف للمساعدة مختلف المستويات من العربيات الفولكس فاجن ومن فى سيارات أخرى وأجرة كله توقف ولكن للمساعدة من يأتى بالمياه للمصابين، ومن يتصل بالإسعاف، من يفعل كل ما فيه وسعه لإخراجهم من العربيات، من يشير إلى العربيات الأخرى لكى تسير حتى لا تعطل عربية الإسعاف عند قدومها! إنه الشعب المصرى ،المروءة فى دمه، هذا ليس بالطبع بالجديد على الشعب المصرى، ولكن مشاركة الكل ببطولة هذا المشهد يكفى لأن تصيح وتقول هذا الشعب يستحق الأفضل، يستحق كل الخير، يستحق على الأقل إسعافه عندما- لا قدر الله- يحدث له حادث، فسيارة الإسعاف لم تأت حتى نصف ساعة بعد وقوع الحادث عندما ذهب بنا الأتوبيس لنكمل مسيرتنا إلى بيوتنا ولكن بأعصاب متوترة، ندعو للمصابين أن ينجيهم ربنا وأن تأتى سيارة الإسعاف! بعدما شلت الحركة تماما بالطبع على جانب الذى وقع فيه الحادث.
