خالد عبيد حسين يكتب: لماذا تعثر الإخوان؟

الثلاثاء، 30 أبريل 2013 11:58 ص
خالد عبيد حسين يكتب: لماذا تعثر الإخوان؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا تعثر الإخوان ؟
نهجاً على ما دأبنا عليه جميعنا من تقسيم المجتمع المصرى إلى فريقين أظن رد فعل هذا العنوان سيكون استنكارياً من الجميع كبداية، فالمؤيد دائماً سيقول إن الحكم متسرع ولم يمكث الإخوان فى السلطة مدة تكفى للحكم على التجربة أما المعارض دائما سيدعى أن العنوان غير كاف وكان من الأجدر أن يكون لماذا فشل الإخوان؟

والحقيقة أننى اخترت عامداً كلمة التعثر لأن الفشل أو النجاح هو نتيجة ترتبط بنهاية مرحلة وبداية أخرى وهو ما لم يحدث بعد.

وبرغم أن المناخ العام فى مصر والتركة الثقيلة التى ورثها النظام الحالى وظروف المرحلة قد تعطى النظام – أى نظام - بعض العذر لكن أسبابا أخرى كثيرة تدعونا للشك فى قدرة ( الإدارة الحالية ) على التعامل بدهاء وحكمة واقتدار مع التحديات الآنية الهائلة والمتواصلة.

أول هذه الأسباب هو غياب الرؤية الشاملة لفهم مشاكل مصر وطرق حلها وكذا السذاجة السياسية المتجلية أساساً فى إعادة إخراج سيناريو التاريخ فى ظروف ومناخات مختلفة وبالتالى حصل النظام على نتائج مختلفة كلياً عن ما رغب وأقصد بذلك طريقة إقصاء المشير ونائبه من السلطة فضلاً عن مسألة الإعلان الدستورى التى مثلت انقلاباً عمق الانقسام وصور السلطة كأنها ديكتاتور جديد بثوب ومظهر جديدين برغم تهليل المؤيدين لذلك الفعل وكأنه فاتحة لتمكين السلطة من حل جميع المشكلات وتمهيد الطريق أمام مشروع النهضة المنتظر.

كذلك كانت عملية انتاج الدستور سبه فى جبين هذا البلد العريق حتى ولو ادعى المهللون بأنه " أعظم دساتير الدنيا".
النتيجة كانت كارثية على الديمقراطية التى بشرتنا بها الثورة من وجهة نظرى مهما كانت الدوافع وحسن النوايا وما الصراع الحالى بين السلطة القضائية – والتى مثلت الحصن الأخير لنظام ديمقراطى يقوم على الفصل بين السلطات حتى من وجهة نظر أعتى الثوار - والنظام إلا نتيجة منطقية لمحاولة النظام الاستئثار بالتصرف فى مسائل جوهرية تحتاج الجميع لبناء شامل يؤصل لدولة العدل والقانون.

ثانى هذه الأسباب هو طبيعة الفكر الإخوانى المتمحور حول الذات والذى فشل بنجاح منقطع النظير حتى الآن فى إثبات أنه يساوى بين جميع أبناء الوطن وينظر إليهم من منظور واحد بل وحتى أن يشعرهم أنهم على نفس الدرجة أو التصنيف.

جماعة الإخوان بدأت بالدعوة إلى الله وإلى إقامة نظام عادل يعود بالمسلمين إلى نهج العدل والرحمة وصولاً إلى دولة تزدهر بالتقاليد الإسلامية العريقة.. ثم ما لبث الإخوان أن انفصلوا عملياً عن المجتمع ووضعوا فى أفكارهم جداراً يفصل بين الإخوانى وغير الإخوانى حتى ولو كان من أشد المسلمين تمسكاً بتعاليم الدين الحنيف..هذا قوقع الجماعة فيما يشبه ( الجيتو ) غير المتلاحم مع بقية نسيج المجتمع برغم أن لبنة الإخوان هى أفراد من ذات النسيج إلا إنهم أعادوا تشكيل تلك اللبنات بحيث أصبح دمجها فى المجتمع صعباً وذلك أشبه بمحاولة زرع عضو بشرى غريب لمعالجة مريض.. فما بالك لو كان ذلك العضو هو الرأس ذاته وله ماله من أهمية.

هذا ليس كلاماً نظرياً يفتقد الدليل.. فالأدلة يعطيها لنا الرئيس بلا عناء فى كثير من قراراته المصيرية.. وانظر معى أخى الكريم وأختى الفاضلة فى قرار الإعلان الدستورى مثلاً.. فمَن الذى الذى اتخذ القرار إذا كان نائب الرئيس ومستشاروه ووزير عدله لم يعلموا به إلا مع بقية عامة الشعب؟؟

وأنت ترى دوماً قيادات إخوانية هى خارج الحكم تتحدث عن أمور الحكم والإدارة والقرارات المنتظرة والسابقة واللاحقة ثم ترى أيضاً نفياً رئاسياً من أن القرار يتخذ خارج مؤسسته فمن نصدق؟ أعيننا أم المتحدثين بإسم الرئيس؟ ولو صمت هؤلاء المتحدثون من خارج المؤسسة صمتاً محمودا لكان ذلك أفضل كثيرا لهم وللرئاسة.

إذن الإخوانى لا يثق إلا بالإخوانى وكان بقية أفراد الشعب قوم غرباء لا ينبغى إطلاعهم على أسرار الدولة حتى ولو كان نائب الرئيس!

هذا هو نتاج (الجيتو) الذى فصل به الإخوان أنفسهم بأنفسهم عن واقع الحال.

ربما كان الناس يتعاطفون مع الإخوان وهم خارج الحكم لأنهم كانوا مضهدين وكانوا يقدمون المساعدة وكانوا فى جبهة المعارضة وما أسهل أن تعارض قبطان سفينة وأنت على الشاطئ.. لكنك الآن استلمت الدفة فهل فوجئت بأنك القائد ولم تكن لديك خرائط؟

أما ثالث الأسباب فهو الإصرار على التمسك بنظرية المؤامرة الشهيرة وهى النظرية التى يعشقها عادةً كل ديكتاتور وأصبحت مثل (المتلازمة ) تصاحب دائماً أنظمة الحكم فى الدول الفاشلة وطبعاً هى مزدهرة فى دول عالمنا المنعوت بالثالث.

فكل المشاكل سببها مؤامرة من طرف داخلى أو خارجى وكل الأزمات انما هى مفتعلة والدنيا ربيع والجو بديع. فهل النظام لا يعلم أن الطرف الثالث أصبح اسطوانة متكررة مشروخة سئمها الناس وأضحت كلاماً بلا معنى لا يعيد سوى ذكريات عن أنظمة غابرة ارتبطت بفساد وطغيان ولكنها أيضاً ارتبطت بحال وواقع ما زال أفضل من واقعنا الذى يراه المؤيدون نقلة نوعية لكن عامة الناس لا ترى سوى تردى وسوء الأحوال.

بديهى أن حل المشكلة يستوجب معرفة أسبابها فالطبيب يشخص المرض أولاً ليكتب الدواء فإذا فشل فى التشخيص فشل فى العلاج وربما استفحل المرض وساءت حالة المريض.. فإذا ما أصر الطبيب على أنه لا يوجد مرض أساسا انما هو مس شيطانى فلا أمل.. تماماً مثلما كان الحال فى القرون الوسطى عندما كان الناس يعتقدون أن الطاعون هو مس شيطانى حتى عرفوا انه مرض تنقله الفئران فعالجوه فأمسى المرض من ذكريات الماضى.

كثيرأ ما فكرت أن الوعود الأولية التى انهمرت كالمطر انما كانت نتاج سوء تقدير واستبقت قراءة متأنية لواقع الحال واستلهمت أمانى وأوهام ثم اصطدمت بحقائق الواقع الصريحة.. فهل السبب عدم فهم ومعرفة؟؟ أم كانت بسبب غياب القدرة على فهم أعماق الصورة الخادعة لمن لا يقرأون لكنهم لا يستقرئون ويستنبطون؟

نتائج التغيير مازالت حتى الآن مخيبة لأمال كل عاقل ذا عينين لكننا لا نستطيع أن نعيش دون أن نتمسك بتلابيب الأمل مهما كان الضوء فى نهاية النفق خافتاً وضئيلاً.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق محمود

مبارك

تحية كبيرة للبطل مبارك ..

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة