أكدت منظمة التعاون الإنسانى، ثانى أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، على أن التضامن الإنسانى مع أهالى قطاع غزة وكسر الحصار الإسرائيلى المفروض عليهم منذ عام 2006 يعتبران أهم بكثير من المساعدات القادمة مع المتضامنين.
وقالت المنظمة فى التقرير الشهرى الصادر عن إدارة الشئون الإنسانية والخاص بالوضع الإنسانى فى قطاع غزة عن مارس 2013 إن أكثر من مئة وفد إنسانى عربى وإسلامى ودولى من جنسيات مختلفة زاروا قطاع خلال العام 2012، حاملين معهم رسالة موحدة بهدف فك الحصار.
ونوه التقرير، الذى حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على نسخة منه، بأن البعض جاء بمساعدات عينية ومساعدات إنسانية وطبية، والبعض الآخر جاء للمساعدة فى تقديم يد العون فى القطاعات الإنسانية المختلفة وخصوصا فى الجانب الطبى.
ونبه إلى أن قطاع غزة يعانى من عجز فى الأدوية والمهمات الطبية ونقص الخبرات الطبية المدربة والمؤهلة نتيجة الحصار المفروض على القطاع، وهو ما تعكف الوفود الزائرة العمل على تعويضه.
وتطرق التقرير إلى الزيارات التى قامت بها قافلة (أميال من الابتسامات) للقطاع بصورة شبه شهرية محملة بالمساعدات العينية والإنسانية، حيث ضمت العديد من المتضامنين من جنسيات غربية وعربية مختلفة، منوها بأن القافلة زارت القطاع 21 مرة.
ووفقا للتقرير، فقد تكررت زيارات الوفود من دول جنوب شرق آسيا منها (ماليزيا، إندونيسيا) محملة بالمساعدات الطبية، ووصل إلى القطاع بعض الوفود التى تهتم بجانب حقوق الإنسان والجانب السياسى، كما شهد شهرا نوفمبر وديسمبر الماضيان زيارات عدد كبير من الوفود الطبية المتخصصة وخصوصا أثناء وبعد العدوان الذى وقع على القطاع خلال الفترة من 14 إلى 21 نوفمبر المنصرم.
ونبه التقرير إلى أن أغلب الوفود الزائرة كانت تركز على الجهود الإغاثية والتى تترك أثارا على المستوى القريب، ولكنها لا تدعم ركائز التنمية الحقيقية فى القطاع عبر المساهمة فى مشاريع اقتصادية أو مجتمعية نابعة من دراسة احتياج وتنسيق مسبق.
وكشف عن وصول بعض المساعدات من الأدوية وغيرها كانت منتهية الصلاحية أو عبارة عن كميات لا تمثل احتياجا حقيقيا للقطاع كأدوية التخسيس وشحنة الأكفان، مشددا على ضرورة تنظيم الجهود المبذولة وتوظيفها بما يحقق تلبية الاحتياجات الخاصة بأهالى قطاع غزة بناء على دارسات ميدانية تعكس واقع الأوضاع الإنسانية فيه.
ودعت إدارة الشئون الإنسانية بمنظمة التعاون، المنظمات الإنسانية المنسقة للقوافل إلى ضرورة دعم مشاريع إغاثية وتنموية بناء على احتياجات حقيقية يتم الحصول عليها من قبل مراكز المعلومات فى قطاع غزة، إضافة إلى دعم مشروع إنشاء بنك المعلومات والذى يهدف إلى تقديم صورة عن الاحتياجات الإنسانية والتنموية التى يحتاجها القطاع.
كما دعت الإدارة إلى ضرورة إنشاء جسم تنسيقى من المؤسسات الأهلية والدولية، من أجل توحيد جهود الوفود القادمة إلى قطاع غزة.
وحول الخسائر البشرية والحوادث الحدودية التى رصدها التقرير الشهرى لإدارة الشئون الإنسانية بمنظمة التعاون الإسلامى، فقد تبين أن شهر مارس المنقضى شهد هدوءا نسبيا فى تعديات قوات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين، إلا أنه تم تسجيل بعض التعديات التى مثلت خرقا لاتفاق التهدئة الذى تم إبرامه ما بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى برعاية مصرية والذى أنهى ثمانية أيام من العدوان المتواصل فى نوفمبر 2012، حيث توغلت الآليات الإسرائيلية بشكل محدود شرق خانيونس وشرق المغازى وسط القطاع، وأطلقت النار تجاه منازل المواطنين وأصابت 4 منهم، من جانب آخر أصيب 7 أطفال فى انفجار جسم مشبوه من مخلفات قوات الاحتلال.
ووفقا للتقرير، فقد استمرت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين الفلسطينيين فى قطاع غزة، حيث تعرضوا لعدة حوادث إطلاق نار لإجبارهم على مغادرة مناطق الصيد، مما أدى إلى إصابة مراكبهم.
وعلى الصعيد الداخلى، لفت التقرير إلى أن طفلا وشابا لقيا حتفهما نتيجة ماس كهربائى خلال الفترة محل القياس فيما قتل 4 أطفال آخرين و3 مواطنين نتيجة حوادث طرق منفصلة، أما عن الإصابات فقد أصيب 5 مواطنين نتيجة أعمال فى الأنفاق بين قطاع غزة ومصر.
وفيما يتعلق بحركة المعابر (معبر رفح البرى) فقد قامت السلطات المصرية بفتح المعبر بشكل دائم ومستمر خلال الفترة التى يغطيها التقرير (مارس)، منوها فى هذا الإطار بالاتفاقية التى تم توقيعها بين قطر والسلطات المصرية والتى تنص على إدخال كل ما يلزم من مواد البناء لإعادة إعمار القطاع بما فيها الآليات والمعدات الثقيلة والخفيفة، ومن بين مواد البناء المدخلة إلى قطاع غزة لصالح المشاريع القطرية عبر معبر رفح البرى مادة "البيس كورس" المستخدمة فى رصف الشوارع، حيث دخل الشهر الماضى 676 شاحنة من البيس كورس، كما تم إدخال شاحنات من الأسمنت والحديد.
كما قامت السلطات الإسرائيلية المحتلة وفقا للتقرير - بإغلاق معبر كرم أبو سالم لمدة 17 يوما خلال شهر مارس المنصرم بحجج وذرائع مختلفة منها الإغلاق بمناسبة الأعياد اليهودية، حيث عمل المعبر بما نسبته 41 % من طاقته المعتادة وما نسبته 11% من حاجة أهالى قطاع غزة بالنظر لنسبة إغلاقه المتكرر والطاقة الإنتاجية القليلة فى المعبر والذى يعمل وحده من أصل 5 معابر تجارية مغلقة بشكل كامل.
وأشار التقرير إلى أن السلطات المحتلة لا تزال تفرض الحظر التام على تصدير المنتجات الصناعية، لافتا إلى أن القوات الإسرائيلية لم تسمح خلال شهر مارس المنقضى بتصدير أى من منتجات القطاع باستثناء 9 شاحنات من ورد القرنفل، و70 شاحنة من علب البلاستيك الفارغة، و7 شاحنات بسكويت، وشاحنة طماطم واحدة.
جدير بالذكر أن نحو 80% من سكان قطاع غزة المدنيين يعتمدون فى حياتهم على المساعدات الغذائية التى يوفرها المجتمع الدولى، وخلال الفترة التى يغطيها التقرير - مارس - لم تسمح القوات الإسرائيلية باستخدام معبرى صوفا وكارنى لنقل أى نوع من الشاحنات.
ووفقا لتقرير إدارة الشئون الإنسانية بمنظمة التعاون الإسلامي، بلغ عدد الوفود التى زارت قطاع غزة خلال الفترة محل القياس 52 وفدا حيث وصل عدد إجمالى القادمين إلى القطاع 414 شخصا، من بينهم 13 وفدا من الدول العربية، ووفدان من الدول الإسلامية، و7 من الدول الأجنبية.
وكانت أبرز الوفود الإنسانية القادمة لغزة - كما ورد بالتقرير - وفد طبى أمريكى يتكون من ثلاثة أطباء جراحين متخصصين فى جراحة الوجه والفكين، حيث قام بإجراء العديد من العمليات الجراحية النوعية.
ومن بين الوفود، قافلة أميال من الابتسامات "20"، حيث ضمت أعضاء متضامنين من عدد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وجاءت القافلة محملة بالمساعدات العينية والأدوية والمستلزمات الطبية.
كما زار وفد تونسى قطاع غزة ضمن 31 متضامنا ومتضامنة من المؤسسات التونسية، حيث قاموا بالإطلاع على الأوضاع الإنسانية فى القطاع، بالإضافة إلى وفد فرنسى ضم العديد من المتضامنين مع القضية الفلسطينية بهدف الإطلاع على الأوضاع الإنسانية فى القطاع جراء الحصار المفروض من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى، وزار وفد من تجمع المؤسسات الإسلامية الماليزية (مابيم) قطاع غزة بهدف التضامن ونصرة ودعم أهالى القطاع فى ظل الحصار والعدوان الإسرائيلى، بالإضافة إلى الاطلاع ومتابعة المشاريع التى ينفذها التجمع فى قطاع غزة.
كما زار القطاع وفد اقتصادى تركى من الغرفة التجارية التركية قطاع غزة، وضم العديد من رجال الأعمال الأتراك وقد هدفت الزيارة إلى تعزيز سبل التعاون المشترك وتطوير العلاقات الاقتصادية التركية مع قطاع غزة، حيث اطلع على الوضع الاقتصادى كما زار العديد من المصانع العاملة فى القطاع.
وتضمنت الزيارات، زيارة لوفد طبى ماليزى ضم 6 أطباء من تخصصات مختلفة، حيث قاموا بإجراء بعض العمليات النوعية فى مستشفيات قطاع غزة. كما قام وفد من جامعة باردفورد بزيارة قطاع غزة، حيث اطلع على الوضع التعليمى فى القطاع من خلال زيارة الجامعات الفلسطينية، كما أعطى دورات متقدمة لطلاب الجامعات.
ونبه تقرير إدارة الشئون الإنسانية بمنظمة التعاون الإسلامى إلى أن شهر مارس المنقضى شهد ازديادا فى أزمة الكهرباء، قائلا: "إنه من الطبيعى أن يزداد الطلب على الكهرباء مع ازدياد الكثافة السكانية واستخدام الأدوات والآلات الإلكترونية التى تستهلك قدرا عاليا من الطاقة الكهربائية مثل أجهزة التكييف فيما لا تزال كمية الطاقة الكهربائية ثابتة على حالها دون زيادة، وهو أمر غير معقول أو منطقى".
وأفاد بأن الطاقة الكهربائية التى تنتجها محطة التوليد لا تتعدى بأى حال 111 ميجاوات، إذا تم تشغيل ثلاثة مولدات مع العلم أن مقدار الطاقة الذى كانت تقدمه المحطة قبل قصفها من قبل الاحتلال الإسرائيلى كان 216 ميجاوات.
وشدد على أن تشغيل المحطة بكامل طاقتها الآن أصبح أمرا صعبا فى ظل نقص الوقود اللازم لتشغيلها، والاصطدام بالحصار والإجراءات الإسرائيلية والضعف المالى للشركة لعدم قدرتها على تحصيل فواتير الكهرباء من جميع المواطنين.
أما بخصوص كمية الكهرباء القادمة من جانب سلطات الاحتلال ومصر، فهى لا تزيد - وفقا للتقرير - على 146 ميجاوات، مما يعنى ضرورة أن يتحمل المواطن عبء الظلام.
وأشار إلى أنه تم البدء فى مشروع إعادة تأهيل شبكات توزيع الكهرباء بقطاع غزة بتمويل أوروبى بتكاليف قدرها 2،770،000 دولار أمريكى، مما سيعالج وبشكل ملموس الفاقد الفنى من الطاقة الكهربائية بالشبكات.
وفيما يتعلق بمياه الخزان الجوفى فى قطاع غزة .. فقد ذكرت الإحصاءات - التى رصدها التقرير - أن درجة ملوحتها مرتفعة وأن المياه ملوثة بالمواد السامة العضوية وغير العضوية ، فيما بلغ العجز السنوى من المياه 61 مليون متر مكعب..كما يمثل التزايد السكانى فى قطاع غزة ذى المساحة الجغرافية الضيقة أحد أسباب تفاقم أزمة المياه مع قلة سقوط الأمطار التى تصل إلى الخزان الجوفى، مما يجعل حصة الفرد من المياه تقل.
وحذر التقرير من كارثة مائية قد تضرب قطاع غزة خلال العامين المقبلين بسبب تلوث الخزان الجوفى للمياه فى القطاع.
جدير بالذكر أن تفاقم أزمة المياه فى غزة يعود إلى عدة عوامل "قديمة جديدة"، أهمها سحب الجانب الإسرائيلى للمياه الجوفية وزيادة النمو السكانى فى الأراضى الفلسطينية بمعدل 3.5% سنويا، إلى جانب تذبذب كميات مياه الأمطار من سنة لأخرى والاستهلاك غير المتوازن.
التعاون الإسلامى: كسر الحصار عن أهالى غزة أهم من المساعدات
الثلاثاء، 30 أبريل 2013 01:36 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة