فرضت جماعة الإخوان المسلمين رغبتها على أعضاء مجلس الشورى، وقاموا بتفصيل القانون، بحيث لا يضر بمصالح الجماعة أو يسمح بخروجها إلى النور بشكل كامل، فجاءت بعض المواد لتحمى أموال الجماعة من الرقابة الكاملة، وتسمح لها بفتح فروع لها بالخارج فضلا عن وضع صندوق دعم الجمعيات فى يد الاتحاد العام للعمل الأهلى والتى يعين فيه أكثر من ثلث أعضائه، وهو ما بدا فى الفقرة رقم 5 من المادة الأولى من مشروع القانون، والمادتين 3 و66 .
كان أول تلك المخططات هو ما تتضمنه التعريف رقم 5 من المادة الأولى، والخاصة بتعريف الجمعية المركزية ونصها "كل جمعية تعمل فى مختلف مجالات وأنشطة العمل الأهلى كهيئة جامعة ولا يقل عدد مؤسسيها عند الإشهار عن مائة عضو، ويجوز أن تضع فى لوائحها أن يكون لها فروع فى جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، أو خارجها وتهدف إلى المشاركة الفاعلة فى مناحى الحياة العامة"، وهو التعريف الذى يجعل لجماعة الإخوان المسلمين الحق فى أن تعمل كهيئة جامعة بأن يكون لها حق إنشاء فروع لها فى كل أنحاء الدول، وهو ما يسمح به لأول مرة فى تاريخ مصر، أن يسمح للجمعيات المصرية بأن يكون لها فروع فى الخارج، وذلك تنفيذًا لمخطط الجامعة فى أن يكون تنظيمها الدولى رسميا باعتراف مصر.
لم تلق هذه الرغبة قبولا من الحكومة تحت مبرر أن هذا الأمر سيحملهم أعباء كبيرة فى مراقبة تلك الفروع، فيما يخص السماح للجمعيات بإنشاء فروع فى الخارج، بالإضافة إلى أن "وضع كلمة الهيئة الجامعة" يصر الإخوان على بقائها دون الإدلاء بسبب رغبتهم فى وضع هذا المصطلح المبهم، وهو الموقف الذى أعلنه المستشار محمد الدمرداش ممثل وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية خلال المناقشة التى دارت على مدى 30 يوما، حول مشروع قانون العمل الأهلى بمجلس الشورى، إلا أن إصرار نواب الإخوان، كان أقوى فى تنفيذ مخططهم لإفساح المجال أمام التنظيم الدولى، فما كان أمامهم سوى الرجوع إلى السياسات القديمة فى تنفيذ رغباتهم فكان المخرج هو تطبيق نظام المقايضة مع الحكومة.
فما كان من أعضاء لجنة القوى البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشورى المنتمين إلى حزب الأغلبية وهى اللجنة المعنية بالقانون بتجاهل رغبات الحكومة فى المسودة قبل النهائية للقانون، والتى تم إصدارها منذ ثلاثة أيام، حيث جاءت المسودة مخالفة لما اتفقوا عليه مع الحكومة خلال المناقشات التى دارت حول مطالباتها، بأن يتم منحها مهلة 4 أشهر لوضع اللائحة التنفيذية للقانون، والذى كان حلا وسطا بين رأى النواب وبين الرغبة الفعلية للحكومة، بأن تكون المدة ستة أشهر، إلا أن المسودة قبل النهائية التى أعلنت عنها اللجنة أبقت على رغبة النواب أيضا، وعند عقد أول حلقات نقاشية مع الحكومة فور إصدار هذه المسودة ظهر الأعضاء، وكأنهم يلبون رغبة الحكومة بعد إعلان ممثليها من وزارتى الشئون الاجتماعية والخارجية اعتراضهم على تجاهل ما تم الاتفاق عليه، فما كان من اللجنة سوء التنازل فى هذه الحالة ليظهروا وكأنهم هما المبتدئان بالتنازل تنفيذا لرغبة الحكومة لتصبح فترة وضع اللائحة التنفيذية ستة أشهر.
وأصرت الحكومة على موقفها فى عدم إدراك مصطلح "الهيئة الجامعة" مع التنازل عن السماح للجمعيات بإنشاء فروع لها فى الخارج حرصا على ألا يشوب القانون عوار دستورى، إلا أن هذا الأمر لم يرض وكيل اللجنة المنتمى لحزب الحرية والعدالة، وهو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فأكد خلال المناقشات على بقاء هذا المصطلح فلم يجد رئيس اللجنة د. عبد العظيم محمود رئيس اللجنة والمنتمى إلى حزب النور مخرجا سوى تأجيل حسم هذه المادة لمدة 4 أيام لحين الوصول إلى حل وسط.
كما أكد الدكتور عبد العظيم محمود رئيس الجنة القوى البشرية والإدارة المحلية أن اللجنة لن تمر أى مواد أو تعريفات تهدد القانون بعدم الدستورية، خاصة أن أعضاء اللجنة المنتمين إلى حزب الحرية والعدالة، لم يبرر إصرارهم على بقاء "مصطلح"، "الهيئة الجامعة"، حتى تساندهم اللجنة فى بقائها خاصة أنها لم تدرك فى أى قوانين سابقة، كما أن القانون لن يسير لصالح أهواء حزب معين.
أما المادة الثانية فهى رقم 3 ونصها: "تعد الأموال التى تقوم بجمعها جميع الكيانات الأهلية المنشأة وفقا لأحكام هذا القانون، والخاضعة له من الغير، سواء على هيئة تبرع أو إعانة أو تمويل أو أموال يرخص لها فى جمعها – أموالا خاصة تخضع له الأموال العامة طبقا لقانون العقوبات.
كما يعد فى حكم الأموال العامة كل مال تتلقاه المنظمة الأجنبية غير الحكومية من الداخل والخارج، ويستثنى منها الأموال التى يقوم الكيان الأهلى المصرى، بتحصيلها من أعضائه سواء أكانت على هيئة اشتراكات أو تبرعات أو هبات أو أى صورة من صور تدعيم نشاط الكيان من أعضائه "وهى المادة الأهم بالنسبة لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين، لأنها تتعلق بأموال الجمعيات ففى الوقت الذى وضعت القوانين على أن أموال الجمعيات تخضع جميعها للرقابة من قبل الجهاز المركزى، وأبقى القانون على عدم خضوع أموال الجمعيات التى يتم تحصيلها من أعضائها سواء كانت على هيئة اشتراكات أو تبرعات أو هبات أو أى صورة من صور تدعيم نشاط الكيان من أعضائه، لرقابة الجهاز المركزى، وهو ما جاء مخالفا لتصريحات أعضاء لجنة القوى البشرية بمجلس الشورى والمنتمين إلى حزب الحرية والعدالة، التى أكدوا فيها أن جميع أموال الجمعية حتى المجمع من أعضائها ستكون خاضعة للرقابة، وهو ما لم يتضمنه هذا المشروع.
أما المادة الأخيرة رقم 66 ونصها: "ينشأ بالاتحاد العام للعمل الأهلى صندوق لدعم كيانات العمل الأهلى وغيرها من كيانات العمل الأهلى الأخرى، ويؤول له صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية المنشأ فى وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية طبقا لأحكام القانون 84 لسنة 2002 بما له من حقوق وما عليه من التزامات"، وهى المتعلقة بصندوق دعم الجمعيات فقد جاءت تبعيتها فى المسودة قبل الأخيرة لهذا المشروع للاتحاد العام للعمل الأهلى الذى يشكل من 30 عضوا يتم تعيين 11 منهم بقرار من رئيس الجمهورية، بدلا من تبعيتها إلى الحكومة والممثلة فى وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية وهو المقترح الذى رفضته الوزارة، التى كانت معنية به، ليصبح الصندوق هو الآخر مسخرا لخدمة الجماعة، خاصة أنه لن يستطيع أحد أعضاء الاتحاد المعينين مخالفة رغبات رئيس الجمهورية فى خدمة جماعته وهو الذى قام بتعيينهم ومن بينهم مدير جمعية الإخوان المسلمين محمد عثمان عاكف، بخلاف الأعضاء المنتخبين من الجمعيات. إلا أن الدكتور عبد العظيم محمود رئيس اللجنة أكد أن تشكيل هذا الاتحاد لن يستمر أكثر من سنة، خاصة أن كل شىء له علاقة بهذا القانون سيوفق أوضاع خلال عام من إصدار القانون الجديد، وهو ما يعنى أن عدم معرفة أهداف الحرية والعدالة بوضع هذا الصندوق ضمن أعمال الاتحاد العام لن يظل أكثر من سنة خاصة وأن جميع أعضاء الاتحاد سيكون بعد ذلك بالانتخاب جميعهم ولن يتم تعيين أحد.
"الإخوان" تحمى أموالها بـ 3 مواد فى قانون الجمعيات الأهلية.. مشروع الشورى يمنع رقابة المركزى للمحاسبات على أموال تبرعات الأعضاء.. و"النور": لن نسمح بصياغة القانون وفقا لأهداف حزب معين
الثلاثاء، 30 أبريل 2013 01:34 م
مجلس الشورى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد دياب
"الإخوان" تحمى أموالها