«مصر رايحة على فين».. سؤال مازال مطروحًا بالرغم من مرور أكثر من عامين على ثورة يناير، وهو نفس السؤال الذى ظل مطروحا قبل رحيل مبارك، واستمر طوال مرحلة انتقالية تحت إدارة المجلس العسكرى، شهدت مصادمات وأخطاء، وصراعات، ولا يزال مستمرًا بعد تسلم الرئيس مرسى للسلطة فى أول انتخابات بعد الثورة، هناك حالة صدام وخصام بين السلطة ممثلة فى الرئيس وحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان من جهة، وبين المعارضة ممثلة فى جبهة الإنقاذ والأحزاب من جهة أخرى، وامتد الانقطاع إلى حزب النور الذى كان قريبًا وحليفًا للإخوان، هناك اتهامات للرئيس بالتملص من عهوده، واتهامات للمعارضة برفض أى حوار، والنتيجة انسداد سياسى، وطرق مسدودة، تنتهى بمظاهرات ومصادمات واتهامات متبادلة، والنتيجة أزمة.
لدينا أزمة فى الأمن، وفى الاقتصاد، وفى الإعلام، والقضاء، تكشف عن أزمة سياسية، تتمثل فى غياب التواصل والمبادرة، وتصل إلى التصادم والطرق بلا رجعة، هذه الأزمات التى تتصاعد كل يوم، والأفق الذى يبدو بلا مخرج. الأمر كله يبدأ وينتهى عند السياسة ومدى القدرة على طرح مبادرات ومد خيوط مع المعارضة وفتح أبواب أوسع لحوارات سياسية تنتهى إلى حل، بدلا من الطريق المسدود.
الاستفتاء على تعديلات «لجنة البشرى» نقطة البدء فى الصراع السياسى ودستور «جمعية الغريانى» زاد من الأزمة.. والقضاء أبطل تشكيل «مجلس الشعب» ومرسى حصن «الشورى» من الحل
5 مرات توجه فيها المصريون إلى صناديق الاقتراع ما بين انتخابات برلمانية ورئاسية واستفتاءات دستورية خلال عامين من عمر ثورة 25 يناير، وتبدلت ما بين هذه الاستحقاقات المواقف حتى انتهى الحال إلى انقسام واستقطاب حاد بين القوى التى خاضت معا معركة الثورة ضد النظام السابق وانقلبت بفعل ما جرى فى الصناديق لتخوض المعارك الطاحنة ضد بعضها البعض، حتى بدا وكأن ما يجرى فى الانتخابات هو تصويت على تقسيم المصريين وزيادة الفرقة بين القوى السياسية المختلفة.
فى الاستحقاقات الانتخابية التى جرت كانت مصر «الشعبية» تتحسس طريقها نحو الديمقراطية، فيما مصر «الحزبية» تصارع نحو احتلال المقاعد، لتتسع الهوة فيما بين الطرفين، لكن نقطة البدء فى الخلاف كانت مع استفتاء مارس 2011 على تعديلات دستورية وضعتها لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة السابق المستشار طارق البشرى، ليتعمق الخلاف مع الاستفتاء على الدستور الجديد الذى وضعته الجمعية التأسيسية برئاسة المستشار حسام الغريانى.
فى الانتخابات البرلمانية «الشعب والشورى» تصدرت الأحزاب الإسلامية النتائج وحصل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على 161 مقعدا فى المرحلتين الأولى والثانية لانتخابات مجلس الشعب، فيما حصل حزب النور «السلفى» على 82 مقعدا فى المرحلتين، ليبلغ بذلك عدد المقاعد التى حصل عليها الإسلاميون 243 مقعدا من إجمالى 336 مقعدا للبرلمان فى المرحلتين بنسبة %72، ليصدر فيما بعد قرار من المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، وهو القرار الذى أثار شرخا فى العلاقة بين الإسلاميين من جهة والقضاء من جهة أخرى .
فى انتخابات الرئاسة كانت الصراعات التى لا تزال تدفع مصر ثمنها، ففى جولتها الأولى شهدت الانتخابات الرئاسية منافسة بين 13 مرشحا ينتمون لقوى سياسية مختلفة، وفى جولتها الثانية «الإعادة» انحصرت المنافسة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى، وبين الفريق أحمد شفيق المحسوب على النظام السابق، لتعلن لجنة الانتخابات فى النهاية حسم مرشح الإخوان المنافسة لصالحه بنسبة %51.73، ولتبدأ مرحلة جديدة من الصراع، منذ وصوله إلى سدة الحكم كأول رئيس مدنى منتخب لمصر، اتخذ الرئيس الدكتور محمد مرسى العديد من القرارات التى رأى مراقبون أنها زادت من دوامة الصراع السياسى فى البلاد بما حملته من انحياز واضح للفريق السياسى الذى ينتمى إليه، فأولى القرارات المثيرة للجدل كانت عودة مجلس الشعب - ذى الأغلبية الإسلامية - للانعقاد على الرغم من صدور حكم من الدستورية العليا بحله، ثم تواصلت القرارات الخلافية بتشكيل تأسيسية الدستور وإصدار إعلان دستورى لتحصين التأسيسية والشورى من الحل، ثم الدعوة للاستفتاء على الدستور الجديد على الرغم من إجماع القوى السياسية على رفضه.
الرئيس مرسى واصل قراراته «الانتخابية» المثيرة للجدل بإجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة فى شهر ابريل 2013، وهو ما رفضته القوى السياسية، وعلى رأسها «جبهة الإنقاذ»، وأعلنت عدم مشاركتها فى الانتخابات، لتنهى محكمة القضاء الإدارى هذا الجدل «مؤقتا» بإصدارها حكما ببطلان القرار الرئاسى، وهو ما طعنت عليه مؤسسة الرئاسة.
موضوعات متعلقة:
فى انتظار «الطابور» السادس
"جبهة الإنقاذ".. عبد الغفار شكر: ضمانات النزاهة شرط المشاركة فى الانتخابات
"الحرية والعدالة".. أحمد سبيع: الانتخابات البرلمانية.. الاختبار المنتظر!
رايحين على فين.. انتخابات الثورة.. التصويت على انقسام مصر
الأربعاء، 03 أبريل 2013 11:45 ص