قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر وأحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس بإلزام الحكومة بأن تؤدى لمواطنين أحدهما كان معتقلاً والآخر كان محبوساً احتياطياً أجرهما الأساسى كاملاً وملحقاته اللصيقة به كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل والحافز الشهرى وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء والمقرر جميعها للمعتقلين سياسيا والمحبوسين احتياطيا حال حصولهم على حكم بالبراءة والمستمر حرمانهما منه حتى الآن وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الحكومة المصروفات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن القضاء الإدارى صان حقوق الإخوان المسلمين منذ 61 عاماً فلا يجوز أن يتجرع المعارضون السياسيون فى عهدهم من ذات الكأس ولأن كان القضاء الإدارى فى أحكامه الأولى الصادرة عام 1952 قد بسط جناح الرحمة والعدل وأطل بشعاع من نور الأمل ليرسى مبدأ سيادة القانون فى الدولة المصرية ضد طغيان السلطان فاستقر على أن مجرد الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد صدور قرار بحلها آنذاك لا يعد بذاته عملاً غير مشروع ولا يبرر للسلطة القائمة حينئذ اعتقالهم وبالتبعية حرمانهم من رواتبهم أو فصلهم.
كما أن الحبس الاحتياطى كوسيلة لسلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق لا يؤدى إلى حرمان الموظف من راتبه حال حصوله على حكم بالبراءة فإنه مما يدمى العدالة حقا ويؤذيها صدقا أن يتجرع المواطنون المعارضون بسبب أرائهم ومعتقداتهم من ذات الكأس بعد أن اعتلى النظام الحاكم الجديد فى عهدهم سدة الحكم فى البلاد اثر هبة الشعب بكل أطيافه وطوائفه فى 25 يناير 2011 طالبا الحرية التى هى ملاك الإنسانية كلها فلا تخلقها الشرائع بل تنظمها ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها تحقيقا للخير المشترك للمجتمع ورعاية للصالح العام، وما كان من الجائز أن يستمر حرمانهم من رواتبهم ومورد رزقهم فى ظل النظام الحاكم الآن وإن كان الحرمان قد نشأ فى ظل النظام السابق، ومن ثم فلا يجوز أن ينقلب الحال فى تقرير الحق فذلك أضحى من المحال، فلا يحرم موظف من راتبه وملحقاته بسبب اعتقاله سياسيًا أو حبسه احتياطيا حال حصوله على حكم بالبراءة بما يؤدى إلى التقطير فى الأرزاق وهو ما لا يطاق مما يتنافى مع ابسط قواعد العدالة ومبادئ الدستور والقانون.
وأضافت المحكمة فى حكمها التاريخى، أنه طبقا للمواثيق الدولية فان الموظف العام بوصفه مواطنا يسرى عليه ما يسرى على سائر المواطنين فيتمتع بمبدأ حرية اعتناق الفكر السياسى الذى يختاره طالما أن هذا الفكر لا يؤثر على حسن سير المرفق العام أو يفقده حسن سمعته ,فمن حق الموظف إبداء رأيه فى المسائل العامة ذات الصبغة القومية فوفقا للمادة 55 من الدستور الجديد فإن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى وله أن ينضم إلى التنظيم السياسى المشروع الذى يعتنق برنامجه دون أن تتخذ الإدارة من مسلكه هذا سببا للإضرار به، فلا يجوز أن يكون الالتحاق بالوظائف العامة سببا للحرمان من ممارسة الحقوق الدستورية، فقد حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة على كفالة حرية الرأى والاعتقاد للمواطنين ,وبهذه المثابة فان القضاء الإدارى بات حامياً للحرية الفكرية للموظف العام بما يقتضيه ذلك من تقرير الضمانات التى تقررها أولى المبادئ القانونية التى تكفل له الاطمئنان إلى راتبه ومصدر رزق أسرته وتوفير الاستقرار فى عمله مادام لم يثبت فى حقه ما يشوبه أو يؤثمه والقول بغير ذلك يجافى روح القانون وينحرف به عن أهدافه ويتخطى الحكمة التى سعت إلى تحقيقها جماهير الشعب عندما هبت فى ثورة 25 يناير 2011 للقضاء على الفساد واستئصال شوكته والتخلص من أسباب.
القضاء الإدارى بالإسكندرية يقرر صرف رواتب المعتقلين سياسياً والمحبوسين احتياطياً.. والمحكمة: القضاء صان حقوق الإخوان المسلمين منذ 61 عاماً فلا يجوز أن يتجرع المعارضون السياسيون فى عهدهم نفس الكأس
الأربعاء، 03 أبريل 2013 04:51 م