فى لقاء خاص لـ"اليوم السابع" من غرفة صنع "الدمى": السمسمية "زفت" المندوب البريطانى حتى باب الميناء عام 1925.. وأهالى بور سعيد يحرقون "الدمى" فى احتفالات الربيع تعبيرا عن رفض الفساد والظلم

الإثنين، 29 أبريل 2013 11:49 ص
فى لقاء خاص لـ"اليوم السابع" من غرفة صنع "الدمى": السمسمية "زفت" المندوب البريطانى حتى باب الميناء عام 1925.. وأهالى بور سعيد يحرقون "الدمى" فى احتفالات الربيع تعبيرا عن رفض الفساد والظلم (دمى هذا العام – صانع الدمى)
بورسعيد – أحمد المصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقب ثورة 1919 أوفدت بريطانيا مندوبا ساميا لها إلى مصر يدعى الجنرال "أدموند اللنبى" ظل فيها لمدة ست سنوات عرف خلالها ببطشه بالمصريين وكانت سمعته تسبقه بما فعله مع أهل الشام وشيوخ القدس عندما كان قائدا لحملة بلاده هناك.

ومن هذا المنطلق تولد كره أهل منطقة القناة للجنرال البريطانى، وفى بورسعيد اعتادوا حرق دمية مصنوعة من القماش تمثل اللنبى فى يوم شم النسيم تعبيرا عن ظلمه وتنكيله بالمصريين.

ويقول المؤرخ البورسعيدى ضياء الدين القاضى إن الفراعنة كانوا يحتفلون بشم النسيم وكان المصريون يأكلون – الفسيخ - فى هذا اليوم تقديسا لنهر نيلهم الذى منحهم الحياة كما يعتقدون.. ويتفاءلون بالبيض الملون رمز التجديد فى الحياة ويقبلون على - شم البصل الأخضر - وهو مشقق لطرد الأرواح الشريرة من أجسامهم ويجمعون الخص تقربا لألهتهم وفقا لمعتقداتهم.

وقال القاضى إن المصريين توارثوا هذه العادات على مر العصور حتى وصلت إلى بورسعيد مع بدء حفر قناة السويس فى 25 أبريل 1859.

وكانت مجموعات من اليونانيين يشاركون المصريين حفر قناة السويس وكان المصريون يشاركون اليونانيين الاحتفالات بشم النسيم، كما كانوا يشاركونهم عادة يونانية يحرقون فيها دمية مصنوعة من القش تسمى "جوادس" ترمز عندهم لإله الشر والعنف.

وعندما ألقى اللورد اللنبى القبض على سعد زغلول عقب اندلاع ثورة 1919 وقرر نفيه وآخرين للخارج عن طريق ميناء بورسعيد، خرج أهل المدينة لوداعه، فمنعهم بوليس المحافظة بأوامر من اللنبى، ولكن أصر الثوار البورسعيديون على العبور من الحصار بقيادة - الشيخ يوسف أبو العيلة، أمام الجامع التوفيقى والقمص ديمترى يوسف راعى كنيسة العذراء - واشتبكوا مع الانجليز وبوليس القناة وسقط يومها 7 شهداء ومئات من المصابين وكان ذلك يوم الجمعة 21 مارس 1919.

ويكمل القاضى: "أعقب تلك الأحداث موسم الخماسين فربط أهل المدينة أحداث العنف بالعادة اليونانية فصنعوا دمية كبيرة من القش حاولوا أن تكون قريبة الشبه من اللنبى، وحاولوا حرقها واعترضهم الإنجليز فعادوا فجر اليوم التالى، وحرقوها بشارع محمد على الذى يفصل بين الحى العربى والأفرنجى (العرب والشرق حاليا)، وبعد ذلك قررت بريطانيا مغادرة اللنبى الى بلاده فى 25 يونيو 1925 من ميناء بورسعيد أيضا وكان البورسعيدية فى انتظاره حتى يودعونه، وبالفعل كان وداعا من نوع خاص حيث جهز له البورسعيدية دمية كبيرة جدا مكتوبا عليها اسمه وترتدى زيه العسكرى ورتبته العسكرية، وتم حرقها وتعالت السنة النار".

وأصبحت عادة سنوية ببورسعيد حيث تجتهد مجموعات من الشباب وتتسابق فى الحصول على قطع الأخشاب القديمة والأقفاص الخشبية حتى لإشعال نيران حرق اللنبى وتتجمع أعداد كبيرة من الأهالى فجر يوم – شم النسيم - لمشاهدة حرق اللنبى بعد الطواف به فى بعض الحوارى والشوارع الجانبية وتتبارى كل مجموعة فى صنع اكبر دمية وزفها فى عربات كارو، وتنطلق مجموعات السمسمية والبمبوطية للرقص على الأنغام الشعبية ومواويل البطولات البورسعيدية والمقاومة الشريفة التى ضحت بحياتها فداءً لوطنها.

وتطورت العادة من حرق اللنبى إلى حرق دمية لكل طاغية على مدار العام، و تجسيد شخصيته فى دمية كبيرة، وسط حشود هائلة من أهالى المدينة وعلى مدار الأعوام الماضية تم تجسيد عرائس لرموز الفساد بمصر وعلى رأسها حسنى مبارك الرئيس السابق ورجاله، ويسهر العديد من البورسعيدية حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى على أنغام السمسمية ثم يتجهون إلى الحدائق العامة وشاطئ بورسعيد لقضاء نهار اليوم.

وفى شم النسيم هذا العام، ينتظر البورسعيدية تجسيد وصنع دمى للأشخاص الذين ظلموا المدينة، على مدار العامين الماضيين، وألبسوها ثوب الحزن والأسى، بداية من حادث – وصفه الإعلام – بأنه مجزرة إستاد بورسعيد – وراح ضحيته 74 شهيدا من أبناء مصر، حتى قتل 48 شهيدا من أبناء بورسعيد فى أحداث السادس والعشرين من يناير الماضى وما تلاها، ليتم حرقها على الملأ تعبيرا عن كره أهالى المدينة لأى شخص فى سدة الحكم تسبب فى ظلم بورسعيد.

ولكن ربما تختلف - هذا العام - أشكال وصفة الدمى الخشبية، التى يتم حرقها فى كرنفال بورسعيدى كل عام فى احتفالات لها خصوصية، فى موسم استقبال الربيع، وأعياد شم النسيم بمدينة بورسعيد تعبيرا عن رفض الفساد والظلم، والمنتظر إقامته مساء الخامس من مايو المقبل ليلة شم النسيم.

وقال الفنان – محسن خضير – صانع الدمى - ومن آل خضير البورسعيدى، وهو اسم العائلة المعروفة دوليا فى مجال الخط العربى، فى لقاء خاص مع "اليوم السابع" أن مسرح الدمى هذا العام سيكون بلا تشخيص لأسماء بعينها، وسوف يترك للبورسعيدية توصيف وتشخيص الدمى، كيفما تصوروا، ولكن سيكون الطابع الغالب على المسرح هو الحداد لفقد 48 شهيدا بورسعيديا أثناء أحداثها الأخيرة، وسيكون ذلك بالتعبير عن الحزن فى وضع شارة سوداء على الدمى التى ترتدى كلها ملابس جديدة، حتى يمتزج الحزن بالأمل فى مستقبل أفضل للمدينة – على حد وصفه.

وأشار إلى أن المسرح الآن يتم تجهيزه وسيتم وضع الدمى به الأحد المقبل، معربا عن أمله فى فك حالة الاحتقان بالشارع المصرى فى كل المحافظات، وأن يتجمع المصريون كلهم بمختلف اتجاهاتهم السياسية على حب مصر، التى تنتظر منا جميع الكثير، حتى تتبوأ مكانتها التى تستحقها على المستويين الإقليمى والدولى.

















مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة