نقلا عن اليومى..
«مخابرات العالم تلعب فى مصر»، جملة قالها إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى السابق، لتفتح تساؤلات حول الوضع الأمنى المصرى، خاصة بعد ثورة 25 يناير، التى أعقبها بالفعل القبض على عدد ليس بالقليل من شبكات التجسس، لكن المفاجأة أن غالبية هذه الشبكات مرتبطة بإسرائيل التى اعتادت مراقبة الوضع المصرى عن قرب، لذلك لم يكن غريبا أن تقول صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن تل أبيب عقدت على مستوى صناع القرار الإسرائيلى سلسلة طويلة من الجلسات لمناقشة التقديرات الخاصة لما يحدث فى الشارع المصرى، لافتة إلى أن هذه الجلسات حضرها أعضاء مجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية وكبار ضباط هيئة الاستخبارات العسكرية وجميع الجهات والمراجع المختصة فى تقديرات الموقف.
الدكتور منصور عبدالوهاب، المتخصص فى شؤون الصراع العربى الإسرائيلى، قال بعد ثورة 25 يناير ولدت حالة «تخوين» بين النخبة السياسية التى تتصدر المشهد السياسى الآن، وهذا أسهم بشكل كبير فى أن تدس إسرائيل جواسيس لها داخل مصر، خاصة أن القاهرة تربطها اتفاقيات تعاون مشترك مع أجهزة مخابراتية غربية، وهذا التعاون لا يمنع إسرائيل من الحصول على أى قدر من المعلومات قد يفيدها فى الصراع المستقبلى مع مصر، موضحا أنه على الرغم من التعاون الأمنى العسكرى بين مصر وإسرائيل، إلا أن الجانبين يعيان جيدا أنهما ليسا صديقين، وكل طرف يتوقع نشوب حرب مع الطرف الآخر، سواء كانت عاجلة أم آجلة.
وعلى الرغم من اكتشاف الأجهزة الأمنية المصرية أكثر من 4 حالات تجسس لصالح إسرائيل بعد ثورة يناير، إلا أن الدكتور منصور يؤكد أن مصر لم تتحول إلى مرتع لأجهزة المخابرات الغربية يصولون ويجولون فيها كيف يشاءون، موضحا أن الأمر يتعلق بأن إسرائيل دائما التى تتوقع نشوب حرب مع مصر، ولكن ذلك على المستوى البعيد وليس الآن، لذلك دائما ما تعد إسرائيل العدة لهذه الحرب، ومن الضرورى أن تواصل الدولة الصهيونية تجسسها على مصر.
وتابع منصور: على الرغم أيضا من ضبط أكثر من شبكة تجسس على أرض مصر تعمل لصالح إسرائيل بعد ثورة 25 يناير، إلا أنها قضايا لم تعد بخطورة القضايا المخابراتية التى تم اكتشافها فى فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، كقضية عزام عزام وقضية عودة الترابين الذى مازال محبوسا فى مصر وتفاوض الحكومة الإسرائيلية نظيرتها المصرية لإطلاق سراحه، مشيرا إلى أن قضايا التجسس التى اكتشفت بعد الثورة أقل خطورة عن مثيلاتها قبل الثورة ولا سيما أن قضية الجاسوس الأردنى الذى كان يعمل بإحدى شركات الاتصالات للهواتف المحمولة هى أخطر قضية تجسس على مصر تم اكتشافها بعد الثورة وحتى الآن.
وينوه عبد الوهاب أن الأجهزة الأمنية واعية جدا لمثل هذه الأنشطة التجسسية التى تمارس على أرضنا، لكن الأخطر الآن فى حالات التجسس هو دخول عناصر مخابراتية أو بحثية علمية إسرائيلية إلى مصر عبر قنوات علمية، فهذه العناصر دائما ما تدخل مصر على أنها جنسيات أمريكية أو فرنسية، ولكنها فى الأصل صهيونية، وللأسف الشديد نجدهم يحاضرون فى جامعات مصر المختلفة، ومن هنا تبدأ الخطورة الحقيقية ألا وهى نقل ما يريدون توصيله من حقائق مزيفة إلى عقول الشباب لإثارة تعاطفهم نحو قضيتهم، كما أن ما يدور من حوارات عبر مواقع التواصل الاجتماعى بين عناصر علمية إسرائيلية قد تتبع جهاز الموساد أو الشاباك، وجهاز الأمن العام الإسرائيلى، وطلاب مصريين يدرسون اللغة العبرية يمثل خطرا كبيرا على إمكانية تجنيد عناصر مصرية دون علمهم لصالح إسرائيل، واختراق عقولهم بمفاهيم تساعد على ضياع القيم القومية المصرية والعربية مقابل ترسيخ الحق الإسرائيلى فى المنطقة، لدرجة أن بعض الطلاب المصريين قالوا: «يعنى الإسرائيليين يروحوا فين.. دى أرضهم والقدس عاصمتهم!». من جهته، يرى الدكتور محمد مجاهد الزيات، مدير المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أنه على الرغم من حالة الانفلات الأمنى السائدة فى عموم مصر فإن جهاز المخابرات العامة المصرية مازال متماسكا كما هو قبل الثورة، وبنفس الجدية فى التعامل مع قضايا التجسس لكن الانفلات الأمنى سمح بدخول العديد من العناصر التابعة لأجهزة مخابرات غربية وإسرائيلية لدراسة الأوضاع فى مصر بعد انهيار النظام السابق.
وتابع الزيات: من الطبيعى أن يكون لأجهزة مخابرات دول عديدة امتداد فى مصر بعد ثورة 25 يناير، كما أن هناك دولا لم يكن لها نشاط استخباراتى على أرض مصر من قبل، لكنها اشتركت فى هذا النشاط بعد الثورة مثل إيران، مضيفا: «على الرغم من اكتشاف الأجهزة الأمنية لعدد من شبكات التجسس فى مصر بعد الثورة فإنه لم يتم الكشف حتى الآن عن قضية دخل (الخط الأحمر) فكل هذه القضايا التجسسية عبارة عن محاولات لجمع المعلومات من داخل مصر، وفى نفس الوقت هناك تطور تقنى داخل أجهزة المخابرات المضادة لكبح جماح هذه الشبكات».
ويكمل الزيات: «لكن أستطيع أن أجزم أن سيناء بها امتداد لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، وهناك عناصر صهيونية تتابع أداء الجيش المصرى والتنظيمات الجهادية داخل سيناء».
من جهة أخرى، يؤكد الدكتور طارق فهمى، رئيس وحدة الشؤون الإسرائيلية بمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، إن مصر تحولت إلى مرتع لعملاء الموساد بعد اندلاع ثورة 25 يناير، حيث إن أجهزة المخابرات فى دول العالم تتجه إلى تحديث قاعدة بياناتها الاستخباراتية فى حالة التغيير الثورى أو تغيير الأنظمة، كما أن ما يتم الإعلان عنه من قضايا تجسس يتم اكتشافها يكون وفقا لقرار سيادى، بمعنى أنه قد تكون هناك قضايا تجسس أخرى لم يعلن عنها طبقا لهذا القرار السيادى والمتعلق بسياسات معينة بين دول العالم، إلا أن الأجهزة السيادية فى مصر رغم أدائها المتميز بعد الثورة فإنها مكبلة ولم تمارس عملها بصورة كاملة نتيجة للضغوط السياسية التى تفرض عليها وهجوم بعض الجهات السياسية على أدائها، وهذا بالطبع يؤثر على أدائها.
رسالة إسرائيلية لمصر: مخابرات العالم تلعب عندكم القبض على أربع شبكات تجسس إسرائيلية وواحدة إيرانية فى عامين
الإثنين، 29 أبريل 2013 04:26 م