أفتى عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بالإضافة إلى تجديد دار الإفتاء المصرية، فتواها بخصوص تهنئة المسلمين للمسيحيين بأعيادهم، حيث أجمعوا على جواز التهنئة، وذلك ردًا على الجبهة السلفية بمطالبة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، باستفتاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ردًا على الدعوة التى أرسلتها الكنيسة لمؤسسة الرئاسة والرئيس د. محمد مرسى لحضور قداس عيد القيامة المجيد.
وقالت الجبهة فى بيان لها: "إن الثابت فى عقيدة أهل السنة أن الذهاب للكنائس "غير محرم"، مؤكدة أنه لا يجوز لمسلم المشاركة فى تهنئة غير المسلمين فى أعيادهم الدينية أو حضور القداس الذى يقام داخل الكنائس لما يحدث فيه من أمور "شركية تخالف عقيدة المسلمين".
وردًا على ذلك قال الدكتور القصبى زلط، عضو هيئة كبار العلماء، إنه عندما ننظر إلى الإسلام نرى أنه لا يمنع من تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، خاصة عندما يكونون شركاء فى الوطن، فالمواطنة تعنى أن تجتمع الناس فى مكان واحد ويتنفسون هواءً واحدًا ويشربون من ماء واحد ويشعر كل واحد تجاه الآخر بأنه يحيا فى بلده فإذا كانت العقيدة مختلفة فالمواطنة تجمعهم.
وأضاف لليوم السابع: وقد كان المسلمون فى العصر الأول يتعاملون مع غير المسلمين بهذه الصورة وبهذا الأسلوب فنرى كما تحكى كتب التراجم والسنة أن بعض الصحابة كانوا يسيرون فى جنازة غير المسلم وأن الصحابة إذا كانوا لهم جار غير مسلم وكانت عنده وليمة "ذبيحة" يسأل أهل بيته هل أهديتم إلى جارنا اليهودى، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى جنازة وقام لها قال بعض الصحابة له إنها جنازة يهودى فقال عليه الصلاة والسلام أليست نفسًا.
وتابع: ثم ما الدليل الذى يتمسك أو يستدل به من يمنع أن يشاطر المسلم غير المسلم أو أن يشاطره بالتهنئة فى عيده أو فى أعيادهم إذا فى الأصل الإباحة ولا يوجد تحريم من وجهة نظرى، متسائلاً هل هناك نصًا بمنع هذه الزيارة؟ فمن وجهة نظرى، على مؤسسة الرئاسة أو على الرئيس أن يشارك أو يهنئهم بأعيادهم، فتلك لفتة طيبة تصدر من رئيس مسلم تبين أن الاختلاف العقدى لا يؤثر فى المواطنة ولا ينتقص من شأنها وأن الجميع تحت رئاسته ومن جملة رعيته والرسول صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك يوم وقف لجنازة اليهودى وكذلك علمنا الصحابة عندما شاركوا فى تشيع جنازة غير المسلمين ثم لماذا التفرقة، وهل التهنئة تعنى تغيير الإنسان لدينه إنها مجاملة تثير الحب فى النفوس وتبين أننا أخوة فى الإنسانية.
إلى ذلك قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، باعتباره أنه رئيس البلاد فلا مانع فى أن يجاملهم فى أعيادهم، وكل يعتقد ما عنده، فلا مانع من الذهاب انطلاقًا من قوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين".
وأضاف أنه من البر بهم تحيتهم والسلام عليهم والإحسان إليهم والتهنئة بأعيادهم، وبالنسبة لحضور الرئيس والتهنئة بأعيادهم فلا مانع انطلاقًا من "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته، قال وحسبت أنه قد قال والرجل راع فى مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته"، فرئيس البلاد مسئول عن رعيته.
من جانبها جددت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فتواها أنه يجوز تهنئة غير المسلمين فى عيدهم بألفاظ لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، فالوصل، والإهداء، والعيادة، والتهنئة لغير المسلم من باب الإحسان، وقد أمرنا الله، عز وجل، أن نقول الحسنى لكل الناس دون تفريق، قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]، وأمرنا الله بالإحسان دائمًا، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90]، كما أن الله لم ينهَنا عن بر غير المسلمين، ووصلهم، وإهدائهم، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال البر بهم، قال تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} [الممتحنة :8].
فكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدايا من غير المسلمين، فقد ثبت فى صحيح السنة ما يفيد التواتر أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قبل هدية غير المسلمين، ومن ذلك قبوله لهدية المقوقس عظيم (القبط) المصريين، وورد عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، قال: «أهدى كسرى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل، وأهدت له الملوك فقبل منها» [أخرجه أحمد فى المسند والترمذى فى سننه].
وقد فهم علماء الإسلام من هذه الأحاديث أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مستحبة، لأنها من باب الإحسان، وإنما لأنها سنة النبى صلى الله عليه وسلم.. يقول السرخسى بعد ذكر إهداء النبى، صلى الله عليه وسلم، المشركين شيئًا: والإهداء إلى الغير من مكارم الأخلاق، وقال صلى الله عليه وسلم: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فعرفنا أن ذلك حسن فى حق المسلمين والمشركين جميعاً [شرح السير الكبير 96/1].
ردًا على الجبهة السلفية بتحريم تهنئة مرسى للمسيحيين بعيدهم..القصبى زلط: لا يوجد نص بالتحريم.. مهنى: مرسى راع ومسئول عن رعيته ولا مانع من حضور القداس.. الإفتاء: يجوز تهنئتهم بألفاظ لا تتعارض مع عقيدتنا
الإثنين، 29 أبريل 2013 05:16 ص