دقت الساعة معلنة حلول العاشرة صباحاً .. لقد مر حتى الآن نصف ساعة.. ثلاثون دقيقة كاملة، وهذا التوتر يعتصره.. يتأمل فى وجوه من حوله من رجال ونساء وحتى الأطفال.. لقد أشبعهم بنظراته.. هناك من ترى الوجوم كاسياً وجهه وهناك أيضاً من ترى اللامبالاة تغمره.. مشاعر متناقضة تملأ المكان.. اقتربت تلك السيدة المسنة وربتت على كتفه وقالت فى مودة "إن شاء الله خير".
تأمّل ذلك الباب الموصد أمامه فى أمل وشغف وترقّب.. هامساً لنفسه "يا رب".
نظر فى ساعته فى نصف الساعة تلك ما يقترب من السبعين مرة .. سار جيئةً وذهاباً كثيراً.. لقد انتظر هذه اللحظة طويلاً.. هو الآن يريد أن يرى وليده الأول.. خلف ذلك الباب الموصد ترقد زوجته وشريكة حياته على سرير العمليات فى تلك المستشفى.. لقد عانينا كثيراً مع الأطباء داعين الله متمنين أن يرزقهما الولد الصالح.. ظلّت الذاكرة تلاعبه وتضئ له تلك الأماكن المظلمة فيها عندما لم يرد لله أن يرزقهما أطفالاً.. ظلا يطرقان أبواب الأطباء علّ أحداً يستطيع أن يجد حلا لمشكلتهما.
فُتِح الباب .. نعم فُتِح الباب الذى كان يفصله عن عائلته وها هو قادم .. ابنه الذى طالما اشتاق لرؤيته.. يأتى محمولاً على أيدى تلك الممرضة الحسناء.. وهى تمشى فى تؤدّة متوجهةً إليه.. تمد ذراعيها بالطفل الصغير.. تلقفته يداه بسرعة.. يريد أن يراه .. ها هو الآن بين ذراعيه بعد انتظار دام كل تلك السنوات.. ما أمرّها من سنوات .. دموع من كثرتها قد تملأ بئرا تنهمـرمن عينيه ... ظل يردد " الحمد لله " كثيراً .. الآن قد أصبح أباً... عبارات التهنئة تملأ أذنيه .. أعطى الوليد لجده لكى يكبّر فى أذنيه .. ونظر محدقاً فى الباب من جديد.. فقد فُتِح مرةً أخرى لتخرج زوجته الحبيبة التى طالما صبرت طوال السنوات الفائتة.. تأثير المخدر ما زال يملأ جهازها العصبى.. تأملها فى حب وحنان كبيرين.. وتناول يدها وأغرقها بداخل كلتا يديه.. الآن أصبحت أُماً... الآن تحقق الحلم.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أم وئام
لا إله الا الله
يالله شعووور جميل ووصفك اجمل