الأناضول: الفلسطينيون "يديرون" الانقسام بدلا من إنهائه

الإثنين، 29 أبريل 2013 12:14 م
الأناضول: الفلسطينيون "يديرون" الانقسام بدلا من إنهائه أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلتقط أعين الكاميرات ابتسامات المتحاورين، وضحكاتهم المتبوعة بتصريحات التفاؤل بأن "المصالحة الفلسطينية" سترى النور قريبا.

وتطير البيانات الصحفية التى تسرد كواليس الأجواء الإيجابية بين حركتى "فتح" و"حماس"، وقبل أن يجف حبر الكلمات، إذا بصورة أخرى لخبر عنوانه "التراشق الإعلامى" و"تبادل الاتهامات" يحتل الشريط العاجل على الشاشات.

هذا المشهد الذى تكرر وبذات التفاصيل عدة مرات فى الأشهر الأخيرة دفع مراقبون ومحللون فلسطينيون، إلى رسم نهاية لسيناريو هذه الأحداث بخاتمة تقول إن الفصيلين الفلسطينيين الأكبر يعملان على "إدارة الانقسام لا إنهائه".

من جهته، اعتبر طلال عوكل المحلل السياسى والكاتب فى صحيفة "الأيام" التى تصدر فى الضفة الغربية المحتلة، أن "المصالحة ما تزال بعيدة المنال"، وتابع "أرى المستقبل أكثر من مأساوى، كنا فى السابق نتحدث عن إرادة ونوايا لتحقيق المصالحة، اليوم واضح أن الطرفين لا يريدان المصالحة.. وأننا ذاهبون إلى المجهول".

والسبت، انتقدت حركة حماس، دعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس إلى بدء مشاورات تشكيل الحكومة الانتقالية، معتبرة هذه الدعوة "منفردة" و"انتقائية".

وفى تصريح سابق للأناضول قال فوزى برهوم الناطق باسم حماس، إن "دعوة عباس للبدء بمشاورات تشكيل الحكومة جاءت منفردة ودون مشاورات مع الفصائل الفلسطينية، أو الجانب المصرى الراعى لاتفاق المصالحة".

وكان الرئيس الفلسطينى قد أعلن ظهر السبت أنه قرر بدء مشاوراته لتشكيل حكومة التوافق الوطنى.

وقال فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" إن "هذا سيكون وفقًا لإعلان الدوحة، وتنفيذًا للجدول الذى أقرته القيادة الفلسطينية فى اجتماعات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، التى انعقدت فى القاهرة يوم 8 فبراير الماضى".

وتوقفت جولات الحوار الوطنى الفلسطينى أواخر فبراير الماضى بعد أن أعلنت حركتا "فتح" و"حماس" عن تأجيل لقاء كان مقررًا بينهما يوم 26 فبراير فى القاهرة؛ وذلك بعد أن نشبت مشادة كلامية بين رئيس وفد "فتح" إلى حوار المصالحة عزام الأحمد، ورئيس المجلس التشريعى الفلسطينى (البرلمان)، والنائب عن "حماس"، عزيز الدويك، فى ندوة عُقدت فى رام الله تبادلا خلالها الاتهامات بين الحركتين.

وعلى هذا الواقع يعلق عوكل قائلا "إن الحركتين فى طريقهما لإدارة الانقسام وليس إنهاءه".

واستدرك قائلا "الشواهد على الأرض تؤكد أننا أمام إدارة لهذا الانقسام، فتح اليوم فى غزة لا تعانى كمعارضة، وكذلك حماس فى الضفة، هناك تنسيق فى مجال التعليم، الصحة، الأمر بات أشبه بالتعايش".

وأوضح أن "الموازنات المالية، وإدارة المؤسسات الحكومية والأمنية، وغيرها مما يحتاج إلى إعادة هيكلة وتوحيد، تقف فى طريق تحقيق المصالحة".

وتابع "بعيدا عن البرامج السياسية للحركتين، بات الفعل فى وادٍ، والواقع فى وادٍ آخر".

وكانت حركتا (فتح) و(حماس) قد توصلتا إلى اتفاقيتين للمصالحة الأولى فى مايو 2011 برعاية مصرية، والأخيرة فى فبراير 2012 برعاية قطرية، لتشكيل حكومة موحدة مستقلة برئاسة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، تتولى التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية، إلا أن معظم بنودهما لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.

وما من شيء بإمكانه إقناع الشارع الفلسطينى بأن ما يتم الاتفاق عليه لن يكون مختلفا عما سبقه من اتفاقيات، بحسب ما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة.

وشدد أبو سعدة فى حديثه لمراسلة الأناضول على أن "تكرار مسلسل المصالحة دون نتائج واضحة وملموسة يدفعنا لمشهد أخير هو إدارة الانقسام.. ولا يمكن للحركتين الحديث عن هذه الحلقة الأخيرة فى المشهد -بحسب أبو سعدة- لكن ستبقى النغمة الوحيدة أمام الشعب, هى ترديد المصالحة وقرب تحقيقها على أرض الواقع, لكن فعليا ما يجرى الآن ولاحقا هو إدارة الانقسام ..اليوم غزة كأنها دولة, والضفة كأنها دولة فى كل التفاصيل.. وأمام تأجيل معظم الملفات المهمة، وكافة التواريخ فإن أقصى ما يمكن أن تحققه حماس وفتح هو إدارة الانقسام لا إنهاءه"، حسبما رأى الكاتب ومدير مركز "بدائل" للإعلام والدراسات فى رام الله، هانى المصرى.

وقال المصرى للأناضول "إدارة الانقسام بالطبع ليس أفضل شيء يمكن تحقيقه، بل يمكن أن تكون أسوأ ما يمكن لأنها تساعد على استمرار الانقسام وربما تعميقه، لكن هذا المشهد هو الختامى لمسلسل المصالحة"، ولفت المصرى إلى أن "إدارة الانقسام وليس إزالته تبدو صيغة التفاهم الأقرب بين الحركتين، واضح أن حماس وفتح تجتمعان للتباحث حول إدارة الانقسام, مقابل أن يمضى كل طرف فى تحقيق أهدافه".

ويسود الخلاف بين حركتى فتح، وحماس، من حيث المرجعيات الأيدلوجية (علمانية- إسلامية)، والنهج المتبع لحل القضية الفلسطينية (المفاوضات وعملية السلام- المقاومة المسلحة) منذ قرابة ربع قرن، لكنه انعكس على الأرض فعليا عقب فوز حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعى فى يناير 2006.

وفى يونيه 2007 وقعت اشتباكات مسلحة بين عناصر الحركتين، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

ورغم الصراع السياسى والميداني، إلا أن حكومة قطاع غزة، التى تديرها حماس، وحكومة الضفة الغربية المحتلة، التى تديرها فتح، حافظتا على درجة متدنية من التنسيق فى مجالات "التعليم والصحة، والشئون المدنية".

وكانت الحركتان قد اتفقتا فى 17 يناير الماضى خلال اجتماع فى القاهرة على "صيغة توافقية" حول الملفات التى تضمنها اتفاق المصالحة الفلسطينية، ومنها تفعيل عمل لجنة الانتخابات المركزية فى غزة والضفة، تمهيدًا لإجراء انتخابات عامة (رئاسية وبرلمانية) متزامنة، وبدء مشاورات تشكيل الحكومة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة