محمود البدرى يكتب: فطام الدولة المصرية

السبت، 27 أبريل 2013 02:41 ص
محمود البدرى يكتب: فطام الدولة المصرية صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أروع ما قاله الشعراوى: "من لا يملك قوته من فأسه لا يملك قراره من رأسه"، هذه المقولة الخالدة لخصت بإيجاز وإعجاز وإنجاز شديد ما توصلت اليه العقول الجبارة المفكرة بعد كثير من السنين والأبحاث والدراسات لتكشف الأساس الذى تقوم عليه السياسات والإستراتيجيات العالمية منذ قديم الأذل.

مخطئ من يظن أن الدول العظمى القابضة على زمام الأمور والمتربعة على عرش النظام العالمى بقديمه وجديده والمتحكمة فى مصائر الأمم وصلت إلى هذه المكانة بامتلاكها لأسلحة دمار شامل أو بوصولها إلى القمر وفقط، وإنما كان جلً اهتمامها وفى المقام الأول وقبل كل شىء وأى شىء هو السيطرة على سلة الغذاء العالمى وعلى رأسها أو قل هى كلها متمثلة فى المحصول الإستراتيجى والرئيسى للبشرية وهو القمح.

تستطيع كثير من الأمم أن تصمد طويلاً أمام نيران المدافع وقذائف الدبابات وطلقات الرصاص، إلاً أنها سرعان ما تنهار إذا واجهت حصارا اقتصاديا أو منع عنها كسرة الخبز، وكثيراً من الثورات التى مرت عبر أحداث التاريخ وطياته كانت بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، فهى وفقط المحرك الأساسى للشعوب وأساس استقرارها، لذلك فقد انحنت الرقاب وخفضت الرؤوس ودهست الكرامة وحبست الإرادة عندما تمت السيطرة على محصول القمح العالمى، ولهذا وجدنا دولاً عظمى تتوسع بشدة فى زراعته وتتحكم فى نسب توزيعه وأسعاره طبقاً للفائدة السياسية المرجوة ثم تتخلص من كميات كبيرة منه فى المحيط برغم من انتشار المجاعات فى كثير من البقاع الأرضية لتظل لها السيطرة على السياسة العالمية.

وقد حرصت القوى العالمية والإدارات المحلية التابعة على مدار السنين الفائتة أن تحافظ على تلك السياسات وأن توصى وتقوم بزراعات المحاصيل غير ذى قيمة ولا فائدة ولا وزن لها فى الميزان الاقتصادى أو العالمى دون أن تفكر فى زراعة ذلك المحصول الإستراتيجى برغم من توافر كل العوامل البيئية والدراسات العلمية التى تحقق اكتفاء ذاتياً حيث كان ذلك من المحرمات التى لا يجرؤ أحد على مجرد التفكير فيها، وقد كان ذلك سبباً فى الغضب على كل من يفكر فى ذلك الأمر ويتم استبعاده على الفور، طالما أن هؤلاء الحكام هم فى الأصل محكومين.

وفى ظل غمرة الأحداث الصادمة التى نعيشها، وتحت مظلة إعلام غلب عليه الإفساد وتشويه وجه الثورة، ودفع الناس للوصول إلى حالة الكفر بها وبكل من تُشم منه رائحة الثورة، وفى غمار إخفاء أى إنجاز يذكر حتى لو كان بسيطاً بل تحويله إلى عكسه والعمل على تعظيم وإبراز كل نقيصة وصغيرة، طالعتنا إحدى المصادر الرسمية على صفحة وزير التجارة على مواقع التواصل الاجتماعى عن الوصول إلى 10 مليون طن من ذلك المحصول الإستراتيجى فى هذا العام، وهو ما يعنى ببساطة أن مرحلة الاكتفاء الذاتى يمكن أن تكون العام القادم، وهو ما يعنى بالضرورة تحرير الإرادة المصرية بالكامل دون حاجة إلى أى غطاء أو معونة أو امتهان لأى قوى خارجية وهو ما تؤكده السياسات الخارجية لمصر بعد الثورة والتى تنطلق يميناً ويساراً دون مواربة أو خجل أو حسابات سوى المصلحة القومية للدولة المصرية والتى ظل حكامها ولعهود طويلة قريبة مرتمية تحت الحذاء الأمريكى وهو ما انعكس على كل الأوضاع الداخلية والاقليمية منها.

إن إنجازاً قد يصل إلى حد الإعجاز لم يجد طريقه لأن يُشار إليه من قريب أو من بعيد إلاً بعض الأقلام الثورية الذكية الواعية المدركة لبواطن الأمور، فوجب المشاركة فى ذلك الأمر والتنويه والتنوير له، وإبراز كل طاقة ليطل منها من ضاقت صدورهم بالثورة أو الثوار أو من ارتدوا على أعقابهم خائبين أو من مازالوا فى وهم السنين.

إن نصراً للثورة المصرية هو يقيناً حادث وقادم بإرادة الله وتوفيقه، فحدسى دائماً ودائماً ما أقول أن الله قد أراد بتلك الثورة لمصر خيرا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة