تحدثت فى مقال سابق عن حالة رومانيا - وعودة النظام القديم من خلال دفع الفلول بـ "إيون إليسكو" - ومدى قربها من الحالة المصرية، وفى هذه الحلقة أجد أنه من المناسب تناول التجربة البولندية، والتى تحدث الكثيرون عن تقاربها من الثورة المصرية من ناحية التداعيات المسببة للثورة، حيث قتل الشاعر جريجوز بيرزميك (19 سنة) فى بولندا، كما قتل خالد سعيد (28 سنة) فى مصر، ولعب الدين دورا كبيرا ففى بولندا كانت الدور الأعظم للكنيسة الكاثوليكية التى دفعت الشعب للتظاهر لإسقاط الحكم الشيوعى الدكتاتورى.
تمثلت القوى المحركة للثورة البولندية فى اتحادات نقابية عمالية كانت تعمل بشكل غير رسمى إبان النظام الديكتاتورى وكانت تعرف هذه الاتحادات بـ" المنظمات المحظورة"، كان سلاحها الإضرابات العمالية والتى أكبرت النخبة الحاكمة على إجراء انتخابات توافقية اكتسحت من خلالها المعارضة التى فاز زعيمها "ليخ فاليسا lech Walesa" برئاسة الدولة، وشهدت المرحلة الانتقالية العديد من التقلبات ضد الرئيس سواء من جانب مؤيديه أو معارضيه، خاصة فيما يتعلق بعمليتى الإقصاء والتطهير التى أدت إلى انقسام حاد فى المجتمع البولندى انتهى بالاقتصار على منع قيادات النظام السابق من العودة لممارسة العمل السياسى.
وفى حالة الانتقال من تجربة بولندا التى استمرت 20 عاماً لتدشين الديمقراطية، أود أن أوضح بأنى أختلف مع القائلين بأن التجربتين متشابهتان، فالثورة فى بولندا قامت بها نخبة عمالية يسارية منظمة لديها رؤية واضحة للمستقبل، بينما قاد الثورة فى مصر نشطاء اختفوا بعد إسقاط النظام، وقد تملق المشهد إناساً ليسوا بمنظمين أو لهم رؤية وبرنامج واضح، يلتف حوله الشعب، كما أنه من الغريب أن يرفض من يحسب على الثورة قانونا لعزل من أفسد الثورة، أيضاً كان هناك ثبات لمؤسسات العدالة والقضاء أما فى مصر فهناك صراع من الداخل والخارج يحكمه الإيديولوجية السياسية.
فى إطار متصل، أذكر زيارة رئيس وزراء بولندا الأسبق جيرزى بوزيك لمصر فى الأسبوع الأول من هذا الشهر، والذى تحدث عن أن أهم العوامل التى اعتمدت عليها بلاده فى مسارها الديمقراطى هو استقلال القضاء، ومن هنا كلفت الرئاسة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بإعداد دراسة عن التجربة البولندية للاستفادة منها، ومن هنا أتساءل هل الدفع بقانون السلطة القضائية جاء فى إطار هذه الاستراتيجية؟ وهل هى خطة لتطهير القضاء فحسب أم لتمكين عناصر إخوانية بالقضاء؟ إن كان القانون يهدف إلى أخونة السلطة وليس تطهرها، فهل كل من فوق الـ60 غير إخوانية! وهل هذا ليس حلا لما كان يعانيه المجتمع من استمرار كبار السن فى المناصب الحكومية، وعدم تمكين الشباب، وإن كان الهدف التطهير فأتمنى أن يحقق بعدالة فلا يزال القضاء يعانى تسييسا منذ عهد مبارك وكل ما نشهده الآن هو آثار سلبية، لسياساته، ولعل أسوأه أن يتصدر بعض الرموز القضائية المشهد السياسى، وأن يرتبط مكانة القضاء واحترامه بأفراد وليس مؤسسات.. إن وصول هذه المؤسسة لهذا الحد يدل على أنها فى حاجة إلى المراجعة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
جزاكِ الله خيراً !!...........يا وفاء !!...............أحسنتى !! فى عرض النموذجين ؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
دايما مقالات مبهرة
مقالاتك دايما منطقية و وجهة نظر سديدة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مقال رائع يا وفاء ولكن الاخوان عايزيين تجربه نوويه وثوره هيرروجينيه وليس شيوعيه او ماركسيه
بدون