تساءلت مجلة "فورين بوليسى" عما إذا كان الإخوان يتخذون الانتقادات الموجهة إليهم على محمل الجد؟ وعن تأثير هذا العداء للأخونة على السياسات الداخلية للجماعة؟، وذلك فى ظل تصاعد المشاعر المعادية للإخوان المسلمين داخل مصر وخارجها حيث الأداء الضعيف لحكومة الإخوان المسلمين المقرون بالغطرسة السياسية وعدم النضج اللذين تسببا فى غضب كثير من المصريين وأثار القلق بين صناع السياسيات الغربية.
ويشير خليل العنانى، أستاذ سياسات الشرق الأوسط بجامعة دورهام وزميل معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، أنه لا يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين تعبأ بالعداء المتزايد ضد حكمها، إذ إن الجماعة مشغولة بشكل رئيسى بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من السلطة للدرجة التى تجعلها غير ملتفتة للأقاويل التى تؤكد تراجع شعبيتها.
وعلاوة على ذلك، فإن الرئيس محمد مرسى يميل إلى تجاهل واحتكار أو تهديد قادة المعارضة، التى يعتقد أنها تحاول تقويض حكمه، وبالنسبة له فإنه طالما أن دعم الجماعة له باق، فلا يوجد ما يدعو للقلق، وليس من المستغرب أنه منذ توليه السلطة، لم يظهر مرسى أى فصل بين الرئاسة والجماعة، فخطابه وسياسته لا تزال ترتبط كثيرا بأيديولوجية الجماعة وقيادتها.
ويجيب العنانى على سؤاله بشأن سبب تجاهل الإخوان ومرسى للمعارضة المتزايدة لهم، وإن كان ذلك علنا، ويقول أن الإجابة تتخلص فى كلمة واحدة وهو "التصور"، فالنظر إلى المعارضة كجزء من مؤامرة عالمية ضد ما يسمونه "المشروع الإسلامى" أو كما قال محمود غزلان، المتحدث باسم الجماعة: "إن المعارضة قوة شريرة تسعى لتخريب الثورة وإقصاء الإخوان".
وبعبارات أخرى، فإن قادة جماعة الإخوان المسلمين يميلون إلى غض الطرف عن أخطائهم وتعليق فشلهم على المعارضة، فإنهم يعانون من حالة إنكار أصبحت شائعة بين الأعضاء الذين يميلون بلا خجل إلى إلقاء مشكلات مصر على المعارضة أو الأصابع والتدخل الخارجى الذى يسعى لزعزعة استقرار البلاد، كما قال مرسى مرارا وتكرارا.
غير أن العنانى يرى أن ظاهرة العداء للإخوان قد تأتى بنتائج عكسية لصالح الجماعة وقيادتها المحافظة، وبمعنى أوضح فإن استمرار الاحتجاجات قد يعزز وحدة الإخوان ويرسخ قبضة قيادتها على التنظيم إذ إن هذا هو ما حدث تحت سرد "المحنة"، حيث الشعور بالإيذاء الذى ساد صفوف تنظيم الإخوان خلال العقود الماضية ومكنهم من تحمل الضغوط.
ويضيف أنه مع مرور الوقت أصبح سرد "المحنة" جزء لا يتجزأ من طرق التلقين وعملية التنشئة داخل الجماعة، إذ سادت مصطلحات مثل "الصبر والابتلاء والتضحية داخل خطاب وأيديولوجية الإخوان، ويرى أن العنف الذى وقع أمام مقر الجماعة فى المقطم، مارس الماضى، ربما كان فرصة ذهبية لقيادتها لتغذية ذلك السرد".
ويشير أستاذ سياسات الشرق الأوسط إلى أنه فى أعقاب الثورة استبدل قادة الإخوان قمع مبارك باتهام المعارضة بالتآمر ضد حكمهم، وهى واحدة من بين العديد من التكتيكات التى استخدمها أولئك القادة للبقاء على ولاء أعضاء الجماعة والحفاظ على تماسكها خلال الأوقات الصعبة.
لذلك فعلى الرغم من وصولهم للسلطة، فإنهم لا يزالوا ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم "ضحايا" للمعارضة التى تحولت لتكون "عدو خارجى" يسعى لتقويض "مشروعهم الإسلامى"، بغض النظر عما يعينه هذا المفهوم الأخى، ومن المفارقات أن المعارضة الأقوى حاليا لحكم الإخوان تأتى من السلفيين والقوى الإسلامية الأخرى، ولكن بشكل عام فإنه من خلال شيطنة المعارضة يمكن لقيادة الجماعة أن تضمن السيطرة على التنظيم.
ونقل الكاتب عن عضو بارز بجماعة الإخوان المسلمين قوله: "الآن يخضع التنظيم بأكلمة لسيطرة المحافظين وسوف يدعم جميع الأعضاء، دون هوادة، الرئيس محمد مرسى إلى نهاية فترة ولايته".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن قادة الإخوان يحتجون باستمرار على العداء للأخونة، من أجل تجاوز الانتقادات الداخلية وتشويه الدعوات المنادية بالتغيير والإصلاح التى أثيرت بين المعارضة الشعبية، فعلى مدى العامين الماضيين، وخاصة منذ تولى السلطة قبل 10 أشهر، لم يتم محاسبة أحد من قادتها أو لومه بسبب مسئوليته عن قرارات خاطئة، بل على النقيض أصبح أعضاء الإخوان على استعداد متزايد "للسمع والطاعة"، وليس من المستغرب أن الجناح الإصلاحى داخل التنظيم تم تهميشه بشكل ملحوظ من قبل المتشددين الذين يسيطرون على الجماعة على مدى العقد الماضى.
ويختم أنه من الواضح أن الجماعة تميل إلى تطبيق نفس الآلية فى التعامل مع المعارضة العلمانية والليبرالية، بدلا من تعزيز حوار حقيقى والاستماع لمطالبهم، لكن الإخوان يعملون على محاولات تشويه قادة المعارضة، ومن المفارقة أنه بينما تعتمد المعارضة على الخطاب المناهض للإخوان لفضحهم، فإن الجماعة تستغل هذا الخطاب للحفاظ على السلطة والتماسك التنظيمى.
فورين بوليسى: تصاعد المشاعر المعادية للإخوان.. والجماعة تعلق فشلها على المعارضة وتسعى لشيطنتها.. وقيادتها المتشددة تهمش المعارضين مثلما فعلت مع التيار الإصلاحى داخلها
السبت، 27 أبريل 2013 12:30 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة