الأمر لم يعد سرا، فهناك جهات محلية أصبحت تمارس هذا الفعل المشبوه، هذه ليست مجرد كلمات لوصف وضع، شئنا أم أبينا أصبح قائما بل هو اعتراف رسمى من وزير الداخلية الليبى عاشور شوايل، بتنصت جهات معروفة، وغير معروفة، على هواتف كبار المسئولين فى الحكومة الانتقالية الليبية، التى يترأسها الدكتور على زيدان، لتنتقل المنظومة التقليدية للتصنت على الهواتف والتى كانت بحوزة نظام العقيد الراحل معمر القذافى، بمقره السابق فى باب العزيزية بطرابلس، لأفراد جدد غير معروف هويتهم حتى الآن، إلا أن بعض التقارير الأمنية الليبية أكدت أنه قبل سقوط نظام القذافى حصل الكثير من كتائب الثوار دون تحديد مرجعيتهم، على أجهزة تجسس وفرتها الدول التى شاركت فى الحملة العسكرية التى قادها حلف شمال الأطلنطى "الناتو"، لإسقاط النظام السابق بغرض التصنت على الاتصالات الخاصة بأعوانه ومساعديه ومعرفة تحركاتهم الميدانية.
ورغم مرور عامين على سقوط القذافى ومقتله فى شهر أكتوبر عام 2011، فإن هذه الكتائب ما زالت تحتفظ بهذه الأجهزة وتدير "لحسابها الشخصى" عمليات تنصت واسعة النطاق على معظم الاتصالات الهاتفية فى العاصمة الليبية، وتسعى الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور على زيدان، إلى وضع حد لهذا الاختراق الأمنى الذى يمثل لها تحديا جديدا فى فرض هيبة الدولة ونفوذها فى مواجهة ميلشيات مسلحة لا تخضع لأى سيطرة حكومية أو رسمية.
وقال رئيس مجلس إدارة المرصد الليبى لحقوق الإنسان ناصر الهوارى: إن حديث وزير الداخلية العميد عاشور شوايل، يؤكد أنه لا توجد سيادة فعلية للحكومة الليبية، وإن هناك حكومة موازية تتحكم فى مقاليد البلاد، عبر عنها رئيس الحكومة السابق عبد الرحيم الكيب بالسلطة العليا، مضيفا، من وجهة نظرى ربما تكون هذه الحكومة الموازية، ممثلة فى بعض المدن الليبية وبعض الكتائب الخارجة عن الشرعية وربما حتى مخابرات الدول الغربية.
وأوضح الهوارى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن تلك الأزمة تدق ناقوس الخطر وتؤكد بأنه يوجد انحراف بثورات الربيع العربى ومحاولة واضحة للسيطرة على دول الربيع لصالح أجندات غربية وإقليمية، مضيفا، "سبب هذه الفوضى الأمنية وجود مراكز قوى تكونت داخل دول الربيع العربى، بحيث لم تعد الدول قادرة على السيطرة الأمنية مما فتح الباب أمام المخابرات الغربية للتدخل، لذا الأمن القومى العربى فى خطر".
وجاء تصريح وزير الداخلية، ليتفتح ملفات فوضى التجسس فى دول الربيع العربى، "ليبيا ومصر وتونس"، دون قدرة الجهات الأمنية على أحكام السيطرة على سلبيات النظام الماضى.
وبالحديث عن التجربة المصرية، واضطراب الحالة الأمنية، ووجود صعوبات، فى إحكام السيطرة على الحدود والأنفاق، نجحت بعض العناصر المجهولة وفقا لتقارير وزارة الداخلية، فى إدخال شحنات من أجهزة التصنت، حيث أعلن، عن ضبط العديد من الشحنات والبضائع المهربة التى كانت تحتوى على أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة صغيرة، وهو ما كان واضحا فى ضبطيات، حجمها مثير للقلق، مثل العملية التى تم خلالها ضبط عدد كبير من أجهزة الاتصال والمراقبة الحديثة التى يتم إيصالها بالأقمار الصناعية، كما تم ضبط 20 ألف كارت ذاكرة للتليفون المحمول، و340 جهاز تنصت، و99 كاميرا على شكل مفاتيح سيارة، و150 ساعة يد تحتوى على كاميرات تسجيل صغيرة الحجم، بجانب عدد 14 كاميرا مراقبة مركزية، و160 كاميرا مراقبة ديجيتال للمراقبة لاسلكيا، بالإضافة إلى عدد آخر من أجهزة تجسس محظورة على أشكال قلم، وساعة، ونظارة، وساعة بالموبايل، مزودة جميعها بالشاحن ووصلات لاستخدامها.
كما أن هناك من يتهم جماعة الإخوان المسلمين بامتلاك أجهزة تجسس بعد اعترافات علنية لأفراد من داخل الجماعة، عبر وسائل الإعلام تكشف أن للجماعة جهازا مخابراتيا حيث جاءت الاعترافات الإخوانية العلنية بامتلاك الجماعة تسجيلات صوتية تخص اجتماعات سرية لرموز المعارضة، أو اجتماعات سرية بهيئات حكومية، مثل المحكمة الدستورية، وهو الأمر الذى أكده عدد من البلاغات التى اتهمت عناصر الإخوان بالتجسس على النشطاء السياسيين، أهمها بلاغ عبدا لحليم زيتون، عضو حزب الكرامة والتيار الشعبى، الذى اتهم جماعة الإخوان المسلمين باستخدام كاميرا مراقبة خفية على شكل قلم للتجسس على اجتماعات بعض النشطاء، ومنهم نشطاء "الحفاظ على جزيرة الذهب النيلية".
وأكد عدد من أعضاء الجماعة القدامى، على وجود مقر لجمع المعلومات فى مقر مكتب الإرشاد فى المقطم، حيث اعترف بذلك القيادى الإخوانى الشهير ثروت الخرباوى، قائلاً "الجماعة استغلت الانفلات الأمنى بعد الثورة، وأدخلت أجهزة تجسس إلى مصر ووضعتها بمقر الجماعة بالمقطم، وقد قامت قوات استخباراتية بتدمير تلك الأجهزة".
وقال خيرت الشاطر، فى 11 ديسمبر من العام الماضى نصا على شاشات التلفزيون "نحن رصدنا الفلول ونعرفهم، فهم موجودون فى لندن أو فى دول الخليج، والكل معروف"، وهو نفسه الذى أكد، أن الجماعة تمتلك تسجيلات لمؤامرة إسقاط الرئيس، ثم عاد وكرر المعنى نفسه فى تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، موضحا : إن جماعة الإخوان المسلمين رصدت اتصالات بين اللجنة العليا للانتخابات، والمجلس العسكرى، تؤكد أن المجلس العسكرى، تدخل لاستبعاد بعض المرشحين، ثم جاء من بعد ذلك مباشرة، وفى سلسله من الاعترافات التى اعتبرها البعض وسيلة للترهيب وبث فزاعة الإخوان، وفرض احترام جبرى على رجل الشارع لهم، بشكل أسوء من نظام مبارك المخابراتى.
تصريح لعصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن الجماعة والرئاسة يملكان تسجيلات صوتية للنائب العام السابق عبد المجيد محمود.
ومنذ أيام قليلة خرج القيادى الإخوانى على عبد الفتاح، ليؤكد، قدرة الجماعة المخابراتية على التجسس والتلصص قائلاً "شباب الإخوان يمتلكون تسجيلات لكل من خان الثورة"، لافتاً إلى أن هذه التسجيلات تستخدمها الجماعة فى الوقت المناسب، للرد على من يتطاول عليها، وفى نفس السياق خرج صفوت حجازى، ليؤكد على شاشات الفضائيات امتلاك الجماعة لتسجيلات تآمر البرادعى وحمدين صباحى على الرئيس مرسى ومصر، ثم تم تتويج هذه الاعترافات بوجود عناصر لجمع المعلومات، وكتابة التقارير عن المعارضة داخل جماعة الإخوان بتأكيد رئاسى على الهواء مباشرة، حينما خرج الرئيس ليؤكد أكثر من مرة، منها خلال زيارته لمحافظة أسيوط، وجود تسجيلات كثيرة لمن وقف مع الثورة، ومن وقف ضدها، ومن بكى على المجرم السابق، ثم المرة الأخرى عقب أحداث الاتحادية التى قال فيها إنه يملك تسجيلات تؤكد اتفاق رموز المعارضة مع البلطجية لاقتحام القصر الرئاسى، ومرة أخرى قال فيها إنه يملك فيديو وتسجيلات لمؤامرة المحكمة الدستورية.
هذا ما يتعلق بالتجربتين المصرية والليبية، أما عن التجربة التونسية فقد اقتصرت التصريحات على وجود محاولات تجسس على هواتف الكوادر أو رمز الدولة، رغم محاولة حكومة على العريض، تطهير أيديها من أن تكون وزارة الداخلية قد تنصتت على المكالمات.
وأكد الخبير الأمنى طلعت أبو مسلم، أن الفوضى الأمنية فى أى دولة تفتح الباب للتجسس، وشدد على الوضع فى الاعتبار مدى حساسية موقف الربيع العربى، خاصة لوجود عدد كبير من الدول المتصيدة له والتى تريد أن تكون متابعه لتفاصيل الأحداث، وأحيانا تحريكها إن لزم الأمر، مؤكدا على وجود العديد من دول العالم التى تسعى للحصول على معلومات حول المتغيرات التى تشهدتها الساحة العربية خاصة فى دول الربيع العربى.
عمليات التجسس على المسئولين تهدد دول الربيع العربى.. الداخلية الليبية: جهات معلومة وغير معلومة تتنصت على الوزراء .. وإخوان مصر يتفاخرون بامتلاك تسجيلات للمعارضة.. وتونس تعانى رصد هواتف رموز الدولة
السبت، 27 أبريل 2013 09:46 ص