محمد جاد الله

"الأمل ميتر" .. كلام "للكبار فقط"

السبت، 27 أبريل 2013 10:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى العامين الماضيين، اهتممت كثيراً كمواطن مصرى من جيل الوسط، بمتابعة الحالة اليومية لمؤشر مقياس مجتمعى له دلالات بالغة التأثير فى الواقع والمستقبل، يمكن أن نسميه مجازاً "بالأمل ميتر" بين قطاعات الشباب.

تابعت من خلاله مدى تأثر قدرة الشباب على التمسك بالأمل، وهو يعيش ويلات الحرب النفسية الأهلية، التى يشنها الجميع ضد الجميع فى مجتمع أنهكه الكبت الفكرى، والعقم السياسى والاقتصادى لعقود طويلة.

وعلى الرغم من ثقل وطأة تلك الحرب التى تستمد طاقتها من تراكم إرث ثقافى وسياسى عماده استمراء انعدام الشفافية، وتغليب "اللوع" على الموضوعية فى معالجة القضايا والمشكلات، إلا أن القراءة الحالية لمقياس "الأمل ميتر" المتذبذب بشدة، تؤكد ارتفاعه بين قطاعات عريضة من الشباب، تضع مهمة المساهمة فى إنقاذ أحوال المجتمع المدنى المتدهورة على رأس أولوياتها فى تلك المرحلة الحاسمة.

يتحرر الشباب من الأوهام بالممارسة المجتمعية الفعالة وجمع الخبرات، ويتحرر معهم المجتمع تدريجياً من حزمة أوهام متكاملة، تعمل على تقزيم وتهميش دور الفرد فى البناء المجتمعى.

فالشباب لن ييأس، لأنهم باتوا يشعرون بأن أوهام ساسة مصابين بتصلب فى شرايين الوعى القومى، لن يمكن أن تسهم فى بنية دولة مدنية راسخة، ذات مجتمع تعددى.

وتأكدوا من أن تلك الحقبة التاريخية هى مجرد امتداد لقصور الفكر الإدارى، واستمراء التلاعب بمقدرات الثورة.

ويشير مؤشر الأمل فى نفوسهم أيضاً إلى أنهم سئموا تطويع الحق كى يُراد به باطل، خدمةً لمصالح حزبية ضيقة، ومغازلةً لطموحات جماعات نفوذ جديدة، لا هم لها إلا إهدار وقت وطاقات وطن عظيم فى إدارة "معركة صفرية"، كل أطرافها خاسرون.
وأيقن الشباب كذلك أن سواد الشعب من بسطاء الحال هم من يدفعون دائماً فاتورة تصفية الحسابات القديمة بين الغارمين السياسيين.

واستفاق وعيهم تدريجياً من وهم امتلاك فرد أو فصيل القدرة على الإفلات من سنن الحياة فى تمحيص النوايا والقدرات، وتأكدوا من أنه لن تَثبُت أقنعة وهمية على وجه الأدعياء فى أى مجال مهما حاولوا التشبث به.. فمن يرتدون الأقنعة لا يحملون تحتها وجهاً إنسانياً جميلاً.

وخاب أثر الخرافة التى أسميناها جميعاً بعد الثورة "بالمرحلة الانتقالية"، وذلك عندما لم يتحقق قصاص حق عادل لشعب من جلاديه ومصاصى دماشئه وقتلة أبنائه لعقود، فى مشاهد مأساة تتكرر بعبثية مؤلمة.

فتكشفت نتيجة لذلك بجلاء كل الوسائل الملتوية لتمكين فصيل بعينه دون غيره.

وضُبِط من يستخدمون الدين كأداة تفوق سياسى مجتزأ من سياقه الأخلاقى وهم متلبسون بفعلتهم، فأدرك الشباب تدريجياً بديهية أن فاقد الشئ لا يمكن أن يعطيه.
وشارفت مدة صلاحية وهم "النخب المجتمعية السوبر" على النفاد، وذلك على الرغم مما يُبذل إعلامياً من أجل تعميمه على القاصى والدانى، وبات الشباب يدركون أن القيادة المجتمعية سوف يَشْرُف بها من يقدم مصلحة الوطن والمجتمع على مصلحته ومصلحة فصيله، وأن الأكفأ "إنسانياً" يمهد دائماً طريقاً قويماً لمبتغاه.. وأن ذلك سيتحقق بأمر الله وفضله ولو بعد حين.
لن ييأس الشباب..
لأنهم أحسوا تدريجياً بتبدد الوهم الذى بَشَّر بقدرة أية جماعة نفوذ أو أى فصيل سياسى على تنميط مجتمعنا التعددى بقيد هوية وطنية أحادية الهوى، مجتزأة من سياق رحلة فريدة بدأتها مصر قبل٧٠٠٠ عام، ولا تعبأ بخصوصية المجتمع المصرى الثقافية، التى تحركها قوتان رئيسيتان: النتاج التاريخى ودقائق تفاصيل الواقع المعاش.

لن ييأسوا..
لأن غشاوة وهم الاستمتاع "بثورة رومانسية"، ذات مجريات مشرفة ونهايات سعيدة، قد بدأت تدريجياً فى الزوال أمام تعاظم الثمن المدفوع من مقدرات مصر وشعبها على طريق التأسيس لدولة ديموقراطية فاعلة.

لن تتحقق هدنة مجتمعية حقيقية، إلا تحت غطائها، ولن يهنأ بدونها نظام حكم بنجاح.

ونحن من جيل الوسط .. نحاول معهم أن نبذل الجهد كى لا نيأس، خاصة أن "فنكوش" النهضة الموعودة، الذى تذوقه الكبير قبل الصغير فى مصر، لم يَخلُف إلا مرارة فى الحلوق، ولن تفلح لا الجماعة الحاكمة وحلفائها، ولا المعارضة بأطيافها الواسعة، فى تحقيق استقرار أمنى واقتصادى لمصر، طالما استمروا فى ممارسة نفس الآليات السياسية التى وجدوا عليها آباءهم وأجدادهم خلال ستين عاماً من الحكم العسكرى.

لا تيأسوا أنتم أيضاً.. أيها "الكبار" .
فالتشبث بالأمل صار قضية حياة، وجهاد أصيل فى سبيل الحق ورفعة الوطن.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

أمجد صابر

الحقيقة واضحة و شكراً للكاتب

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اتمنى تدريج هذا المقياس لا ينتهى بالصفر - لاحظ هناك ايضا اليأس ميتر

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة