دراسة لـ"المركز التنموى الدولى" عن مقارنة الاحتجاجات فى مصر تؤكد: الطبقة العاملة تقود الحراك الاحتجاجى.. والفئات المحتجة تصل لأكثر من 40 فئة.. والمواطن وجد فى أساليب "العنف" وسيلة لإسماع الدولة صوته

الجمعة، 26 أبريل 2013 03:43 م
دراسة لـ"المركز التنموى الدولى" عن مقارنة الاحتجاجات فى مصر تؤكد: الطبقة العاملة تقود الحراك الاحتجاجى.. والفئات المحتجة تصل لأكثر من 40 فئة.. والمواطن وجد فى أساليب "العنف" وسيلة لإسماع الدولة صوته متوسط أعداد الإحتجاجات2
كتب عبد اللطيف صبح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموى الدولى، دراسة مقارنة بين الاحتجاجات التى شهدتها مصر خلال الأعوام 2010، بصفته العام السابق لقيام الثورة المصرية، و2012 بصفته العام التالى للثورة، و2013 الذى شهد حقبة جديدة تغيرت فيها معطيات العملية السياسية بعد الثورة، بهدف الوصول بشكل أقرب للتطور الحاصل فى الأداء الاحتجاجى للشارع المصرى كما وكيفا.

واستخدمت عينة الدراسة رصد الاحتجاجات خلال الـ9 أشهر التالية: "يناير، وفبراير، ومارس 2010"، و"أبريل، ومايو، ويونيه2012"، و"يناير، وفبراير، ومارس2013".

وأظهرت الدراسة أن البداية القوية للعام 2010، مثلت امتدادا لمرحلة نضالية واحتجاجية ظهرت بوادرها منذ 2006، وكانت جلية فى العام 2010، الذى مثل تمهيدا مناسبا لثورة 2011، حيث شهد هذا العام متوسط احتجاجات بنسبة 2210 احتجاجات سنويا، و530 احتجاجا خلال 3 أشهر، و176 احتجاجا شهريا، و6 احتجاجات يوميا.

وأضافت الدراسة، أنه على الرغم من انتهاء عام كامل لثورة بدأت فى مطلع2011 شارك فيها أغلبية الشارع المصرى، وتبعوها بحراك احتجاجى عبروا فيه عن مختلف مطالبهم، إلا أن عام 2012 شهد 2532 احتجاجا تقريبا، بمتوسط 630 احتجاجا خلال 3 أشهر، و211 احتجاجا شهريا، و7 احتجاجات يوميا، بمعدل ارتفاع عن عام 2010 بنسبة 20 %، لافتا إلى أن عام 2012 شهد تغييرات فى موازين السلطة التنفيذية والتشريعية و القضائية والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وأوضحت دراسة مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموى الدولى، أنه رغم اختيار سلطة تنفيذية واستتابة السلطة التشريعية والرقابية لمجلس الشورى، ووضوح موازين القوى السياسية خلال 2013، إلا أنه مثل طفرة ونقلة نوعية لم تشهدها البلاد من قبل، حيث تضاعفت نسب الاحتجاجات خلال هذا العام لأكثر من ثلاثة أضعاف عن عام 2012 بنسبة 340%، كما تضاعفت عن عام 2010 بنسبة 426% أى لأكثر من أربعة أضعاف، فقد شهد العام 2013 حتى نهاية مارس 2782 احتجاجا بمتوسط 927 احتجاجا شهريا، و30 احتجاجا يوميا، متوقعا أن تستمر الاحتجاجات على هذا النمط خلال هذا العام فى حال انتهاج السلطة فى مصر لنفس السياسات، حيث من توقعات الدراسة أن يشهد عام 2013 عدد 11128 احتجاجا.

وقالت الدراسة إنه لم يكن من الغريب أو المفاجئ ارتفاع نسبة الاحتجاجات فى 2010 نظرا لما سبقها من سنوات لقمع الحريات وانتهاك الحقوق، لكن على غير المتوقع كان التضاعف الجنونى للاحتجاجات خلال عام 2013، فى ظل سلطة تنفيذية دائما تفتخر بكونها شرعية ومنتخبة وديمقراطية.

وكشفت الدراسة، عن أن الطبقة العاملة هى التى قادت الحراك الاحتجاجى، وأن الفئات المحتجة تصل لأكثر من 40 فئة، وأنه رغم الاختلاف والتضاعف الواضح فى أعداد الاحتجاجات التى شهدتها مصر خلال أعوام الدراسة، إلا أن الأيدى العاملة المصرية بمختلف قطاعاتها، كانت المحرك الأول للحراك الاحتجاجى، تلاهم الأهالى والمواطنون ثم النشطاء السياسيون والحقوقيون خلال الـ3 أعوام، وهو ما يعكس حاجة الدولة المصرية الأساسية لسد 3 احتياجات أساسية لدى المواطن المصرى، وهى توفير فرصة ومناخ ملائم للعمل، وتوفير الخدمات والمرافق وضبط السوق، وكفالة الحقوق والحريات المدنية والسياسية.

وأبرزت الدراسة أن أعداد الاحتجاجات التى نفذها العاملون فى قطاعات الصحة والتعليم والإعلام عكست نمطا مستمرا أيضا فى انتهاك الدولة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وعلى رأسها الصحة والتعليم، كما يمثل انتهاك حريات الإعلاميين، والذى تأججت مظاهره خلال العامين التاليين للثورة، وأن دولة ما بعد الثورة هى دولة قامعة للحريات، وأنها لم تتخلص من الإرث القمعى المباركى بل ازدادت عليه.

ولفتت الدراسة أن عدد الفئات المحتجة خلال العام، وصلت2010 لأكثر من 30 فئة، فيما زادت الأعداد خلال العامين 2012 و2013 لتصل لأكثر من 40 فئة، بظهور فئات محتجة جديدة أهمها قطاع الشرطة الذى لا يزال لم تتكون لديه الثقافة الاحتجاجية المتسقة، وكذلك قطاعى البلاك بلوك والألتراس وأهالى الشهداء، كما تضاعفت أعداد المحتجين من بعض القطاعات، مثل قطاع النقل بكافة أنواعه وأهمها سائقى الميكروباص والتاكسى و القطارات، فيما حافظت بعض الفئات على وتيرة أداؤها الاحتجاجى كالطلاب الذين يمثلون أحد الفئات الفعالة على الخريطة الاحتجاجية المصرية.

وأظهرت الدراسة، أن المطالب الخاصة بتوفير فرص ومناخ ملائم للعمل، مثلت أولى مطالب المحتجين خلال الـ3 أعوام عينة الدراسة، حيث مثل أكثر من 50% من المطالب الاحتجاجية، فى إشارة واضحة تعكس التوجه الإنتاجى للشارع المصرى، ومدى حاجته لمجرد توفير فرصة ومناخ للعمل قادر على حماية حقوق العامل، بالشكل الذى ينكر كافة الادعاءات بأن المحتجين يعطلون عجلة الإنتاج ولا يريدون خيرا، لافتة إلى تزايد هذا المطلب من الاحتجاجات خلال 2013، بعد استمرار فشل السلطة الحالية فى معالجة تلك الأزمة التى تفاقمت وتضاعف عدد المتضررين منها.

وذكرت الدراسة أن الحقوق والحريات المدنية والسياسية، كحقوق وحريات الإعلاميين والنشطاء السياسيين فى الأحزاب والحركات والمنظمات، وكذلك فى الجامعات وما تكفله من حقوق طلابية وغيره، مثلت مسارا أساسيا ودائما فى دولة أضحت الحريات فيها تنتهك بشكل متصاعد منذ عام 2010، ووصلت للذروة خلال العامين 2012 و 2013.

كما أشارت الدراسة إلى أن استمرار الحالة الاحتجاجية لقطاعات الصحة والتعليم والإعلام وقطاع الداخلية، يعكس تفككا فى مفاصل الدولة ظهر قبل الثورة، ولم تستطع أنظمة ما بعد الثورة وضع حد له، وهو ما أثر بشكل كامل على مطالب المحتجين، والملفت للنظر أنه وعلى الرغم من الوعود الرئاسية الخاصة بتطوير تلك الخدمات وكفالة تلك الحقوق، إلا أن الحالة تزداد سوءا كلما تقدم الوقت.

فيما عكست عينة الدراسة أن المواطن المصرى لديه أولوية فى الحصول على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية أولا، بالشكل الذى استحوذت فيه تلك الحقوق على أكثر من 70% من مطالبه، بشكل يعكس أن الدولة حتى الآن لم تستطع توفير حاجات المواطن الأساسية، وأيضا غير قادرة على كفالة حقوقه وحرياته المدنية والسياسية التى مثلت ما يقارب من 30% من احتياجات المواطن وأولوياته.

كما يعكس أيضا الحراك الاحتجاجى تطورا فى وعى المواطن المصرى، وقدرته على المطالبة بحقوقه وحرياته بشكل متلاحم مع القوى السياسية، أو بشكل منفرد، وهو ما يعكس وعيا لن تصمد أمامه أية سلطة دكتاتورية لفترة طويلة كسابق العهد.

واستطاع المواطن المصرى، طبقا للدراسة، تطبيق نموذجا لا مركزى فى الاحتجاجات، حيث كانت الملاحظات الأساسية للدراسة على جغرافيا الأداء الاحتجاجى هو الاتجاه القوى للامركزية، والذى يبرهن عليها تقلص نسبة الاحتجاجات التى شهدتها القاهرة من 40% فى عام 2010 لـ14% خلال عام 2013، والإسكندرية من 9% فى العام 2012 لـ 4% خلال عام 2013، فيما تقاسمت باقى المحافظات النسبة التى فقدتها القاهرة والإسكندرية ليتقلص الفارق، ويتجه المؤشر لنظام لا مركزى قوى فى الاحتجاج ظهرت بوادره خلال عام 2010، وتجلت ملامحه فى عام 2011، واستمر نهجه خلال العامين التاليين للثورة، للعديد من الأسباب التى يأتى أهمها فى ارتفاع الوعى الاحتجاجى والحصول على الوعى الإعلامى بالأقاليم، وقدرة المحتجين على استخدام مظاهر احتجاجية تجبر السلطة على السماع لمطالبهم، حتى وإن كانت بعيدة عن العاصمة.

ورصدت الدراسة ارتفاع نسب الاحتجاج فى المحافظات البدوية والصعيد، وخاصة خلال العامين 2012 و2013 بالشكل الذى تحولت فيه تلك المحافظات لبؤر احتجاجية، فيما أكدت محافظات الدلتا أنها البديل القادر على تصدر المشهد الاحتجاجى.

كما كشفت الدراسة تطور المظاهر والأساليب والأدوات التى انتهجها المحتجون خلال أعوام الدراسة، برزت أهمها فى أن الاحتجاجات خلال 2010، وما قبله تميزت بالتصاعدية، لكن خلال العامين التاليين للثورة كان المحتجون غالبا ما يبدأون بذروة التصعيد وهو ما يعكس ارتفاع الانتهاكات التى يتعرض لها المواطن، وبالتالى ارتفاع حالة الإحباط والرغبة فى رد عنف الدولة عليه بعنف مضاد.

وتكمن الملاحظة الثانية فى أن المواطن وجد من أساليب العنف وسيلة وسببا أساسيا لسماع الدولة لصوته ولمطلبه، فتطورت أساليب العنف الاحتجاجى للحد الذى أنتج هذا المناخ، جماعات تتميز بالعنف الاحتجاجى، ووسائل عنف ضد النفس وضد الدولة، أهمها الانتحار وإغلاق أقسام الشرطة، وإغلاق الطرق، والذى يعد ثانى أكبر وسيلة يستخدمها المحتجون.

ويتمثل الشق الثالث فى استحداث وسائل وأدوات احتجاجية جديدة، سواء سلمية كالسلاسل البشرية وحملة اضرب كلاكس، وقطع الكهرباء، ورفض تسديد الفواتير، والامتناع عن الكلام، وغيرها من الأدوات التى تعكس مدى الوعى والتطور فى الثقافة الاحتجاجية المصرية.

وأشارت الدراسة إلى أن رد فعل أجهزة الدولة واحد، ويزداد قمعها منذ نهاية عصر مبارك، حيث لم يختلف رد فعل الدولة على مطالب الشارع التى تعليها الاحتجاجات كثيرا خلال الـ3 أنظمة المتعاقبة فى فترة الدراسة، فبينما كان نظام مبارك يقمع المتظاهرين ويعتقلهم ويهددهم ولا يلتفت لمطالبهم، امتد نظام الرئيس مرسى ليتمادى فى قمعه ليصل الأمر لقتل المتظاهرين واستهدافهم، والأخطر أن النظام الحالى دائما ما يعمل على إلصاق الذنب والخطأ بأحد السلطات السيادية، كالقضاء أو الجيش أو الشرطة بالشكل الذى يزيد إضعاف الدولة، وتفككها بجانب الادعاء الدائم والمستمر بالقوى الخارجية العابثة بالبلاد، وكأنها خالية من أى سلطة داخلية تتحكم فى مقاليد الأمور، على حسب الدراسة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة