يبدو أن التحديات التى تواجهها مصر فى 2013 لا نهاية لها، وبالتأكيد لن تستطيع ميزانية مصر أن تتحمل مزيدًا من الأعباء، فى وقت تسعى فيه الحكومة إلى تقليل دعم الخبز والطاقة لمواجهة عجز الميزانية، والحصول على قرض صندوق النقد الدولى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاحتياطى الأجنبى المتراجع، والذى وصل إلى حوالى 13.4 مليار دولار فى آخر مارس مقابل 34 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011، فقبل شهر خرج المركز الأمريكى للوقاية والسيطرة على الأمراض "UCLA" مؤكدًا أن منطقة الدلتا فى مصر، وسواحل ووسط الصين، بحاجة للمراقبة متوقعًا تعرضها للجيل القادم من وباء مميت من الأنفلونزا.
وحذر المركز الأمريكى، فى دراسة أعدها وشارك فيها علماء مصريون، من حدوث وفيات بشرية بسلالة جديدة من أنفلونزا الطيورH7N1، خاصة بعدما أعلنت الصين عن حالات وفيات بلغت حتى أواخر الأسبوع الماضى 16 حالة، وبعد تأخر، كالعادة، فى مواجهة المرض، خرجت وزارة الزراعة المصرية ببيان، أمس الأول الأحد، تعلن فيه أن المشخصات المتاحة سابقاً لتشخيص فيروس الأنفلونزا الموجودة لدى معامل الحجر الصحى فى مصر قد لا تكشف الفيروس الجديد، وأنها تعمل على شراء مشخصات خاصة لهذا الفيروس خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأشار إيرل براون، عالم الفيروسات والمدير التنفيذى لمركز أبحاث مسببات الأمراض الناشئة فى جامعة أوتاوا فى كندا، إلى أن سلالة H7N9 مثيرة جداً للقلق، مشيراً إلى أن فيروسات الأنفلونزا قادرة على التحور بسرعة، مع وجود بعض السلالات الجديدة التى أحيانا ما تنشأ من خلال عملية تسمى الاندماج، وتتم هذه العملية عبر إصابة حيوان واحد بنوعين أو أكثر من فيروسات الأنفلونزا فى نفس الوقت، وهذه الفيروسات تقوم بعملية تبادل جينات لتنتج سلالة جديدة.
وأوضح "براون" أنه انطلاقاً من التسلسل الجينى "الوراثى" للسلالة الجديدة التى ظهرت فى الصين، فإن فيروس H7N9 الذى أصاب صينيين يبدو ناتجًا عن مزيج من سلالة H7N9 وسلالة H9N2، وهو ما تؤكده نتائج الدراسة الأمريكية المنشورة بدورية "الأمراض المعدية الناشئة"، والتى تقول إن سلالات خطيرة من الأنفلونزا بما فى ذلك الأوبئة التى ظهرت فى 1957 و1968، وأسفرت عن مقتل حوالى مليون شخص فى كل تظهر سلالات عدوانية جديدة من خلال عملية تعرف باسم "الاندماج من العامين".
واستخدم الفريق البحثى تقنيات جديدة لتقييم الأوضاع فى عدد من الأماكن، وتتنبأ باحتمالات اندماج السلالات فيها، ومن المحتمل ظهور وباء جديد من اندماجات سلالات الأنفلونزا، وركز الفريق على تقييم اندماج الفيروس البشرى H3N2، السلالة التى كانت منتشرة فى الولايات المتحدة هذا الشتاء، وأنفلونزا الطيور H1N5، الفيروس الذى نادرا ما يصيب الإنسان لكنه قتل مئات من أصابتهم.
منطقة الدلتا فى مصر الأكثر عرضة لانتشار الفيروس
فريق المركز الأمريكى، الذى ضم باحثين من مصر وبلجيكا والصين، ركزوا على تقارير حالات الإصابة بفيروس H3N2 البشرى وفيروس H1N5 الذى يصيب الطيور، ليروا المناطق التى ترتفع فيها الإصابة بالنوعين، كما بحثوا عدد الخنازير الموجودة لأنها يمكن أن تحمل النوعين، وكذلك أماكن تواجد الإنسان مع البط والدجاج.
ووجد الباحثون أن منطقة الدلتا فى مصر وسواحل ووسط الصين وبعض المدن فى اليابان والهند وكوريا، لديها "خليط من سلالات الأنفلونزا"، وغيرها من العناصر التى تسمح بتبادل المادة الوراثية بين سلالتى“H3N2” و“H5N1” لتنتج سلالة خطيرة من الأنفلونزا، وهو ما حدث بالفعل فى الصين الأسبوع الماضى، ليهدد بقوة باقى هذه المناطق التى توقعتها الدراسة.
وحذر عالم الفيروسات الكندى من أن سلالة H7N9 التى ظهرت فى الصين لديها قدرة رئيسية، على غير العادة، على الاندماج مع غيرها من الفيروسات، وهو ما يهدد بوباء مميت مثل تلك التى أدت لقتل آلاف الناس فى الماضى، وهى نفس القدرة التى يتمتع بها فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 الذى ظهر قبل أعوام قليلة مسفرا عن مقتل الكثيرين.
صناع القرار بحاجة لتركيز أولوياتهم على مكافحة الفيروس
وأكد توماس سميث، مؤلف الدراسة والأستاذ بالمركز الأمريكى، أن هذه النتائج تعطى موظفى الصحة العامة الآملين فى منع حدوث الوباء، بعض الأفكار لتركيز جهودهم. وأوضح، "هذه النتائج تساعد صناع القرار فى البلدان الأكثر احتمالا لخطر الوباء، لوضع أولوياتهم والتركيز على تطعيم الناس والدواجن والحيوانات ومتابعتها".
سلالة H7N9 شرسة
وأثارت دراسة جديدة أجريت قبل أسبوعين، على 3 من حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بالسلالة الجديدة من أنفلونزا الطيور فى الصين، مخاوف قوية من أن الـ11 وفاة هذه "غيض من فيض". وأوضحت الدراسة التى نشرت نتائجها صحيفة الديلى ميل أن الفيروس الجديد H7N9 يثير مخاوف قاتمة من أن هذه السلالة، تسبب للبشر إصابات بالغة تتعدد بين تلف فى الدماغ والتهاب رئوى.
فلقد وجد العلماء أن السلالة الجديدة الشرسة لديها القدرة على التمرير بسهولة أكثر على البشر، وأن تبقى فى فترة حضانة دون اكتشافها حتى مراحل متقدمة من المرض، فمن خلال البحث فى ثلاث من حالات الوفاة البشرية، ظهر أن المرض تسبب لهم فى التهاب رئوى وصدمة انتانية وتلف فى الدماغ مع فشل فى أجهزة الجسم.
تأتى هذه النتائج بينما اتجه مسئولو الصين لإعدام الدجاج، فى محاولة لوقف انتشار السلالة الجديدة من فيروس أنفلونزا الطيور التى أسفرت حتى الآن عن مقتل 11 شخصًا. وحذر الباحثون الصينيون من أن هذه السلالة التى ظهرت بشكل مفاجئ قد تشكل مخاطر صحية خطيرة على الإنسان، وأن هناك حاجة ماسة لتدابير واسعة لمكافحتها.
وكتب مجموعة من العلماء فى مجلة "نيو إنجلاند جورنال"، المتخصصة فى أبحاث الطب، يحذرون من أن الفيروس الجديد الناتج عن اندماج فيروسات من الطيور البرية فى شرق آسيا والدجاج فى شرق الصين، يثير العديد من الأسئلة الملحة وقضايا الصحة العامة العالمية.
دراسة أمريكية بشراكة مصرية تحذر من انتشار سلالة جديدة قاتلة من أنفلونزا الطيور فى مصر.. "الزراعة" تعلن عدم توافر مشخصات H7N9.. والسلالة المنتشرة فى الصين تتسبب فى التهاب رئوى وتلف الدماغ وأجهزة الجسم
الجمعة، 26 أبريل 2013 10:53 ص