مجاهدو سيناء.. دفعوا حياتهم ودمهم وحصلو على التجاهل.. «أبوخلف» حكمت عليه إسرائيل بالسجن 941 عاما لأنه دمر مقر قيادتها العسكرية ومعسكرين بـ83 صاروخا.. ورويشد انفجر فيه لغم وفقد بصره ولا يجد ثمن العلاج

الخميس، 25 أبريل 2013 03:57 م
مجاهدو سيناء.. دفعوا حياتهم ودمهم وحصلو على التجاهل.. «أبوخلف» حكمت عليه إسرائيل بالسجن 941 عاما لأنه دمر مقر قيادتها العسكرية ومعسكرين بـ83 صاروخا..  ورويشد انفجر فيه لغم وفقد بصره ولا يجد ثمن العلاج مجاهدو سيناء
سيناء - محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم مرور سنوات طويلة على الاحتلال والتحرير فإن مرارة التجاهل الحكومى لمجاهدى سيناء الذى قاوموا إسرائيل أيام الاحتلال مازالت موجودة.
700 مجاهد، منهم من لا يزال على قيد الحياة، وآخرون رحلوا وبقيت ذكريات تاريخهم.. إنهم مجموعات المقاومة السيناوية ضد إسرائيل عندما كانت تحتل أرضهم، والذين استقر الاسم الرسمى لهم على «مجاهدى سيناء»، وحصل جميعهم على نوط الامتياز من الدرجة الأولى.. أدوا أدوارا عظيمة مازالت تفاصيلها ممنوع الاقتراب منه، بعضهم كان يؤدى هذا الدور ضمن خلايا مدربة تشرف عليها وتديرها المخابرات المصرية، وآخرون عملوا باجتهاد ذاتى.
لكل منهم حكاية، غالبيتهم لا يحبذون الحديث عنها، ويعتبرونها واجبا أدوه، والبعض يذكرها بألم وحسرة، وهو ينتظر أن تقف بجواره الدولة، وتقدره وهو فى هذه السن والظروف الحرجة.. وما بين الدور الذى أدوه وبين الوفاء المفترض من الدولة لهم مسافات  يعتبرها أبناؤهم أنها جزء من قتل الوطنية فى قلوب «الرجال الوطنيين» من أبناء سيناء، وترك من قام بهذا الدور ليكون عبرة لمن يمكن أن يقوم بدور مماثل، إذا ما عادت عجلة الزمن وتعرضت سيناء لاحتلال مرة أخرى.

من بين هؤلاء وأشهرهم الشيخ «حسن على أبوخلف»، ابن قبيلة السواركة، الذى يقطن قرية «الجورة» على بعد مسافة قصيرة من الحدود المصرية الفلسطينية.

يقول «أبو خلف»، الذى ألقى جيش إسرائيل القبض عليه فى 22 / 5 / 1970م وحكم عليه بالسجن 149عاما، إنه قرر أن يواجه إسرائيل ورفض أن يراها إلا جهة احتلال لأرضه منذ كان عمره 21 سنة، وكانت أول عملية نفذها هى  نقل 12 صاروخا على ظهور الإبل برفقة صديق النضال براك جهينى لمسافة 150 كم مشيا على الأقدام، قائلا: نصبنا الصواريخ على بعد 400 متر من مقر الحاكم العسكرى بالعريش، وتمكنا من تدميره.
وأضاف أعقبها عمليات أخرى منها تدمير معسكر للجيش الإسرائيلى بمنطقة «بالوظة»، بعد أن استهدفناه بـ24 صاروخا، وضرب معسكر إسرائيلى بالشيخ زويد بـ12 صاروخا، ثم استهداف مطار العريش الخاضع لسيطرة إسرائيل بعدة صواريخ.

ويروى أبوخلف قصة القبض عليه فيقول: تم إلقاء القبض على وتقديمى للمحاكمة بثلاث تهم، الأولى حيازة كمية من الصواريخ حكم على فيها بـ99 عاما مع الشغل، والثانية، التدريب على السلاح من دولة معادية، وحكم على بـ25 عاما، والثالثة عبور القناة بدون إذن مسبق، وحكم على بـ25 عاما مع الشغل فكان مجموع العقوبة 149 عاما مع الشغل وظللت معتقلا حتى تم الإفراج عنى فى  4 / 3 / 1974م فى تبادل مع الجاسوس الإسرائيلى «باروخ كوهين».    

أهم ما يطالب به حسن أبو خلف  هو الإفراج عن وثائق بطولات أبناء سيناء ونشرها لعامة أهل مصر، وبجانب هذا فإن أبو خلف مستاء جدا من الواقع الحالى لسيناء والإهمال المتعمد لكل ربوعها.

وفى قرية أخرى هى «الخروبة» يعيش البطل السيناوى المعروف «موسى رويشد»، الملقب بصائد الألغام، والذى يقول، أفتخر أننى بدأت نضالى، واستمررت فيه ضد إسرائيل بوازع شخصى، لا أبتغى فضلا من أحد إلا من رب العباد.. مشيرا إلى أن بدايته كانت مع انسحاب جيش مصر من سيناء، ومن مشاهد القتل البشعة التى رآها أمام عينيه لجنود مصريين بأيدى جنود إسرائيل، مضيفا: من هنا وبروح الشباب وقتها وبمشاركة أصدقاء لى قررنا أن نبدأ المواجهة، وفى حدود ما نملكه فعليا، وهى الألغام التى خلفها الجيش المصرى بعد انسحابه.

ويوضح موسى: كنا نقوم بإحضارها ونقلها إلى مواقع أهدافنا على طرق دوريات العدو ومعسكراته، وتفجيرها عن بعد بطرق بسيطة، لكنها كانت قوية وموجعة لهم.
وقال بهذه الطريقة تمكنت من استهداف عدد من الدوريات فى العريش ومعسكر للجيش الإسرائيلى بوسط سيناء، وتمكنت من اختراق إحدى المناطق العسكرية فى إسرائيل والحصول على وثائق مهمة نقلتها إلى المخابرات المصرية بواسطة أحد رجالها فى سيناء.
ويتابع: أثناء قيامى وأحد الأصدقاء بزرع ألغام فى محطة وقود بالعريش، استهدفنا قناص إسرائيلى  فانفجر اللغم واستشهد صديقى، ونقلت إلى المستشفى فى حالة صعبة، وألقى القبض على ونقلت إلى مستشفى إسرائيلى، وهناك كان التعذيب إلى جانب ألم الجراح التى تخلف عن انتشار الشظايا فى كل أنحاء جسدى.

مشيرا إلى أن ضباط الموساد حاولوا الحصول منى على اعترافات عما قمت به من عمليات، ومن معى ومن يقف ورائى، وكان الصمت هو ردى الوحيد رغم بشاعة التعذيب الذى كان من أنواعه  صب الماء الساخن على جسدى المحترق، وترك راحى فى حالة عفونة وأنا أشاهد الدود يخرج من الجروح.

ويستكمل رويشد.. بعد أربعة أشهر من التعذيب، والتحقيق قدمونى إلى المحكمة التى قضت بسجنى 25 عاما، وفى يونيو عام 1980م جاءنى الصليب الأحمر الدولى وأبلغنى أن السلطات المصرية طلبتنى مقابل جثث لجنود العدو وعدت إلى مصر الغالية.
ويطالب «رويشد» الدولة بأن تراعى من هم فى مثل حالته لأنه الآن شبه فاقد للبصر ولديه عدد من الأمراض ويحتاج لعلاج.

وفى أقصى غرب سيناء بمنطقة «بئر العبد» تحدثنا مع البطل «محمد عبدالحميد مرزوقة» الذى قال لنا: كان دورنا أن نقوم بتجميع الجنود المصريين المشتتين على إثر ضربة 1967 الصعبة، وإعادة نقلهم إلى الضفة الغربية للقناة عبر دروب رملية بعيده عن عيون جيش إسرائيل، وبالفعل نجحنا فى جمع وتأمين وصول  24000 جندى، وأخرجناهم من سيناء آمنين.. وأوضح مرزوقة أنه بعد انتهاء هذا الدور كانت المهام المطلوبة منهم هى تصوير معسكرات الجيش الإسرائيلى، ومراقبة تحركاته وأعداد أرتالة العسكرية، وهذه المعلومات يوصلها إلى المخابرات الحربية.. قائلا: كانت وسائلنا فى ذلك هى العمل الميدانى بالعين المجردة، حيث نسير فى اليوم الواحد عشرات الكيلومترات، ونحن نتستر بمهام أخرى غير حقيقية ولا نفشى أسرار عملنا لأحد حتى المقربين لنا من أهلنا وأصدقائنا، مضيفا: وقعت فى أيدى الجنود الإسرائيليين، وتعرضت لتعذيب شديد للاعتراف بمسار مجاهدين آخرين ومعلومات عنهم إلا أننى لم أعترف بشىء.

ويقول أبومرزوقة إنه يتمنى أن تهتم الدولة أكثر برجالها المجاهدين وتضعهم فى موضعهم الذى يستحقونه، فهؤلاء لا يريدون منة من أحد، ولكن لهم حقوقا كثيرة.

وفى سياق الجهاد والمقاومة فى زمن الاحتلال نجد أن نساء سيناء لم يكن بعيدات عن مشهد الكفاح ضد إسرائيل، فقامت العشرات منهن بمشاركة الرجال فى الجهاد والمقاومة، عبر مؤازرة المقاومين، والعمل على إخفائهم ورصد تحركات العدو، أو المشاركة بشكل مباشر فى نقل عتاد ومتفجرات من مواقع إلى أخرى، ونقل معلومات ووثائق استخباراتية  إلى الضفة الغربية للقناة وتسليمها إلى ضباط القيادة المصرية.

إحدى المجاهدات وهى «سالمة عميرة أعميرة»، من قبيلة البياضية ببئر العبد تقول إن  من بين الأدوار التى أدتها وزميلات لها إخفاء آثار سير الجنود المصريين أثناء سيرهم برفقة الأبطال لنقلهم إلى الجانب الغربى من قناة السويس، بعد أن تم تجميعهم على أثر هزيمة 1967 وهبة أهل سيناء لإنقاذهم قبل أن تقتلهم إسرائيل أو تأسرهم.

وتوضح «سالمة» طبيعة هذا الدور بقولها: «نسير بقطعان أغنامنا وراء المجموعات وهى تنقل الجنود لنخفى آثار الأقدام حتى لا تتمكن قوات الاحتلال الإسرائيلى من تتبع الآثار.. وخلال الرحلة نقوم بطهى الطعام لهم».

مضيفة: قمنا برصد وتتبع سير مجموعات الجيش الإسرائيلى، وإمداد المقاومين بها وهو دور استطلاعى ننفذه ونحن نرعى الغنم كى لا نلفت نظر الجيش الإسرائيلى أثناء سيره ونحن نراقبه عن قرب.    

وفى سياق متصل تقول «مسعودة موسى عيد»، وهى إحدى السيناويات المشاركات فى مقاومة إسرائيل، إن دورها أيضا كان إخفاء آثار رجال المخابرات الحربية أثناء حضورهم سرا للقاء أبطال سيناء، لاستلام المعلومات منهم وتوجيههم. أما البطلة المعروفة فى سيناء «حمدة سعيد أبوزرعى»، من قبيلة الرياشات  بمدينة الشيخ زويد، والتى لعبت دورا مهما فى نقل وتسليم وثائق وأسرار استخباراتية عن قوات إسرائيل فى سيناء إلى القيادة المصرية، فتقول إنها تفتخر بهذا الدور الذى كان واجبا علينا، وتؤكد أنها لم تكن وحدها، بل شاركتها نساء أخريات ومن مختلف قبائل سيناء.

وتوضح «حمدة» طبيعة هذا الدور بقولها إنها كانت مكلفة  باستلام خرائط وصور ومعلومات شفهية من مقاومين بمناطق شرق العريش والشيخ زويد، وتسليمها إلى ضباط المخابرات الحربية غرب القناة، وذلك تحت ستار التجارة فهى كانت «تاجرة» تجلب البضائع وتبيعها وهذا أمر معروف فى ظاهره، وكانت عند عودتها تحمل تعليمات محددة لأفراد المقاومة،
وأحيانا كانت تعود بكمية من المتفجرات.. وتلفت إلى أن الوقت كان غير هذا الوقت وكانت تلك الأشياء تنقل بطريقة بدائية نوعا ما، ومع ذلك كانت مؤثرة ومهمة، ونؤدى دورا بها فما ننقله يتم به نسف معسكرات أو استهداف مركبات أثناء سيرها.

المجاهدات السيناويات كالرجال تقدم بهن العمر ويأملن أن يجدن اهتماما ورعاية صحية من الدولة.





















مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة