يعكف الباحثون والطلاب فى برلين على البحث فى المواقف النازية من الفن، حيث يقومون بجمع أكبر قدر من المعلومات حول آلاف الأعمال الفنية الألمانية التى حظرها النظام النازى وصادرها خلال فترة حكمه مثل أعمال ديكس وكولفيتس ومارك.
وحسبما بموقع دويتشه فيله ذكر أن هتلر كان "العدو رقم واحد للفنون": وكان الرسام الشهير أوسكار كوكوشكا يُعتبر خلال الحقبة النازية بأنه "أحطّ المنحطين" فنياً. فكانت أعماله محظورة فى آنذاك. إذ قام النازيون بمصادرة أعماله وحتى الآن لم يتم ـ للأسف ـ العثور على جميع أعماله. وحين ظهرت إحدى لوحاته فى دار كريستيز لمزادات الفنون الحديثة فى لندن، عمّ فرحٌ كبيرٌ مركزَ دراسات برلين المتخصص فى أبحاث ما أطلق عليه النازيون بِـ"الفن المُنْحَط".
وبحلول خريف العام الجارى، أى فى الذكرى العاشرة لتأسيس المركز البحثى "للفنون المنحطة" سيكون المركز قد جَمَع معلومات حول 10 آلاف عمل فنى تمت مصادرته آنذاك. وما كان باستطاعة المركز التحقيق فى ذلك من خلال موظفيه الأربعة ومتدربَيْن اثنين فقط، لولا مساعدة الباحثين من الطلاب الآخرين: سواء طلاب الماجستير أو الدكتوراه، وخاصة من دول شرق أوروبا. بفضل هذه الجهود، وبفضل مؤسسة فرديناند مولار أيضا، التى أكدت دعمها لهذا المشروع على المدى الطويل تم أيضا الحفاظ تدريجيا على جانب مُهمَل فى تاريخ الرايخ الثالث.
تأسس مركز معلومات "الفنون المنحطة" عام 2003 فى الجامعة الحرة فى برلين، وقام بجمع معلومات عن عن الأماكن التى توجد بها 20 ألف عمل فنى مُصادَر. ووضع المركز هذه المعلومات فى قاعدة البيانات العلمية الخاصة به، وهى الفريدة من نوعها فى العالم. ولذلك ما أن حصلت دار المزادات فى لندن على لوحة كوكوشكا اتصلت دار المزادات مباشرةً بمايكه هوفمان، مُنسّقة مشروع جمع المعلومات عن "الأعمال الفنية المنحطة" فى ألمانيا، لمعرفة المزيد عن هذه الأعمال الفنية. وتمكنت مايكه، الخبيرة فى تاريخ الفن من إعلام دار كريستيز على الفور متى وأين رسم كوكوشكا ذلك العمل الفنى تحت عنوان "ابنة المشعوذ".
يستخدم فريق العمل البحثى الجداول التى أعدها النازيون بين عامَى 1937 -1938 لتوثيق معلومات حوالى 16585 عمل فنى تمت مصادرته. وتوجد فى هذه الجداول: "العديد من الثغرات والأخطاء، ونحن نكمل الفراغات فى الجداول ونصحح الأخطاء"، كما تقول مؤرخة الفن مايكه هوفمان. وبالإضافة إلى ذلك، ينشر مركز الأبحاث سلسلة من المطبوعات بهذا الخصوص ويقوم بتوفير حلقات دراسية لطلاب الجامعة الحرة بهذا الشأن.
ويأتى العديد من طلاب الدكتوراه إلى مركز معلومات "الفن المنحط"، مثل البريطانية لوسى تلينغ، التى تكتب أطورحة الدكتوراه الخاصة بها حول معرض "الفن الألمانى فى القرن العشرين"، والذى اُفتُتِحَ فى لندن عام 1938 لمواجهة معرض النازيين فى ميونخ والذى أطلَق عليه النازيون معرض "الفنون المنحطة". وتقول لوسى تلينغ فى هذا الصدد: "أدركتُ أنه من المهم ومن الأفضل أن أقتفى فى ألمانيا آثار الأعمال المعروضة فى لندن". وقد حصلت لوسى على منحة دراسية لمدة عام من المركز الألمانى للتبادل الأكاديمى لإنجاز بحثها فى ألمانيا، وعادت بعد ذلك إلى لندن لإنهاء أطروحتها فى معهد كورتولد للفنون.