دعا معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل خلال زيارته لمصر إلى الضغط على الجيش المصرى من أجل تبادل أكثر صراحة للآراء حول الموضوعات الخاصة بالمساعدات الأمريكية لمصر ومشكلة سيناء والشفافية السياسية.
وقال المعهد فى تقرير له كتبه كل من إريك ترايجر وديفيد سشينكر، إنه عندما يزور هاجل مصر، سيحظى لقاؤه مع الرئيس محمد مرسى باهتمام إعلامى كبير، لكن لقاءه مع نظيره المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى سيكون أكثر متابعة، وإلى جانب التعبير عن قلق الولايات المتحدة من استمرار عدم الاستقرار فى سيناء، وهى المشكلة التى أكدها إطلاق صاروخين من شبه الجزيرة فى الأسبوع الماضى على مدينة إيلات الإسرائيلية، فينبغى على هاجل أن يستغل لقاءه بالسيسى للتأكيد على مجموعة من الأمور الدفاعية الثنائية.
وأشار التقرير إلى أن زيارة هاجل لمصر تتزامن مع زيادة فى عدم الاستقرار الداخلى فيها منذ الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر الماضى، والإسراع فى تمرير الدستور من قبل جمعية يُهيمن عليها الإسلاميون، وفى ظل غياب أى تغير محتمل فى نهج مرسى، فإن التدهور سيستمر فى الشهر القادمة وستزيد محاولات الإخوان لـ"تطهير" القضاء وأخونة وزارة الداخلية ضمن مؤسسات أخرى إلى زيادة حجم المعارضة لحكمهم، فى الوقت الذى يعانى فيه اقتصاد مصر، وأصبح نقص الوقود وانقطاع الكهرباء من الأمور الشائعة، ومن المتوقع أن تستمر طوال الصيف، مما يؤدى إلى مزيد من الاستياء الشعبى فى البلاد.
وأكد التقرير أنه بالرغم من أن هاجل سيعبر بلا شك عن المخاوف الأمريكية بشأن المسار السياسى فى مصر خلال لقائه مع مرسى، إلا أن التركيز الأساسى لزيارة هاجل يجب أن يكون القائمة الطويلة من القضايا الدفاعية المشتركة والتى لا يزال الجيش المصرى يحتفظ بسيطرة مطلقة عليها، وفقا لما يقوله معهد واشنطن، ونظرا لذلك، فإن جدول أعمال لقاء هاجل مع السيسى يجب أن يشمل الآتى:
أولا: التأكيد على أمن سيناء، فرغم أن حادث إيلات الأخير لم يسفر عن سقوط ضحايا، إلا أنه منذ ثورة 25 يناير حاول الإرهابيون مرارا استهداف إسرائيل من سيناء فى محاولة لتقويض معاهدة كامب ديفيد، وحتى برغم ما يقوله المسئولون الإسرائيليون من أن التنسيق مع الجانب المصرى لا يزال قويا، بل أفضل مما سبق مثلما قال عاموس جلعاد، إلا أن الجيش المصرى لم يبد ميلا كبيرا أو استعدادا لتحقيق الاستقرار فى شبه الجزيرة، وعلى هاجل أن ينقل إلى نظيره الضرورة الملحة لإرساء الأمن فى سيناء والأهمية التى توليها واشنطن لحماس الجيش فى هذه المهمة.
ثانيا: بدء الحديث عن إعادة هيكلة المساعدات العسكرية السنوية التى تقدمها أمريكا لمصر والتى تقدر بـ1.3 مليار دولار سنويا، والتى لا تساعد القاهرة بشكل كاف على التعامل مع تهديد الإرهاب والتهريب المتزايد داخل البلاد، وعلى هاجل أن يبدأ حديثا عن كيفية تخصيص المساعدات الأمريكية بشكل أفضل سواء من حيث شراء المعدات أو تدريب جنود مصريين فى مجالا مكافحة الإرهاب والتهريب من خلال برنامج التعليم والتدريب العسكرى الدولى لتنفيذ تلك المهمة، وبلا شك، ستكون هذه مناقشة صعبة ومحرجة، إلا أن هذا النوع من التبادل الصريح يجب أن يكون ممكنا بعد أكثر من 35 عاما من التعاون الأمنى.
ثالثا: الإصرار على المزيد من التبادلات الصريحة بين الأصدقاء: وفى هذه النقطة يقول التقرير إنه فى حين يعزو الكثيرون فى واشنطن رفض الجيش المصرى إطلاق النار على المتظاهرين فى ثورة يناير إلى علاقته الإستراتيجية القديمة مع واشنطن، فإن هذا يعكس إحساسا بالذات أكثر من تقييم مستند إلى براهين. ففى الحقيقية، واشنطن لم يكن لديها علم كبير بكيفية استجابة الجيش فى مثل هذه الظروف، لأنه منذ عام 1979، لم تكن واشنطن، برغم المساعدات السنوية التى قدمتها، تعرف الكثير عن آراء المستوى المتوسط من صفوف الضباط، وهو ما يجعل الجيش المصرى مختلفا عن جيوش دول أخرى تتلقى مساعدات أمريكية. ونظرا لأن حالة عدم الاستقرار يمكن أن تستمر لسنوات، من المهم بشكل متزايد لواشنطن أن يكون لديها فهم لضباط الجيش، لاسيما فى ضوء زيادة المطالب الشعبية بانقلاب عسكرى ضد حكم مرسى، ويجب أن يطلب هاجل من السيسى تبادلات عسكرية أعمق لفهم التوقعات السياسية للجيش المصرى وكيفية اتخاذ القرار خلال الأزمة.
رابعا: دعا المعهد هاجل إلى التعبير عن المخاوف من دخول الإخوان على الأكاديميات العسكرية، مشيرا إلى أن الإخوان لا يشاركون الجيش فى الالتزام بالشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة والسلام مع إسرائيل، كما أن قسم "الإخوان" على البيعة لقيادة الجماعة يقوض تسلسل القيادة العسكرية.. ونظرا للاستثمارات الكبيرة التى قدمتها وستظل تقدمها الولايات المتحدة على الأرجح فى الجيش المصرى، فينبغى على هاجل أن يسأل عن مدى دخول "الإخوان" على الجيش، والخطوات التى يتم اتخاذها لضمان الانضباط داخل الرتب.
أخيرا: طالب المعهد الأمريكى وزير الدفاع بضرورة تشجيع الجيش المصرى على أن يصبح أكثر شفافية، وتقديم من يثبت قيامه بانتهاكات للمساءلة حتى لا يستغل الإخوان "التجاوزات العسكرية" لتقويض مكانة الجنرالات. كما ينبغى على هاجل أن يدعو على تشجيع الجيش على جعل الموارد الاقتصادية الهائل التى تخصه أكثر شفافية.
وفى نهاية التقرير، قال الكاتبان إنه نظرا لطبيعة حكم الإخوان المسلمين، فإن آفاق تحسين العلاقات السياسية المصرية الأمريكية تبدو قاتمة. وهذا يجعل علاقة واشنطن مع الجيش المصرى أكثر أهمية. وتمثل زيارة هاجل فرصة للابتعاد عما أصبح علاقة تبادلية والاتجاه نحو شراكة مؤسسة فى التعامل مع المصالح الإستراتيجية لكلا البلدين.
وخلص التقرير إلى القول بأن مناقشة أى مما سبق لن يكون أمرا مريحا، لكن فى ضوء التغييرات الهائل التى حدثت منذ عام 2011، والنقاش المستمر فى واشنطن حول المساعدات العسكرية لمصر، فإن بناء علاقة أكثر صراحة وانفتاحا بين البنتاجون والجيش المصرى تمثل أولوية قصوى.
"معهد واشنطن" يرصد أجندة الحوار المتوقعة بين هاجل والسيسى خلال لقائهما بالقاهرة..وزير الدفاع الأمريكى سيؤكد على أمن سيناء.. وإعادة هيكلة المساعدات العسكرية.. والتعرف على التوقعات السياسية للجيش المصرى
الأربعاء، 24 أبريل 2013 12:26 م