ناجى العتريس يكتب: خالف تعرف

الأستاذ سعيد موظف تخطى الخمسين من عمره بأربعة أعوام، طول حياته ينفذ التعليمات والأوامر بحذافيرها سواء أكان فى الشغل أو فى البيت!!
الأستاذ سعيد يركب الأوتوبيس يوميا عند ذهابه إلى عمله وعند مجيئه منه. ذات يوم تضايق من شخصٍ يركب بجواره، يدخن السجائر بشراهة، رغم عبارة "ممنوع التدخين" المكتوبة داخل الأوتوبيس، ولاحظ أن عددا كبيرا من الركاب يدخنون ولا يلقون بألا للعبارة.
قال الأستاذ سعيد للشخص الذى بجواره: لو سمحت اطفى السيجارة .
فرد الشخص بضيقٍ شديدٍ : ما بطفيش الزفت .
الأستاذ سعيد متعجبا : الله.. إيه التناحة دى !! وبعدين إنت مش شايف ويشير إلى عبارة "ممنوع التدخين" ولازم تحترم التعليمات والقانون.
فرد الشخص مستهزئا : قانون إيه يابو قانون ؟ بقول لك إيه خليك فى حالك وسيبنى فى حالي.
الأستاذ سعيد مستعطفًا : بس أنا باتعب من الدخان وباتضايق من ريحته.
الشخص ببرود شديد: بتتضايق من الدخان ما تبقاش تركب أوتوبيس وابقى خد لك تاكسى.
الأستاذ سعيد بنرفزة على غير عادته: إنت حا تركبنى على مزاج أهلك؟
تشابكت الأيدى وكادت تؤدى إلى مالا يحمد عقباه، لولا تدخل أولاد الحلال, ومنعهما من وصول أحدهما إلى الآخر.
فكر الأستاذ سعيد, وقال لابد من تقديم شكوى إلى هيئة النقل والمواصلات, أكتب فيها أن المواطنين لا يلتزمون بعبارة "ممنوع التدخين" ويجب العمل على وقف هذه المهزلة، حرصًا على صحة الركاب.
أصدرت الهيئة قرارًا للكمسارية بمنع الركاب من التدخين، وإذا أدى الأمر إنزالهم بالعافية من الأوتوبيس؛ولأن الكمسارية يريدون ركابًا أكثر كى تزيد نسبتهم فى الأرباح فضلًا عن أن معظمهم من الصنف "الحريقة" لم يمتثل أحد للقرار.
تضايق الأستاذ سعيد من هذا، وفكر إلى أن هداه تفكيره إلى حيلة عزم على تنفيذها، وهى أن يتسلل إلى جراج الهيئة ويغيّر عبارة "ممنوع التدخين" إلى "دخنوا على مزاجكم" لأنه أدرك بحسه وفطنته مع أنها لا تحتاج إلى فطنة أن المواطنين يتبعون سياسة "خالف تعرف" وبالفعل فى اليوم التالى وجد الركاب قرارا يدعوهم إلى التدخين؛ فامتنعوا عن التدخين!!
فرح الأستاذ سعيد فرحًا شديدًا لهذا الحل العبقرى الذى توصل إليه؛ ولأنه الوحيد الذى ينفذ التعليمات والأوامر, أخرج سيجارة من جيبه, وأخذ فى تدخينها بهدوء شديد وسط دهشة الجميع!!!!!!!