مرسى "يحلق" لأصحابه

لم أتمالك نفسى من البكاء بعد رؤية هؤلاء الشباب السلفى الصغير يرتدى ملابس الحبس الاحتياطى.. حلقوا لهم الشعور واللحى.. لا أعلم يقينا تفاصيل القضية فالروايات من نفس التيار كثيرة ومتضاربة.. وآخر وأحدث رواية هى تلك التى قام شاب إخوانى مقاطعا ندوتى فى جامعة القاهرة ليروى لنا أن جهاد موسى إخوانية وأن والدها يتبرأ من حركة أحرار وأفعالهم!

لست معنياً بكل تلك التفاصيل غير المؤكدة ولكن المؤكد لدى هو تعمد إهانة هؤلاء الشباب وكسرهم وكسر كل من يفكر أن يعبر عن رأيه ويعارض خارج الإطار المحدد له.. فيبرر هذا الشاب الإخوانى انسحاب شباب الإخوان من تأييد شباب أحرار لأنهم هتفوا بإسقاط رئيس الجامعة! أصبح مطلب الإسقاط يصيب الجماعة بالحساسية المفرطة.. ما الضرر فى ذلك؟! أن كانت تلك رؤيتهم كحل لقضية جهاد.. هل المطالبة (مجرد المطالبة) برحيل مسئول تنتهى بإلقائهم فى السجن مع المجرمين بعد التعدى عليهم وإهانتهم؟!

إن إطلاق اللحى عند الشباب السلفى لم يكن يوما من أجل وجاهة اجتماعية، فاللحية كانت (و مازالت) غير مقبولة عند المجتمع المصرى لأنها ترتبط ذهنيا بالإرهاب والرجعية والتخلف (ولا أعلم ما علاقة شعر الوجهة بالتقدم والازدهار) أو بجماعة سياسية فاشلة....أطلقوا اللحى امتثالا للأمر النبوى وقاوموا مجتمعا بدأ تارة يتحرش بهم وتارة أخرى يتجنبهم.. فلم يرتضوهم أزواجا لبناتهم أو موظفين فى شركاتهم بل زاد الأمر أن لا يسكنون معهم فى نفس العقار خوفا من ساعات الفجر واقتحامات الزوار. تحملوا نظرات الخوف فى عيون الآباء والأحباء. و لكن ماذا عساهم أن يفعلوا؟!! إنهم ينتمون إلى منهج يقدم النصوص والأوامر النبوية على المخاوف العاطفية.

انتخبوا مرسى لأنهم رأوا فيه الأمان من بطش الشرطة المصرية.. وبداية عصر جديد يساعدهم فى الاندماج فى المجتمع.. ينهى آلامهم فى التعيينات والمواصلات (فلن يتم اختطافهم فى كمائن الشرطة لمجرد أنهم ملتحون ويكتفى الركاب بمصمصة الشفايف ولسان حالهم يقول.. انجز يابا ورانا مشاوير).. بل وبالغ كثير منهم فى النزول إلى الشارع للدفاع عن مرسى بعد أن خوّفه النظام.. إن المعارضة تريد أن تعيد أيام الظلم والاضطهاد للمواطن السلفى.

لم يكتف النظام بالإطاحة بشريكه التقليدى فى الحكم.. بل حاصر شبابهم وتخلى عنهم فى أى صراع أو صدام..من العباسية إلى المنصورة ومروراً بأحداث اللجنة التأسيسية للدستور.. وكيف لا؟ فالتيار السلفى يمثل العقبة الحقيقة نحو تسلط الجماعة والانفراد بالحديث عن الإله.. وقد فشلت كل المحاولات فى القضاء عليهم بتقديمهم قرابين إلى المجلس العسكرى أو جرهم خلف زعيم سلفى المظهر إخوانى البيعة والانتماء.

تحية إلى شباب أحرار الأحرار.. فمهما اختلفنا معكم فى التطبيقات يبقى الحب والود والاحترام والخزى والعار لمن ظن أنه بحلق اللحى قد نال منكم.. فو الله شعرة من لحية أحدكم أطلقها امتثالا لأمر النبى خير من آلاف الجلادين ومشايخ السلاطين.

* عضو مؤسس فى حركة سلفيو كوستا