أكد الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والرى، أن التعاون مع دول حوض النيل مستمر على المستوى الثنائى، وأن مصر تسعى للتعامل مع هذه الدول لاستغلال الإمكانيات المتاحة بمنطقة الحوض، من موارد طبيعية وبشرية، لتحقيق التنمية المستدامة لشعوبها إذا خلصت النوايا، مشيرا إلى أن المساعدات المصرية، سوف تستمر لدول جنوب السودان رغم الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد.
وأضاف بهاء الدين خلال المؤتمر الصحفى، الذى عقد بعد توقيع 3 عقود مع شركة المقاولين العرب، لتنفيذ مشروعات بجنوب السودان 7.2 مليون دولار، بحضور المهندس أسامة الحسينى رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، والمهندس أحمد بهاء الدين رئيس قطاع مياه النيل، والسفير أنتونى كون سفير دولة جنوب السودان بجمهورية مصر والمهندسين المعنيين بمشروعات التعاون الفنى، مع جنوب السودان بالقطاع، أن هذه المشروعات تأتى فى إطار توجهات الدولة لتعزيز التعاون مع جنوب السودان، ليس فقط فى مجال الموارد المائية، ولكن فى مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والصحية، من خلال الوزارات المعنية كل فى مجاله، موضحاً أن مصر حريصة على أن تكون مياه النيل مصدراً للتعاون وليس للنزاعات، وأن الخلافات الحالية فى اتفاقية عنتيبى يمكن الوصول فيها إلى حلول توافقية.
وأضاف بهاء الدين، أن مصر وجنوب السودان حصلا على موافقة حكومة الخرطوم، لمرور معدات المرحلة الثانية، لتطهير بحر الغزال ضمن المنحة المصرية عبر الطريق البرى، مشيراً إلى أن دولة جنوب السودان مستعدة لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، لاستئناف مشروعات التعاون المشترك. وكشف بهاء الدين أن مصر قدمت لجنوب السودان منحة 26.6 مليون دولار، لإقامة عدد من المشروعات التنموية، لخدمة شعب الجنوب، وتعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين.
من جانبه، أوضح المهندس أحمد بهاء الدين رئيس قطاع مياه النيل، أن العملية الأولى تتضمن إنشاء مرسى نهرى فى مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة، لربط هذه الولاية بولاية غرب بحر الغزال ملاحياً، حيث سبق أن تم الانتهاء من المرسى النهرى بمدينة واو فى نوفمبر 2010، كما تشمل العملية الثانية تأهيل ثلاث محطات قياس المناسيب والتصرفات فى مدن بنتيو بحوض بحر الغزال، ومنجلا وبور بحوض بحر الجبل، لتوفير البيانات اللازمة للدراسات والمشروعات التنموية بجنوب السودان.
وأضاف أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى من تأهيل ثلاث محطات قياس المناسيب، والتصرفات فى ملكال وجوبا وواو، ويتم حالياً قياس التصرفات والمناسيب بشكل منتظم بفريق عمل مشترك من الجانبين المصرى والجنوب سودانى، فيما تتبلور العملية الثالثة فى إنشاء محطة طلمبات على نهر الجور بمدينة واو عاصمة ولاية غرب بحر الغزال، لتوفير مياه الشرب للمواطنين والثروة الحيوانية فى المقاطعات، والقرى البعيدة عن مصادر المياه.
وكشف رئيس قطاع مياه النيل، أن الوزارة استعانت بخبرات معاهدها البحثية، لتوفير الكهرباء بجنوب السودان، التى تعانى من ضعف قدرات التوليد فى إعداد دراسات الجدوى الفنية لمشروع سد واو المتعدد الأغراض، وهو سد صغير سعته لا تتجاوز 2 مليار متر مكعب، وسيقام على نهر سيوى – أحد روافد النيل الأبيض، وليس له تأثيرات سلبية على مصر.
ويعد سد واو المتعدد الأغراض أحد أهم مشروعات التعاون الفنى مع جنوب السودان، لتوفير الطاقة الكهربائية، وإقامة بعض المشروعات الزراعية الصغيرة طوال العام والمزارع السمكية فى زمام مدينة واو بجنوب السودان.
وتقوم الوزارة حالياً بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة فى إنهاء دراسات الجدوى الفنية الخاصة بمحطة الكهرباء لسد واو، ومن المقرر إنهاء هذه الدراسات فى نهاية هذا العام، وسيبدأ مباشرة بعد ذلك مرحلة البحث عن مصدر تمويل لإنشاء السد.
وأوضح المهندس حسام الطوخى منسق المشروعات بجنوب السودان، أن مذكرة التفاهم بين البلدين تتضمن العديد من المشروعات التنموية بجنوب السودان فى مجال الموارد المائية، مثل مشروع تطهير المجارى الملاحية بحوض بحر الغزال، وإنشاء المراسى النهرية التى تتمثل أهميتها الإستراتيجية فى ربط المدن والقرى الرئيسية بجنوب السودان ملاحياً، وذلك لتسهيل نقل البضائع والركاب، بما ينعكس إيجابياً على الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لشعب جنوب السودان، فضلاً عن تحسين الأحوال البيئية والأحوال الصحية.
وأشار إلى أنه يجرى حالياً اتخاذ إجراءات الطرح بين الشركات الوطنية لعملية المرحلة الأولى من أعمال التطهيرات بحوض بحر الغزال، من مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة، وحتى بحيرة نو بطول 100 كم، كما تم تنفيذ مشروع حفر وتجهيز (30) بئرا جوفيا مزودة بوحدة توزيع المياه والتى ستمثل نموذجاً متكاملاً لمحطة مياه شرب، تتكون من شبكات توزيع وخزان علوى، لتوفير مياه الشرب النقية بمواطنى جنوب السودان، فى أكثر من ثمان مقاطعات.
وقد تم الانتهاء من حفر 17 بئرا جوفيا، ويجرى حالياً إنهاء الأعمال الكهروميكانيكية لهذه الآبار، حيث يخدم البئر الواحد فى المتوسط 4 آلاف نسمة.
وأضاف الطوخى، أن هناك مشروع تدريب وبناء القدرات البشرية لرفع القدرات الفنية والمهارية للكوادر الفنية من وزارة الموارد المائية والرى بجنوب السودان، حيث تقوم مصر بمساعدة جنوب السودان فى تنفيذ عدد من الدورات التدريبية المتخصصة فى كافة المجالات المتعلقة بالموارد المائية، مثل الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ونظم المعلومات الجغرافية وإدارة المياه الجوفية ونوعية المياه، حيث تم تدريب أكثر من 80 متدربا من دولة جنوب السودان فى مراكز التدريب التابعة للوزارة.
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من إنشاء وتجهيز معمل مركزى لتحليل نوعية المياه فى جوبا، ويعد أول معمل متخصص فى جميع مجالات تحاليل المياه، حيث قد تم الانتهاء من إنشائه وتجهيزه بأحدث الأجهزة والمهمات اللازمة لعمل جميع أنواع تحليلات المياه، بالإضافة إلى تقديم البرامج التدريبية إلى طاقم التشغيل الفنى من جنوب السودان، ويساعد هذا المعمل المتخصص حالياً فى الحد من مصادر التلوث، وبالتالى الحد من الأمراض المتعلقة بالمياه فى ولاية الاستوائية الوسطى، التى توجد بها جوبا عاصمة الولاية.
ومن جانبه، أكد أنتونى كون سفير جنوب السودان فى القاهرة، فى المؤتمر الصحفى عقب التوقيع، أن بلاده تنوى التوقيع على اتفاقية عنتيبى، خاصة بعد انضمامها لمبادرة حوض النيل، لأنها تؤمن بأن العمل الجماعى بين دول الحوض أفضل بكثير من العمل الفردى، ويمكن أن يسبب أضرارا كبيرة، وبالرغم من وجود تباين بين دول المنابع ودولتى المصب فى المواقف، فإن بلاده على استعداد للقيام بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر فى هذا التباين، للوصول إلى رؤية موحدة، للاستفادة من مياه النيل لصالح الشعوب.
وأشار "كون" إلى أن التباين يتمثل فى ضرورة إعادة النظر فى الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، بما يحقق الاستخدام المنصف للموارد المائية بالحوض، وأن مبدأ الإخطار المسبق الذى تطالب به مصر والسودان يتعلق بالسيادة الوطنية لدول المنابع، وأيضاً شرط الإجماع فى اتخاذ القرارات، وأن بلاده ترى أن الخلافات القائمة فى حاجة إلى حوار عميق بين الأطراف المختلفة، بما يساعد فى الوصول إلى حلول توافقية.
وأضاف أن مصر والسودان رفضتا التوقيع على اتفاقية عنتيبى، حتى يتم حل الخلافات القائمة بينما كان هناك اقتراح تنزانى فى اجتماع كنشاسا عام 2009، بأن يتم التوقيع، ووضع نقاط الخلاف كملاحق فى الاتفاقية الإطارية، ويتم النقاش حولها فيما بعد، موضحاً أن فوائد العمل الجماعى كبيرة فى إطار ما تحتاجه كل دولة من دول الحوض، والتى تختلف ظروفها من دولة إلى أخرى.
وحول ما يتعلق بمبدأ السيادة الوطنية فى اتخاذ القرارات، ومبدأ الإجماع أوضح السفير أنه يمكن الوصول إلى آلية لا تضر الدول وسادتها، وفى نفس الوقت تحقق مصالح مصر والسودان، لافتاً إلى أن هناك مقترحات كثيرة فى هذا الشأن، يتم دراستها حالياً، وفى نفس الوقت الاستفادة من الخبرات الفنية المصرية لدعم دول الحوض.
وحول تصريحات وزير المياه بدولة جنوب السودان، بعدم اعتراف بلاده باتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959، أكد السفير أنه تم تحريف تصريحات الوزير، حيث كان يقصد أن دولة جنوب السودان ليست فى وضع يسمح لها بتحديد وجهة نظر نهائية فى هذه الاتفاقية، خاصة وأن معظم الزراعات فى ولايات الجنوب تعتمد على الأمطار فى المقام الأول، وبالتالى لا يوجد وجه استعجال لإعلان موقع بلاده من الاتفاقية، مشيرا إلى أن هناك فاقدا كبيرا فى موارد الحوض، لا يتم استغلاله، ومن ثم علينا أن نضع الإستراتيجية التى تسمح بإدارة هذه الموارد التى تصل لنحو 1660 مليار متر مكعب سنوياً، وفقاً للدراسات المصرية بما يحقق الاستفادة للجميع.
أكد السفير أن تأخر تنفيذ بعض مشروعات المنحة المصرية لدولة الجنوب يرجع إلى ظروف خاصة بكل من القاهرة وجوبا، وأنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة انفراجة، وسرعة بمعدلات التنفيذ لهذه المشروعات، التى تعمل على تنمية الموارد المائية للجنوب، وتوفير الاحتياجات المائية المنزلية لأبنائها.
وحول تأخر توقيع اتفاقية التعاون الفنى بين القاهرة وجوبا فى مجال تنمية الموارد المائية، أوضح السفير أنه تم إرسال ملاحظات من قبل وزير المياه بالجنوب، حول بعض بنود هذه الاتفاقية، ويتم حالياً مراجعتها من الجانب المصرى، والرد عليها للاتفاق على الصيغة التى تحقق المصلحة للبلدين، لافتاً إلى إمكانية التوقيع على هذه الاتفاقية خلال زيارة الرئيس سلفا كير المرتقبة للقاهرة.
وزير الرى فى احتفالية توقيع عقود مشروعات بجنوب السودان: مصر مستمرة فى دعم جوبا رغم الظروف الاقتصادية.. ومياه النيل للتعاون وليست للنزاعات.. وسفير جنوب السودان يقول: ننوى التوقيع على اتفاقية "عنتيبى"
السبت، 20 أبريل 2013 02:56 م