أكد سوتس لياسيدس سفير قبرص لدى القاهرة، أن بلاده طلبت من الحكومة المصرية معلومات موثقة للتحقيق فى الأموال المهربة وتتبع أصول أى شخص، مشيرا إلى أنه إذا كانت هناك أموال نقلت بصورة غير قانونية إلى قبرص، فهى لا تزال هناك وسيتم تجميدها.
لياسيدس كشف فى حوار مع "اليوم السابع" أن اتفاق قبرص مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية كان معلوما للمصريين، وأن نيقوسيا لم تتلق شكوى رسمية من القاهرة تقول إن تل أبيب أخذت جزءًا من المنطقة الاقتصادية المصرية.. وإلى نص الحوار:
الأزمة المالية القبرصية استحوذت على اهتمام الكثير من وسائل الإعلام فى الفترة الماضية، وتابع العالم كيف تمكنت الحكومة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى من تجنب إعلان إفلاسها، كيف هو الوضع الآن، وألا تشعرون أن الاتحاد الأوروبى خذلكم بالاتفاق الذى صدقتم عليه؟
حقيقة الأمر، لا أستطيع إخفاء شعور حكومتنا وقادتنا بالإحباط حيال الاتفاق الذى توصلنا إليه والطريقة التى عاملنا بها الاتحاد الأوروبى، وبموجب هذا الاتفاق يتم منحنا 10 مليارات يورو "ما يقرب من 13 مليار دولار أمريكى، ونبدأ فى دفع هذا القرض بعد فترة سماح مدتها عشرة أعوام، على أن يُدفع القرض ذاته فى غضون 12 عاما، أى ستستغرق مدته 22 عاما، بمعدل فائدة 2.5%، وهو معدل جيد بالنسبة لنا بالمقارنة بالعروض الأخرى التى تلقيناها.
وبموجب هذا الاتفاق، وافقنا على عدد من التغيرات، فعلى سبيل المثال، تأثر راتبى الشخصى وكل من يعملون فى السفارة بالقاهرة، وانخفض راتبى فى شهر ديسمبر الماضى بنسبة كبيرة، والآن انخفض مجددا بنسبة تقارب الـ3.5 % أو أكثر، ولكننا مسرورون فعلى الأقل لا نزال نحظى بوظائفنا ولدينا أمل فى مستقبل آمن، كما أنه لا يوجد أمامنا خيار آخر لإنقاذ بلادنا.
فى اعتقادكم، كم ستتأثر حياة المواطن القبرصى بهذه الأزمة، وهل هو راض عن الاتفاق الذى بموجبه يتعرض راتبه للانخفاض وتفرض عليه المزيد من الضرائب؟
لا يوجد أمامنا بديل آخر، فهذه فرصتنا للحصول على قرض بفائدة معتدلة، ولهذا علينا قبول شروط الاتفاق رغم صعوبته، فلا أحد يريد خفض راتبه، وكان هناك احتجاجات ملأت الشوارع بسبب الوضع الاقتصادى وفقد الكثير لمدخراتهم، كما أن البعض حاول تجنب الأزمة بشراء سندات بنكية، غير أنهم فقدوا أموالهم بعد التوصل إلى هذا الاتفاق، فى الوقت الذى تظاهر فيه العاطلون عن العمل، لكننا تمكنا على الأقل من الحفاظ على الوظائف.
وبالطبع هناك عقوبة إذ سيتم دمج بنك "لايكى" مع بنك قبرص ليكون لدينا بنك واحد وليس اثنين كما كنا فى السابق.
لذا تسعى الحكومة القبرصية جاهدة للاستجابة سريعا للمطالب الشعبية بمحاكمة المسئولين عن هذه الكارثة والتحقيق فى كيفية حدوث الأزمة.
من المسئول عن هذه الأزمة؟ هل هو وزير المالية ميخاليس ساريس الذى قدم استقالته؟
سننتظر نتيجة التحقيقات، فالرئيس القبرصى والحكومة عينا لجنة تحقيقات للتوصل إلى السبب الرئيسى لهذه المأساة الاقتصادية التى نعانى منها ومن المسئول عن حل بنك "لايكى"، وعن شراء سندات يونانية فى الوقت الذى يحاول الكل بيعها، ومن المسئول عن عدم الاستجابة بشكل سريع لهذه المشكلات.
واللجنة ستحدد سريعا من المسئول عن إفلاس البلاد، وتتشكل من ثلاثة أعضاء موقرين من قضاة المحكمة العليا وسيستغرق عملها فى بداية الأمر ثلاثة أشهر، ووزير المالية استقال حتى يسهل سيرها، ومحاسبة المسئولين مطلب أساسى للشعب القبرصى، فلماذا يدفعون ثمن أخطاء غيرهم، فلسوء الحظ؛ يدفع أحيانا الشعب ثمن القرارات الخاطئة للمسئولين.
طالبت لجنة الشئون العربية والدفاع والأمن القومى بمجلس الشورى المصرى بضرورة إعادة ترسيم الحدود الاقتصادية مع قبرص، لأنه وفقا لها، فرطت مصر فى هذه الاتفاقية فى جبل "ايراتوستينس"، الذى قالت إنه تاريخيا يقع ضمن الحدود المصرية وفق خرائط مكتبة الإسكندرية التى ترجع إلى 200 سنة قبل الميلاد؟ ما ردكم على ذلك؟
حقيقة الأمر، يتيح نظامكم القضائى للجميع رفع دعوات قضائية ضد أى شخص، فكم من شخص مثلا رفع قضية ضد الرئيس، والجميع لديه الحق فى رفع شكواهم إلى المحكمة، وإذا كان هناك من رفع دعوى قضائية لاعتراضه على هذا الاتفاق، فستفحصها المحكمة بعناية، أما فيما يتعلق بمجلس الشورى، فنحن على دراية بهذا النقاش الذى أثاره أحد أعضاءه، ولكنى لا أعتقد أنه أسفر عن قرارات فعلية، وتقابلت مع رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشورى، رضا فهمى، وأخبرنى بالإجراءات التى اتخذوها وبالمثل شرحت له موقفنا.
وما هو موقفكم؟
موقفنا ينطوى على توقيعنا اتفاقية عام 2003 لتخطيط مناطقنا الاقتصادية الخاصة، واستخدامنا للمبدأ المقبول دوليا لخطوط الطول، وهو جزء من قرار الأمم المتحدة المتعلق بقوانين البحار الذى أقر فى 1992، وكل من مصر وقبرص عضوتين فى الأمم المتحدة وملتزمتان بقراراتها، وسجلنا هذه الاتفاقية فى الأمم المتحدة، رغم اعتراض بعض الأعضاء لعدم اعترافهم بنا كدولة.. وعندما تباحثنا الاتفاقية مع مصر عامى 2002-2003، أعضاء اللجنة المصرية المشكلة من وزارت مختلفة مثل الدفاع والخارجية وجميع القطاعات المعنية بهذا الاتفاق، ولم يكن هناك أى خلافات بيننا فى هذا الوقت وقسمنا الحدود بالتساوى، فمثلا لم نأخذ نحن ثلثين ومنحناكم ثلث، كما لم تفعلوا أنتم كذلك.
ولكن اتهامهم يرتكز على الاتفاق الذى تم بين قبرص وإسرائيل عام 2010، دون دعوة مصر، ألا ينص القانون الدولى بوجوب حضور جميع الأطراف المعنية وأخذ موافقتهم أولا؟
الاتفاقية لا تلزم وجود حضور الأطراف الثلاثة، ولكنها تقول "الاستشارة" معهم أولا، وحينها لم أكن أنا هنا بالطبع (كسفير لقبرص فى مصر)، ولكنى أعلم أننا أطلعناكم على الأمر أولا، وأخبرناكم أننا بصدد الاتفاق مع إسرائيل، كما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين ليلة وضحاها، وإنما علم الجميع بمسعانا. ونحن نحترم للغاية محاذاتكم لإسرائيل. ولا أعتقد أن هناك شكوى رسمية من جانب الحكومة المصرية تقول إن إسرائيل أخذت جزءًا من منطقتكم الاقتصادية.
حدث سوء تفاهم كبير فى نوفمبر الماضى عندما نقلت عنك وسائل الإعلام المحلية قولك إن بعض الشركات القبرصية وجدت حقل غاز داخل الحدود المصرية وإن هذه الشركات بصدد التواصل مع الحكومة لاستخراجه، ولكنكم نفيتم هذا الخبر، ماذا حدث حينها، وما حقيقة الأمر؟
ما قلته حينها هو إننا منحنا شركة "توتال" صفقة الحفر والبحث عن حقول الغاز الموجودة فى حدودنا والمجاورة لكم، وإنه إذا وجدنا حقول تمتد إلى حدودكم فسيتعين علينا التعاون معا لاستخراجها والاستفادة منها وتقاسمها. وأعتقد أنكم ستبدأون هذا الشهر (أبريل) فى منح التصاريح لبعض الشركات لبدء الحفر فى حدودكم، ومن هنا فالتعاون حتمى.. ومن الواضح أن ما سبب سوء التفاهم هو أنى قلت أننا وجدنا حقول غاز كبيرة والمؤشر أن هناك كمية كبيرة من الغاز والنفط، ونتمنى أن تجد مصر هى الأخرى حقولا.
ووجدنا الغاز فى المنطقة القريبة من إسرائيل وليس من مصر، وتسمى أفروديت، وهى بعيدة للغاية عن الحدود المصرية.
وزيرة الخارجية القبرصية السابقة إيراتو ماركولى أكدت فى زيارتها إلى مصر فى سبتمبر 2012 إن حكومتها جمدت بعض الأصول المتعلقة برموز النظام السابق (أحد الـ19 اسما الذين وضعهم الاتحاد الأوروبى)، لكنها لم تذكر من هؤلاء المسئولين وحجم الأموال المجمدة، إلى أى مدى تم تحقيق تقدم فى هذا الصدد؟
حقيقة الأمر، لم يكن هناك تقدم كبير فى هذا الأمر، ولقد أوضحنا للحكومة المصرية أنه للتحقيق وتتبع أصول أى شخص، هناك حاجة ماسة لمعلومات موثقة فلا يمكنك مثلا أن تقول إن شخصا لديه أموالا فى قبرص، فنحقق معه دون دليل، ونحن نتبع العملية القانونية لهذا الأمر ونتعقب الأموال.
وأؤكد لكم أنه إذا كانت هناك أموال نقلت بصورة غير قانونية إلى قبرص، فهى لا تزال هناك وسنجمدها، وفى يونيه الماضى، زار وفد مصرى قبرص لتباحث الأمر.
بعد اشتداد شوكة الأزمة المالية فى قبرص، زاد شعور بعض المصريين بالقلق حيال تأثيرها على الأصول المهربة فى البنوك القبرصية، هل بالفعل يمكن أن تتأثر هذه الأموال بالأزمة؟
إذا كان بعض المصريين لديهم أموالا فى بنك "لايكى" أو "بنك قبرص"، فبالطبع ستتأثر أموالهم، ولكن إن كانت فى بنوك أخرى، فلن تتأثر، وعلى سبيل المثال، إن كانت عائلة مصرية فى قبرص مكونة من ستة أفراد ولديها رصيد فى بنك "لايكى"، فلديهم على الأقل 600 ألف يورو مؤمنين ولن يمسهم أحد، لأنه وفقا للاتفاق الذى توصلت إليه قبرص والاتحاد الأوروبى، يستطيع الفرد الذى يزيد حسابه عن 100 ألف يورو الحفاظ بهذا المبلغ حتى وإن زاد حسابه الأصلى، أما الذين يقل حسابهم عن 100 ألف يورو، فلا يتأثرون كما أن أى مستثمرين جدد فى هذين البنكين لا يخضعوا لهذا القانون الذى يطبق فقط على عملاء البنك حتى 15 مارس، وليس بعد ذلك.
شكا بعض المسئولين البريطانيين والسويسريين عدم توفير الحكومة المصرية للأدلة اللازمة لتعقب الأموال، هل لديكم ذات المشكلة مع الحكومة؟ وهل يمكننا توقع إعلان قريب بإعادتها، على غرار المملكة المتحدة التى قالت إن عام 2013 سيشهد تحولا فى مسار هذه القضية؟
لا يمكن مقارنة الوضع بالدول وبعضها، لأنه مختلف، فعلى سبيل المثال، حجم الأموال فى سويسرا معروف لديكم بـ700 مليون فرانك، أما حجم الأموال فى قبرص فهو أصغر من هذا بكثير، وحقيقة الأمر، لا أستطيع توقع حدوث أمر مماثل قريبا، فهذه العملية يحكمها القانون كما هو الحال لديكم، وأؤكد أنه لا ينبغى القلق فنحن لن نخفى أية أموال بل إن كانت هناك أية أموال مصرية نقلتها شركات أو أشخاص بصورة غير مشروعة، فسنتعقبها ونجمدها ونعيدها.
بعد الأزمة المالية الطاحنة فى قبرص، شعر بعض المصريين بالقلق البالغ حيال مواجهة مصير مماثل برغم اختلاف أسباب التعثر الاقتصادى، ما تعليقكم على ذلك؟
لا أعتقد أن هناك داعى للقلق لمواجهة مصير مماثل، فأولا مصر دولة أكبر من قبرص، ولكن السبب الأكبر الذى سيحول دون وقوع أزمة مماثلة هو العملة، فنحن جزء من مشكلتنا متعلق باليورو، لأننا لا نتحكم به وإنما يتحكم به البنك المركزى الأوروبى فى ألمانيا.
أنتم فى مصر لديكم عملتكم ويمكنكم فرض السياسات المالية التى ترونها مناسبة، أما سياساتنا المالية فيتم وضعها فى فرانكفورت، أما أنتم فلديكم البنك المركزى الخاص بكم، ولديكم حكومة تستطيع أخذ قراراتها منفردة لحماية الجنيه والاقتصاد، فالاتحاد الأوروبى على سبيل المثال فرض علينا بعض السياسات للخروج من الأزمة، وأخذ الأموال من المودعين. ونحن لسنا سعداء بذلك، أما أنتم فلا يفرض أحد عليكم ذلك، وأنتم لديكم الكثير من المداخل المالية، سواء واردات وصادرات أو عملة صعبة، وبالطبع أنتم تتأثرون بالأزمات العالمية وبأسعار النفط والطاقة، فهذا جزء من عولمة الاقتصاد.
ولكن هناك اتفاق صندوق النقد الدولى الذى يفرض على الحكومة المصرية وضع خطة اقتصادية صارمة تضمن رد القرض؟
القرض الذى ستأخذونه من صندوق النقد الدولى لا يتجاوز 4.5 مليار دولار، أما القرض الذى أخذناه نحن يبلغ 13 مليار دولار، ونحن بالمقارنة مع مصر، دولة أصغر بكثير، ولا أعتقد أن الشروط ستكون بصعوبة اتفاقنا.
كم من الوقت قضيت فى مصر، وكيف ترى الوضع فى مجمله من وجهة نظرك؟
جئت إلى مصر قبل عامين، بعد الثورة وحقيقة الأمر أشعر بسعادة كبيرة لأن مصر بالنسبة لنا دولة هامة للغاية، وأكثر ما يسعدنى هو مدى تقاربنا وتشابهنا، فأول شىء تخشاه وأنت فى دولة أجنبية هو عدم ملائمتك للمكان وكيف ستعيش وتتواصل مع المجتمع، ولكن وجودنا هنا فى مصر سهل ومريح للغاية، فأنا عندما أذهب إلى أى مطعم أسأل عن معنى الفلافل أو الكباب، فنحن نأكل نفس الطعام، بل نحن متشابهون فى سلوكياتنا وقيمنا العائلية وكرم ضيافتنا سواء كنا فقراء أو أغنياء، فرغم أننا جزء من أوروبا، إلا أن تقاليدنا مختلفة، خاصة فيما يتعلق بالعائلة وأفراد الأسرة، لهذا نحن أقرب دولة أوروبية لكم. كما أن المصريين الذين يذهبون إلى قبرص لا يجدون أى صعوبة فى التلائم مع المجتمع هناك.
أما فيما يتعلق بالوضع، فأنتم تتمتعون بالديمقراطية الآن وهناك تغيرات جذرية تحدث، ولا يمكنكم أن تتوقعوا أن الأمر سيتغير بين ليلة وضحاها، والديمقراطية تستغرق وقتا ويصعب أن يتفق الجميع على أمر ما، وهذا هو لب الديمقراطية، وأجريتم انتخابات رئاسية وبرلمانية وبدأتم تتمتعون بحريات لم تكن موجودة من قبل، وأثق أن الشعب المصرى سيمر من هذه المرحلة، فرغم الأزمة الاقتصادية، إلا أنكم بلد كبير تمثل سوقا لنفسها، ولديكم أيدى عاملة ماهرة، ومهنيون وحرفيون، ومتعلمون ومثقفون كما أن لديكم أرضا خصبة وغنية، ربما أكثر الأراضى خصوبة فى العالم، ولديكم احتياطى غاز والنفط، فأنتم أرض بها زراعة وصناعة، ولديكم جميع المكونات التى تجعلكم متفائلون حول مستقبلكم.
سفير قبرص فى القاهرة: لا نخفى أموال نظام مبارك وإعادتها لمصر مشروطة.. لياسيدس: اتفاقنا مع إسرائيل معلوم للمصريين.. ولم نتلق شكوى عن حصول تل أبيب على جزء من المنطقة الاقتصادية
السبت، 20 أبريل 2013 10:32 ص
سفير قبرص بالقاهرة سوتس لياسيدس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مغربى قاسم القبانى قنا
المخلوع الكنز الاستراتيجى لاسرائيل الذى لم ينتخبه الا اسرته كل همه ليس مصر و زلمن كم ينهب