محمود البدرى يكتب: مرسى مش نبى

الخميس، 18 أبريل 2013 09:42 م
محمود البدرى يكتب: مرسى مش نبى الرئيس مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 أسرف الكثيرون فى تطلعاتهم وأحلامهم وآمالهم وتوقعاتهم وفى توقيت حصاد ثمار الثورة المصرية، فى ظل غيابٍ للوعى السياسى بتاريخ الثورات وما يعقبها من مصاعب ومشاكل تحول دون تحقيق أهدافها كاملة وبالسرعة التى يُتطلع إليها.

وعلى قدر مساحة وحجم القهر والظلم والتعذيب والاضطهاد والفساد والإفساد وتردى الأحوال الاقتصادية والمعيشية والمجتمعية، وتدنى الأحوال النفسية والمعنوية للمجتمع المصرى، على قدر ما علقت وتعلقت الآمال والأحلام والأمانى والتطلعات والتوقعات بنتائج حصاد الثورة - الذى تم انتظاره على يدى أول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة يناير – مما كان له الأثر والمردود السلبى بعد حقائق تجلت على أرض الواقع لم يهف إليها خيالهم ولا صادفوه فى كوابيسهم.

وبرغم توقع السواد الأعظم لتحديات وصعاب ستواجه الثورة المصرية من أعداء كُثر بالداخل وأكثر بالخارج، إلا أن كل التوقعات والتفسيرات الصادرة من الساسة والمحللين والخبراء وحتى العامة لم تصل الى ما وصلت اليه الثورة المضادة من حدتها وشراستها، وهو أمر لابد أن نعترف ونقر به.

بالغ الكثير من المصريين فى تفاؤلهم بقدوم الرئيس مرسى وهو الخطأ الذى وقع فيه الجميع دون إستثناء، خاصة بعد التخلص من الماضى السحيق بمرشحه الذى قُرب لوأد الثورة بسنينه العجاف التى تشقق فيها وجه مصر بعد عناء وشقاء وقهر وإضطهاد مورس من قبل المخلوع وعصابته.

لكن الخطأ الأكبر - والذى وقع فيه البعض بدافع الحب والتأييد وبعضا من نفاق – هو إضفاء صفات الأنبياء والرسل والصحابة على الرئيس مرسى والذين كادوا أن يصلوا به الى القدسية، وهو ما رفضه كثير من المنصفين بمن فيهم - فى إعتقادى - الرئيس.

فلقد أسهب الكثير من أئمة المساجد والخطباء والمحللين خاصة من المؤيدين فى مدح الرئيس، فأسبغوا عليه عطاياهم بإلباسه حُلة من صفات وتشبيهات كتشبيهه بعمر بن الخطاب، وأنه من أحفاد العمرين ابن الخطاب وابن عبد العزيز، وأنه خير الناس على وجه الأرض، وأن مصر – المسلمة منذ القدم – لم تعرف طريقها الى الله إلاً بقدومه، وأنه كالنبى – وهو ليس بـ نبى - فى عداوة الكفار للرسول والمعارضين له، وأنه المهدى المنتظر.

ومع عٍظًم هذه الأمال والأحلام والطموحات والتوقعات إضافة الى الإسهاب فى إضفاء الصفات والقدرات الخاصة للرئيس - من قبل بعض غير المدركين من المبالغين والمادحين - مما صنع للناس صورة مثالية وخيالية تبتعد كثيراً عن أرض الواقع المرير الذى تحياه البلاد، مما تسبب فى ضرراً بالغاً للرئيس والشعب على السواء.

فقد ساهم هؤلاء فى صناعة صورة أقرب إلى الأسطورية للرئيس وأنه يمتلك زر التغيير وهو ما يستوجب بالضرورة تغيير الحال إلى أحسن حال فى عشية أو ضحاها وهو ما أضر به، حيث تسبب ذلك فى وضع قيود جمًة على أدائه فكانوا عبئاً عليه، فزادوه أثقالاً على أثقاله، بل لا أبالغ أنهم أهدوا معارضيه والثورة المضادة رأس الحربة التى صوبت تجاهه.

وفى نفس الوقت فقد ساهم ذلك الضرر فى إفتقاد الناس القدرة على إستعدادٍ للإنتظار أو الصبر أو التحمل لمواجهة الصعاب المنتظرة والمتوقعة أضف الى ذلك استعجال النتائج المرجوة بسرعة ولهفة أكبر لتحقيق أحلامهم، ومن ثم عدم القدرة على التضحية.

والأكيد أن الرئيس مرسى ليس نبياً بل أنه بشر يخطئ ويصيب، وليس وحيا يوحى، وأنه لا نبى بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وأن عصر المعجزات انتهى بنهاية عصر الأنبياء.

لا أنكر على الرجل تدينه وتقواه وورعه وإخلاصه – نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحداً- والذى لا يعلم مداه إلا خالقه، غير أننى أُخطئه فى مساهمته فى صناعة الصورة الوردية منذ أن  اعتلى منصة التحرير فزادت الآمال وتعلقت به الطموحات، كما كان واجباً عليه أن يخرج عن صمته بإنكاره لتلك التشبيهات والمقارنات، كما أنه قصر فى عدم مكاشفته ومصارحته بحقيقة الأوضاع وصعوبة المرحلة والتحديات والصعاب التى ستواجه الأمة وضرورة الاستعداد لذلك الأمر، أضف إلى ذلك عدم وجود رؤية ورؤى واضحة يمكن أن يستشف بها المواطن الكادح أملاً يعينه على مصائب العيش والعيشة فى مصر.

نعم هناك حرب شرسة من الثورة المضادة التى كشرت عن أنيابها بعدما أظهرت وجهها القبيح، وبعد استماتة فى محاولاتها لوأد الثورة المصرية أملاً فى عودة النظام البائد وإن اختلفت صوره وأعوانه، وهو ما لم يخف على أحد من المرشحين للرئاسة أو على الساحة أو حتى الشارع المصرى.

لابد من إعادة تبصير الناس بصعوبة المرحلة وشدتها وقسوتها إضافة الى الأوضاع الاقتصادية المتردية، بشرط أن يتزامن ذلك مع التصدى بكل حزم وشدة للثورة المضادة والتحول من سياسة الدفاع إلى سياسة الهجوم وبشراسة، وضرورة الاستماتة فى إعادة الأمن المفقود منعاً للانهيار الحادث.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة