يبقى العدل أساس الملك، وتفوق الإنسانية نصوص القوانين ولا عدل إلا بقضاء شامخ، ولا إنسانية إلا بقلوب رحيمة وتزول الجريمة ويبقى عقابُها ويندثر الظلم هالكاً للظالم وتُرتجى الرحمة فى كل الأحوال.
تابعت مصر ومعظم دول العالم إعادة محاكمة الرئيس السابق مبارك ونجليه وحبيب العدلى وزير داخليته، التى انتهت باستشعار هيئة المحكمة الحرج فى نظر تلك القضية.
وبعيداً عن القضاء عندما شاهد المصريون مبارك داخل قفص الاتهام وهو فوق سريره المتحرك للمرة الثانية انقسمت وجهة نظر المصريين إلى وجهتين الوجهة الأولى تنادى بالقصاص والوجهة الثانية تنادى بالرحمة.
بالنسبة لوجهة النظر الأولى التى تنادى بالقصاص فأغلبهم ممن ظُلموا فى عهد الرئيس السابق فعندما يتذكرون الظلم الذى وقع عليهم وعندما يتذكرون لحظات تشرد أسرهم، وأقصد هنا من تم اعتقالهم فى سنوات الطوارئ وكل أم استشهد ابنها فى أيام الثورة على الفساد والمفسدين وكل زوجة استشهد زوجها وكل مصرى رأت عيناه الموت لحظات وجوده فى الميادين، بل ربما أخطأته الرصاصة وذهبت بعشوائية لتسكن فى جسدٍ قريب منه، فتلك الرصاصة عندما تطلق عليك وتُغمد فى صدر غيرك فهى تقتُلك مرتين، فلا قصاص يكفى وقتها ولا أحد ينتظر عدلاً، فدم الشهيد غال وثمن الحرية باهظ، وعندما يُذكر الوطن فلا نفوس تُقارن، ولا أرواح تُدخر، وربما لولا سلب النفس لما طالب هؤلاء بالقصاص فالمصرى ذو قلب كبير يبتسم عند أكبر الكوارث لكن يؤلمه بشدة جرح يصيب مصريا مثله.
ووجهة النظر الأخرى التى تنادى بالرحمة تنصبُ من تذكرهم لما قدمه مبارك لمصر فى أوقات الحرب وريادته للضربة الجوية وسعيه فى أوقات السلام للحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه وإنشاء المصانع والكبارى والعديد من سبل التطور التى لاحظها المواطن واستفاد منها لكن للأسف تمت دون عدالة فى التوزيع، فهم ينظرون لمبارك على أنه بطل فضل وطنه على نفسه حينما طُلب منه الرحيل لم يحرك ساكناً سوى بالاستجابة لمطلب الثوار ونظراًَ لحبه الجم لوطنه مصر لم يتركها ويرحل عنها ولم يطلب اللجوء من أى دولة خارجية على الرغم أن أى دولة عربية كانت سوف ترحب باستضافته وعلى رأسهم دولة الكويت وأى دولة أجنبية أخرى سترحب أيضاً وعلى رأسهم الدولة العبرية، فمبارك من وجهة نظرهم فضل الموت فى وطنه عن الهروب مما يثبت براءته مما أُنسب إليه من تُهم، فهو رجل سنه الآن فوق الثمانين عاما.
ويبقى صراع القصاص والعدالة من ناحية وصراع الإنسانية والرحمة من ناحية أخرى يجوب نفوس المصريين ولعل عندما لوح مبارك بيده لمناصريه وابتسامته لهم.. رسمت هذه الإشارة شبه ابتسامة فى نفوس المصريين وكأنهم يقلون أن رئيس مصر لابد وأن يظل مبتسماً سواء كان فى الحكم أو خارجه، لكن يظل الصراع قائماً بين العدل والرحمة فهل يُؤيد الحكم السابق على مبارك بالحبس خمسة وعشرين عاما،ً أم سوف تغلب الرحمة ويخرج من سجنه طليقاً ليشم هواء وطنه، كما ولد فيه من قبل، وفى كل الأحوال أنا على يقين أن مبارك سوف تُنصبُ له جنازة عسكرية كبيرة بعد وفاته لكن هل سيأخذ تلك الجنازة من بعد حرية يعطيها له القضاء أم أنه سيأخذها من خلف القضبان. .. ولا يَسعُنى فى النهاية إلا أن أقول "ليت البراءةَ تُشترى".
ميزان العدالة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
البا تروس الجريح
ليته يكون صدام الاخر
عدد الردود 0
بواسطة:
العدل اساس الملك
اعدام مبارك هو الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
الكاتب/ محمد صبرى درويش
تبقى نفوس المصريين جريحة !!!