فى آخر حلقة من حلقات المجموعة الثانية للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل "مصر أين وإلى أين؟" على شاشة فضائية السى بى سى مع الإعلامية لميس الحديدى، والتى خصصها حول "إيران"، ولأنه من المتبحرين فى الشأن الإيرانى، وشاهد على حقبة من تاريخ العلاقات المصرية والإيرانية، ولأنه افتتح باكورة كتبه على الإطلاق بإطلالة على هذا الملف من خلال كتاب "إيران فوق البركان "، وكان الأكثر مبيعاً، ثم الكتاب الثانى "عودة أية الله"، وفى ضوء هذه الإطلالة قدك هيكل قراءة أخرى متميز لهذه العلاقات ومستقبل الصراع فى المنطقة ودور الإخوان الجديد فى إحياء العلاقات المصرية الإيرانية.
وكعادة كل حلقة عرج الكاتب الكبير على الشأن الداخلى بداية من أحداث بوسطن والتى نفى وجود تشابه بينها وبين أحداث سبتمبر الأولى قائلا " أن سبتمبر الأولى كانت ذريعة استخدمتها الولايات المتحدة لشن حرب وهمية لتغطية تراجعها فى امبراطوريتها العالمية عندما اكتشتفت أنها لم تعد بمفردها.
وحول الإفراج عن مبارك قال أن المشهد الذى بدى به فى القفص وهو يلوح لأنصاره عبثياً ولكنه استكمال لمسلسل عبثى بدأ منذ تعامل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع مبارك عندما بدأ بصفقة ذهب بموجبها إلى شرم الشيخ، ثم الغضب مع بداية إجراء مبارك لاتصالات ثم وضعه فى طرة.
وقال كان يجب أن يعامل مبارك معاملة الرئيس السابق، وأن يكون هناك حلاً ضمن حلين إما وداعه مثلما حدث فى ثورة 52 مع الملك فاروق ورحيله، أو حبسه فى أحد قصور الرئاسة والإقامة الجبرية له حتى تثبت إدانته، وقال أن المحاكمة كان يجب أن تمر من خلال اتجاهين أولهما المحاسبة السياسية وهى الأساس ثم الجنائية.
◄ دائما نبدأ بالشأن الجارى ونبدأ من محطة انفجارات بوسطن والقلق من أن يكون مرتكبوها مسلمين أو عرب وهل هذا القلق يحى من جديد ذكريات سبتمبر مرة أخرى والحرب على الإرهاب؟
*أظن أن هناك فرقاً كبيراً بين الحالتين وأقصد هنا أن ما جرى فى بوسطن لم يثبت حتى الآن أن مرتكبيه عرب أو مسلمين والرئيس أوباما قال إنهم لم يجدوا صلة بينه وبين تنظيم القاعدة، وعلى أية حال لا أعتقد أنها تقاس على أحداث سبتمبر فالحادى عشر من سبتمبر كان بها عنصران الأول هو أن الإمبراطورية الأمريكية كانت قد بدأت فى التراجع كقوة وحيدة وإمبراطورية قوية، وأنها ليست القوة الوحيدة التى تقود العالم وكانت تحتاج إلى تغطية هذا التراجع، فهى كانت تريد وقتها فى واقع الأمر أن تخوض معركة وهمية، أما العنصر الثانى فى معطيات سبتمبر هو أن الولايات المتحدة وبحسب ظنى كانت تحتاج إلى نزول عسكرى مكثف فى المنطقة، وهذه المرة ليست محتاجة إلى ذلك، لأن المنطقة كلها تغير شكلها تقريباً وهى مدمرة تقريباً بالكامل والأمريكان موجودين بالكامل فى المنطقة بل والمنطقة هى التى تسعى لهم وبالتالى الظرف الدولى مختلف، وظرف أمريكا مختلف أيضاً فقد تكون حادثة إرهابية أو خلل من أحد معين موجود، وتذكرى أننا حتى الآن لم نعرف من قتل الرئيس كنيدى أو يعرفونه لكن لا يعرفون دوافعه؟ أو من وراءه بالأساس وأعتقد أنه فى الغالب ستكون كذلك، وحتى لو فرضنا أنه ثبت أن من قام بها مسلم أو عربى فإنى لا أظن أن القياس مع أحداث سبتمبر وارد.
مبارك وإخلاء السبيل.
◄ لو عدنا إلى الوضع أو الشأن الجارى فقبل أيام كان هناك إخلاء لسبيل مبارك، لأنه تجاوز الحبس الاحتياطى وقبلها بجلسة واحدة بدى مبارك جالساً بوضع صحى أفضل ويلوح لأنصاره بل ومبتسماً والجميع اختلف فى تفسير ذلك؟
*سأقول لكى شيئاً أعتقد أنه مشهد عبثى، ولكن مشهد عبثى يكمل سلسلة سابقة من المشاهد العبثية، لأنى أعتقد أن من أهم أخطاء المجلس العسكرى، هى طريقة التعامل مع مبارك فى بداية الأمر المجلس العسكرى كان أمامه حالة لم يستطيع أن يوصفها بالتحديد ولم يجد الطريقة التى يمكنه من خلالها التعامل مع مبارك صحيح الثورة كانت ضده بالأساس ولا خلاف على ذلك، لكن الخطأ الشديد كان فى المرحلة الأولى للعسكرى أنه تركه فى شرم الشيخ يفعل ما يشاء، وبدى من الواضح أنه يجرى الاتصالات من هناك، وأظن لفت النظر إلى هذا وحدثت مشكلة وقتها ثم أتو به إلى القاهرة ولكن لعدم معرفتهم كيف يعامل رئيس سابق ولو كان تحت المحاكمة؟ وهذا الرئيس حكم البلاد ثلاثين عاماً كان على رأس السلطة، وكانت هناك ثورة ضده، وأردنا محاكمته فهناك طرق عدة إما أن يرحل ويترك الموضوع أو يتم محاكمته سياسياً، وهذا لم يحدث رغم أن هذا كان الواجب، والثالث بعد ذلك وهو أبعد الأشياء التى تصنع مع رئيس دولة أن يحاكم جنائياً، فعندما يخلع رئيس لابد أن يعامل حتى يثبت إدانته بطريقة لائقة.
◄ماهى برأيك؟
*بمعنى أنه كان يوضع فى أحد بيوته القصور الرئاسية، ويتم تحديد إقامته، وسأعطى نماذج للثورات الجامحة مثلاً الثورة الفرنسية التى أطاحت بالملك كان الملك وقتها موضوع تحت الإقامة الجبرية فى قصر تواريه ولم يقبض عليه إلا عندما حاول الهرب والاتفاق مع قوى أجنبيه فى الخارج وبقايا النظام الملكى وبدأت مهاجمة الحدود حيث تم الإمساك به على الحدود أثناء محاولة الهرب وتذكروا أنه ظل فى القصر عامين ولم يقبض عليه إلا بتهمة الهرب.
◄ لكن لو كان بقى؟
*لو كان قد بقى كان سيبقى فى القصر حتى يحاكم وسأقول لكى مثال آخر فى ثورة 1952 الملك فاروق تم توجيه إنذار له أن يغادر ويتخلى عن العرش وأمامه فرصة حتى السادسة مساءً من السادس والعشرين من يوليو والحقيقة غادر وتخلى وكان فى وداعه فى هذا الوقت رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء والسفير الأمريكى وبالتالى نحن كان لدينا نظام موجود فى السلطة 30 سنة ويجب ونحن نثور ولدينا أسباب ومبررات حقيقية لهذه الثورة، أن نراعى هذه الإجراءات التى تحكم كرامة الشعوب.
◄ كرامة الشعوب؟
*كرامة كل من يأتى بعده، لكن ما حدث من العسكرى أنه أخطأ فى فهم ما جرى ولم يتصور أنها ثورة، وتركه فى شرم الشيخ فأتو به إلى القاهرة ثم سجن فى طرة، وأنا أعتقد أن الفكرة المسيطرة وقتها أنهم سيدخلوه زنزانة فيبرد قلب الناس وهذا فى اعتقادى ليس تصرفاً سياسياً، ولا يليق أن يوضع رئيس سابق فى زنزانة فى طرة وهناك أصول لعمل الأشياء، حتى فى الثورة، لها مسار معين، ولا أعلم حقيقة الصفقة المبرمة التى بمقتضاها ذهب وكان الوضع الطبيعى أن يرفض ذلك.
◄ لكن ماذا إذا لم يقبل؟
*هو قبل وأظن أن هناك نوعاً من الاتفاق وأعتقد فى آخر مرة قد ظهر فيها "برطم" وكأن ما حدث مخالفا لما توقعه، والمشكلة أننا نسير المشاكل ليوم واحد لكن لا نستطيع أن ننظر ببصرنا لما هو أبعد من يوم واحد لأن قدرتنا على التخطيط نفسها قصير.
◄ لكن عندما لوح لأنصاره ما هو تفسيرك النفسى لذلك؟
* أعتقد أنه مشهد عبثى رئيس سابق وراء القضبان ثم يلوح بيده لثلاثين أو أربعين شخصاً داخل المحكمة، وهذا لا يعنى شيئاً لكن الدلالة فيه أن كل الإجراءات التى اتبعت معه كانت خاطئة، وكان يجب أن يحاكم بطريقة طبيعية وأن يحاكم سياسياً وأن لا يوضع فى زنزانة فى طرة رأيت هذا عندما كنت فى طرة صحيح كنا صحفيين أو سياسيين وكان معنا رموز الدولة فى هذا الوقت سراج الدين وغيره لكن هذا رئيس دولة مثلنا ثلاثين عاماً وأذكر أنى حدثت بينى وبين أحد أعضاء المجلس العسكرى مشادة عندما قلت ماذا يفعل مبارك فى شرم الشيخ؟ وقال لى وقتها نحن عظمنا له طيلة ثلاثين عاماً ولا يعقل أن ننتقل من النقيض إلى النقيض وسأضرب مثالاً أخراً، شارل الأول مثلاً وقد حوكم فى إنجلترا فى البرلمان ووضع كرسيه أمام رئيس البرلمان لأنه كان متهماً سياسياً وحوكم وهو جالس فى ذلك الوقت وتم إعدامه.
◄ لكن هناك بعض الغاضبين حتى من فكرة إخراجه القضائى؟
*لهم الحق فى أن يغضبوا وسأقول لكى شيئاً لأن الأسلوب الذى اتبع برمته منذ البداية كله شاع فيه المناورة أكثر ما شاع فيه أسلوب المواجهة، وفى مثل هذه الظروف أكثر ما يصون التصرفات السياسية أن يكون فيها استقامة واضحة أمام الناس لا أقول هنا أخلاقى فقط وحتى لو قلنا هذا فإن ثمة فارق، الشعب الذى يثور يطلب أحياناً التغيير وليس بالضرورة الانتقام ويطلب حساباً وليس بالضرورة اغتيالا وأنا من الأشخاص التى عارضت مبارك منذ أول يوم حتى نهايته، لكن هناك بلد وهناك ثورة، وهناك مؤسسات وأصول وتاريخ أمامنا لا نقرأه، مشكلتنا أننا نحاور ونناور، ثم يكون أمامنا خطوة نسد بها ذريعة هذه اللحظة ولا نفكر فيما بعد.
الجارديان والجيش.
◄ إذا انتقلنا إلى تسريبات الجارديان البريطانية حول تقرير تقصى الحقائق وما سرب أو قيل أن الجيش تورط فى التعذيب فى فترة الثورة ثم لقاء بدى أنه غاضب بين الدكتور مرسى والفريق السيسى وقادة الجيش؟
*المشهد كله فى مصر مرتبك، أحياناً أتذكر نكته كانت شائعة فى عهد مضى أن ثمة شخص كان مسافراً وذهب معه صاحباه لوداعه وإيصاله وأعتقد أن الشخص هنا فى حالتنا، هو الشعب المسافر إلى الثورة والصاحبين هما المجلس العسكرى والحياة السياسية والمهم أن نتيجة النكتة أن المسافر كان سيفوته القطار فسقط على الرصيف وواصل الصديقان السفر ليس كذلك فقط بل أنه لا يعرف أين ذهب الشخص الذى كان واقفاً، الآن نحن أمام النظرة الجنائية خاطئة جداً من الممكن أن يحدث فى عمليات معينة عمليات قتل ومصائب لكن عندما نحاسب لابد أن نضع الأمور فى نطاقها السياسى والزمنى وعودة إلى تقرير الجارديان قد يكون صحيحاً، وقد قرأت التقرير وهو مفزع، لكن هو تقرير جنائى، وفى لحظة معينة يجب إلا نأخذ جريمة منعزلة فى إطار من عدم الفهم المتبادل بين الأطراف، وما يقع أيام الثورات ويمكن أن تحاسب عنها لكن لا تحاسب عنها بمنطق الأثر الرجعى، وعلى سبيل المثال عندما نأتى لمحاسبة مبارك عن قتل المتظاهرين لا يجب أن تكون هذه هى التهمة الرئيسية أو الحقيقية التى يجب أن توجه له، هذه مسائل العالم كله بحثها ما هى المسئولية السياسية وما هى المسئولية التنفيذية؟ وما الذى يفعل فى زمان الحروب والثورات؟ وفى زمان الحروب ونحن رأيناها فى محاكمة قادة النازى السابقين حتى هؤلاء قالوا لقد كنا تحت سلطة الدولة وقتها ونفعل ذلك ضمن هذا الإطار؟ حتى لو تحدثنا عن النياشين كيف تحدث؟ هى تقدير للناس الذين تجاوزوا حدود الواجب بمعنى دورهم المطلوب ممكن يكون التجاوز بالشجاعة والجرأة فى الثورات والحروب، وارد يحدث عنف، لكن كل ما أقوله أن هناك شىء واحد فقط لابد أن يكون هناك قاعدة عامة للحساب عنها، لكن أطلب أولاً أن توضع فى إطارها السياسى، وثانياً أن لا تستغل فى الصراع بين الأحزاب لأن تقرير الجارديان مسرب من مصر بنية إحراج طرف.
◄ إحراج الجيش؟
*هذا صحيح لا يوجد مؤسسة أو أفراد معصومون من الخطأ أو معصومين من تجاوز يستوجب الحساب، لكن أريد أن أقول شيئاً من فضلكم نريد أن نفعل شيئاً طبقاً لقاعدة شفافة أمام الناس كلها طبقاً لمبررات وحيثيات مقبولة ومعروفة.
◄ هل لديك معلومات أن اللقاء الذى جمع الدكتور مرسى وقيادات الجيش كان لقاءً غاضباً بالفعل؟
أظن، وأنا ليس عندى معلومات حتى أكون أمين، لكن أعتقد إنه لم يكن غاضباً فهو عاتباً، فنحن أمام صورة مرتبكة جداً ومحاولة أى طرف فى هذه اللحظة غير مفهومة، لكن هناك شىء ما غلط، لأن السياق من أول لحظة كان فيه خطأ التشخيص وأجواء مراوغة لا لزوم لها، وعمليات إخفاء وتصرفات يوم بيوم.
◄ لكن أنت إذا طلب منك وقتها أن تنصح المجلس العسكرى ماذا كنت ستقول له؟
*كنت سأقول له ببساطة وكنت أفضل التصرف الذى رأيته فى عام 1952 اخرج وانتهى الموضوع أو ستكون فى هذا المقر إجبارياً لمدة طويلة حتى تنتهى كافة التحولات الثورية.
◄ هل كانت الناس الثائرة فى الشوارع سترحم المجلس العسكرى؟
*الناس التى كانت فى الشارع وقتها وأنا لم أذهب إلى التحرير، لكنى رأيت صورهم، كانوا وقتها مستعدين أن يصغوا لصوت العقل وأنا رأيتهم من خلال الصور الشعب يريد إسقاط النظام، ولو خرج أحدهم وقتها بخطاب محترم قادر على مواجهة الحقائق، وقال أن هناك جرائم وهى سياسية وليست جنائية، الغريب أنهم يحاولون محاسبة مبارك بقوانيه ودستوره.
◄الآن هناك لجنة طبية تتوجه لمعاينة صحة الرئيس السابق وفحصه لأنه ربما بدى جيداً وربما على إثر ذلك أن يعود لمحبسه؟
*لست من أنصار إنه بدى جيداً أعيده إلى محبسه لأنه منطق فى الأشياء صغير جداً ولا يليق برئيس دولة يحاسب جنائياً وسياسياً، وتذكروا أن دولة مبارك لم تكن فساد دولة، ولكن فساد مؤسسات، وإذا أردنا الحساب فنجعل ذلك حقيقياً وبإجراءات جنائية سليمة، ولكن الحساب الحقيقى له هو الحساب السياسى فكيف أوصل البلد إلى هذا الحال؟
صندوق النقد المعارضة
◄ إذا انتقلنا إلى شأن آخر جار وهو زيارة بعثة صندوق النقد الأخيرة التى غادرت القاهرة دون توقيع، لكنها أثناء الزيارة وهذا جديد التقت المعارضة، كيف بدى لك هذا وهذه أول مرة؟
* لابد أن أقول هنا أن لدى تحفظ على المعارضة، وعتاب عليها لأنه بوضوح شديد هذا عمل من أعمال السلطة التنفيذية، وتسيسه حزبياً خطأ، الصندوق موجود يتحدث مع حكومة موجودة لها سلطات الحكومة وعلى قضية محددة، وفى مجال السلطة التنفيذية وليس فى مجال الجدل السياسى، وماذا ستقول المعارضة لصندوق النقد لا تعطى؟ هذا عبث، الإعطاء هنا له قواعد وضمانات وشروط لابد من استيفائها ولن يكون ذلك إلا من خلال الحكومة، وبالتالى إذا ذهبت المعارضة وتحدثت فإنه سيؤدى إلى تشكيك الأطراف الدولية فى مصداقية الموضوع، وبالتالى تتردد وهى بالفعل مترددة منذ البداية.
◄ لكن الصندوق هنا أراد التوافق والفكرة هنا أنه لا يوجد مجلس للشعب؟
*ليس صندوق النقد هو الذى يحدث التوافق.
◄ اقصد التوافق على القرض؟
*هم يتفاوضون مع حكومة موجودة ودولة موجودة قائمة حتى لو لدينا رأى فهذا عمل من أعمال السلطة التنفيذية، ولا ينبغى تسيسه حزبياً وأنا قلت هذا الرأى ونقلته لبعض أعضاء جبهة الإنقاذ، لكن كان لهم رأى مخالف، والعذر قد يكون لهم فى هذا الزخم السياسى ومحاولة وصولوهم إلى الأضواء أو للمشاركة بشكل أو بآخر وشكل خطأ هذه اللحظة ينبغى أن تكون هناك حدود واضحة وفاصلة هذا عمل من أعمال السلطة التنفيذية، ولا ينبغى التدخل فيه.
قروض قطر وليبيا
◄فى نفس الوقت مصر اقترضت 5 مليار دولار 3 مليار من قطر و2 من ليبيا سواء فى شكل قروض وسندات أو ودائع تضاف إلى قروض أخرى كانت قد اقترضتها فى وقت سابق؟
*لآ استطيع معارضة ذلك فى واقع الأمر فالبلد واقعياً فى أزمة خانقة، وكنا قد وصلنا إلى مرحلة أن الطاقة قد لا تكفى حتى للإنارة فى البيوت أو المصانع النظام فى هذه اللحظة أمامه أمرين الأول ما يسمى الطارئ والعاجل الذى يواجهه ثم الأجلين المتوسط والطويل، أعتقد أنه فى مجال القريب فى هذه اللحظة هذه أزمات تداوى على طريقة الاستلاف وليس بطريقة أخرى، فعندما يؤخذ قرض من هنا أو هناك فالديون تتزايد وهى متزايدة بالفعل منذ فترة لكن السؤال ما هو الحل إذا توقفت المصانع أو حدث نقص كبير فى الوقود أو السولار أو عدم وجود مياه للشرب؟، لابد أن نعطى لبرنامج الإسعاف العادى أن يقوم بدوره وإن أخطأ فى وقتها فلابد أن أعطيه عذراً.
◄ هل يقلقك الآن أن هذه الديون تراكمت من خلال دولة واحدة فقط وهى قطر وبلغت 8 مليارات دولار؟
*ليس هكذا، لكن على أية جال حتى لو صدق الرقم فلا أملك إلا قول "كتير خير الدنيا" لماذا يحزن الناس فى حالة الإسعاف باستمرار نحن نمد أيدينا ونأخذ دواء، وان كانت قطر قد بادرت بمساعدة أو تأجيل أزمة أو تخفيفها لا أرى بأساً فى هذا، ولكن على أية حال خير من يقف متفرجاً علينا ويتركنا نقاسى؟
◄لكن البعض قلق من أن هذه القروض قد تؤجل فكرة الإصلاح الاقتصادى وهى مسكنات فى النهاية وليست حلاً؟
*هذا قد يكون متعلق برأيك أو غيرك لكن علينا أن نعى ونحن نقاوم الإخوان المسلمين، أن لا نجعل الشعب المصرى يدفع الثمن، وأظن أن قضيتنا الكبرى جميعاً فى هذه اللحظة أن كيف نفصل بين الإخوان المسلمين وبين الشعب وضروراته؟ الشعب الآن لديه ضرورات ولا أريد التعسف فى مسألة القروض.
◄حتى لو كان الثمن سياسياً؟
*لو كنت أتحدث عن الولايات المتحدة فإن ثمة ثمناً سياسياً لكنى أتحدث عن قطر.
◄ لا يوجد هناك ثمن سياسى قطرى؟
*ما هو هذا الثمن السياسى الذى تأخذه قطر؟ أعتقد أن الحديث عن الثمن السياسى الذى سـتأخذه قطر يمثل إهانة إلى مصر، وعندما أشاهد ما يقال عن الخطر القطرى والشيعى أتساءل ما هذا وأين تذهبون بمصر؟
الأخضر الإبراهيمى.
◄ سنتطرق الآن إلى مسألة الشيعة وأخطارهم لكن دعنى قبل أن أنتقل أسألك وأنت كنت حاضراً هل بالفعل استقال الأخضر الإبراهيمى؟
*إذا لم يكن الأخضر الإبراهيمى قد استقال فهو على وشك أن يفعل ذلك، وأعتقد أنه أجّل ذلك حتى يذهب إلى مجلس الأمن، ويتكلم هناك وأعتقد أن هذه قضية لابد أن تلفت نظرك وبشدة، لماذا فشل كل وسطاء القضية السورية؟ لماذا استقال الفريق السودانى محمد الدابى؟ لأنه وجد أن مهتمه مستحيلة، واضطر لتقديم استقالته، ثم جاء كوفى أنان وأقام مكتباً فى جنيف وبعد محاولات وجد نفسه مضطراً للاستقالة، ثم الأخضر الإبراهيمى ووجد أنها مهمة مستحيلة، وواقع الأمر أنها مهمة مستحيلة بالفعل لعدة أسباب رئيسية أولها أن العملية تدار من خارج سوريا، وأظن أن مشكلة الوسطاء التى واجهوها هى أن اللوم ليس فقط على النظام السورى بل أيضاً على المعارضة التى تمول أو تأخذ السلاح، وهناك دول رافضة لا تريد أن تحل بل تزيد الأمور اشتعالاً، وحتى الأخضر الإبراهيمى نفسه رأى أن قرار إعطاء المعارضة السورية مقعد سوريا فى القمة العربية خطأ، حيث اعتبره قرار تجاه الحرب وليس قراراً لحل سلمى، وعندما رايته وجدته رجل مأزوم، وكان موجوداً فى مصر، حيث كان رئيس المجلس الوطنى السورى الخطيب، وكان لا يريد الذهاب إلى الدوحة وذهب فى اللحظات الاخيرة، والأخضر الإبراهيمى كان من المفترض أن يلقى كلمة لكنه اعتذر وقرر أن يجعلها فى مجلس الأمن، وأظن أن أمامه مهمة مستحيلة.
إيران والبداية
◄ قبل أن أسأل عن العلاقة المصرية الإيرانية لابد أن نعرف جذورها ومتى بدأ الاتجاه شرقاً فى هذه العلاقة؟
*قبل أن أعرج على ذلك ثمة مسألة مهمة متصلة ومتعلقة بمبارك وأعتقد أن ضمن الخلط الحادث ذلك الجهد المبذول فى البحث عن ثروته فى البنوك، وهذا خبر نشرته التايمز عن سبائك من الذهب قامت بتهريبها ليلة الطرابلسى زوجة الرئيس التونسى السابق الآن عبر صناديق من الذهب عددها أربعة غادرت تونس وبالتالى أعتقد أن بعد واقعة شاه إيران فى التاريخ وملاحقة ثرواته تعلمت الأنظمة هذا الدرس جيداً وأنا لا أريد أن أوجه اتهاما لمبارك لكن على أية حال هؤلاء يخفون أموالهم فى صورة ذهب ونقود فى خزائن خاصة يصعب الوصول إليها، وموضوع زين العابدين وزوجته يستحق أن يفكر فيه الناس جيداً، حتى لا نضيع الوقت فى البحث بالمكان الخاطئ.
◄هل تشعر أن ثمة مجهود مبذول وقد يذهب أدراج الريح؟
*أعتقد أن هناك مجهود كبير جداً أولاً فى غير الاتجاه الصحيح، ثانياً حتى لو الاتجاه الصحيح فهو يذهب إلى حيث لا يعرف، وبالنسبة لموضوع إيران الذى أتحدث عنه الآن أعرف أنى أجدف عكس التيار، وأشرت بالفعل أن لدى كتابين، وهو إيران فوق بركان وكان كتاب أصدرته وقت ثورة مصدق، وهذا أول كتاب كتبته عام 1951 ووقتها بيعت أكثر من 40 ألف نسخة وهى قصة كبيرة فى هذا الوقت، أما الكتاب الثانى "عودة أية الله" فقد نشر بواحد وشعرين لغة، وجميع الجرائد فى العالم أخذته لدرجة أن حديثى مع الخومينى كان منشوراً فى صفحتين فى الصنداى تايمز، وأعرف أن التايمز أخذته بعدها ونشرته على مدار خمسة أيام، ونشرته الصنداى تحت عنوان "فى عقل أية الله" وقد قابلته بباريس وبأماكن أخرى سأتحدث عنها الآن، ولكنى عشت فترة طويلة وكنت مسئول مباشرة عن عودة العلاقات فى عام 67 ولعبت دور كبير بها.
◄وشاركت فى مباحثات أزمة الرهائن؟
*صحيح لكن هذا موضوع أتصور أن المشتغل بالشأن العام يجد نفسه فى مأزق عندما يكون الرأى العام فى اتجاه معين وأن ما لديه يكون مخالف للتيار العام، وهنا أمامه شيئين أما أن يصمت، أو يتحدث ويتعرض لمشاكل، ولكن إذا كانت هذه المشاكل متعلقة بدولة ودولة مؤثرة فى إقليمها فيقولون أنه لديه من الهوى تجاه إيران هذا ليس صححياً، أنا أتحدث فى إيران من أول يوم وأعتقد أنى كنت فى الاتجاه العام الطبيعى مصر الفكر والسياسة، وقبل أن ندخل إلى الموضوع لابد أن نأخذ الصورة العامة فى المنقطة هل تعلمين الفانوس أوالمصباح السحرى.
◄مصباح علاء الدين؟
*لا ذلك المصباح الذى بإمكانه تقليب الصور وتغيرها، ودعينى أخذ أول صورة لهذا المشهد العربى المشتعل، وأول مشهد الصراع مع إسرائيل، لأنها العدو الطبيعى وتحدثنا فى هذا فى الحلقة الماضية، وهى أن كل دولة تعرف نفسها واستراتجيتها وتحدد هدفها وتضع نقاط أمنها وتحدد عدوها المتوقع، وهذا فى أى بلد فى مجالها الطبيعى، وهذا بالفعل قمنا بتحديده مبكراً، وشارك فيه العالم العربى كله، ووجدنا أن التهديد الحقيقى هو إسرائيل وأمريكا من خلفها، هذا هو مشهد الصراع الإقليمى باختصار، وخلف هذا الصراع قوى دولية، ثم بعد ذلك مضينا قدماً إلى الأمام، وتغيرت الصورة منذ حرب 73 التى كانت أخر الحروب مع إسرائيل، ودخلنا بعدها فى صراعات أخرى، وجدنا أنفسنا فيها فجأة بدأت بالاتحاد السوفيتى، ونحن بدأنا نطارده فى كل مكان فى إفريقيا، لأن وقتها المخابرات الأمريكية والعمل السرى لا تستطيع القيام بهذا بعد فضيحة وتر جيت، لأن الرئيس الأمريكى وقتها لا يستطيع العمل بنفس القدر السابق، ونحن دخلنا نيابة عنهم دخلت إيران ومصر والسعودية والمغرب ثم فرنسا، ودخلنا لنحارب هذا النفوذ السوفيتى، وأعتقد أنه قادنا بعد ذلك إلى نتائج كارثية، أهمها فى إثيوبيا عندما كنا نجلس مع زنارى وهو مات الآن كان يقول لقد فعلتم معنا عبر إرتريا عمل لا يمكن أن يغتفر عندما كان هناك نظاماً شيوعياً هناك، ودخلنا فى حرب لإسقاطه لإرضاء الأمريكان.
◄ ومن هنا تحول الصراع العربى مع إسرائيل إلى صراع مع السوفييت؟
*نعم ثم دخلت فى الصراع أفغانستان، ثم الصراع بين أطراف عربية وعربية، حتى تحول العدوان فى وقت إلى صدام حسين ثم حافظ الأسد وبشار ثم صراع إسلامى ضد قوى أخرى بعد سبتمبر، ثم أصبح صراعاً بين السنة والشيعة، أليس من الكوارث والملفت للنظر أن ينتقل مستوى الصراع من صراع إقليمى دولى مهيب مع إسرائيل إلى صراع سنى شيعى؟ أليس مقلقاً هذا؟ وهذا يقودنا إلى جذور التفكير المصرى الاستراتيجى عام 37 عندما كان الملك فاروق قد تولى الحكم وقيل أنه بلغ سن الرشد عام 36 وتصور البعض أن هذه البداية للاستقلال، وأن مصر لن تبقى مستعمرة، ونشأت بعض المدارس الفكرية السياسية لتوقعهم أن العلاقات المصرية الخارجية لن تكون مصرية إنجليزية، المدرسة الأولى وكانت تحمل شعار الوطنية المصرية، ثم المدرسة الثانية تلك التى ترنوا إلى الوحدة العربية التى بدأت يعلوا نجمها وتظهر فى الأفق، ثم مدرسة الشرق وهى مهمة جدا وضمت على باشا ماهر والدكتور محمود عزمى وسامح حرب وعزيز المصرى باشا وأعتقد أن هؤلاء كانوا بعيدى النظر ورأوا أن مصر فى هذا الوضع قد تنحصر وقد تعزل، وأنه بلد لابد أن يخرج خارج حدوده سواء لنواحى اقتصادية أو أمنية وطوال عمرنا ونحن متجهون إلى طرق التجارة الدولية أو الشام وهذه مناطق الصراع الدائم عبر التاريخ بين الفرس واليونان ومصر.
◄ ماذا نجم عن هذا؟
*هذه المدرسة فى العشرينيات والثلاثينات كان بها لمسة ثقافية لابد أن تحترم، فهم لم يحملوا هم تركيا، ولكن فكروا فى إيران، وهى القوة الثانية، وكانوا يريدون أن يتوجهوا إليها، وتصوروا أن العلاقات يجب أن تكون معها وحدث أن على باشا ماهر، وكان رئيس ديوان فى ذلك الوقت بدأ يفكر فى زواج ملكى على غرار الامبراطورية النمساوية، والتى وسعت نفوذها عن طريق غرف النوم أكثر ما فعلته ميادين القتال لأن أفرادها تزوجوا أميرات وتزوج أمراؤها ملكات، حيث جلسوا على عروش أوروبا دون قتال ومن هنا جاءت فكرة ماهر.
◄ وتزوج شاه إيران من فوزية وكان زواج سنى شيعى؟
*ليس ذلك فقط بل عقده شيخ الإسلام الإمام مصطفى المراغى، لأننا وقتها كان الأزهر فوق كل شىء، لكل المذاهب السنة والشيعة، وأستشهد أحد الكتاب بخبطة الشيخ المراغى طبقاً لحوار المؤلف مع الملك فاروق "أن هذا زواج إسلامى بين سنة وشيعة هذه عروة لا ينبغى أن تنفصل"، وعقد العقد بنفسه والغريب أنه تم فى مسجد الرفاعى والذى دفن به شاه إيران وهذه من مفارقات التاريخ.
◄ لكن هذا الزواج لم يستمر؟
*ليس لأنه شيعى سنى، وسمعت ذلك من الملك نازلى نفسها، وكانت فى منفاها الاختيارى، بمدينة لاس فيغاس الأمريكية، وكنت عندها، حيث كانت فوزية خجولة جداً بخلاف إخوتها الذين كان لديهم جرأة شديدة مقارنة بها، وهى كانت متعجبة فأرسلوا معها أمها ولكنها وهى هناك لم تجد البلاط الملكى بمستوى البلاط الملكى فى مصر ولم يعجبها الأمر.
◄ كان البلاط الملكى المصرى أفضل من الإيرانى؟
*لكنها لم تكن سعيدة حيث احتكت مع شمس الملوك زوجة الشاه الأكبر، ثم بدأت الأجواء تسوء فى هذا الوقت، وأعتقد وحتى لما قابلت الشاه ومعه الامبراطورة ثريا كان يكن احتراما كبيراً للإمبراطورة فوزية، وظل يساعد الملكة نازلى وبما فيهم بنات الملك فاروق حتى مات وهنا كانت الرؤية السياسية لخروج مصر إلى الشرق، وبالطريقة التى فهمها أقطاب هذا الزمن وأجروها بزيجة وكان لديهم تصور أن فايزة تتزوج الملك عبد العزيز لكن هذا رفض تماماً.
عبد الناصر وإيران.
◄ ثورة 1952؟
*ثورة 52 جاءت فى ظروف الثورة الإيرانية على الشاة، وهى ثورة مصدق ثورة تأميم البترول، والشاة كان يقف ضد هذا، وواحد من المخابرات الأمريكية قاد هذا الانقلاب، ضد مصدق وبعدما وصل شاه إيران إلى روما هارباً عاد إلى طهران بعد تنفيذ الإنقلاب على مصدق.
◄ لكن عبد الناصر ساند مصدق؟
*هنا ثمة مسائل مهمة أن الثورة جاءت هناك والأمريكان يلعبون نفس الدور فى مصر أيضاً والعجيب أن من أحدث الانقلاب فى إيران كان يلعب هنا نفس الدور وكان هناك شكوك فى السى أى إيه ووقف شاه إيران عام 65 خاطباً أمام الراديو فى مؤتمر صحفى ولم يكن هناك تلفيزون قائلاً ريزورت أنا ميدن لله ولك بشعبى وعرشى.
◄ لأنه أطاح بثورة مصدق لكن عودة عبد الناصر ساند مصدق؟
*مصدق سانده حزب الوفد منذ البداية من قبل عبد الناصر والشعب المصرى كله أيد ثورة مصدق وهذا الكتاب الذى ذكرته باع كثيراً وقتها لهذا. لكن أهم شىء أن الشاه بدأ فى فتح علاقات مع إسرائيل مع زيادة القومية العربية حتى تلك الدول التى قبلت الإسلام ورفضت العروبة قبلت الدين وتركت اللغة مثل تركيا وإيران لأنهم يعلمون الجذور الحضارية وبدأ الشاه علاقاته مع إسرائيل.
◄ بضغط أمريكى؟
*بالتأكيد هناك ضغوط أمريكية وهى متطلبات هذا الوقت قرر عبد الناصر اتخذا إجراءات قاسية بعض الشىء وقام بقطع العلاقات مع إيران وقد لا يكون الأمر يستوجب قطع العلاقات لكن واقع الأمر ناصر كان لديه حجة فى ذلك الوقت وأن هناك دول إسلامية كثيرة طامحة فى الاستقلال مثل باكستان وغيرها وكانت ترفض أى علاقات مع إسرائيل تضماناً مع العالم العربى فخشى عبد الناصر فى ذلك الوقت أن يقوم شاه إيران بإقامة علاقات مع إسرائيل فتصرف مثلما فعلت ألمانيا الغربية مع كل من أقام علاقات مع ألمانيا الشرقية كانت تقطع العلاقات معه فوراً.
◄ هل كنت موافقاً على هذا القرار أم ماذا وهل تحدثت مع الريس ناصر وقتها؟
*كنت موافقا عليه وذلك بعد أن رأيت تقارينا مع اسلفير محمود محرم والتى تحدثت بإسهاب عن هذه العلاقات بين شاه إيران وإسرائيل وأنا كنت أعتقد أن العلاقات عادية وأنها فى حدودها لكن وصل الأمر لقنصلية فى أصفهان وعندما رايت عبد الناصر وجدت أن رد الفعل مناسب فى ذلك الوقت كيف يوقف شاه إيران حيث كانت عين ناصر على الدول الإسلامية التى تناصرنا.
الشاه وإسرائيل.
◄ ومع قطع العلاقات كان البترول الإيرانى يتدفق على إسرائيل حتى عام 67؟
*لم تحارب إسرائيل قط إلا ببترول إيرانى فى 56 و67 و73 وأنا أسمع بعض الناس تقول نحن قبلنا الشاه هنا لأنه ساعدنا لكن أريدهم أن يذكرو لى اسم ناقلة واحدة فقط نقلت هذا البترول لنا وقت الحرب.
◄ لكن يقدم شاه إيران مساعدات لمصر وقت حرب 73؟
* لم يقدم وفى يدى طيات حديثه مع السفير الأمريكى عام 74 ويقول له صنعت كل شىء فى وسعى وأعطيت إسرائيل كل ما تحتاجه من البترول ولو أحدهم قرأ الوثائق الأمريكية لفهم أحياناً نطلق الأحكام ويغلبنا الهوى وهذا يقلقنى جداً.
◄ لكن هذا قيل من رؤوس الدولة ومن الرئيس السادات نفسه؟
* حتى أكون أمين السادات لم يقله وقتها عند المعركة قاله أو ألمح إليه بعد ذلك وزادت النغمة بعد ذلك مع محبى السادات وأنا أحب السادات وما بينى وبينه خلاف سياسى وفى هذه اللحظة الصديق موجود فى حياتى وإن اختلفت معه، إيران أعطت إسرائيل كل البترول الذى تحتاجه ولم تعط لهذا البلد قطرة بترول واحدة.
◄ كم مرة رأيت فيها الشاه؟
*أول مرة رأيته فيها كان بعدما طلق فوزية وتزوج ثريا وكنت أول مرة أرى فيها أحمد شفيق زوج الملكة أشرف وكان مسند إليه الطيران المدنى ويبدو أن أصحاب لقب شفيق يحملون هذا المنصب وكان متزوجاً من أخت الشاة كما ذكرت وكانت شخصية غريبة ومولعة بأبيها وحتى أن جميع الصالون لديها كان قماشه من جلد النمور الحقيقى وهذا قد يعطى تعبيراً عن شخصيتها المهم أرادت أن تعد غذاء وحدث لى موقف وقتها أنه أول مرة كنت أتذوق الكافيار ولم استسغه وكنت سأموت واستاذنت وقتها للذهاب إلى الحمام لأنى كان سيحدث لى شىء وكان الشاه موجوداً وكان مهتماً جداً بالعلاقات مع مصر وقد قابلنى عندما كنت صحفياً شاباً وثم رأيته فى قصر المرمر وأعترف أنى كنت منحازاً جداً للمصدق ولأنى كنت شاباً والثورة قائمة وحربنا مع الإنجليز وتأميم البترول وكان حماس الشباب يأخذنا.
◄ما المرة الثانية التى قابلته؟
*قطعنا العلاقات وأخبرنى ناصر برؤيته هذا كان آخر مشهد عندما أطلعنى على رؤيته للدول الإسلامية كما ذكرت لكن أنا شخصياً كنت حريصا على هذه العلاقات من أجل مدرسة الشرق وكان لى صديق مهم ناشر اسمه سناتور مسعودى وصاحب جورنال انطباعات وكان رئيس مجلس الشيوخ وأنا قريب من عبد الناصر وعندما انتهت 67 كانوا حريصين جداً على ترميم الجسور وأذكر أن عبد الناصر قال لى ذات مرة أنه كان يريد علاقات مع أوروبا وأن البلد الذى وقع الاختيار عليه هو فرنسا وأنى لدى علاقات هناك وأنى كلفت منه بذلك من خلال هذه العلاقات وبالفعل بدأت أجرى اتصالاتى من خلال اتجاهين وهما ووقتها كان هيما فى المغرب Louis Berger وهو أحد ملاك ورؤساء تحرير نيوروك تايمز وكان مطلوباً أن يكون لقاء ً خاصاً وأن لا نخبر أحداً ولا يعلن ذلك رسمياً وبالفعل دخلت من شارع جانبى صوب الإليزيه عندما تقدمت ودخلت على الزعيم ديغول فى مكتبه التى قابلته فيه وتعجبت أن مسار الحوار لم يكن معتاداً حيث نظر إلى ثم أداره ظهره وقال "أخبرنى ماذا تريد أن تقول" وتركنى أتحدث لمدة عشر دقائق وهو لا يلتفت إلى ويعطينى ظهره وعندما انتهيت وأنا أتحدث عن إسرائيل وما فعلته فى الدول العربية وكنت محرجاً جداً من مقابلته وبعد نظر إلى وقال "من يتحدث عن السياسة لابد أن ينظر إلى الخريطة أنكم تشكون إسرائيل وما هو حجمها وحجمكم ومن لا يقرأ فهذه غلطة كبيرة وهذا ما فهمته مدرسة الشرق المصرية فى واقع الأمر حيث كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التى رأيت فيها هذا الرجل وأعتقد أن المدرسة المصرية أيقنت أن مصر تنطلق خارج حدودها بعدما نظرت إلى الخريطة ونحن فى أعقاب 67 كنا نحتاج إلى الجميع وقال لى صديقى النشار مسعودى إلا ترى أن الوقت مناسباً لعودة العلاقات أن مقرب من الشاه وأنت من ناصر وتحدثت مع عبد الناصر ووافق وعادت العلاقات بالفعل.
◄ وأعيدت العلاقات؟
*أعيدت كان ضرورياً بحكم الجغرافيا والتاريخ هذه استراتجية وأنت تتحدثين عن المنطقة فإن إيران لا يمكن إغفالها.
إيران والسادات.
◄كيف كانت العلاقات فى عصر السادات؟
*بعدما كانت العلاقات قد عادت ومن الغريب فى الأمر أنه عندما تولى السادات زمام الأمور كان ثمة نفور كبير بينه وبين الشاه وسبب ذلك أن السادات أنيب عن عبد الناصر ليذهب إلى قمة مؤتمر إسلامى فى الرباط وقتها وأصر السادات أن يكتب أول جزء من الخطاب بالغة الفارسية وكان قد تعلم كلمتين وهو فى السجن فاعتقد أنه أجادها وجاء بأستاذ للأدب الفارسى وكتب له ذلك وأنا حضرت شخصياً وهو يذاكر الخطاب ويحفظ النص وبالفعل توجه إلى الرباط وبدأ فى قراءة الخطاب وكان يجلس فى الكرسى المقابل لشاه إيران وما كان من الشاه عندما سمع السادات إلا وضحك وعندما عاد السادات كان غاضباً جداً من الشاه وثائراً عليه وبعد ذلك عرفنا تفاصيل أخرى من الملك الحسن.
◄ لكن تطورت العلاقات من الفتور والنفور إلى الحميمية؟
*فى هذه الفترة عندما قامت الحرب وهناك مسألة غاية فى الأهمية ويجب أن يبحثها أحد أن الرئيس السادات وهو يحارب وجد نفسه فى موقف خطير وأنا لدى ورقة مكتوبة بخطه يقول حافظ الأسد أنه وجد نفسه يحارب الأمريكان فالملوك وقتها ومنهم شاه إيران والملك فيصل والملك الحسن وقد اهتموا بالأمر وبدأو فى إعطاء النصائح للسادات وقتها وكانو يرون أنه لا يجب أن تكون هناك نصر ساحق ضد إسرائيل ولا هزيمة ساحقه ضدنا وكونوا هذا الحلف الملكى وبدى وكأن مجلس إدارة ملكى لإدارة الأزمة وكان السادات يخوض هذه الحرب وعلاقته متوترة بالسوفييت فلجأ إلى هذا الحلف وهنا بدأت العلاقات تأخذ شكلا ً جديداً عندما بدأ السادات يكتشف الشاه وهو أيضا كان معجب به والرئيس السادات كان لديه انبهار دائم بالملوك وفى بعض الوقت كان قريباً من الدكتور يوسف رشاد وهو الطبيب الخاص بالملك فاروق وكان قريباً من دوائر القصر وفى ذات مرة كان معزوماً وأعنى السادات إلى حضور احتفالات شاه إيران بمرورو 2000 سنة على إمبراطورية فارس وكانت احتفالات غريبة وبها من البذخ.
◄ كانت ضخمة وتحدث عنها العالم؟
*خرافية ومن مثل مصر فيها كان الدكتور عبد العزيز حجازى وزوجته عصمت وكانت سيدة بديعة وأذكر أنه عندما عاد كان يحكى لكل من يراه عن هول ما رآه فى هذه الاحتفالات وبما فيهم السادات.
◄ العالم حكى عنها؟
*كانت مضيئة لدرجة تأخذ العيون لكنها كانت مسرفة.
◄ وكان وقتها هناك فقر مدقع؟
*صحيح واذكر السادات انبهر وعبد العزيز حجازى لدرجة أنه ذات يوم كانت عصمت تقول لى منبهرة "الملوك ولا أدرى وهى تقص عنهم وهى مبهورة؟ فقلت لها "عن ماذا تتحدثين لقد كان أبوه قائدا لحرس الإسطبل؟ " فقالت لى "كيف هذا؟" قلت لها "هذا هو التاريخ؟" لذلك الملكة نازلى اعترضت عليهم وقالت ليس لديهم أصل.
السادات والبترول الإيرانى.
◄ إذا كانت إيران لم تساعد مصر فى البترول عام 73 فكيف كان موقف السادات؟
*أريدك أن تعرفى أنه وقتها كان الصلح ممكناً مع إسرئايل ضمن أفكار السادات وبالتالى هذا لا يمثل له مشكلة قد يمانع إذا كان مبقياً على عدائه مع إسرائيل لكن هذه المسألة طويت ضمن مسائل أخرى ودخلنا فى مرحلة جديدة من الصراع.
◄ لكن هل أخطأ السادات عندما استقبل شاه إيران بعد الثورة؟
*أريد أن أقول شيئاً ولدينا وثائق للشاه تحكى وتقص علينا إحداها تقول فعلت كذا وكذا من أجل إسرائيل وأعتقد فى هذه اللحظة عندما لم يقبله أحد من هذه الدول استضافته وهم كانوا أصدقائه بعد هذا التاريخ ثم يقبل السادات ذلك هنا نقطة مهمة جداً وهى كيف أن تفصلى بين مزاجك الشخصى وبين مصلحة الدولة؟ السادات كان يقول إنه صديقه لكنه ليس أكثر مما كان صديقاً لإسرائيل ومع ذلك فقد اتخذ مجلس وزراء إسرائيل وقتها قراراً وأبلغه لسفير أمريكا أنه لا ينبغى أن نفعل مع الشاه شيئاً حيث قال التقرير أنه انتهى حتى مارجريت تاتشر كانت تريد إستضافاته أخلاقياً لكن ريتشير أرسى مبادئ عظيمة وأهم هذه المبادئ أن مصلحة الدولة تتغلب على كل شىء عداها.
◄حتى أمريكا وهى صديقته رفضت استقباله رغم أن البعض قال إنها ضغطت على السادات لقبوله؟
*أمريكا رفضت أخذه وحاولت ذلك من خلال أزمة الرهائن وكانت أزمة كبيرة جداً لكن السادات أثر فى ذلك الوقت وكان لديه أفكار أنه فوق الجميع.
◄كرم الأخلاق المصرى؟
*فى تصرفات رؤساء الدول هناك مصالح دولة كما يقول ريسشير.
هيكل والخومينى.
◄ كيف أضر استقبال شاه إيران بمصالح مصر؟
* عندما قابلت الخومينى كنت فى باريس فى زيارة غير رسمية كنت أكتب كتاباً ولسبب ما أذيع خبر أنى موجود فى باريس فعرف وقتها مساعد الخومينى إبراهيم يزدى أنى موجود هناك وعرف مكانى تحديداً واتصل بى وقال إلا تريد أن تقابل الإمام وذهبت له فى قريته التى كانت منفى له وهى قريبة من العاصمة باريس ودخلت عليه ووجدته رجلاً وقوراً وحييته بشدة وجلست معه وتناقشنا وقال لى أنت كنت مستشاراً للسادات قال ذلك سائلاً فرردت كنت صديقاً فقط وقال لى ألم تعلم شيئاً عن المراسلات بينى وبينه؟ فقلت لا فنادى على يزدى قائلاً افتح الصحارة ففتحها وأخرج لفافة من الأوراق وكان ضمنها خطابا من ناصر إليه حيث كان ناصر يساعد أرامل المناضلين الذين أعدموا وكانت القصة أن شاه إيران كان ذات مرة أنه ضبط 150 ألف دولار كانت ذاهبة للخومينى ليقوم بتوزيعها على الأسر المناضلة التى بها من الأرامل اللاتى فقدن أزواجهن فى الإعدامات التى حدثت وظهر يومها وكان التلفاز موجوداً وقال بالله عليكم ماذا ترون عندما يقبل إماماً شيعياً أموالاً من حاكماً سنياً وكان الخويمنى وقتها فى العراق فعقب قائلاً أنا أخذتها من حاكم سنى بغض النظر سنى كان أو شيعياً لكنه فى النهاية مساعدة لضحاياك وكانت هذه المساعدة ضمن قوة مصر الناعمة وحكى لى وتحدثت معه ثم فوجئت أن الناشرين الخاصين بى قالوا لى نريدك أن تكتب كتاباً عن الثورة الإيرانية فقلت له موافق لكن شريطة أن يسمح لى بالذهاب إلى إيران ورؤية ذلك من جهة ومن جهة أخرى أن يسمح لى بالاطلاع على وثائق الشاه وكان ذلك ووقعت عقداً هناك فى أعقاب ذلك بعد موافقة الإمام حيث وقعت عقداً فى لندن وعدت إلى مصر تمهيداً أن أزور إيران وعندما وصلت مصر علمت أن الشاه سأله السادات قائلاً علمت وقرأت أن هيكل قابل الخومينى فهل سيعود إلى إيران؟ أم سيترك الأمر لبازرجان؟
◄ لم يكن الخومينى ذهب إلى إيران؟
*نعم لم يكن لكن المهم أن السادات قال له أن لدينا تقليداً فى مصر أنه إذا قابل أحدهم مسئولاً أجنبياً فإنه يكتب تقريراً واتصل بين سيد مرعى فى اليوم التالى وقال لى نريدك أن تكتب تقريراً عن لقائك البخومينى فقلت له لن أفعل هذا لأنى كنت على خلاف وقتها مع السادات ولسبب أنى لست موظفاً فى الدولة لو جائنى أحد كصديق لا مانع يف اليوم التالى مرعى كان قد ايقن انى لن افعل فجائنى اتصال من رئيس الوزراء مصطفى خليل وقال لى ما رأيك أن تأتـى معى إلى أسوان حتى ترى السادات وكنت على خلاف معه وقتها وبالمرة ترى الشاه حيث كان يريد أن يسألك بشأن الخومينى قلت له معتذراً لن يحدث هذا وبالفعل تجاهلت الأمر ثم بعد ذلك غادرت إلى إيران حيث كان الخومينى وصل إلى القمة؟
◄لكن اسمح لى أن أسأل سؤالاً لماذا لم تنزعج عندما ساعد ناصر مصدق وقت الثورة ولماذا أنت منزعج عندما رأيت السادات يساعد الشاه؟
*هذا سؤال لا يقال هكذا هناك فارق كبير مصدق فى ذلك الوقت كان نابع عن ثورة شعبية ورائها كل الشعب والشاه كان مطروداً بثورة شعبية وكل الشعب كان ضده أنتى هنا تقفين بجانب الشعب الإيرانى ومع إيران البلد والتاريخ لكن كل شخص موجود زائل والشاه الذى طردته ثورة إيران وكل أصدقائه وأنا لست مديناً له بشىء ولست مستعداً أن أبيع علاقتى التاريخية والثقافية كبلد والاستراتجية وتأثير الحضارة الفارسية النافذ فى الحضارة الإسلامية.
الثورة الإسلامية و25 يناير
◄ لكن هناك من يشبه بعض تفاصيل الثورة الإسلامية فى إيران بالثورة المصرية فى 25 يناير ففى الأولى وهى الثورة الإسلامية بدأت على يد مناضلين من اليسار ثم بعد ذلك امتطاها التيار الدينى ثم فى ثورة 25 يناير صنعها الشباب وقفز عليها الإخوان؟
*ليس هناك أى وجه للمقارنة لابد أن نفرق بين نظام الشيعة ونظام السنة ففى الأول وأعنى الشيعة هو قائم على الخلافة للإمام القائم ومن يخلفه وبالتالى فالمرجعية الدينية هناك هى العصب للحياة الاجتماعية والدينية فى مصر الوضع مختلف ففى السنة السلطان هو رأس الدولة وفارق بينهما كبير سواء رأس الدولة كان سلطان أو ملك أو حتى رئيس لكن السنة خالية من الحديث عن الإمام الغائب وعلى من يفسر الفتاوى وأراء الإمام الغائب وقبل ذلك فقد أسست مؤسسات وأركان النظام فى قم ومن قبلها أصفهان لكن العمود الفقرى للحياة الاجتماعية هناك فى السلطة فى إيران هو الدين وحتى الشاه رضا بهلوان كان يعلم ذلك ففى الثورة الأولى 1906 قادتها المراجع العليا ووضعت دستوراً مدنياً وهنا باستمرار أن المرجعية الدينية لا تدخل فى السلطة المدنية وهنا دعونا نسأل كيف استطاعت دولة فيها هذا كله أن تقوم بمشروع نووى لأن الدين هو السلطة وعصبها لكنها تكلف أفضل العناصر فى البلد بأن تقود التقدم.
◄لكنى أختلف معك هنا كلية ودعنى أقول لك أن هذا النظام لا يهتم بحقوق الإنسان ويتعامل بشكل قمعى مع المرأة؟
*إذا أردتى أن تقيمى علاقاتك مع الدول بهذا الشكل فأنا محتج جداً على طريقة تعامل المرأة هناك فى إيران كسلطة فى تعاملها معها وهذا قد يكون نابع من منطق تصرفهم الدينى لكن السؤال الأهم الآن هل سأتعامل مع الدول على أساس مصالحى الاستراتجية الكبرى والدولة أم على أساس الهوى الشخصى سواء الرئيس السادات فى استضافة الشاه أو كتلك الرؤية التى ذكرتيها منتقدة للحكم.
إيران ومبارك.
◄لكن لماذا بقيت العلاقات متوترة بين مصر وإيران حتى فى عهد مبارك؟
*إسألى نفسك باستمرار كان هناك فيتو على هذا التقارب وعلى عودة العلاقات ورغم وجود بعض الخطوات حتى عندما التقى الرئيس محمد خاتمى مع مبارك فى جنيف وأبدى كليهما الحرص على عودة هذه العلاقات لكن لم تعد وقد دعوته إلى مصر وجاء إلى منزلى ببرقاش وجئت له بثلاثين من المثقفين لكن باستمرار هناك فيتو خارجى ضد عودة هذه العلاقات.
◄من من هذا الفيتو؟
*أمريكى إسرائيلى ومع أسلاف السعودية دخلت فيه أيضا لا يريدون إيران ولأسباب كثيرة متعلقة بكل دولة منهم فالسعودية كانت ترى خطراً فى ذلك والولايات المتحدة الأمريكية تريد عزلها وإسرائيل عادتها الثورة الإسلامية فكرهتها وأمريكا تريد إسقاط النظام والسؤال أين مصالحى فى هذا الصراع كله؟ لابد أن يكون للبد تواجداً فى الإقليم وأنا ليس ليا علاقات الآن مع وطن عربى مدمر ولديا تركيا ويجب أن يكون معها علاقات ثم إيران وهاتان الدولتان سقف العالم العربى ويجب علينا التحرك ولذا مبارك وجد الفيتو فوقف.
◄لكن العلاقات مع الخليج قد تتوتر؟
*السؤال هل توترت العلاقات مع إسرائيل وستتوتر مع إيران؟ مشكلتنا أننا نحتاج إلى قاعدة فى علاقاتنا مع الدول وأن تتم محاسبتهم بمعايير الأخلاق متفقين أو معايير المصالح متفقين لكن دعونا نحدد مرجعيتنا ثم نتحدث.
*الإخوان وإيران
◄ قبل أن ننتقل إلى الصراع بين التيار الشيعى والسنى والضوع الحالى هل ربما أضافت إلى توتر العلاقات بين مصر وإيران فى عهد مبارك الحروب التى خاضتها إيران والعراق وسيطرتها على جزر وكما قيل أنها تريد أن تبسط نفوذها على الخليج؟
*لا أعلم لماذا حاربت العراق إيران لمدة ثمانية سنوات ذهب ضحيتها زهاء 800 ألف قتيل وتكلفت من الأموال ما لاحدود له وهى حرب فى النهاية بلا مبرر إلا فيما يخص استخدام الولايات المتحدة لنا فى حروب ضد بعضنا حتى تتحقق مصالحهم، ولابد أن نعلم أن طريق التعايش مع الآخرين وحتى الطعام نفسه فى الخليج كله فارسى ألم تسافرى إلى الخليج؟
◄ نعم سافرت ورأيت العلاقات التجارية قوية جداً؟
كل ما جرى ليس له لزوم وقسمة فى دار الإسلام وفى دار العرب أيضاً.
صراع المذاهب.
◄ أين ذهبنا وهل نحن الآن عدنا إلى صراع طائفى بين المذاهب الذى تغذيه الولايات المتحدة؟
*أنا أجد أن صراع المذاهب يمثل نكته حقيقة تعالى بالأرقام وسريعاً اطلعكى على تعداد الشيعة فى جميع أنحاء العالم وهم 200 مليون شيعى موزعين كالتالى أفغانستان 3 ملايين نسمة وبولغاريا 10 آلاف وأذربيجان 5 ملايين نسمة وألمانيا 400 ألف والبحرين 400 ألف والهند 16 مليون نسمة وباكستان 17 مليون نسمة وإيران 66 مليون نسمة والعراق 19 مليون نسمة والكويت 500 ألف نسمة ولبنان بها مليون نسمة ونيجيريا بها 4 ملايين نسمة وعمان بها 100 ألف نسمة والسعودية بها من 2-4 مليون نسمة وسوريا بها 3-4 مليون نسمة وطاجكستان بها 400 ألف نسمة وتنزانيا بها 2 مليون نسمة والولايات المتحدة بها 200 ألف نسمة واليمن به 8 ملايين نسمة هل تعلمين كم لدينا من الشيعة فى مصر؟
◄ لا أعرف؟
*سأخبركى هى أرقام ليست موثقة لكن على أية حال أقل هذه التقديرات يتحدث عن 18 ألف نسمة وأكثرها يتحدث عن 35 ألف نسمة؟ فأى رقم هذا الذى نتحدث عنه وما هذا الذى يقال؟
◄ إذا لماذا القلق من التشيع؟
*أعتقد أنه مصطنع أو مدفوع وموجه.
◄ موجه من من؟
*لا أريد أن أتهم أحدا لكن لا يعقل فى ضوء هذه الأرقام 200 مليون شيعى موجودين فى جميع أنحاء العالم وبهذا الرم يكون هناك خوف من التشيع الزمن الحالى زمن التقدم وليس المذاهب فهب قد تحكم حياتنا الخاصة لكنها لا تحكم الأوطان حيث تحكمها أشياء أخرى مختلفة لا أتخيل أن هذا الرقم 18 ألف نسمة يشكل فيتو سأذكركى بشىء فى الحرب العالمية الأولى كان جورج الخامس ملك إنجلترا وملك ألمانيا ألكسندر كان ملك روسيا ومع ذلك حوربت بلادهم رغم كونهم كلهم أحفاد فيكتوريا وإخوانا السلفيين طبعاً ليسوا جورج الخامس وليسوا غير ذلك لا أفهم مهما كانت الأفكار لابد أن يفهم الطريقة االتى يعامل بها الآخر حتى الطريقة التى تعامل بها شيخ الأزهر مع أحمدى نجاد ومع احترامى الشيديد له لكن هذا رئيس دولة ذهب لمقابلتك ليس هكذا؟ ولا اعلم بهذا الأداء كان يرضى من؟
◄ هذا لأنه لم يستقبله عند الباب؟
*المؤتمر الصحفى لم يحضر فيه الإمام وهذا رئيس دولة وقصد الأزهر.
◄لكنك شخصياً من قبل رفضت دعوة نجاد لزيارة إيران؟
*اعتذرت لم أرفض وهناك فرق حاول أن يدعونى عدة مرات لكنى دفعاً لوجع القلب كنت اعتذر وقد رأيت العلاقات متوترة بين مصر وإيران وقتها وعندما أذهب إلى بلد أضع فى رأسى دائماً علاقات بلدى معها وقد رأيتها متوترة فأثرت أن لا أذهب وأعتذر رغم أنى لا دور لى فى السياسة وعندما عرض نجاد عليا إرسال طائرة تأخذنى واعتذر بشدة عن ذلك رغم أنى رغبت أن أزور إيران ولكنى أسف جداً ومشكور لم يحدث.
*مرسى وإيران.
◄هل يحاول الدكتور مرسى الآن أن يتقارب مع نظام إيران؟
*إذا لم يكن يحاول فعليه أن يفعل، مصالح مصر الاستراتيجية تقضى بعلاقة مع إيران تذكرى أن إيران هى البلد المحورى فى الصراع القادم الذى سينتقل من الخليج إلى الشرق الأقصى وإيران فى كل المرجعيات هى تلك البوابة أو دولة المرتكز فهى موقعها مميز لا مثيل له تطلع إلى أوروبا عبر البلقان ومجاورة لروسيا والخليج وأفغانستان ثم أنها هضبة تطل على الصين والهند وبالتالى فإنها بوابة الصراع القادم، حيث أنها مؤخرة هذا الصراع.
◄ كيف تنظر الولايات المتحدة لهذا التقارب إن حدث؟
*فى إدارة الصراع ليس الأمر يكون مبدأ الثأر كما يحدث أن ينام أحدهم فى زراعات الذرة ويطلق الرصاص على الخصم وسياسة الولايات المتحدة مع إيران ليست تدميرية كما حدث فى العراق لكنها تريد أن تسقط نظامها وتأتى بنظام جديد لأن الصراع بوابته ستكون غيران ورغم ذلك فإن إيران لديها مشروع نووى جيد يسير بداب النملة.
◄ولا إسرائيل؟
*إسرائيل وضع مختلف نهائيا إسرائيل لا تستطيع أن تضرب إيران بمفردها وأتصور أن الإيرانيين يحاولون كسب الوقت على مدار 6-7 سنوات ونحن نعلم تاريخياً أن مشروعهم النووى بدأ فى عهد شاهة إيران وكانت نسبة التخصيب 5% والآن تقارب 30% وأتعجب أن إخواننا فى الخليج يتحدثون عن مخاوفهم ورفضهم لمشروع ننوى إيرانى بحجة أنه قريب منهم ماذا عن مشروع باكستان هو قريب منهم أيضاً من مصلحة من وهذا هو السؤال أن يكون فى المنطقة طرف واحد يحكم وحاملاً السلاح النووى؟
◄هل أزعجك تراجع الإدارة السياسية عن السياحة الإيرانية بعد تهديدات السلفيين؟
*أزعجنى جداً العالم كله له علاقات كبيرة مع إيران ماعدا إسرائيل التى ترفض إيران التعامل معها وإلا أمريكا فلها مكتب مصالح مثلنا هناك لأن إيران مهمة جداً ولا تريد أن تتركها لكنها تريد أن تسقط النظام قبل الصراع القادم فى الشرق الأقصى وتريد نظاماً محله والسياسة الأمريكية لا تريد تدميراً لإيران على غرار العراق.
◄ هل يستطيع النظام أن يحدث تقارباً مع إيران رغم علاقته الوطيدة جداً بالولايات المتحدة؟
*نظام من؟
◄ الدكتور مرسى.
*علاقاتك الوطيدة فى العالم كله لا تمتنعى عن ذلك هل علاقتنا الوطيدة مع أمريكا تصل إلى حد الوصاية.
◄ أنا هنا أسأل لا أعلم الله أعلم؟
*أعلم أنهم كانوا معترضين وقت مبارك لا يرغبون فى هذا التوازن الاستراتيجى الذى لا يحققه سوى مثلث إيران وتركيا ومصر والأمريكان لا يريدون هذا.
◄هل سيمتد هذا الاعتراض من زمن مبارك إلى مرسى؟
*عليكى أن تسألى هل كان قراراً مصرياً صائباً أم خالصاً أعتقد إننا خضعنا إلى حيث لا ينبغى أن نخضع فيه لإملاءات وهذا لايليق.
تصدير الحكم الإيرانى.
◄هل أنت قلق من تصدير نظام الحكم الإيرانى وهى دولة غير ديموقراطية قمعية؟
*منذ متى وعبر التاريخ ونحن نقيم العلاقات مع البلد وليس النظام مع الموقع إذا هل سأقاطع إيطاليا كراهية فى الإسباجتى.
◄هذا ليس إسبجاتى هذا قمع؟
*هل أقطع علاقتى مع الأمريكان لأنها يمارس بها العنصرية ضد السود؟ أرجوكم نفرق بين الدولة ومصالح الدولة لابد أن فصل بينها وبين المزاج الخاص وحتى مجموعات القيم كان لدينا مع السوفييت وهم شيوعيون وملحدون لا يمكن أن نقطع علاقاتنا أو نبنيها مع من أرضى عنه أو غير ذلك.
◄هل ترى أن علاقة النظام الحالى مع إيران فرصة قد تقتنص؟
*لا أعلم الاقتناص لأنه علاقته بالصيد لكن أعلم أن لكل بلد فى إقليمه إستراتيجية لأمنه ومصالحه وعبر التاريخ كان هناك مثلث تركيا ومصر وإيران وكان فاعلاً ويحكم أيضا لفترة طويلة خاصة أن المنطقة بين الثلاث مليئة بالطوائف والقوميات والمذاهب لا تتصورى بعد توقيع اتفاق الوحدة مع سوريا قيل لناصر مبروك عليك سوريا ربعها أنبياء وربعها آلهة ونصفها ملوك وهى منطقة مهد للحضارات والأديان والتقسيم جعل أجزاء مثل الإسكندرونة تذهب لتركيا وغيرها كلها كانت تمثل الشام فهى أرض الحضارة ومهد الأديان وجميعها من شمالها وجنوبها كانت سوريا الشام قبل تقسيمها وهذه المنطقة لها من الحساسية ما يجعلها تصل إلى القداسة وهى منطقة جريحة بعد التقسيم الاستعمارى وكل الرسالات السماوية كانت هناك.
◄هنا الدور الإيرانى المساند للنظام السورى وفى المقابل الدور المصرى المعارض لذلك؟
*أما وأن كثيراً من القوى والدول تدخلت فى سوريا فليس لدياً مانع من مساندة سوريا وتذكرى موقف روسيا والصين وهو الموقف الحاسم وعلينا أن نسأل أنفسنا على ماذا يراهنون؟ هم يعلمون أن الصراع القادم فى منطقة الشرق الأقصى وأن ما يحدث فى سوريا هو البوابة لإيران وهى قاعدة المرتكز والكل حريص عليه ونحن لا نعلم شيئاً ويبدو أن شكل الصراع القادم فى الباسفيك والصين وروسيا.
◄ هل تؤيد العلاقات الكاملة أم التعاون بين البلدين؟
*أريد علاقات مودة مع الدولة الإيرانية والشعب الإيرانى وليس مع النظام أنا لا أحكم على أخلاق النظام أو هل هو ظريف من عدمه؟
◄ ولا مع حقوق الإنسان؟
•فى حقوق الإنسان أدعو لها وأقبلها المواقف الأخلاقية والعلاقات الاستراتيجية يمكن إداراتها دون تصادم إذا أحسنت الإدارة.
◄ مصر أين وإلى أين؟
*فى ختام هذه الحلقة الأخيرة من المجموعة الثانية أريد أن أسألك مصر أين وإلى أين وما رأيك فى حكم الإخوان لمصر إذا جاز تقيمه فى تسعة أشهر؟
*أعتقد أن الإخوان ليسوا قادرين والعالم كله يتحدث عن خيبة أمله فيهم وكل الناس وأنا منهم توقعت أن ينجحوا فى بعض المهام على الأقل الأمن الذى يعيد الحياة الطبيعية ومن ثم الدوران التدريجى فى الاقتصاد لا أعتقد أنهم سينجحون رغم أنى أتمنى ذلك نحن أمام مجموعة من الهواة وهم أصغر جداً من المسئوليات الملقاة عليهم أصغر من الظرف وما يقلقنى أن الصراع العالمى يتجه فى جهة ونحن لا نعلم ماذا نفعل وهنا سأستعير مقولة للدكتور فوزى "الحوادث كبيرة والرجال صغار".
◄ حتى لو تمثل فى نظام دينى مثل الذى فى إيران؟
*الاختلاف كامل نظام المرجعيات فى إيران يتسق مع التاريخ الإيرانى والتاريخ السنى والمصرى على وجه الخصوص لا يوجد به إلا السلطان وليس مدرسة ولاية الفقيه.
◄ إذا كان الإخوان عاجزون وأن الأحداث كما قال الدكتور فوزى كبار والرجال صغار إلى أين نذهب؟
*الزن هى فلسفة فى المدرسة الكنفوشية وهناك حوار أجده الأفضل المعبر عن فلسفة الزن أستاذ وتلميذه معه ويقول له لا أعلم أين أذهب الاتجاهات الأربعة أمامى مغلقة شمال وجنوب وشرق، وأنا أعتقد أن مصر أمام خيال الزن أن ترتفع فوق كل هذه الطرق المسدودة بأن تجند نفسها كلها إلى مهمة المستقبل العالم يتغير ومركز الثقل العالمى يتغير وسنكون فى المؤخرة ولن يشعر بنا أحد الصراع ينتقل وإيران دولة فمرتكز للصراع ونحن متوقفون فى نفس المكان نتحدث عن سنة وشيعة، بيزنتطة تحدثوا وأضاعوا وقتاً هل الملائكة لديهم أجنحة أم لا؟
◄الخروج من الأزمة؟
البداية أن نجمع مصر كلها لبحث حل مشاكلها لا يوجد أمامى فصيل قادر لا الإخوان ولا جبهة الإنقاذ والدليل أنها تستقوى بالجيش ولم أر فى حياتى ذلك فى أى بلد ديموقراطى إذا فشلت الحكومة تكون المعارضة بديل جاهز لابد أن تتجمع كل القوى الحقيقيى لتبحث حل مشاكل مصر أنا رجل قلق وأنا فى نهاية عمرى لكنى قلق على هذا المستقبل وأتمنى أن عن طريق مدرسة الزن أن تخرج إلى مصر أعلى
فى الحلقة السادسة من مصر أين؟.. وإلى أين؟..هيكل:التعامل مع مبارك خاطئ ولا يصح وضعه بالسجن..تفجيرات بوسطن إرهابية وتختلف عن أحداث سبتمبر..وإيران لم تساعد مصر بحرب أكتوبر..وقرض "النقد" من اختصاص السلطة
الخميس، 18 أبريل 2013 08:30 م
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عايض
السعوديه
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر البنا
مبارك سجن .. الفريق سعد الدين الشاذلى .. رئيس اركان القوات المسلحة ومخطط لحرب اكتوبر
عدد الردود 0
بواسطة:
Sievn
هيكل انت الحل عندك ايه المعارضة مش عايزة اي بلد تساعدنا
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوعمر
وماشأنك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمدعبد المنعم
إلى الاخ عايض (السعودية)
عدد الردود 0
بواسطة:
الافوكاتو
الى الاخ عايض من السعودية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الشربينى
الاحوال تتبدل
عدد الردود 0
بواسطة:
عايض
السعوديه
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
اين الحقيقه يا استاذ هيكل ياابو العريف