أكثر ما يلفت النظر فى قضية قرض صندوق النقد الدولى، أن أنظار البعض تتجه إليه كما لو أنه مشروع قومى كبير، يبعث الهمة، ويحل مشاكل مصر، فى حين أنه أولا وأخيرا ديون على كل مواطن مصرى سيتم حتما سدادها، كما أن ذكريات الصندوق ليست جيدة مع كل الدول التى رمت بنفسها فى أحضانه دون ربط قروضه بإرادة وطنية حقيقية وتنمية مستقلة، ولنتذكر قصة قرض البنك الدولى مع مصر فى الخمسينيات من القرن الماضى، حينما صمم جمال عبدالناصر على بناء مشروع السد العالى، ورفض البنك منح مصر قرضا لهذا الغرض تحديدا، فرفع عبدالناصر راية التحدى، وقرر بناء هذا الصرح الشامخ بإرادة مصرية حرة، ولأنه كان مشروعا قوميا حقيقيا احتضنه هدير شعبى، وأصبح مثلا فى تاريخ مصر على الإرادة الوطنية حين تكون.
استدعاء هذه الذكرى التاريخية الناصعة وطنيا من الماضى، يقف بك فى محطات الحاضر وأنت تتابع تفاصيل قرض الصندوق، والمشاوير التى تقطعها بعثته للقاهرة، وتوسلات نظام مرسى.
ستجد فى القصة استجابة فورية لرفع الأسعار والدعم، وفرض ضرائب جديدة، وجميعها من شروط الصندوق، ولا شىء من هذا له علاقة بالتنمية من أجل الفقراء، لن تجد حديثا عن إصلاحات اقتصادية بمفهوم تنموى وإنتاجى، والتأكيد على ذلك يأتى من تصريحات رئيس بعثة الصندوق أندرياس باور والذى قال صراحة لمن قابلوه من رموز المعارضة: الحكومة المصرية ستقوم بتوظيف القرض فى سد العجز بالموازنة العامة ودفع رواتب الموظفين فى بعض القطاعات فقط، وليس هناك نية لإنفاقه فى مجالات الاستثمار والتنمية، وأضاف أنه من الصعب إنفاق القرض على إقامة مشروعات إنتاجية أو جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة، وقال «باور» صراحة أن أى طلبات مسبقة لمنح القرض تحتاج إلى إصلاحات اقتصادية تتمثل فى تعويم الجنيه ورفع أسعار المنتجات البترولية، وإلغاء الدعم وفرض ضرائب جديدة.
طبقا لهذه التصريحات، فإن قيمة القرض 4.8 مليار دولار ستذهب إلى الإنفاق العام، فى مقابل رفع لهيب الأسعار والتى سيتحملها الفقراء وصغار الموظفين.
تبحث الحكومة عن مخارج اقتصادية سريعة، وتأمل فى جرعة تنشيطية تعطى شعورا خادعا بعبور الأزمة الاقتصادية، وفى هذا السياق يأتى القرض الذى لو حصلنا عليه سيتم توظيفه «سياسيا»، مما يحتم على رموز المعارضة، التى قابلت بعثة الصندوق، أن تعلن موقفها بشأنه ودون لبس، فاللقاءات التى تمت مع بعثة الصندوق قد تعطى إيحاء خادعا بأن المعارضة تتفق مع الحكومة فى الحصول على القرض، ومع تداعيات نتائجه السلبية فى المستقبل، سيبدو أن الجميع مشترك فى المسؤولية.
فى لقاء بعثة الصندوق مع التيار الشعبى ومؤسسه حمدين صباحى، اعترض صباحى على فرض شروط الصندوق على الحكومة لتحديد مجالات إنفاق القرض أو أى مطالبات مسبقة، وعرض حزمة من البدائل أقرها فى مؤتمره الاقتصادى الأخير، فلماذا لا تطل الحكومة عليها، فالقضية أكبر من حزب أو تيار أو جماعة، لأنها تتعلق بحقوق أجيال قادمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اى نهضه هذه التى تقوم على خراب البيوت واخذ القروض وبيع ممتلكات الدوله بالصكوك
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
من سيدفع فواتير الاستبداد والعناد - من سيدفع فواتير الخراب والقروض والضرايب والصكوك
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
ما العيب فى الإقتراض من صندوق أنت مشارك فيه بـ 2 مليار دولار ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 1
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 8
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 9
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 10
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 11
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 13
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام أمين
من إنجازات الرئيس مرسى 14