أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد جاد الله

السياحة التى "تقندل" حالها

الخميس، 18 أبريل 2013 10:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مواجهات كبيرة تخوضها حكومة د. "قنديل" من أجل إقناعنا بأنها تبذل كل ما فى وسعها لدعم وتشجيع صناعة السياحة.

لكنها تعجز عن تفسير عجزها أمام الرأى العام، فيما يتعلق بتشكيل فريق إدارة للتعامل مع الأزمة الكارثية التى أوصلت صناعة السياحة المصرية، وخاصة قطاعات السياحة الثقافية فى محافظات القاهرة والأقصر وأسوان إلى مرحلة الاحتضار.

حكومة عبثية تلك التى تقرر فى منتصف الموسم الشتوى الكاسد رفع الدعم عن أسعار السولار، مما سيتسبب فى إغلاق معظم الفنادق العائمة وبعض المنشآت السياحية، خاصة فى المدن التى تعتمد بشكل مباشر على السولار كمصدر لتوليد الطاقة ومحطات تحلية المياه مثل مدينة مرسى علم؟

حكومة جهلت أو تتجاهل أن تعاقدات الموسم السياحى الصيفى القادم بين الشركات المصرية والأجنبية قد تمت قبل ذلك القرار بشهور طويلة، وأنه لا سبيل لتعديل الأسعار المعلنة فى كاتالوجات ترويجية تمت طباعتها والترويج لها بالفعل.

كما تجاهلت إيجاد حلول لإعفاء أصحاب الاستثمارات السياحية من تلك الخسائر الرهيبة، التى ستدفع بهم إلى التضحية بأرخص ما فى تلك الصناعة، وهو "الإنسان"، فالآلاف من العاملين بالقطاعات السياحية سوف ينضمون إلى الآلاف ممن سبقوهم إلى دكة البطالة الحزينة.

وتتجاهل أيضاً الحكومة ووزير داخليتها مثلاً وليس حصراً، تلوث سمعة مدينة سياحية فريدة كأسوان فى أسواق السياحة العالمية، بسبب انتشار جرائم نشل السائحين وسرقة أغراضهم أمام مراسى الفنادق العائمة، فى ظل حالة لا مبالاة مريبة من الشرطة، فيما يخص حماية السائحين.

ويتجاهل وزير السياحة بالتعتيم الناتج عن العجز، عدم وجود مدينة الأقصر على خارطة السياحة الأوروبية للموسم الصيفى القادم، وأن مطارها لن يستقبل سائحين من ألمانيا والنمسا وسويسرا ودول أوروبية أخرى.

ذلك سوف يؤدى إلى انهيار منظومة محكمة كانت تربط السياحة الشاطئية فى مدن الغردقة والقصير ومرسى علم مع السياحة الثقافية فى محافظتى الأقصر وأسوان، فتفقد مصر بذلك تميز منتجها السياحى.

كما يتجاهل وزير السياحة وهو ابن لتلك الصناعة، أن الشركات العالمية السياحية الكبرى قد تتعاون مع دولة ذات نظام حكم فاشياً كان أو ديكتاتورياً، لكنها لا يمكن طبقاً لأبجدية الإدارة الحديثة أن تجد أرضاً مشتركة للتعاون مع حكومة بهذا الفشل.

احتضار تلك الصناعة سوف يؤدى لانهيار قاعدة التعامل بالجذب مع الأسواق السياحية الغربية، ويترتب على ذلك انسحاب المستثمرين الرئيسيين الذين شيدوا تلك الصناعة فى الربع قرن الأخير، وسيدفع بهم الضغط والابتزاز التنافسى إلى بيع أصولهم من منتجعات، وفنادق عائمة، ومنشآت سياحية بأثمان بخسة، مما يصب مباشرة فى مصلحة المشتاقين لتقسيم تلك الغنيمة الاستراتيجية بينهم، والذين سوف يُرَوَّج لهم محلياً كمنقذين وطنيين لتلك الأصول.

المشتاقون الجدد منهم أصحاب شركات سياحية تحتل الدرجة الثانية فى تقييم المستوى الخدمى، ممن يسيرون حالياً فى ركاب الحزب الحاكم خوفاً وطمعاً، ومنهم تجار ورجال أعمال مصريين وأجانب ما زالوا يقفون خلف الكواليس فى انتظار انتهاء مرحلة تقويض الكيانات الاستثمارية السياحية الكبرى القائمة، وتمزيق أوصالها، عملاً بقاعدة أن ما يصعب اصطياده فى سوق الجملة، يسهل اغتنامه بعد تفتيته فى سوق التجزئة.

ولأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فإن المحاولات التى يقوم بها وزير السياحة لفتح أسواق سياحية جديدة فى دول مثل إيران، بدلاً من الاستبسال فى إيجاد وتفعيل حلول لدعم الأسواق التقليدية الرئيسية فى أوروبا، تؤكد من وجهة نظرى أن السياسة تدعم تقويض الصناعة القائمة، واستبدالها بصناعة سياحة أخرى لا علم لنا بها.

إن صناعة السياحة تواجه تحد وجود أمام منظومة من المنتفعين الجدد والمشتاقين القدامى من غير العابئين بأقوات الملايين من العاملين فى تلك الصناعة.

ولطالما شهدت السياحة خلال العشرين عاماً الأخيرة أهوال تداعيات حروب واضطرابات سياسية فى المنطقة، واعتداءات إرهابية فاجعة، تحمل تبعاتها الفادحة الملايين من العاملين بها وأسرهم فى صمت، لكن التاريخ يشهد أن مستقبلها لم يكن يوماً بهذا الغموض، وأن حالها لم "يتقندل" لتلك الدرجة أبداً من قبل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد طه

مقال فى الصميم

وضعت يدك على الجروح بس مين يسمع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة