شبح البطلان يهدد كل تحقيقات نيابة الثورة منذ بدء عملها فى أواخر العام الماضى.. ذلك ما يكشف عنه فقهاء قانونيون، مفسرين ذلك بأن القرار الرئاسى الصادر فى نوفمبر 2012 بقانون حماية الثورة لم يعرض على المجلس التشريعى خلال 15 يوما من انعقاده كما ينص الدستور.
نيابة الثورة أعلنت فى الفترة الأخيرة عن توصلها لأدلة جديدة فى العديد من قضايا قتل المتظاهرين، سواء المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته السابق حبيب العادلى أو وقائع قتل المتظاهرين فى المحافظات والمتهم فيها عدد من قيادات الداخلية السابقين، لكن قانونيين يرون أن كل ذلك يمكن أن يتعرض للطعن عليه بشكل يؤدى إلى انعدام وزوال أثره، وذلك بسبب عدم إقرار مجلس الشورى للقرار بقانون، ليصبح قانونا قابلا للتطبيق على أرض الواقع، فيما يلفتون إلى أن المادة السادسة من قانون حماية الثورة تنص على عرض القانون على مجلس الشعب فور انعقاده لإقراره «وذلك قبل إقرار الدستور الجديد وتعديل مسمى مجلس الشعب إلى مجلس النواب»، مشيرين إلى أنه كان يتوجب على مجلس الشورى إقرار القانون بعد أن انتقلت إليه السلطة التشريعية كاملة.
وتنص المادة «131» من الدستور على أنه «يجوز لرئيس الجمهورية عند غياب المجلسين «النواب والشورى» أن يصدر قرارات لها قوة القانون ويعرض على «النواب» و«الشورى» بحسب الأحوال خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقادهما، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم تقر زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها عن الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب عليها من آثار بوجه آخر».
ويقول أستاذ القانون الدستورى الدكتور رمضان بطيخ عضو مجلس الشورى إن عرض القرار بقانون حماية الثورة كان يجب أن يتم وفقا للدستور على مجلس الشورى لإقراره، «وهذه مسألة بديهية» مشيرا إلى أن القرار بقانون يظل قرارا ويطعن عليه فى مجلس الدولة حتى يعرض على البرلمان ويقره، فيصبح قانونا، ويطعن عليه أمام المحكمة الدستورية، لافتا إلى أن نيابة الثورة تستند لهذا القرار فى تحقيقاتها الأخيرة وهو ما يمكن الطعن عليه، لأن القرار بقانون الذى تمت على أساسه تلك التحقيقات لم يعرض على الشورى فى المدة المحددة، ولم يصبح قانونا ما يعنى أنه انتهى وزال بقوة القانون، موضحا أن المادة السادسة من القرار بقانون و التى توجب عرضه على المجلس التشريعى، هى تأكيد لما هو مستقر عليه دستوريا، وهو وجوب عرض القرارات بقوانين التى يصدرها الرئيس فى غياب المجلس التشريعى على المجلس فور انعقاده.
وحول النص فى القانون على هذه المادة على الرغم مما يراه البعض من أنها «تحصيل حاصل» يرى بطيخ أن السبب فى ذلك ربما فى أن الرئيس يريد أن يقول إن المجلس التشريعى هو صاحب إصدار القانون بشكل نهائى، مشيرا إلى أنه مع سقوط الإعلانات الدستورية التى صدر فى ظلها هذا القانون، كان لابد من عرضه على مجلس الشورى للتصديق عليه، حيث يمثل المجلس حاليا السلطة التشريعية التى تملك إقرار القانون، أو عدم إقراره.
وكان عدد من نواب «الشورى» وبينهم محمد يوسف عضو اللجنة التشريعية «وسط» تقدم ومعه النائبة ليلى موسى بمذكرة لرئيس المجلس الدكتور أحمد فهمى منذ شهرين، طالبا فيها بضرورة عرض قانون حماية الثورة على المجلس، و أحال فهمى المذكرة للجنة التشريعية إلا أنها لم يتم نظرها حتى الآن، ورأى يوسف أن سبب تأخير مناقشة اللجنة التشريعية للموضوع حتى الآن هو انشغالها بمناقشة قانونى مباشرة الحقوق السياسية و مجلس النواب، مؤكدا أن القانون «حماية الثورة» ستكون له الأولوية فى الجلسات المقبلة للمجلس، فيما أوضح أن القرار بقانون يظل نافذا إلى أن يقره الشورى أو يرفضه.
وحول تأثير عدم تصديق الشورى على تحقيقات نيابة الثورة فى قضية مبارك قال يوسف: إن قضية مبارك لا يسرى عليها هذا القانون، لأن القضية لم تنته بعد، فى حين أن هذا القانون خاص بالقضايا التى صدرت فيها أحكام بالفعل، عدا قضية مبارك التى استثناها القانون، ونص على أنه يجوز إعادة المحاكمة فيها مرة أخرى، موضحا أن النيابة العامة يجوز لها أن تجرى تحقيقات تكميلية مادامت القضية لم تنته.
وأضاف أن النيابة العامة طعنت على الأحكام فى قضية مبارك، كما طعن المتهمون عليها، والمحكمة قبلت الطعنين وأعادت القضية لمحكمة الموضوع أى إلى نقطة الصفر، حيث يجوز لكل الأطراف أن تقدم أدلة جديدة قد تساعد فى البراءة أو الإدانة، فيما أشار إلى أنه تقدم بمذكرة لرئيس مجلس الشورى للمطالبة بعرض قانون حماية الثورة على المجلس، حتى لا يتم الطعن على القضايا التى ستقدمها النيابة العامة من جديد، فيما يشير أستاذ القانون الدستورى الدكتور جابر جاد نصار إلى أن قانون حماية الثورة الذى استند إلى الإعلان الدستورى، كان يجب عرضه على مجلس الشورى فور انعقاده لأنه يعتبر قرارا إداريا قبل تصديق البرلمان عليه، فإذا أقره البرلمان استمر العمل به، وإذا لم يقره زال ما كان له من أثر بقوة الدستور، مؤكدا أنه لذلك كان يجب عرض هذا القانون على «الشورى» فى أول جلسة له.
ويلفت نصار إلى أنه حتى لو تم عرض القانون حاليا، فإن هذا لن يصحح الخطأ الذى حدث، حيث نص الدستور على عرضه خلال 15 يوما من انعقاد المجلس التشريعى، موضحا أن الخطأ الذى حدث يوجب على مجلس الشورى أن يناقشه كقانون جديد ويصدره كقانون جديد.
مؤكدا أن كل ذلك يقود فى النهاية إلى بطلان تحقيقات نيابة الثورة، مبينا أنه يمكن للمتهمين فى تلك القضايا المختص بها القانون أن يدفعوا بذلك لزوال القوة القانونية للقانون. كان الرئيس محمد مرسى أصدر فى نوفمبر 2012 قانون حماية الثورة، ونصت المادة الأولى منه على أنه: «استثناء من حكم المادة 197 من قانون الإجراءات الجنائية تعاد التحقيقات فى جرائم قتل، وشروع فى قتل، وإصابة المتظاهرين، وكذا جرائم الاعتداء باستعمال القوة، والعنف والتهديد، والترويع، على الحرية الشخصية للمواطن، وغيرها من الحريات، والحقوق التى كفلها الدستور والقانون، والمعاقب عليها بمقتضى أحكام القسم الأول والقسم الثانى من قانون العقوبات، والمرتكبة بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا، أو تنفيذيا فى ظل النظام السابق، على أن تشمل التحقيقات الفاعلين الأصليين والمساهمين بكل الصور فى تلك الجرائم، وكل ما تكشف عنه التحقيقات من جرائم أخرى مرتبطة».
هدية «مرسى» لـ«مبارك» و«العادلى»..
البطلان يهدد تحقيقات قتل المتظاهرين بسبب عدم تصديق «الشورى» على قانون حماية الثورة ..المجلس تجاهل إقرار القانون على الرغم من النص الدستورى على عرض القرارات الرئاسية خلال 5 1 يوما من انعقاده
الخميس، 18 أبريل 2013 03:10 م