هانى محمد طنطاوى يكتب: استبدال الاستعمار بـ"الاستحمار"

لم يكن انقسام السودان بأيد خارجية أكثر منه بأيدى أبناء السودان أنفسهم ولم يكن الانشقاق الحادث داخل العراق وتمزقه إلا بأيدى أبنائه قبل أن يكون بأيدى الأمريكان وما يحدث فى سوريا الآن ومن قبله لبنان، وما يحدث فى تونس والصومال وليبيا من انشقاق وتمزق ليس إلا نتاج أيدى أبنائه.
فالاستعمار لم ينجح فى شق الصف بين أبناء الوطن الواحد إنما كان سببا فى توحيدهم ضد عدوهم، والاستعمار كان سببا فى توحد المسلمين والمسيحيين فى مصر، وكان سببا فى توحد الشيعة والسنة فى العراق ولكن يبدو أن الغرب المتربص لم يجد فى الاستعمار وسيلة ناجحة للسيطرة على العرب، فراهن على وسيلة أكثر تأثيرا وأقوى فاعلية، ألا وهى الاستحمار الداخلى واللفظ وإن يبدو أكثر قساوة إلا أنها الحقيقة التى مزقت أوطانا وبلدانا بأيدى أبنائها بقوة أكثر من الأيادى الخارجية فالغرب راهن على حالات الاستحمار والغباء عند البعض فى بث سموم الفرقة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد بمسميات عديدة كالفتن والخلافات المذهبية فانشغلت البلاد العربية بالاقتتال الداخلى والصراعات الجانبية بينها البعض بينما يعمل الغرب فى صمت فى استجلاء ثرواتها النفطية والطبيعية ويمضى من تقدم إلى تقدم.

ويبدو أن رهان أميركا وحليفتها الكارهة للعرب الآن على مصر لتمزيقها داخليا حيث يصعب عليهم تمزيقها خارجيا.

فعلينا ألا نقع فى الفخ ولا ننجر إلى المؤامرات والفتن التى تشتعل بفعل فاعل يوما بعد يوم. فهل نستوعب الدرس؟