نشأت فكرة الصكوك الإسلامية عندما بدأ البحث عن بدائل ووسائل اقتصادية جديدة، مع الانهيار الكبير الذى شهدته الرأسمالية، تزامنا مع أزمة الرهونات العقارية التى تسببت فى أكبر ركود عالمى منذ الكساد الأعظم، ووصول التضخم إلى أعلى مستوياته، وانهيار الدولار الأمريكى أمام العملات الأخرى، إلى جانب المؤسسات المالية العملاقة التى أغلفت أبوابها معلنة إفلاسها، كما بدأ تزايد الاعتماد على الصكوك الإسلامية فى السنوات الأخيرة حتى أصبحت الأسرع نموا فى سوق التمويل الإسلامى.
وتعد الصكوك الإسلامية من أبرز منتجات الصناعة المالية الإسلامية، حيث أصبحت واقعًا فرضَ نفسه على الساحة المالية العالمية لدرجة أن العديد من المؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية وجهت وجهها إليها لقدرتها على توفير الموارد التمويلية اللازمة للاستثمارات فضلا عن أنها ستقوم بالمواءمة بين المعضلات الثلاث: الربحية، والسيولة، والأمان من المخاطر.
فالصكوك ما هى إلا محاولة لتقليل الاعتماد على الاستدانة من الجهات المتعددة، ورغبة فى زيادة مشاركة المصريين فى بناء الاقتصاد القومى وأيضًا رغبة فى وضع يد المصريين على مشاكل الاقتصاد، ودخولهم كمساهمين فى الحلول وبناء المشروعات القومية الكبرى.
وقد يتساءل الكثير من أبناء الشعب المصرى عن أهمية الصكوك الإسلامية التى أصبحت هى الموضوع الأهم والبارز على الساحة خلال هذه الفترة، وترجع أهمية الصكوك الإسلامية إلى أنها أحد أهم الأدوات الاستثمارية التى تساهم فى نمو الاقتصاد بصفة عامة والاقتصاد المصرى بصفة خاصة، فمنها تمول المشروعات القومية وتسد عجز الموازنة العامة للدولة، وذلك فى ظل انخفاض معدلات الإدخار فى مصر التى بلغت 12% ومعدلات استثمار وصلت إلى 17% وهى نسب منخفضة جدا، وقد لا يعرف البعض أن الصكوك موجودة فى القانون 95 لكنها لم تكن مفعلة لأسباب سياسية فى ظل النظام السابق، فهى كما ذكرنا أداة استثمارية هامة جدا.
أما عن سبب فى إضافة الصبغة الإسلامية عليها فلم يكن ذلك من قبيل الصدفة ولكن لأن إجمالى حجم التمويل الإسلامى فى العالم بلغ 1.6 تريليون دولار، ونسبة مصر من هذا التمويل منخفضة جداً، فهى غير موجودة على خريطة التمويل الإسلامى مقارنة بالدول الأخرى، فماليزيا بلغت نسبتها 15%، والإمارات 9%، والبحرين 2.3 %، فى حين أن حصة مصر بلغت 1.3% فقط.
فضلا عن أن التجربة الماليزية الفريدة فى الصكوك الإسلامية تعتبر مثلا يحتذى به، فقد اعتمد عليها رئيس الوزراء الماليزى السابق مهاتير محمد بشكل رئيسى فى الخطة طويلة الأجل 2020 التى وضعها لماليزيا.
وتعتبر تلك الصكوك ذات منافع كثيرة منها على سبيل المثال أنها تعد من أفضل الصيغ لتمويل المشاريع الكبيرة التى لا تتحملها جهة واحدة، أنها تفتح مجالاً كبيرًا للمستثمرين الذين يريدون استثمار فائض أموالهم، ويرغبون فى الوقت نفسه أن يستردوا أموالهم بسهولة عندما يحتاجون إليها، كما تعتبر هى البديل الإسلامى للسندات فى النظام الرأسمالى، أنها تتيح الفرصة أمام البنوك المركزية لاستخدامها ضمن أطر السياسة النقدية وفقا للمنظور الإسلامى بما يساهم فى امتصاص السيولة، ومن ثم خفض معدلات التضخم، وإتاحة الفرصة أمام المؤسسات المالية الإسلامية لإدارة السيولة الفائضة لديها فضلا عن ذلك فهى تلبى احتياجات الدولة فى تمويل مشاريع البنية التحتية والتنموية بدلاً من الاعتماد على سندات الخزينة والدين العام، إضافة إلى ذلك فهى تساعد فى تحسين ربحية المؤسسات المالية والشركات ومراكزها المالية، وذلك لأن عمليات إصدار الصكوك الإسلامية تعتبر عمليات خارج الميزانية ولا تحتاج لتكلفة كبيرة فى تمويلها وإدارتها، كما أنها تعتبر أداة تساعد على الشفافية وتحسين بنية المعلومات فى السوق، تسهم فى الحصول على السيولة اللازمة لتوسيع قاعدة المشاريع وتطويرها، كما تعمل الصكوك على تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلى للمؤسسات المصدرة للصكوك من حيث إنها تتطلب التصنيف الائتمانى للمحفظة بصورة مستقلة عن المؤسسة ذاتها ومن ثم يكون تصنيفها الائتمانى مرتفعًا.
ومن المعلوم أن سوق الصكوك الإسلامية مازال بكرا لذلك لابد من ضبط السوق بالعديد من التشريعات لمنع التلاعب، فضلا عن ضرورة عقد ندوات تعريفية لمجتمع الأعمال بالصكوك الإسلامية مع ضرورة تحديد متطلبات البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية.
رأفت محمد السيد يكتب: الصكوك الإسلامية فى الميزان
الأربعاء، 17 أبريل 2013 03:33 م