حذر خبراء وسياسيون وفنيون وقانونيون من تداعيات إنشاء سد النهضة الأثيوبى على الأمن المائى المصرى، مطالبين الحكومة المصرية بضرورة التحرك ضمن خطة متكاملة لتأمين المصالح المائية لمصر فى مياه النيل، ووضع عدد من السيناريوهات فى الوقت الذى اختلفت فيه الحكومة الأثيوبية الأسبوع الماضى بالذكرى الثانية لوضع حجر أساس سد النهضة على النيل الأزرق، معلنة الانتهاء من مراحل الإنشاء الأولية.
وقال محمد نصر الدين علام وزير المياه والرى الأسبق، فى الندوة التى عقدتها كلية الهندسة بجامعة القاهرة حول تداعيات سد النهضة الأثيوبى، إن المعلومات الفنية الأولية عن السد تؤكد تسببه فى بعض مظاهر الجفاف والعجز المائى فى سنوات انخفاض إيراد النهر، مؤكداً أن المياه التى تستخدم فى الرى فى إثيوبيا ستكون خصماً مباشراً من الإيراد السنوى للنهر فى مصر، محذراً من أن التسليم بالحلول الثانوية من تقليل سنوات ملء الخزان الملحق بالسد أو التعديل فى سياسات التشغيل، واستطرد أن الاعتماد على هذه الحلول سيكون بمثابة تسليم رقبة مصر لإثيوبيا والقوى الدولية المساندة لها.
وعرض علام عدداً من الدراسات الفنية الدولية التى تؤكد تداعيات السدود الإثيوبية على حصة مصر من مياه النيل، حيث انتهت دراسة كيفين ويلر الأمريكى، أن سد النهضة خلال فترة ملء الخزان سيؤدى إلى نقص مائى فى حصة مصر يزيد عن 30 مليار متر مكعب ثم ينخفض العجز المائى إلى 2.2 مليار متر سنوياً، كما انتهت الدراسة إلى أن السد سيتسبب فى خفض إيراد النهر عند أسوان بحوالى 11 مليار متر مكعب.
وأكد علام، أن اللجوء للقانون دون وجود قوة تحميه لن يأتى بحقوق مصر، نافياً أن تكون هذه القوة عسكرية ولكن قوة دولة مستقرة داخلياً، وأكد أن مصر لن تكون عائقاً أمام تنمية أى دولة فى إفريقيا وفى حوض النيل بشكل خاص، حيث كانت على مدار التاريخ داعم للتنمية فى دول حوض النيل رغم كونها دولة محدودة الموارد، وتحصل مصر سنوياً على 55.5 مليار متر مكعب من مياة النيل تبعاً لاتفاقية 1959، حيث يأتى 85% من هذه الحصة الهضبة الإثيوبية.
وأشار علام إلى التباين وعدم التنسيق بين الموقفين المصرى والسودانى، وذلك بسبب الفوائد التى تعتقد السودان أنها ستعود عليها، حيث تقليل معدلات ترسيب الطمى على السدود السودانية، وتنظيم توليد الطاقة، مؤكداً أن هذه القوائد لا تعنى عدم وجود الضرر، مشدداً على ضرورة التنسيق وتوحيد الرؤى المشتركة بين الدولتين، وأكد علام أنه إذا استمرت إثيوبيا ببناء السد فى المعدلات الحالية سيكون الانتهاء من السد فى 2016، لافتاً إلى أن إثيوبيا تنتوى تخويل مجرى النيل فى سبتمبر القادم، وهو ما يؤكد استمرار بناءً السد دون الاكتراث بمخاوف أى دولة أخرى.
وأوضح محمد شوقى عبد العال، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، أن الحل القانونى لتأمين مصر من مخاطر السد يتلخص فى تحقيق عدد من الضوابط الإجرائية حيث الإخطار المسبق من جانب إثيوبيا قبل إنشاء سدود على النيل وهو ما لم تتبعه إثيوبيا، مؤكداً أن اللجوء للمحكمة الدولية لن يتم إلا بموافقة مصر وأثيوبيا على الذهاب سويا للتقاضى أمام المحكمة.
أنه يتبقى حل قانونى لم يترتب عليه ضرر من خلال طلب رأى استشارى من محكمة العدل الدولية، ويكون الطلب من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وبافتراض أن لم تأتى هذه الفتوى فى مصلحتنا فإنها لن تكون ملزمة لأى من مصر ولا إثيوبيا.
وأكد أن الفيصل فى حل هذه المشكلة هى الإرادة السياسية، حيث إننا الآن أمام مسألة الأمن القومى المصري. وقال هانى رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية أن إثيوبيا الآن أصبحت حجر الزاوية فى منطقة القرن الأفريقى، حيث تتولى الآن دور الوساطة بين شمال وجنوب السودان بعد إرسالها قوات إلى مناطق أبيى لحفظ السلام فى السودان، وهو إجراء ضمن العمليات الإستراتيجية لإثيوبيا خارج حدودها، وهو ما سيكون له تأثير على علاقة السودان بملف حوض النيل وأوضح رسلان أن إثيوبيا تسعى الآن فى تيسير مصالحها فى حوض النيل، حيث كانت المحرك الرئيسى وراء التوقيع المنفرد على اتفاقية عينتيبى.
وأكد رسلان أن إثيوبيا بقوتها السياسية الحالية لا تؤهلها بالتعامل بهذه الطريقة مع مصر، مستنكرا الاستسلام المصرى أمام هذه القضية، مشيرا إلى عدد من النزاعات والمشاكل السياسية الداخلية داخل إثيوبيا وعلى رأسها تعدد الإثنيات فى إثيوبيا، حيث يحتوى جنوب إثيوبيا وحده على 56 قومية، وطالب رسلان الادارة المصرية باعادة التوازن الإفريقى وإعادة وضعها داخل الساحات الإفريقية وتوجيه رسائل عديدة بما لديها من قوة داخلية وأن تهديد المصالح المصرية فى حوض النيل لم يمر بسهولة.
خبراء يحذرون من تداعيات إنشاء "النهضة الإثيوبى".. وزير الرى الأسبق: السد يسبب 30 مليار متر مكعب نقص مائى فى حصة مصر.. قانونى: اللجوء للمحكمة الدولية للتقاضى لن يتم إلا بموافقة البلدين
الثلاثاء، 16 أبريل 2013 03:23 م
جانب من الندوة