إذا أردت أن تتحدث عن الديمقراطية فى أى بلد نامٍ، فعليك أن تفتش فيه عن منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية المشهرة، تلك التى تلعب دورا حيويا فى شتى المجالات لتنمية أى مجتمع، وترجع أهمية تلك الجهات فى دول العالم الثالث تحديدا لتثقيف أهله وتوعيته بالمبادئ السياسية والمشاركة المجتمعية، وتحل محل الدولة عندما تعجز الأخيرة عن توفير جميع المتطلبات الحياتية لأبنائها نتيجة عوامل كثيرة على رأسها ضعف الإمكانيات الاقتصادية، وهذا ما ظهرت أهميته فى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والتى وصل عدد الجمعيات الأهلية المشهرة فيها خلال عامين فقط 16 ألف جمعية فى مختلف المحافظات ليصبح الرقم النهائى بذلك 45 ألف جمعية.
ويأتى نشاط الجمعيات المشهرة بعد الثورة فى مجالات عدة غلب على أكثرها الطابع الاجتماعى، وفقا لما تم رصده فى عينة مختارة للجمعيات المعترف بها فى شهر فبراير ومارس وحتى منتصف الشهر الجارى والتى وصل عددها إلى 131 جمعية، بناء على ما ورد فى الجريدة الرسمية خلال تلك الفترة، فى 16 محافظة وهى «القاهرة، الشرقية، الدقهلية، الغربية، دمياط، الفيوم، السويس، البحر الأحمر، قنا، شمال سيناء، الأقصر، كفر الشيخ، البحيرة، الوادى الجديد، القليوبية، الإسكندرية» وجاء على رأس المحافظات التى شهدت أكبر عدد فى تسجيل الجمعيات «الدقهلية، ثم الغربية ثم القاهرة والبحيرة» وكانت المحافظة التى نالت أقل رصيد من الأعداد هى شمال سيناء حيث وصل عددها إلى جمعية واحدة فقط.
وكان النشاط الأساسى لجمعيات الدقهلية المنتشرة فى القرى بشكل كبير تحت اسم يغلب عليه الطابع الدينى هو خدمات صحية ودينية ومساعدات اجتماعية ورعاية الطفولة والأمومة، أما محافظة الغربية فتركزت أنشطتها فى خدمات ثقافية وعلمية ودينية وصحية وتعليمية، وتيسير رحلات الحج والعمرة والقوافل الطبية وكفالة اليتيم، ومساعدات عينية، وإنشاء فصول تحفيظ القرآن الكريم، ومساعدة الفقراء والمحتاجين وحماية البيئة.
«عدد الجمعيات أصبح كبيرا جدا بعد الثورة.. إحنا مش ملاحقين عليها» هكذا بدأ المهندس إيهاب مدحت، الممثل العام لاتحاد الجمعيات الأهلية، حديثه قائلا إن غالبية أنشطة الجمعيات خلال عامين من الثورة، بعيدا عن الثلاثة أشهر فترة الرصد، ركزت على حقوق الإنسان بنسبة %90 وذلك لرغبتهم فى ممارسة العمل السياسى تحت هذا الغطاء لأن المعروف أن قانون الجمعيات الأهلية يحظر ذلك.
عدد الجمعيات السابق ذكره وتمركزها فى قرى بعض المحافظات طرح تساؤلا حول دورها فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة أن القانون يكفل لها مراقبة الانتخابات وتوعية الناس بضرورة المشاركة السياسية ولكن يحظر عليها حشد الناس لصالح مرشح بعينه وهذا شىء لم يستبعده الناشط الحقوقى حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والذى قال إن معظم الجمعيات أنشئت لغرض انتخابى وإن انتشارها وخريطة توزيعها جاء لهذا الهدف، وحذر أبو سعدة من هذا الأمر مع الانتخابات القادمة مطالبا وزارة الشؤون الاجتماعية بتكثيف رقابتها على الجمعيات خلال تلك الفترة لحصر الجمعيات التى تعمل لصالح مرشح بعينه.
وهذا ما أكده الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية، أن المركز خلال مراقبته لعملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية الأولى عدة تجاوزات من الجمعيات المحسوبة على التيار الإسلامى بشكل مباشر وغير مباشر للتأثير فى آراء الناخبين بشكل يصب فى مصلحتهم، على اعتبار أنهم الأقدر على إدارة المرحلة، هذا بالنسبة للقرى، أما فى المحافظات الكبرى مثل القاهرة، فأيضا كان بها تجاوز فى توجيه الناس للتصويت إما بنعم أو لا ولكن كان الأغلب المحسوب على التيار الإسلامى.
ونفى مصطفى رأفت، عضو الاتحاد الإقليمى للجمعيات الأهلية بمحافظة الدقهلية، تلك المخاوف قائلا: جمعياتنا تعمل وفقا للقانون وتقوم بتثقيف الناس وتوعيتهم سياسيا بضرورة المشاركة فقط لا غير، وغالبية الجمعيات فى الأساس لم تبدأ نشاطها بعد، وتواجه أزمات مادية ولم تستقر على مكان، وليس صحيحا أن الجمعيات قائمة على تمويل خارجى من دول عربية، فجمعياتنا قائمة على الاشتراكات والأنشطة فقط والتمويل مركز على جمعيات القاهرة والمحافظات الكبرى.
قبل الثورة كان القانون المعمول به يحمل رقم 84 لسنة 2002، والذى ألغى العمل بالقانون السابق له لسنة 1999 وطالب الجمعيات التى أنشئت فى تلك الفترة أن تقنن أوضاعها وفقا للقانون الجديد، حتى جاءت أحداث الخامس والعشرين من يناير، وكشفت عن قضية التمويل الأجنبى لما يقرب من 17 منظمة، فتجدد الحديث حول ضرورة تعديل القانون القائم للجمعيات، بحجة أنه وضع العديد من القيود على إنشاء الجمعيات، وفشل فى سد ثغرات قام من خلالها البعض بتنفيذ أجندات أجنبية بتمويل خارجى، فذهب مجلس الشورى الحالى لتقديم مقترحات لمشروع قانون جديد أثار جدلا واسعا فى الأوساط الحقوقية المصرية والعالمية، على اعتبار أنه يفرض قيودا على الجميعات ويحظر التمويل الأجنبى لمنظمات التنمية السياسية وقصرها على التمويل المحلى فقط، وعلى أرض الواقع لا يوجد مصادر تمويل من هذا النوع، إضافة إلى أنه يجعل أموال الجمعيات أموالا عامة، مما يعنى أن الموظفين يمكن أن يمثلوا للتحقيق أمام الجنايات.
محمد الدمرداش، المستشار القانونى لوزارة الشؤون الاجتماعية، يقول قضايا التمويل الأجنبى التى تورطت فيها بعض المنظمات عقب الثورة مباشرة، ناتجة عن حالة عدم الانضباط الإدارى ومتابعة لنشاط تلك الجمعيات، ولكن هذا الأمر تراجع إلى حد كبير الآن، حيث أصبح حجم الالتزام بالقواعد القانونية كبيرا جدا، ومعظم العاملين يريدون أن يسيروا وفقا للقانون، وعن حجم التمويل الذى وافقت عليه الوزارة يقول عندما تعطى أى مؤسسة مبلغا لجمعية ما تصبح الأخيرة مسؤولة عن الحصول على ترخيص بممارسة نشاطها من الوزارة وتسويته.
ويضيف: حجم التمويل من دول الخليج العربى نسبة بسيطة مقارنة بالدول الأوروبية ومعظم تلك الأموال تنفق على أعمال إنسانية ولا يوجد اى شىء منها يذهب لصالح السياسة، والوزارة قبلت تمويلا بحجم 600 مليون ورفضت 26 مليونا فقط فى مشاريع تأتى للحديث عن قضايا مرفوضة تهدف للتمييز، وفيما يتعلق بدور الجمعيات فى فترة التصويت للانتخابات أو الاستفتاء على الدستور، أما توجيه الأصوات تجاه شىء محدد فهذا مرفوض، والاختبار الحقيقى سيكون مع الانتخابات القادمة، لأننا لن نسمح للجمعيات بالعمل السياسى.
16ألف جمعية أهلية جديدة بعد الثورة تركز على "الحلقات الدينية".. وتلعب دورا حاسما فى الانتخابات المقبلة.. والدقهلية فى المقدمة تليها الغربية والقاهرة.. وأبوسعدة: خريطة توزيعها لأغراض انتخابية
الثلاثاء، 16 أبريل 2013 06:25 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رجب القرموطي
جمعية بــ ( السم الهاري ) .. فمن يكن معي من المؤسيين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الا الغربيه - وانتخابات الرئاسه والدستور اكبر دليل
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن الطيب
العدد فى الليمون !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عصفوره
الأخوان وخبر كان ههههه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى حنفى
رد الفاشل