معصوم مرزوق

الورقة الإيرانية فى الميزان

الأحد، 14 أبريل 2013 07:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يكون من لغو الكلام أن نكرر مقولة أنه: «فى السياسة لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، إنما توجد دائماً مصالح دائمة».
احتلت العلاقات مع إيران مؤخراً مركز الصدارة فى قائمة اهتمامات المجتمع المصرى، فالبعض أبدى التخوف من المد الشيعى، والبعض الآخر اعتبر تجدد العلاقات بمثابة قتل لما تبقى من علاقات مع دول الخليج العربى، والبعض رأى أن ذلك سيكون بمثابة رهان على فرس خاسر على اعتبار حقيقة الحصار الدولى لإيران. وفى مواجهة كل هذه الحجج السلبية رأى البعض الآخر أن إيران تمثل فرصة ينبغى انتهازها للاستفادة من مواردها وجذب السياحة منها، وهنا تبدو مصلحة اقتصادية محددة، وربما هذا ما دفع حكومتنا السنية لاتخاذ بعض الخطوات فى سبيل تدفئة العلاقات المصرية/الإيرانية.
على ضوء ما تقدم يبدو أن موضوع العلاقات المصرية/الإيرانية يثير الإشكاليات الموضوعية التالية التى نعالجها بأكبر قدر من الاختصار:
1 - احتمالات أن تكون بمثابة حصان طروادة لنشر المذهب الشيعى، وهو ما نستبعده بدليل تاريخى حاسم، وهو أن الدولة الفاطمية حكمت مصر مئات السنين ولم تتحول مصر إلى المذهب الشيعى، وأن عرب الأهواز فى إيران نفسها لا يزالون من أهل السنة رغم مئات السنين من الحكم والضغط المذهبى الشيعى.. لذلك تبدو هذه الحجة مثل حجة بليد لا يرغب أو يقدر على الدراسة.
2 - الأثر السلبى على علاقات مصر بدول الخليج العربى، وهو تخوف مفهوم ولكنه غير مبرر على ضوء أن هذه الدول تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع إيران، فضلاً عن أن وجود علاقات مصرية/إيرانية قوية يسمح بتوظيف وزن مصر فى التوسط لحل الخلافات الخليجية/الإيرانية، وإجهاض الأزمات قبل حدوثها.
3 - أما اعتبار استعادة العلاقات مع إيران بأنه رهان على فرس خاسر بوصفها هدفا لحصار دولى، فذلك يحتاج إلى التدقيق فى أسباب هذا الحصار، حيث نجده يتركز على موقف الغرب من الملف النووى الإيرانى، وأستطيع أن أقول باختصار إن هذا الموقف الغربى لا يتفق مع اتفاقية حظر الانتشار النووى (NPT) التى لم يثبت أحد أن إيران قد انتهكتها حتى الآن، كما أن ذلك يمثل ازدواجية فى المعايير، إذا أخذنا وضع إسرائيل فى الاعتبار.
4 - ويمكن أن نضيف إلى العنصر السابق أنه فى معادلات توازن القوى فى الشرق الأوسط لا توجد حالياً قوة واحدة يمكن لها أن تحقق التوازن مع إسرائيل، ولا مناص من خلق تحالفات إقليمية مناسبة لتحقيق قدر معقول من التوازن، ولا شك أن التقارب المصرى/الإيرانى هو أحد الأدوات التى قد تتيح ذلك، خاصة بعد أن انهارت الجبهة الشرقية بتمزق العراق، والانهيار المتسارع فى سوريا.
بناء على ما تقدم، ورغم معارضتى لمجمل سياسات النظام الأخرى، فإننى أدعم سياسة التقارب مع إيران من منظور الأمن القومى والتوجه لبناء نظام أمن إقليمى مستقل فى الشرق الأوسط، وبغض النظر عن الجدوى الاقتصادية رغم اعترافى بأهميتها.
إن التحرك تجاه إيران قد يبدو مجرد مناورة تكتيكية، ولكنها على المدى الطويل قد تحقق أهدافاً استراتيجية هامة، وما من شك أنه لو أحسن التعامل مع الورقة الإيرانية فإنها سوف تضيف إلى الأوراق التفاوضية التى يملكها صانع القرار المصرى سواء على المستوى الإقليمى أو المستوى الدولى، بما يضيف إلى الوزن التفاوضى المصرى بشكل إيجابى.
وأخيراً، ينبغى على الكافة أن يعلموا أن السياسة الخارجية للدول هى علم وفن يتطلب سنوات من الدراسة والإعداد والممارسة، لذلك أرجو أن يكف البعض عن محاولات «تديين» السياسة، أو «تسييس» الدين، لأن أهل السياسة أعلم بأمورها، مثلما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «أنتم أعلم بأمور دنياكم».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

ثروت

الا الحرس الثوري

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

من يضمن الحيادية

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

بين دولة المهدى واستاذية العالم ...سراب

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور سامى سليم

تحيه للكاتب المحترم

عدد الردود 0

بواسطة:

حاتم جمال علي

مصر وأيران

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة