سعيد الشحات يكتب: كيف تعارض الرئيس دون أن تشتمه فى نفسه وأهله؟.. وقف لغة السباب بين الإخوان وإعلامها.. والمعارضة والقنوات الفضائية الرافضة لهيمنة الجماعة

الجمعة، 12 أبريل 2013 09:01 ص
سعيد الشحات يكتب: كيف تعارض الرئيس دون أن تشتمه فى نفسه وأهله؟.. وقف لغة السباب بين الإخوان وإعلامها.. والمعارضة والقنوات الفضائية الرافضة لهيمنة الجماعة مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اجتمع الترحيب، واختلف التفسير، هذا ما يمكن قوله على قرار الرئيس محمد مرسى بسحب كل البلاغات التى تقدمت بها رئاسة الجمهورية ضد الصحفيين، وعددها 24 بلاغاً، كان عنوانها واحدا.. وهو «إهانة رئيس الجمهورية».
كانت هذه البلاغات بمثابة السير على طريق الأشواك من الطرفين «الصحفيين» و«الرئيس»، ودليل على فقدان الثقة بينهما، ودليل على أن هناك من يوجه السلاح فى غير موضعه، وفوق هذا وذاك هى المعركة الخطأ فى الوقت الخطأ.
«احترام حرية التعبير، وتقدير دور الصحافة والإعلام»، هذا ما قاله المستشار إيهاب فهمى المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية، تبريراً لقرار الرئيس مرسى بسحب كل البلاغات التى تقدمت بها «إدارة الشؤون القانونية بمؤسسة الرئاسة»، وفى الضفة المعارضة، جاءت ردود الفعل المرحبة بهذا القرار.. ولكن بشروط، فهناك من طالب بضرورة إجراء تعديل تشريعى يسقط تهمة إهانة الرئيس، وهناك من طالب الرئيس باستخدام نفوذه على أعضاء حزب الحرية والعدالة، لوقف إفراطهم فى تقديم البلاغات ضد الصحفيين والإعلاميين، وإبطال تصوراتهم بأن هذا النوع من الإجراءات يحمى الرئيس، بل إنه يؤدى إلى خلاف يتطور إلى عداء مستحكم بين الإعلام والرئيس، والمؤكد أن كل هذه المطالب ضرورية ومشروعة، لكنها تظل بلا قيمة فى حال فقدان المناخ الذى يؤسس للعلاقة الصحية بين الإعلام ومؤسسات الحكم، وفى القلب منه مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الرئيس. فماذا عن هذا المناخ، وما هى شروطه؟
هناك حالة من الاستقطاب السياسى الحاد تعيشها مصر، يمكن القول أنها مرت بمراحل، حتى اكتمل عنفوانها مع الإعلان الاستبدادى للرئيس مرسى، ثم طرح الدستور للاستفتاء، وأدى ذلك إلى انقسام بالغ، زاد منه السير فى طريق أخونة أجهزة الدولة بإسناد المناصب من القاع إلى القمة لعناصر إخوانية على حساب الكفاءة.
كان انتهاء المائة يوم الأولى التى أعطاها «مرسى» لنفسه أثناء الدعاية الانتخابية لحل مشاكل الخبز والوقود والمرور والنظافة، واحدة من المراحل التى هيأت لهذا الاستقطاب، وأثناء المائة يوم.. كان هناك ما يمكن تسميته بحالة «السيولة» فى التأييد الشعبى ومن القوى السياسية للرئيس، وذلك تحت مبرر إعطاء الرئيس فرصة.
كانت كل مرحلة من هذه المراحل تعطى ملامحها فى الهجوم المتبادل بين الرئيس ومعه جماعة الإخوان، وحزبها «الحرية والعدالة»، وبين المعارضة بجميع أطيافها من أحزاب وقوى ثورية وتكتلات سياسية، وبالطبع انعكس هذا على الإعلام بفضائيات وصحف، ففيهما أصبح هناك رموز إعلامية تعارض وتؤيد الرئيس، وبقدر ما كان هناك تعقلاً فيما يتناوله كان هناك أيضاً تطاولاً.
فى هذه الملامح، كانت هناك خلطة من الهجوم المتبادل، فعلى صعيد المعارضة وإعلاميها كان هناك من يسعى إلى تقديم حلول جادة للأزمات فى خطاب سياسى ناضج ومحترم، وهناك من يستدعى خطابا يسوده سب وقذف، وفى المقابل وفى قلب جبهة المؤيدين للرئيس وإعلاميها، كان هناك من يرد بتفنيد رؤية المعارضة عبر خطاب سياسى، وهناك من يستدعى سباً وقذفاً فى حق المعارضين، وأدى كل ذلك إلى تعميق حالة الخلاف بين الفريقين، بالدرجة التى أدت إلى شخصية بحجم وقيمة كاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل إلى مطالبته بأن يكون هناك لجنة وسيطة بين الفريقين.
يمكنك أن تأتى بعشرات الأمثلة التى ساهمت وتساهم فى مزيد من حالة التسمم والاستقطاب الحادة الموجودة حالياً، وأقصد بذلك هذا النوع من الحديث الذى يخوض فى الأعراض، وينحرف بالخطاب السياسى بمضمونه الصحيح إلى التشهير الشخصى، ويتواجد هذا على حد سواء بين بعض أطياف جبهة المعارضة للرئيس، وبين جبهة المؤيدين له، وللطرفين انتصر إعلاميون فى مختلف القنوات الفضائية والصحف.
بعض أطياف المعارضة انتقلت فى انتقاد مرسى من السياسة إلى الشخص، من التدليل على أخطائه السياسية، إلى التركيز على السمعة، من وضع خطواته السياسية محل نقد وتقييم، إلى الخوض فى سمعة الأسرة، من معارضة سياسية لما يطرحه سياسياً، إلى الشتم والسب، وتلك الحالة التى تعد تفريغاً لشحنة غضب لا تؤدى إلى تراكم فى الفعل السياسى الصحيح، وإنما تعطى الفرصة لمؤيدى الرئيس بتحويل المعارك السياسية الصحيحة من المعارضة ضده إلى مجرى أخلاقى، مما يقود إلى التحول لجدل جديد، يركز على الفروع على حساب الأصول، ومن هذه الخلفية يأتى السؤال الكبير، وهو: «كيف تعارض الرئيس دون أن تشتمه، ودون أن تسبه؟، كيف تعارضه دون الاقتراب مما هو شخصى، ودون أن تتعرض لأسرته، طالما هى لم تمارس فعلا سياسيا يستحق الانتقاد بأصول النقد؟، كيف تنتقده دون أن تعطيه الفرصة لتقديم بلاغات إلى النيابة، كما حدث فى الشهور الماضية؟.
الأسئلة مطروحة أيضاً على جبهة المؤيدين للرئيس، فالرصد فى هذه القضية يقود إلى أن هذه الجبهة بدأت وفور فوز مرسى بانتخابات رئاسة الجمهورية، فى التشهير بكل من يعارضه، ونشطت فى ذلك فضائيات وصحف، وسبقهم الميليشيات الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان، فهى تمارس سباً وقذفاً وشتماً ضد المعارضين، هى التى تنادى «حمدين صباحى» بـ«حمضين»، هى التى حرفت شعاره فى معركته الانتخابية للرئاسة من «واحد مننا» إلى «واحد خمنا»، هى التى نسجت عشرات الأكاذيب ضد الدكتور محمد البرادعى، وبدلا من الرد على خطابه السياسى المعارض بخطاب سياسى، تتعرض إلى شخصه وحياته، هى التى تنسج قصصا من الأكاذيب ضد الدكتور عمرو حمزاوى، وتتعرض لحياته الشخصية بأساليب رخيصة، هى التى لا تكتفى بانتقاد عمرو موسى سياسيا، وإنما تتطاول عليه شخصياً، هى التى تفعل ذلك مع عبدالمنعم أبوالفتوح، هى تفعل ذلك مع عبدالحليم قنديل، والعديد من الإعلاميين، هى تفعل ذلك بتصور أنها تنظف الأرض للجماعة والرئيس، وساهم كل ذلك فى تبادل الشتم والسب.
فليقل معارضو الرئيس وأنا منهم فى انتقاده أنه مستبد، وديكتاتور، وبلا برنامج سياسى، فتلك من أدبيات النقد السياسى، وليقل مؤيدو الرئيس فى رموز المعارضة، أنهم لايقدمون رؤية سياسية، وأنهم غير ديمقراطيين، وأنهم لايقدمون المساعدة للرئيس، فتلك من أدبيات النقد السياسى الصحيح، لكن على الفريقين ترك لغة السب والشتم والتعرض للحياة الشخصية بالخدش، ففى هذه الحالة سيكون هناك بيئة صحية للخلاف السياسى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة