رأفت محمد السيد يكتب: اللى مايعرفش يقول.."فسخانى"

الإثنين، 01 أبريل 2013 12:07 ص
رأفت محمد السيد يكتب: اللى مايعرفش يقول.."فسخانى" صورة أرشيفيه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلم أن العنوان قد يثير الدهشة والتساؤل، ولكنى لم أجد معنى أوقع من هذا التعبير لوصف حال البعض من غير المنصفين لجهود أصحاب الرأى والرؤية والاجتهاد لخير قادم لمصرنا الحبيبة على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى، فهناك شىء عجيب وملحوظ ضمن أشياء كثيرة تحدث من المصريين لاسيما فى أعقاب ثورة يناير، هذا الشىء هو أن كل من هب ودب أصبح عالما ومفتيا، يهاجم ويتهكم دون أن يكون لديه من أدوات النقد ما يجعله ينتقد الآخرين فهو نقد لمجرد النقد، فليس كل من يقرأ تكون نسبة تحصيله مثل الآخرين حتى طلبة العلم وهذا شىء من المسلمات – فكما أن هناك كاتبا جيدا متميزا، هناك أيضا قارئ جيد لديه من العلم والثقافة والقدرة على تحليل الكلمات والجمل ما يجعله يستطيع الحكم على الموضوع بموضوعية وحيادية بعيدا عن أى ميول أو اتجاهات أو اختلاف مع الشخص ذاته ولكن المهم هو أن ينجح فى أن يصل إلى فكر الكاتب، وماذا يريد مما يكتب، بل يستطيع القارئ الجيد أن يستزيد بمعلومات وأفكار جديدة، أو حتى عبارات جديدة، هذا هو القارئ الذى يملك حس وموهبة بالفطرة فى تحصيل مراد الكاتب، وهناك قارئ عادى، قارئ قد لا يملك تلك الأدوات ليس لقصور منه أو لديه، ولكنه ليس لديه المَلَكة والفراسة فى قراءة ما بين السطور وفحوى ما وراء الكلمات، ورغم ذلك نجده يُفتى بما لا يعلم وقد يقول ما يسىء للآخرين أو يصفهم بصفات تحمل السخرية!

ما أحوجنا للقارئ المثقف فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، القارئ الذى يتميز بمجموعة من السمات الإيجابية كالميل إلى التعلم وسعة الاطلاع والتمتع بحس نقدى وجمالى مستقل بالإضافة إلى امتلاك وجهات نظر تساير أو تغاير النظام السياسى والاجتماعى لبلدنا الحبيبة مصر مشفوعة بعناصر الإقناع والقدرة على التأثير فضلا عن التخلق بسلوكيات متحضرة.

فمن البديهى، أنَّ الحالة الفطرية لمنظومة العقل البشرى جاهلة بكافة شئون الحياة والعلم، وترقى إلى مراتب أعلى من المعرفة بالاكتساب والتحصيل العلمى ليتميز المتعلم عن الجاهل. فالأول: أفنى حياته فى الدراسة والتحصيل للارتقاء بمنظومته العقلية إلى مراتب أعلى. والثانى: ارتضى بما اكتسبه من تجارب حياتية محدودة للارتقاء بمنظومة عقله الفطرية إلى مرتبة معرفية بسيطة تساعده على تنظيم سلوكه وإدارة شؤون حياته الخاصة، يقول أفلاطون: "إن العالم يعرف الجاهل، لأنه كان جاهلاً يوما ما، والجاهل لا يعرف العالم، لأنه لم يكن قط عالماً".

وهناك أيضا العديد من مدعى العلم والمعرفة والثقافة الذين لا يجيدون سوى التهكم والسخرية من الآخرين، مع أنهم يفقدون ماهية العلم ذاته ولم يدركوا أولويات المعرفة، فما يشغلهم هو كيف يتصيدون كلمة أو عبارة أو جملة ليبنوا عليها حوارات للسخرية غير عابئين بكم الجهد الذى بذل من أجل إخراج موضوع ما للنور ليستفيد منه الآخرين، لم يدركوا أهمية الرسالة والهدف من الموضوع المعروض، لم يدركوا كم عانى الكاتب حتى يخرج فكرته فى سطور إلى النور، فالأمر ليس سهلا كما يتخيل البعض، أقول لهؤلاء الساخرين ما علمنا النبى صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذىء (رواه البخارى فى الأدب وأحمد وابن حبان والحاكم.

نحتاج لخلق وترسيخ فكرة حب العلم والاحترام له ولمن يمارسه، نحتاج أن نتجاذب أطراف الحديث ويسمع بعضنا بعضا، فكلامى قد يكون خطأ يحتمل الصواب وكلام الآخرين قد يكون صوابا، يحتمل الخطأ، نريد أن نتعلم من علمائنا العظام الذين أفنوا حياتهم فى اكتساب العلم وتعليمه.

نحتاج أن نتعلم من الدول التى سبقتنا حيث إن سبب تقدمهم الجيوش الكبيرة من العلماء والباحثين، التى تكدح فى المخابر والمعامل، وتنتج كما هائلا من البحوث التى لا نكاد نستطيع الاطلاع عليها.

وأخيراً لا أجد سوى أبيات للعارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقى للرد على مدعى العلم والمعرفة الذين يسيئون للآخرين ويصفونهم بأنهم فسخانية أقول لهم أنتم (الفسخانية) لعلهم يستيقظون من أوهامهم قبل فوات الأوان:

يا مدعى العلم والجاه الرفيع قف عندنا وخذ العلم من مجاريه
فالسيف لا نعطيه إلا ضاربه والقوس لا نعطيه إلا لراميه





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة