أكدت أحدث الدراسات العلمية التى أجريت مؤخرا لمعرفة مدى تأثير تطبيق قانون منع التدخين فى الأماكن العامة فى لبنان انخفاض عدد المدخنين بنسبة 17% .. كما أكدت دراسة أخرى أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية انخفاض نسبة المدخنين بين طلاب المدارس الثانوية من 36.4% إلى 18.1% ..بسبب جهود حملة أطفال بلا تدخين.
ففى لبنان أظهرت دراسة رسمية بعد تطبيق قانون منع التدخين فى جميع الأماكن حتى المقاهى والمطاعم، والذى تم إقراره فى أغسطس 2011 وبدء تطبيقه كاملا فى سبتمبر 2012، وشهد اعتراضات من أصحاب المطاعم والمقاهى.. إلا أن المتابعة القوية من جهات كثيرة منها وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة السياحة، وكذلك عدد كبير من جمعيات وهيئات المجتمع المدنى المهتمة بصحة المواطن اللبنانى وصورته الحضارية، كانت وراء التطبيق الفعلى للقانون.. ورغم أن القانون واجه الكثير من اعتراضات أصحاب هذه المنشآت على اعتبار أنه سوف يحد من دخلهم ويعمل على نقص مواردهم .. إلا أن الدراسة أثبتت أن 75% من رواد المطاعم والمقاهى يؤيدون القانون وترتفع نسبة تأييد القانون الى 81% بين غير المدخنين كما أن نسبة 58% من المدخنين يؤيدون القانون أيضا .. أى أن الفئة التى يستهدفها القانون تؤيد تنفيذه رغم الحملات المضادة له.. وبما أن نسبة 29% من اللبنانيين يدخنون فإن 23% من اللبنانيين خفضوا من وتيرة ارتيادهم المطاعم والمقاهى.. وترتفع هذه النسبة إلى 36% بين المدخنين.. وأهم رقم ذكرته الدراسة أن 17% من المدخنين قد خفضوا من نسبة تدخينهم .. وهى نسبة تعد نقلة نوعية فى حجم التأثير على المدخنين للحد من حجم استهلاك التبغ.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية وبناء على أحدث دراسة نشرتها المجلة العلمية لدراسات البيئة والصحة العامة أكدت أنه قد تم إحراز تقدم كبير فى الحد من تدخين الشباب فى الولايات المتحدة حيث كان معدل التدخين بين طلاب المدارس الثانوية فى أعلى مستوى حيث وصلت نسبته إلى 36.4% فى عام 1997 وكلنها تراجعت إلى 18.1% فى عام 2011. ومع ذلك فإن استخدام التبغ بين الشباب ـ وبين جميع الأمريكيين - لا يزال يمثل مشكلة خطيرة كل يوم .. خاصة أن ما يقرب من ألف طفل يتحول إلى مدخن يوميا .. ثلثهم سيموت قبل الأوان نتيجة لذلك.
لذلك فإن حملة حماية الأطفال من التبغ مازالت تجاهد فى سبيل تحقيق أهدافها خاصة أن شركات التبغ وحسب ما ذكرته لجنة التجارة الاتحادية تقوم بتخصيص ميزانية ضخمة تبلغ 8.5 مليار دلار سنويا أى ما يعادل مليون دولار كل ساعة.. وذلك للإنفاق على وسائل تسويق منتجاتها القاتلة والتى تسبب إدمان هذه النوعية من الأطفال المستهلكين.
كما تحرص الشركات المنتجة وخاصة الكبرى منها على إنتاج سجائر فى شكل جذاب وجميل وفى عبوات مغرية.. ومنها ما يأتى فى نكهات الفاكهة مثل الفراولة والفانيليا والخوخ والتفاخ.. وكلها وسائل تهدف إلى اكتساب عملاء جدد من الأطفال صغار السن حتى يتحولوا إلى مدمنين وعملاء دائمين لها.
والأرقام والإحصائيات تؤكد أن التبغ هو القاتل الأول للأمريكيين .. ومع ذلك فهو سبب الوفاة الوحيد الذى يمكن الوقاية منه.. لذا فإن الجهود مكثفة لإنقاذ أربعة ملايين ونصف تقريبا يقتلهم كل عام.. كما يكلف الولايات المتحدة 96 مليار دولار لتوفير الرعاية الصحية لضحاياه سنويا.
وبتطبيق الأرقام السابقة على مصر فإننا نستطيع أن نحمى حوالى 20 % من التدخين إذا طبقنا بقوة قانون منع التدخين فى الأماكن العامة والمغلقة فى كل محافظات الجمهورية خاصة أن لدينا من القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية ما يسمح لنا بتنفيذ ذلك حماية للمواطن المصرى من خطورة محققة فى سيجارة بها 5000 مادة سامة منها 96 مادة مسرطنة لا تحتمل الشك.. كما أن الطفل المصرى معرض هو الآخر لألاعيب شركات السجائر التى تسعى للحصول عليه كعميل فى وقت مبكر .. خاصة إذا علمنا أن سن بداية التدخين فى مصر تبدأ من التاسعة أى من المرحلة الابتدائية.
الوضع خطير بالنسبة للخسائر التى تتكبدها مصر على المستوى الصحى والاقتصادى فى ظل هروب الشركات العالمية المنتجة للتبغ إلى الدول النامية بعد تضييق الخناق عليها فى دول العالم المتقدم.. إلا أننا لدينا الفرصة فى الحد من هذه المخاطر.. فقط لو طبقا القانون وتعاونت مختلف الجهات الحكومية مع المجتمع المدنى فى مكافحة التبغ بكل الطرق والوسائل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة