م.وليد طلعت يكتب: سياسة المعسكرات المغلقة

الجمعة، 08 مارس 2013 12:37 ص
م.وليد طلعت يكتب: سياسة المعسكرات المغلقة حرب أكتوبر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقول الأسطورة القديمة إن معدن الإنسان المصرى الأصيل يظهر وقت الشدة، ولكن ما لم تخبرنا عنه الأسطورة أن هذا المعدن قد يعتريه الصدأ حين يطول وقت الشدة.

ينبغى أن نعترف أن المصريين يحققون نجاحات لافتة عندما يعملون بسياسة المعسكرات المغلقة، لكنهم يفشلون بشكل مفزع فى الالتزام بالخطط طويلة الأجل، لأنهم ببساطة يعانون من داء النفس القصير.

فى حرب أكتوبر 73 وفى أيام معدودات تفوقنا على العدو الصهيونى الذى أوهمونا وقتها بأنه لا يقهر، واجتزنا خط بارليف، وأبهرنا العالم بقوة وبأس وصلابة الإنسان المصرى، وخلال ٤٠ سنة تالية تركنا لهم المجال ليتفوقوا علينا فى كل شىء، بداية من صناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة ومرورا بالبحث العلمى وبراءات الاختراعات وانتهاء بإقامة حياة ديموقراطية كاملة، بينما اختزلنا نحن نصر أكتوبر المجيد فى يوم إجازة لموظفى الحكومة وتلاميذ المدارس.
حتى فى مجال كرة القدم، نجح منتخبنا فى الفوز بكأس أفريقيا ٣ مرات متتالية بسياسة المعسكرات المغلقة التى لا تزيد مدتها عن شهر، ولك أن تتخيل أننا خلال نفس الفترة فشلنا فى الوصول لكأس العالم مرتين، لأن ذلك يحتاج عملاً شاقاً طوال ٢٤ شهراً على الأقل، وهذا أمر نفتقده بشدة.

ثم جاءت ثورة يناير المجيدة، واستطاع المصريون خلال ١٨ يوماً لا أكثر، وبمعسكر مغلق فى ميدان التحرير، أن يسقطوا نظاماً كان ينافس أبا الهول فى رسوخه، بكل أسلحته وجنوده، إلا أننا طوال عامين كاملين بعد الثورة لم نتوقف عن هدم الدولة المصرية: إما بمظاهرات فئوية تنهش فى جسد الدولة الميت أساساً، أو بالاكتفاء بمشاهدة محاولات مشوهة لاستنساخ الثورة لم تنتج إلا مزيداً من النزيف لجراح الدولة العميقة، وبالطبع لا ننسى المحاولات المضنية المتبادلة لتشويه رفقاء الثورة بسبب الاختلاف فى الرأى.

فى هذه المرحلة الانتقالية، نجحنا بالفعل فى إنشاء المؤسسات الرئيسية للدولة، صار لدينا رئيس منتخب وبرلمان منتخب ودستور كتبناه بأيدينا، إلا أننا فى نفس الوقت لم نحقق نجاحاً يذكر فى بناء شخصية مصرية تناسب المرحلة التاريخية الجديدة.
طيب إذا كان ذلك كذلك، فما الذى يمنع أن تتبنى الحكومة سياسة المعسكرات المغلقة جنبا إلى جنب مع الخطط طويلة الأجل حتى تتغير البنية النفسية للإنسان المصرى، وتزداد قدرته على الصبر والاحتمال، معسكر مغلق للنظافة، معسكر مغلق لاسترجاع الأمن، معسكر مغلق لمحو الأمية، وهكذا.

أعتقد أن الرهان الآن ليس على قوة الحكومة أو قدرتها على فرض إرادتها فى الشارع، هذا الأمر سوف يستغرق وقتا شئنا أم أبينا، وإنما الرهان الحقيقى على أن يستعيد الشعب روح ثورة يناير ويستشعر الخطر على مكتسباته وينزل سريعا لحمايتها.

يتحمل الحاكم جزءاً من المسئولية عن ذلك بلا شك، إلا أن مسئولية المحكومين أكبر، لأن السفينة حين تُخرق، ولا تجد من يسد الخرق، تغرق بأهلها جميعا لا بحاكميها فقط.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة