د. محمد فؤاد يكتب: الكعب الدائر فى تفسير الدوائر

الجمعة، 08 مارس 2013 12:05 م
د. محمد فؤاد يكتب: الكعب الدائر فى تفسير الدوائر صورة أرشيفية<br>

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بناء على طلب المحكمة الدستورية قام مجلس الشورى بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لانتخابات مجلس النواب القادم.

طبعاً،مشكلة المشاكل فى نظام انتخابى مبنى فى الأساس على القوائم، هى أن النجاح يعتمد بشكل كبير على الشق التنظيمى وهو أمر تجيده تماماً أحزاب الإسلام السياسى وترسب فيه عن جدارة بقية الأحزاب.

وبعد التقسيم الجديد، زاد الأمر تعقيداً فى كثير من الدوائر لعدة أسباب:
١- تقسيم دوائر ذات كتلة تصويتية إسلامية محسومة لعدة دوائر للاستفادة الكاملة من زيادة المقاعد لصالح التيارات الإسلامية
٢- إعادة توزيع المراكز المكونة للدائرة فى بعض الدوائر التى فاز بها مرشحو تيارات مدنية بشكل يجعلهم يعيدوا حساباتهم من جديد.

هل كل كلامى مرسل حتى الآن؟ نعم
لذا وجب علينا أن نثبت هذا الكلام بأمثلة رقمية موضحة. لندرس سويا أمثلة من محافظة الجيزة. وقد إخترت الجيزة لسببين:
١- هى محافظة أعلم تكوينها الانتخابى وتتوفر لدى بيانات دقيقة عنها
٢- هى محافظة تم زيادة مقاعدها من ٣٠ إلى ٤٢ وهو نفس عدد المقاعد الذى تمت إضافته للقاهرة.

كانت الجيزة فى ٢٠١١ تتكون من ٥ دوائر فردية (١٠ نواب) وقائمتين (٢٠ نائبا)
تمت زيادة الدوائر إلى ٧ دوائر فردى و٣ دوائر للقوائم. السؤال هنا، كيف تمت هذه الزيادة.
للأمانة، الزيادة راعت روح القانون فى التقسيم العادل. لكنها أيضا راعت مصلحة "المشرع" فى التأكد من أن هذا التقسيم يتناسب مع قدراته التصويتية.

لنتكلم عن مثال تطبيقى لتقسيم الدوائر ذات الأغلبية الإسلامية لتعظيم الإستفادة بزيادة المقاعد:
لنأخذ أكثر الأمثلة فجاجة وهى الدائرة الأولى فردى سابقاً وكانت تضم ٧ مراكز: الجيزة، أبو النمرس، الصف، الحوامدية، البدرشين، العياط وأطفيح.

كان نصيب هذه الدائرة مقعدان فردى وبما إنها كانت جزء من قائمة جنوب الجيزة فكان نصيبها ٥ مقاعد بإجمالى ٧ مقاعد ممكنة من هذه الدائرة.

كيف كانت نتائج هذه الدائرة إذا فى ٢٠١١؟ اكتساح إسلامى للمقاعد الفردية وحصول حزبى النور والحرية والعدالة على كل المقاعد التى أفرزها تصويت هذه الدائرة فقط. لقد حصلت التيارات الإسلامية فى هذه الدائرة على قرابة الـ٦٠٠ ألف صوت وهى أعلى دائرة تفوق فيها الإسلاميون فى انتخابات الشعب والشورى بل والرئاسة.

إذا ماذا فعلنا بها فى تقسيم ٢٠١٣؟ لقد قمنا بإخراج مركز الجيزة منها وحولنا ال ٦ مراكز المتبقية إلى دائرتين للفردى (الدائرة ٦ و٧ فردى) ودائرة قائمة (الدائرة ٣ قوائم). إذا دائرة كان إنتاجية مقاعدها ٧ مقاعد تم تصغيرها بإخراج مركز الجيزة وتحويل إنتاجيتها إلى ١٢ مقعد. التهمت هذه الدائرة وحدها نصف المقاعد المقرر زيادتها لمحافظة الجيزة رغم أن الدائرة لا تتعدى ٢٠٪ من كتلة الجيزة التصويتية.

والآن لنتكلم عن الشق الثانى وهو إعادة توزيع المراكز لإرباك الخصوم. ولنا هنا مثال توضيحى آخر:
لقد تمت إعادة توزيع الدوائر الفردى عن طريق فصل مركز إمبابة عن المهندسين لتتحول إمبابة إلى دائرة مستقلة (الدائرة ٢ فردى). فى نفس الوقت تم ترك دائرة بولاق الدكرور كما هى ولم يتم فصلها عن العمرانية والطالبية علما بأن إمبابة وبولاق لهما نفس الكثافة التصويتية. لماذا إخترنا إمبابة إذا؟ ربما يساعدنا على الفهم أن الفائز فى دورة ٢٠١١ عن دائرة المهندسين وإمبابة كان د.عمرو الشوبكى. المرشح المستقل بينما الفائز عن دائرة بولاق هما مرشحا حزب الحرية والعدالة. صدفة إذا أننا اخترنا تقسيم إمبابة؟ نحسبها كذلك!
الأمثلة كثيرة جداً على تلك التوزيعات والتقسيمات التى تبدو صحيحة بالأرقام لكن تعطى غلبة حقيقية لمرشحى تيار معين.

ما حدث ليس بدعة سياسية بل له سوابق تاريخية عديدة أشهرها مصطلح ظهر فى القرن التاسع عشر فى الولايات المتحدة مبنى على واقعة مماثلة وعرف باسم Gerrymandering وهو مصطلح يعنى تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل يعطى غلبة تصويتية لفصيل معين.

إنه توزيع دوائر تحت شعار: البقاء للأقوى وعلى المتضرر الكعب الدائر!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة