رصدت مجلة "إيكونوميست" البريطانية الصعوبات التى يواجهها الإخوان المسلمون فى الحكم، وقالت فى تقرير بعددها الأخير تحت عنوان "من الصعب أن تكون مسئولا"، إنه بعد سنوات كانت فيها جماعة الإخوان المسلمين مضطهدة، تمتعت بلمعان الخير والكفاءة، لكن أعضاءها الآن، بعد وجودهم فى السلطة، فإنهم يفقدون هذا اللمعان بشكل سريع.
وفى بداية تقريرها، قالت الصحيفة، إنه عندما اجتاحت أسراب من الجراد مؤخراً المقطم، حيث مقر جماعة الإخوان المسلمين، انتشر تعليق ساخر على الـ"فيس بوك" يقول "المتحدث الرسمى: الجراد تراجع بعد وعد الرئيس مرسى بالوفاء بكل مطالبهم". ويلمح هذا التعليق الساخر إلى أنه بعد ثمانية أشهر من السلطة فى مصر فإن الحكم الذى يديره الإخوان هو نفسه "الكارثة"، وبعد فترة وجيزة، هاجمت أسرب أخرى المقطم، ولكنها هذه المرة من الشباب الذى قام بأداء رقصة "هارلم تشايك" للسخرية من الإخوان.
وتشير المجلة البريطانية إلى أن الأمر لا يقتصر على مصر فقط التى يواجه فيها الإخوان أيامًا عصيبة، وبهذا النوع من السخرية، فمن المحيط الأطلنطى على الخليج تواجه الجماعات الإسلامية السائدة، المتحالفة أو المتعاطفة أو المستوحاة من الإخوان المسلمين، سلسلة من التحديات الصعبة، وربما كان هذا مألوفا فى الدول التى لم تتعرض لاضطرابات الربيع العربى، كالإمارات التى بدأت فيها محاكمة حوالى 94 من الإخوان بتهمة التآمر ضد الدولة، لكن فى أغلب المنطقة، فإن المحاكمات نوع جديد ليس ناجما عن الاضطهاد، مثلما كان فى العقود الماضية، ولكن بسبب مسئوليات وأعباء الحكم والمسئولية.
وتذهب المجلة إلى القول بأن الإخوان قبل عامين، وفى ذروة الربيع العربى، بدا أنه لا يمكن إيقافهم مع فوز حركة النهضة فى تونس والحرية والعدالة فى مصر، بينما زاد دور الإسلاميين فى الدول التى اتخذ فيها الربيع العربى شكلاً عنيفاً كسوريا وليبيا. وفى المغرب، استنشق الملك رياح الربيع العربى واستبق الاضطرابات بإجراء إصلاحات وانتخابات برلمانية، نجح فيها الإخوان ممثلين فى حزب العدالة والتنمية.
وتضيف الصحيفة، إن قناة الجزيرة القطرية أصبحت بشكل متزايد مؤيدة لقضايا الإخوان، فاحتفلت برامجها، التى تحظى بمشاهدة عالية، بالثورات، وخصصت وقتاً طويلاً على شاشتها للقادة الإسلاميين. ومع وجود دولتين غير عربيتين كنموذجين متناقضين للحكم الإسلامى، وهما إيران وتركيا، فإن تركيا هى النموذج المفضل للجزيرة ودعمته كنموذج أقرب للإخوان، فرأى الدبلوماسيون الغربيون أن الوقت قد حان لتبنى الإخوان.
ومقارنة بالعلمانيين المنقسمين فى العالم العربى، فإن الإخوان بدوا فى كثير من الأحيان قوة متماسكة ومنضبطة، وأشرقت الجماعة بشكل زاهٍ ضد النهاية الأكثر قتامة للطيف الإسلامى، والتى شملت القاعدة والجهاديين الآخرين والسلفيين، وأيضاً جماعات كحزب الله ومقتدى الصدر الشيعى فى العراق، فعلى العكس من هذه الجماعات، خفف الإخوان من الدعوة لتطبيق الشريعة، أو سحق إسرائيل، بقدر من الصبر والبرجماتية، وكان نجاح الإخوان مرحلة لاحقة لفوز "حماس" فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، ومن قبلها قوة أداء الإسلاميين فى انتخابات الأردن والكويت والعراق والبحرين والجزائر.
غير أن تحركات الإخوان، بعد خروجهم من المنفى أو السجن أو تضييق الشرطة السرية للأنظمة السابقة عليهم، لم يكن سهلا، فظهرت الانقسامات الداخلية، مثلما حدث فى بداية الثورة فى مصر بين المحافظين والإصلاحيين فى الجماعة، وأدى بطء القادة الكبار فى الجماعة فى تأييد الثورة واستمرار تفضيلهم للصفقات الخفية مع مؤسسات الدولة العميقة التى لا تزال قوية فى مصر، كالجيش والقضاء، أدى إلى إبعاد الكثير من شباب الجماعة، كما أصبح إخوان سابقون الآن من أشد منتقدى الجماعة، وبعضهم تحالف مع العلمانيين.
وترى "إيكونوميست" أن الإخوان فى كثير من الحالات لم يستفيدوا من أيديولوجيتهم فى الانتخابات بقدر استفادتهم من الانطباعات عنهم بأنهم يلتزمون الصدق، ويتمتعون بالكفاءة النسبية، لكن مع تفاقم المشكلات المزمنة، كالبطالة، فإن شعبيتهم وهم فى السلطة تراجعت. وأصدر القضاء قرارا بوقف انتخابات مجلس النواب التى كانت متوقعة فى أبريل القادم. وبعد أشهر من الاضطرابات، خسر مرشحو الإخوان فى الانتخابات الطلابية بشكل غير مسبوق، بينما أظهر استطلاع للرأى مؤخراً أن معدل تأييد "حماس" فى غزة تراجع إلى 18% فقط.
كما تراجعت قناة الجزيرة، المتحدث الأمين بلسان الإخوان، ولم تعد بين أول عشر قنوات أكثر مشاهدة فى مصر. وبالنسبة لقطر، فقد نجحت حملة مضادة تتهمها الإمارة الخليجية بالتدخل فى شئون الدول الأخرى، وتعزيز الإخوان، واستخدام ثروتها لشراء الأصول الوطنية بثمن بخس.
والغريب أن بعض الغضب من الإخوان يرتبط الآن بالدول الغربية التى طالما قاطعتها، فقد وجهت إلى وزير الخارجية جون كيرى، خلال زيارته لمصر، اتهامات غاضبة بمحاباة الإخوان.
"إيكونوميست": الإخوان لم يستفيدوا فى الانتخابات السابقة من أيديولوجيتهم بقدر استفادتهم من تصور تمتعهم بالصدق والكفاءة.. قناة الجزيرة المتحدثة بلسانهم لم تعد بين أكثر عشر قنوات مشاهدة فى مصر
الجمعة، 08 مارس 2013 02:17 م